Tuesday, November 24, 2009

تهنئة بعيد الأضحى المبارك




كل عام وأنتم بألف خير بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك
أعاده الله عليكم جميعاً بالخير واليمن والبركات
وبتحرير المقدّسات




Friday, August 14, 2009

وقفة مع 14 آب



14 آب 2006 يوم التحوّل الكبير، يوم عمل العدو على جرَّ أذيال الخيبة وراءه، وسحب أشلاء جنوده ودباباته، والأهم من كل ذلك سحب جبروته المهزوم عن أرض لبنان الطاهرة.

14 آب هو يوم عظيم، يوم وضع العدو الصهيوني في مأزقه الأصعب، يغلي في داخله كرهاً وحقداً، ولا يجرؤ على الإقتراب، ولا يملك سوى كثرة التهديد والوعيد، وهو يدرك أن المقاومة الباسلة في لبنان لم تتوقّف لحظة واحدة عن التجهّز للمواجهة، لتكون على أهبة الإستعداد في كل لحظة ودقيقة لأي حرب قادمة، أظنها قد تكون الحاسمة في زوال هذه الكيان الغاصب.

14 آب يوم أبرز وهن وضعف كل المراهنين على فوز العدو الصهيوني، فباتوا أذلاّء، ومهما حاولوا تزيين صورتهم، لن يغفر التاريخ ذلّهم ولن يمحوه، أولئك الذين تآمروا على المقاومة في وضح النهار، ستبقى ذكرى 14 آب 2006 تسقيهم من مرارة كأس الذل والهوان.

في 14 آب يقيم الشهداء أعراسهم، يفرحون ويبتهجون لما قدّموه لنا من عز وكرامة وانتصار كُتب بدمائهم الشريفة والزكية ليبقى شاهداً في التاريخ.

فمبروك لكل من وقف وقفة عزّ وشرف وتضحية ووفاء..
مبروك عليه هذا الإنتصار.

14 آب 2009 ـ ماجدة ريا

Thursday, July 09, 2009

تأهيل المرأة في المجتمع: سعي نحو الكمال


دفع تطوّر الوعي في المجتمع إلى أن تسلك الفتاة طريق العلم إلى جانب الفتى، فتدرس وتتعلّم لتسهم في بناء المجتمع، وتفيده من علمها ومعرفتها.

على أن هذا الطريق الذي تسلكه الفتاة قد يقصر أو يطول تبعاً لوعي أهلها ولرغبتها، خاصة أن الفتاة تكبر بسرعة، وكثيرات قد يتزوّجن في المراحل الأولى لشبابهنّ، وهنّ في هذا العمر ما زلن في مراحلهنّ الأولى من التعليم، ربما أنهينَ الشهادة المتوسّطة، وربما البعض منهنّ استطعن بلوغ المرحلة الثانوية، وقد لا ينهينها. وبالتأكيد هنالك شريحة مهمة وُفّقت لأن تتابع الدراسات الجامعية وما فوقها لتصل إلى مراحل متقدّمة من التّعلم، وهؤلاء لا بدّ أنهنّ كافحن كي يصلن إلى هذا المستوى، واخترن أن يتابعن حتى آخر الطريق.

ونبقى مع الشريحة الأولى من الفتيات اللواتي ارتبطن باكراً بتكوين أسر، فكان عليهنّ تحمّل عبء المسؤولية التي تترتب عن هذه الأسرة، وهو ليس بالسهل أبداً، فهذه المسؤولية هي وظيفة المرأة الأساس التي هي من أشرف وأقدس الوظائف التي تمارسها المرأة، كما يفرض عليها الواجب الديني والأخلاقي المحافظة عليها أولاً. لذا فإن أي تقصير في هذه الناحية يلقي بحمل المسؤولية على كاهلها قبل أي أحد آخر.

ويمكن القول إنّ تكوين الأسرة ليس مجرّد زواج وارتباط وإنجاب للأطفال، إنما هو قدرة على الحفاظ على الأسرة من جهة وسط هذا الانفتاح الكوني العجيب والواسع الذي يدخل الكثير من المشاكل إلى البيوت، ومن جهة أخرى هو القدرة على التربية الصحيحة للأبناء. ولعلّ المرأة هنا هي التي تضطلع بالدور الأكبر، لأن الرجل يخرج إلى العمل ساعات طوالا بينما هي ترعى مسؤوليات المنزل والأبناء.

ومن هنا كان يتحتم على هؤلاء النساء أن يعتنين بتحصيل ثقافة تعينهنّ في رحلتهنّ الحياتية هذه، وحتى اللواتي أنهين دراساتهن الجامعية يحتجن إلى زيادة ثقافتهن وتعميقها وتطويرها دائماً نحو الأفضل، فرحلة العلم والتعلم لا تنتهي.

ما زال الكثير من النساء في مجتمعاتنا يعشنَ بتلقائية أشبه بالعشوائية الإيجابية نوعاً ما باعتبار أنهنّ يُغلّبن الفطرة في تصرّفاتهن، فيسعين إلى المحافظة على بيوتهن وتربية أبنائهن وفق ما تمليه عليهن فطرتهنّ السليمة النشأة في أغلب الأحيان، برغم أن هؤلاء النسوة يملكن الكثير من الوقت من أجل تحصيل معرفة ولو أوّلية تعينهنّ في ترتيب أمور حياتهنّ وتنتقل بهن إلى وضع أفضل.

بالدرجة الأولى يجب على الفتاة أن تعتبر أن رحلة التعلّم لا تنتهي بتوقّفها عن الدراسة المنهجية التي ترقّيها بنيل الشهادات، وإنما يجب أن تسعى بشكل دائم لتطوير معارفها، ولجعل ذلك حاجة في نفسها تستحقّ الاهتمام والمتابعة وإعطاءها الوقت الذي يساعدها على النمو وفقاً لطاقاتها وإمكانياتها ووقتها. وعندما تبدأ بهذه النقطة ستندفع في البحث عن كيفية تحقيقها، والوسائل كثيرة، خاصة في أيامنا هذه.

يمكن استغلال التلفاز والإذاعة في متابعة البرامج الثقافية والحوارية بدلاً من قضاء الوقت في متابعة المسلسلات التلفزيونية أو البرامج التي لا فائدة منها، عدا عن أن بعضها قد يكون مجلبة للإثم.. وحث الأولاد على الاستفادة في اختيار البرامج المفيدة، وهذا من أبسط الوسائل المتوافرة تقريباً للجميع.

جهاز الكومبيوتر بدأ يدخل معظم البيوت، والأطفال يدرسون عنه في المدارس، ويمكن للأمهات أن يتعلّمن من أولادهن كيفية العمل عليه، ويمكن في مراحل متقدمة أن يتعلمنَ منهم كيفية الدخول إلى عالم الإنترنت.

هنالك الوسيلة الأكثر نفعاً وهي المطالعة، ولعل هذه الوسيلة دونها عراقيل يمكن تجاوزها. ففضلاً عن أن المجتمع بمعظمه لا يجنح نحو القراءة والمطالعة، فإنّ النساء قد لا تتمكن من شراء ما يحتجنَ من كتب لتثقيف أنفسهنّ بسبب قلّة المدخول أو انصرافهنّ إلى صرفها في أماكن أخرى. فكثيرات مثلاً يملأنَ بيوتهنّ بالتحف وقد لا تجد عندهن كتاباً واحداً، أو ربما تجد ما يعد منها على أصابع اليد، هذا بسبب عدم الاهتمام بالقراءة بعد أن ينهي المرء دراسته الأكاديمية. مع العلم بأن القراءة هي غذاء للروح، ويمكن أن تضاعف نمو العقل وتزيده ألقاً، وهي لا تنتهي في أي مرحلة من مراحل عمر الإنسان، بل ترافقه إلى ما لا نهاية.

حبّذا لو تلتفت النساء إلى هذه المسألة، ويسعين إلى زيادة معرفتهن، حتى لو تبادلن الكتب في ما بينهن، فإن ذلك سيغني معرفتهن.

وحبّذا لو تقام المكتبات العامة التي توفّر لهؤلاء النسوة الكتب اللازمة مع تشجيعهنّ على القراءة. في بيروت نجد هذه المكتبة في الضاحية، وهي تتمثل بمركز الإمام الخميني الثقافي، وفروعه موجودة في الكثير من المدن الكبيرة، ولكن حبذا لو يُعمم وجود هذه المراكز لتكون في القرى والبلدات. لا بد من تشجيع الناس على القراءة، خاصة النساء اللواتي يملكن الكثير من الوقت الإضافي ويستطعن الإفادة منه ليفدن أولادهن أولا، ومن ثم المجتمع بعد ذلك بثقافتهنّ. ولا ريب بداية أن هؤلاء النسوة يحتجن إلى برامج مشجّعة على القراءة من أجل دفعهنّ لذلك.

هنالك أيضاً المعاهد الثقافية المنتشرة على امتداد مساحة الوطن، التي تقيمها جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، إذ يمكن للنساء اللواتي أصبح أولادهن في عمر الذهاب إلى المدرسة الالتحاق بهذه المعاهد التي تؤمّن لهن رصيداً ثقافياً عالي المستوى يساعدهن في صياغة معرفتهن من أجل أداء دور أفضل وأكبر في المجتمع.

السعي نحو المعرفة يجب أن لا يتوقّف أبداً، وعلى المرأة بشكل خاص أن تحاسب نفسها على كل دقيقة كيف أمضتها، وكيف استفادت منها أو أفادت فيها، فأي تطوير لثقافتها أو مهاراتها سينعكس إيجاباً على عائلتها وعلى أولادها وعلى ذاتها، لأنها ستشعر بأهمية عطائها ووجودها كإنسان يسعى نحو الكمال، بدءاً بذاتها وانتهاء بالمجتمع.

ماجدة ريا

Saturday, June 06, 2009

لبيك يا نصرالله


أتمنى للمعارضة اللبنانية فوزاً كاسحاً يضع حداً لسنوات الفوضى المؤلمة التي أغرق البلد فيها في السنوات الماضية من قبل فريق السلطة.

آن للبنانيين أن يعيشوا حياة كريمة في ظل سلطة ترعى مصالحهم وتقف مع خياراتهم المشروعة سيما في ممواجهة الإحتلال الصهيوني الغاشم.

المعركة غداً يوم الأحد ستكون حاسمة بإذن الله، فليصرخ الجميع لبيك يا مقاومتنا الأبية، لبيك يا نصرالله، ولنلبي غداً كل الشرفاء الذين حفظوا المقاومة، ووقفوا معها في وجه غدر الغادرين، وخيانة الخائنين.

وستبقى المقاومة منتصرة بإذن الله تعالى

ماجدة ريا

Sunday, May 24, 2009

25 أيار عيد المقاومة والتحرير



كل عام وأنتم بخير بمناسبة 25 أيار عيد المقاومة والتحرير في لبنان

وستبقى المقاومة منتصرة بإذن الله تعالى

الشمس تسطّر الإنتصار

سألني مستغرباً وهو يرفع حاجبيه مبتسماً:

" وهل الشمس تكتب؟!!!"

" نعم الشمس تكتب..."

" أنت تمزحين؟"

" أنا لا أمزح ! الشمس تكتب كما أي شيء آخر يكتب، ويجعلنا نقف أمامه ونفكّر."

" وماذا كتبت الشمس يا ترى؟!"

أخذت نفساً عميقاً، حدّقت في المدى، واسترسلت في حديثي:
"وأنا آتية من قريتي في سهل البقاع، والسيارة تنحدر بنا من منعطف إلى آخر، كانت الشمس أمامنا تتقافز من غيمة إلى أخرى فالسماء تشرينية بكل ما في الكلمة من معنى، تضيء هنا وتنطفىء هناك إلى أن أصبحنا على مشارف مدينة بيروت، وكانت الشمس قد أصبحت قريبة جداً من صفحة ماء البحر الممتد إلى ما لا نهاية، هناك حيث مدوّنتها التي تخطّ فيها للبشر أسرار الوجود.
وأخذت صفحة الماء تتراقص أمام أعيننا، مغلّفة باللون الأزرق على جانبيها، أما في الوسط!... فيمكنك أن تقرأ حروفاً وسطوراً!..."

" حروفاً وسطوراً؟!!!"

" نعم، حروفاً وسطوراً، الأحرف من نور ذهبي، والأسطر حمراء قانية، كأنهار الدم التي سالت...

وبين تلك السطور قرأت كيف ينصهر النور بدم الشهادة ، وعندما اكتملت الصفحة، وأنهت الشمس كتابتها، رأيت كم كانت مشرقة ألوانها هذه...
وقرأت في حروفها وسطورها لحن الإنتصار."
ماجدة ريا

Wednesday, May 20, 2009

أهل الوفا وفاء للمقاومة






أطفئت الأنوار إلا من نور تلك الشاشة العملاقة التي شدّت القلوب إليها بانتظار الحدث، فالفيلم الذي سيعرض ليس فيلماً عادياً، ولعلّه باكورة أعمال كثيرة ستتلاحق فيما بعد، فهو الفيلم الأوّل من نوعه والذي يحاول أن يقدّم نموذجاً يحاكي إحدى عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان.

فحتى اليوم ما زالت التجربة الغنية التي خاضت غمارها المقاومة الإسلامية في لبنان وما تزال في التصدي الناجح والمبهر لأعتى قوة همجية عرفها التاريخ، ألا وهي الصهيونية، ما زالت غريبة عن الوسط الفني، بعيدة عن تناولها في المحافل كأعمال فنية من أفلام ومسلسلات تلفزيونية، رغم أنها تشكل ثروة فكرية كبيرة وفريدة من نوعها يمكن الإستفادة منها على مستوى العالم.

وما زال الحديث عن هؤلاء الفوارس الذين سطروا أروع الإنتصارات خجولاً في الوطن الذي قدّموا في سبيله كل غال ونفيس، فكيف ستكون الحال على مستوى الوطن العربي والإسلامي إذاً! لا بل كيف ستكون في العالم كلّه حيث يوجد لهذه المقاومة أنصار ومحبون ومتطلّعون إلى مسيرتها، وكم من هؤلاء الأنصار على مستوى العالم يتوقون لمعرفة أية تفاصيل عن حياة هؤلاء المقاومين، عن أعمالهم، عن كل تفصيل يمكن أن يقرّبهم منهم أكثر فأكثر.

فالمقاومة التي هي طريقة تفكير ومعاملة، والتي هي أخلاق وقيم نبيلة، ما زالت غير معروفة بالنسبة للكثيرين من الناس الذين عاشت في قلوبهم، وهتفوا لها، وأحبوها إلى حد العشق، حتى اختلطت كلمات المقاومة الإسلامية في لبنان مع ذرّات دمائهم المنسكبة في شرايينهم، على امتداد العالم ، كل هؤلاء الناس الذين تحيا المقاومة في نفوسهم إلى حد التقديس يبحثون عن أعمال تقرّبهم منها، تجعلهم يعيشونها عن قرب.
وليس هناك أفضل من الأعمال الفنية بكل أشكالها أداة لعملية التقريب هذه، لينصهر العاشق بالمعشوق، والمقاومة بناسها وأهلها، إضافة إلى أن هذه الأعمال تقدّم صورة حقيقية عن هؤلاء الأبطال لكل العالم وتدحض ادعاءات الماكرين والمتربّصين شراً بهذه المقاومة الشريفة، والأهم من ذلك فإن هذه الصورة ستكون برسم من يبحثون عن الحقيقة، أولئك الذين لم يجدوا أنفسهم بعد، أو أولئك الذين شوّش الإعلام المعادي أفكارهم، لا بدّ لهم أن ينظروا في الحقائق، وأن يعيشوا هذه التفاصيل خاصة عندما يُقدّم الفيلم مشهداً حياً من حياة المقاومين وصورة عن طبيعة عملهم بالصوت والصورة وبكل وضوح، رغم أنه قد لا يتمكّن من الدخول في أدّق التفاصيل التي تشكّل خصوصية عند هؤلاء الأفراد الربّانيين الذين قد لا نستطيع مجاراتهم حتى في التمثيل، أو في أية أعمال فنية أو كتابية تقدّم صورة عنهم، إذ يبقون أكبر من كل الصور ومن كل ما يمكن أن يُقال أو يقدم، لكن بالتأكيد هذه الأعمال تستطيع أن تحاكي عقول الناس، وأن تقرّبهم من المشهد الحقيقي، وأن تضيء قبساً من نور إلهي.

موضوع الفيلم يحاول تسليط الضوء على عملية نوعية نفّذها مجاهدو المقاومة الإسلامية سنة 1994 في منطقة تسيطر عليها قوات الإحتلال الإسرائيلي بشكل محكم، فيعرض عملية التخطيط والتنفيذ لهذه العملية النوعية مع ما يرافقها من أحداث تواجه المقاومين أثناء العملية، وكيف يتم تخطّي كل تلك الصعاب، إلى أن تتكلل العملية بنجاح كبير بتفجير محكم في قافلة للعدو الصهيوني على طريق الخردلي دير ميماس يؤدي إلى قتل وجرح الكثير من الصهاينة والعملاء.
مشهد سيذكره التاريخ كغيره من آلاف المشاهد التي ما زالت مغمورة ولم تكشف عنها الصورة بعد، لكنها محفوظة، تنتظر دورها لتظهر ذات يوم.

قصة الفيلم حقيقية حتى بتفاصيلها وقد رواها شادي قبيسي وهو من الذين عاشوا العملية يومها، وكتب السيناريو والحوار فيها كاتب من كتّاب المقاومة وعشّاقها الدكتور فتح الله عمر وأخرجها المخرج القدير نجدت أنزور الذي طالما قدم لنا أعمالاً فنية رائعة، ومسيرته الفنية هي نهج إبداعي متواصل عبرت إلى قلوب المشاهدين خلال سنوات عمله، وقام بدور البطولة الممثّل القدير عمار شلق، مع نخبة من الممثلين المبدعين.
كما ساهم في إنجاح هذا العمل الجيش اللبناني، المقاومة الإسلامية في لبنان، تلفزيون المنار، بلدية يحمر، منتجع الفردوس السياحي، مستشفى الشهيد راغب حرب، والإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية، أما المنتج لهذا العمل الفني الرائع فهي: الجمعية اللبنانية للفنون "رسالات" التي قدّمت سابقاً أعمالاً فنّية مختلفة حول المقاومة وما زالت تسعى إلى تقديم المزيد من الأعمال التي تسهم في تقديم صورة نابضة بالحياة عن المقاومة، وقد قدّم هذا العمل في قاعة رسالات (بلدية الغبيري) بحضور المخرج وفريق العمل وشخصيات لبنانية بارزة ، إضافة إلى حشد من الإعلاميين ومن جمهور المقاومة.

الفيلم يُعرض للمرة الأولى، وقد تمّ افتتاحه وتقديمه كهدية متواضعة من أهل الوفا إلى المقاومين الشرفاء الأحياء منهم والشهداء، وعلى رأس المسيرة القائد الجهادي الكبير الذي ما زالت روحه ترعى المقاومة وتنبض فيها الشهيد القائد الحاج عماد مغنية، بمناسبة عيد المقاومة والتحرير الذي يصادف في 25 أيار، على أن يكون هذا العمل انطلاقة لمزيد من الأعمال التي تحاكي مسيرة المجاهدين المشرقة، وتضحياتهم المضيئة، وانتصاراتهم التي شرّفت الأمة على امتدادها، وأعطت زخماً لكل أحرار العالم كي يتابعوا في هذا الطريق، ويجدّوا في المسير، لأن مثل هذه العطاءات تنتهي بالإنتصارات.
ماجدة ريا

Friday, May 15, 2009

إيه يا فلسطين الحبيبة

إيه يا فلسطين الحبيبة
إيه لن تبقي سليبة
لئن زنّروك بدسائس مريبة
لئن مرّت عليك سنين عصيبة
لن تبقي سليبة

وعد قطعه الرحمن على نفسه
وحاشا أن يكون في كلام الرحمَن ريبة
وعد سطّره المؤمنون بدمائهم
سطر وراء سطر بأروع كتيبة
وعد تسير إليه القوافل
بطرق معمّدة بدماء الشيب والشبيبة
والله آخذ بيدنا نصر وراء نصر
إلى أن نستعيدك يا حبيبة

ماجدة ريا

محاكمة ولو بعد سنين


محاكمة ولو بعد سنين: الحقائق لن تموت وستبقى شاهداً عبر التاريخ إلى أن تتمكن من محاسبة كل المقصّرين في حقّها

"جون ديميانيوك" رجل مقعد يبلغ من العمر 89 عاماً، شاهده العالم وهو ينقل بواسطة سيارة إسعاف من منزله في ولاية أوهايو في ضواحي كليفلاند في الولايات المتحدة الأميركية إلى ألمانيا من أجل محاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب بحق اليهود أثناء خدمته في معسكرات النازية باعتبار أنه خدم حارسا لمدة سنتين في معتقل سوبيبو في بولندا التي كانت خاضعة آنذاك للاحتلال النازي، وأنه متّهم بقتل حوالى 25 ألف يهودي من خلال اقتيادهم إلى غرف الغاز.

المعروف أن جرائم الحرب لا تسقط عبر الزمن، ويمكن محاكمة مرتكبيها ولو بعد سنين، ويتمسّك الصهاينة بذلك من أجل ملاحقة كل من يثبت بأن له ضلعا في مقتل اليهود في تلك الحقبة من الزمن، أي في عهد النازية، وقد تمت عبر السنين الماضية محاكمة الكثير من تلك الشخصيات، وربما يكون جون ديميانيوك هو الشخصية الأخيرة في هذه المحاكمات حسبما ورد في التقارير.

ويتبادر إلى الذهن هنا سؤال: هل سيبقى الكيان الصهيوني الغاصب معترفاً بأن جرائم الحرب لا تسقط مع الزمن؟؟ أم أنه سيسنّ قانوناً خاصاً به لا يعترف بوجود جرائم الحرب أصلاً بعد أن كان من المنادين به وذلك لأنه لم يعد يحتاجه، وسيشكّل عبئاً عليه في المستقبل؟
وهل ذلك سيجعله في مأمن من أية محاكمة قد تثار ضدّه؟

لقد شهدنا في الآونة الأخيرة حركة كبيرة لكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية عبر العالم تعد الملفّات من أجل مقاضاة الكيان الصهيوني بجرائم حرب بعد العدوان على غزة، وما زال العمل على إعدادها ومتابعتها جاريا بالرغم من قرار لجنة الأمم المتحدة غير العادل وغير المنصف.

الصهاينة يحاكمون كل من يشتبهون بأن له صلة من قريب أو من بعيد بتلك المحرقة المزعومة، والجدير بالذكر أن جون ديميانيوك قد حوكم قبلاً في اسرائيل عام 1987 وصدر بحقّه حكم بالإعدام، ومن ثم قامت المحكمة العليا بتبرئته عام 1993، وغادر إلى الولايات المتحدة الأميركية، التي سحبت منه الجنسية ومع ذلك لم يُترك وشأنه، واستمر اليهود في طلبه إلى أن تمكنوا أخيراً من استصدار الحكم بإلقاء القبض عليه في آذار الماضي، وقد أكد محاموه في ألمانيا بأن عملية ترحيله من الولايات المتحدة غير قانونية ويجب على ألمانيا معارضتها، لكن إحدى المحاكم الإدارية قالت إن برلين لا تملك سلطة بشأن عملية الترحيل.

إن اليهود الصهاينة في العالم، الذين يملكون سلطة تنفيذية تمكّنهم من التأثير في كثير من القرارات المصيرية، فيحاكمون من يشاؤون، ويتمكّنون من التفلّت من الكثير من جرائم الحرب الموثقة ضدهم التي ارتكبوها عبر تاريخهم الحافل بها، لعلّهم يستطيعون فعل ذلك اليوم، لكن الأيام تدور، وكثير من الأباطرة والقياصرة وأصحاب النفوذ ولّى حكمهم، فالتنفّذ في الحكم مهما طال واستطال فهو سينتهي إلى نهاية، ولا بد من دفع فاتورة الحساب لكل الدماء الزكية والطاهرة التي سفكها هؤلاء المجرمون وعن سابق إصرار وتصميم.

إن الذين يسعون لمحاكمة مرتكبي جرائم حرب من العهد النازي هم بأيديهم يخطّون قرار سوقهم إلى المحاكم ولو بعد سنين وعقود طويلة، لذا لا بد من جمع كل الأدلة والقرائن التي تدينهم، ولا بدّ من السعي إلى توثيق كل جرم ارتكبوه ليس في فلسطين فقط، وإنما في فلسطين ولبنان وكل مكان طالته أياديهم الآثمة، كل تلك المجازر الجماعية من دير ياسين التي هاجمتها مجموعة من عناصر الارغون وارتكبت فيها مذبحة بشعة أدت لازهاق أرواح 250 فلسطينيا، من الرجال والنساء والأطفال وجرى إلقاء جثث قسم كبير منهم في الآبار، إلى مجزرة الطنطورة وغيرها من القرى التي دمّرت ونهبت، إلى مجازر التطهير العرقي التي مارسوها عبر الزمن وصولاً إلى تموز 2006 وإلى غزة 2009.

أيها الحقوقيون عبر العالم، قولوا لإسرائيل انه سيأتي يوم مثل هذا، يدفع كل مرتكب جزاء ما اقترفت يداه، وأن جرائمهم سيحاسبون عليها، ولئن تآمر من هم في مواقع القرار من الجهات الدولية، خاصة الأمم المتحدة التي تبرّئ الجلاد ولا تنصف الضحية، فإن تسلّطها لن يدوم، فالأحوال تتبدل، وموازين القوى تتحوّل، وما من قوّة استبدّت وطغت إلا ووصلت ذات يوم إلى نهاياتها، والكيان الصهيوني الغاصب وكل من يدعمه سيواجهون ذات يوم بحقيقة ما ارتكبوا، فجرائم الحرب لا تسقط بالتقادم أبداً.

التاريخ يشهد أنه ما بين 1948 ولغاية الآن ارتكبت العشرات من المجازر بحق مئات الآلاف من الفلسطينيين في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها تحت سمع وبصر العالم الذي لم يحرك ساكنا إلا بما يرضي أميركا وإسرائيل.

وكل اللجان التي أوكل إليها التحقيق من قبل الأمم المتحدة لم تستطع ليس المحاسبة والمحاكمة بل أنها لم تستطع حتى الإدانة لما جرى ويجري من اجرام صهيوني متماد.

فلجنة تقصي الحقائق التي أوفدتها الأمم المتحدة الى الأراضي الفلسطينية، وبضغط من الأميركيين، لم تخلص الى محاسبة مرتكبي هذه المجزرة في مخيّم جنين عام 2002.

ولجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة بعد العدوان على غزة لم تكن أفضل حالاً، فهي حتى لم تستطع أن تدين قصف مراكز تابعة لها، فضلاً عن أنها لم تجرؤ على إدانة قصف المدنيين في غزة، وارتكاب جرائم حرب فيها، برغم أن شاشات التلفزة كلها تشهد، بل هنالك جنود صهاينة اعترفوا بأفعالهم الشنيعة وكوفئوا بالأوسمة.

إلاّ أن هذا الظلم المتفشّي في العالم لا يفتّ من العزيمة، ولا يسلب الأمة قوة المواجهة، فضلاً عن أن الحقائق لن تموت وستبقى شاهداً عبر التاريخ إلى أن تتمكن من محاسبة كل المقصّرين في حقّها.
هذه الحقائق التي تتعاظم كمارد سيتمكّن من أن يخرج من قمقمه ذات يوم، ويفرض نفسه على الأرض ويقتصّ من كل الجناة.
ماجدة ريا

Thursday, May 07, 2009

شكوى النور


صمت يلفّ المكان، ظلام يبدّد عتمته نور منتشر، جلستُ أحاكي ضوء القمر، وأنسج منه عباءة فضية، مطرّزة بألوان نورانية...
وإذا بشذرات النور تتجلّى، وتتجسّد من مشكاتها حورية.. من روعة الجمال استمدّت صورتها، ومن ثوب الكمال ارتدت حلّتها..
لاحقتها عيناي وهي تطير كفراشة مزهوّة بألوانها، وحطّت قبالتي. التقت العينان بالعينين... عيناها
دامعتان بحجم التيه.
" لِمَ الحزن يا صغيرتي؟ وأنت الحرّية التي تطيرين في كل فضاء؟!!"
أخرجت يديها من تحت عباءتها البيضاء التي كانت تلفها كملاك، نظرتُ إليهما... مكبّلتين بسلاسل من حديد.
" من فعل بك هذا؟!! "
من بين دموعها أجابت " الناس... يكبّلونني في أعماقهم، ويزعمون أنني لست موجودة!... انظري كم من ظلال الحرّية ترين؟ انظري حولي انهنّ يملأن الفضاء..."
رفعت نظري، التهبت مشاعري، وجُنّ فؤادي... حوريات جميلات مكبّلات ، أنوار موضوعة في قيود، ألوان مضيئة تتراقص وتختفي خلف السلاسل...
" لماذا يُكبّل النور؟!!!"
" أنا التي تسأل لماذا يكبّلونني ثم يزعمون أنني لست موجودة؟! ها أنا أملأ الفضاء بوجودي.. أنا موجودة... أنا أُخلق مع كل إنسان."
" إني أراك.."
" لم لا يراني بعض الناس؟!"
" لأنهم لم يدركوك، فأنّى لهم أن يروكِ؟"
" يحطّمونني بالهمجية، يضيعونني بالتصرّفات اللاّ مسؤولة.. أنا لست كذلك.. أنا أكبر من ذلك بكثير.."
لا زلت أحدّق بها، وهي تشكي مأساتها بألم وحسرة ودموع...
ثم قالت "أتعرفين، أشعر بحقيقة وجودي عندما يُقال لأحد أنت حرٌ أبيّ..."
حاولت التخفيف عنها، فقلت لها "لا تحزني، فعندما يدرك المرء كنهك، لن يعجز عن تحقيق وجودك أبداً."
" لكن... أغلبهم يبتعدون، ويبتعدون... ينتشرون في طرقات ضيّقة، وفضاءات أضيق، فيخنقونني بأيديهم ثم يبحثون عني باكين."
" لكنك موجودة، في أعماق الكثيرين، وهم يؤمنون ويدركون أنّهم أحرار."
هزّت رأسها الصغير، ابتسمت لكلماتي الأخيرة، فردت جناحيها وطارت ... ولا زالت عيناي تلاحقانها إلى أن بلغت القمر.
ماجدة ريا

Monday, May 04, 2009

الورقة الخضراء

الورقة الخضراء
تناثرت الأحلام، وذرتها الرّياح أوراقاً خريفية صفراء من شجرة الحياة الباسقة الإرتفاع، وتطايرت تلك الأوراق المتناثرة في كل اتّجاه.

أحمد، الطفل الصغير الذي لم يتجاوز الثماني سنوات، يراقب هذا المشهد من على شرفة منزله المطل على كل تلك المساحة الخضراء الشاسعة، كانت حدقتا عينيه تتسعان دهشة وهو يراقب كل تلك الأوراق المتبعثرة، ويلاحقها حيثما تقع.

استمرّ المشهد للحظات، بعده كان أحمد يهرول من على درج منزله، يخترق البوابة الزرقاء الكبيرة، لتطأ قدماه الصغيرتان بداية ذلك البساط الأخضر الممتد نحو البعيد أمام ناظريه، وقد بدا متألّقاً متباهياً بمنظره الذي تنقّح بالأصفر.

وقد أبت تلك الأوراق الصفراء إلاّ أن ترسم من خلال أماكن تساقطها أحلام الطفولة البريئة التي ما زالت تختال فيها.

اقترب أحمد من الأحلام المسجّاة أمامه على تلك البقعة الخضراء، فإذا بورقة جميلة، تحمل حلم الطفولة، قد ارتفعت بخفّة وهدوء لتستقرّ في كفّه الصغيرة. حملق بها ملياً، أخذ نفساً عميقاً، أطبق يده عليها وابتسم.
ماجدة ريا

Friday, May 01, 2009

تهنئة بعيد العمال








باقة ورد لكل العمال في عيدهم

مع كل الإحترام والتقدير

Wednesday, April 29, 2009

يوم الحرية


إنه اليوم الذي انتظرناه طويلاً
أخيراً هلّ علينا حاملاً البشرى، حاول البعض استبعادها، خائفاً ومتوجساً من مفاعيلها، لكن قوة الحق دفعتها بسرعة، وأكثر مما ظن هؤلاء العابثون، الذين عاثوا في البلد فساداً لسنوات، ظلموا، واستبدوا وظنوا أن الأمور ستستتب لظلمهم، لم يدركوا أننا شعب الإرادة والصمود، أننا شعب التضحية والوفاء، أننا نحن من يبحث عن الحقيقة..
ها هي بوادر الحقيقة بدأت بالظهور، وها هم الضباط الأربعة يخرجون أبطالاً كما كانوا وأكثر، لتنجلي ظلمة الليل، وتشرق حقائق جاهد البعض في إنكارها، لكنها تبقى موجودة، ويبقى نور الحقيقة أشد وأمضى.
ألف ألف مبروك للبنانيين
ألف ألف مبروك فك الحجز عن الضباط الأربعة الشرفاء
ألف ألف مبروك لعوائلهم ولكل من كان مؤمناً بقضيتهم العادلة
ماجدة ريا

لقاء غير مرتقب

رشفت رشفة من فنجان القهوة بينما كانت نظراتها تغوص قي اخضرار ذينك الصفّين اللذين امتدا على طرفي الشارع أمام شرفة المنزل، وقد انبثقت من بين تلك الأشجار الكثّة زقزقة خجولة...
رحلت أفكارها نحو الغد حيث تنتظر نتائج المسابقة التي اشتركت فيها.. فتواردت إلى مخيّلتها خواطر تحاول رسم ملامح لهذا الغد.. عندما شدّها صوت زوجها الذي رفع صوت المذياع فجأة وهو يقول: " اسمعي... اسمعي.. "
فصرخت بذهول " النتائج اليوم وليس الغد؟! لا بد أن الأمر التبس علينا"
"لا بأس، لا زال أمامنا وقت، لكن استعجلي في تجهيز نفسك والأولاد فالمشوار طويل، إنه في أقصى الجنوب."
وخلال أقل من ساعة كانت السيارة تشق طريقها نحو الجنوب.
المدعوّون يتوافدون ويأخذون أماكنهم في القاعة، وقبل أن تدخل ، وقفت ميرفت وأملت عينيها من الوافدين بنظرات تستكشف المكان والوجوه... وسرعان ما التقت عيناها بعينين تعرفهما جيداً...وإن كانت لم تلتقِ بهما منذ سنوات...كانت برفقة أختها التي تعرفها أيضاً فقد عملا معاً في مؤسسة واحدة، خرجت الكلمات من بين شفتيها بذهول: "ميرفت؟... ماذا تفعلين هنا؟!" وبصوت هادىء رزين أجابت "يا لها من صدفة جميلة" بعد أن شملتها بنظراتها من رأسها حتى أخمص قدميها... وبعصبية تكاد تكون ظاهرة قالت المرأة "سنراك لاحقاً" ودخلتا إلى القاعة..
"صدفة جميلة بل أكثر من جميلة، لو أنني قصدت أن أرسل لها بطاقة دعوة لتأتي لما حدث هذا.. يا سبحان الله الذي أراد أن يثلج قلبي ... فلطالما فرضت سيطرتها وهيمنتها في تلك المؤسسة، ولم يسلم منها أحد... يجب أن يبقى الجميع تحت أمرها مهما بلغت كفاءاتهم، يجب أن لا يظهر من هذه الكفاءات إلاّ ما تريد له أن يظهر... ها قد ساقها الله دون علم مني لترى بنفسها ماذا أفعل هنا! أستلم جائزتي ويُعرّف عني في المكان الذي يجب أن أكون فيه ولتعرف أن أنانيتها وتسلّطها لا يلغي إلا ذاتها عند الآخر الذي يستطيع أن يفرض ذاته رغماً عنها!" خليط من هذه الأفكار وغيرها من الذكريات مع تلك المرأة مَثُل أمام عينيها، ابتسمت وخطت إلى الداخل بكل ثقة.
تمنّت لو تستطيع أن ترى وجهها وهي تستلم جائزتها على العمل الذي شاركت به، لكن كان عليها أن تنظر في الكاميرا لإلتقاط صورة تذكارية...
كانت فرحة زوجها وأولادها عارمة وهم يحيطون بها بعد خروجهم من القاعة.. لكنها لم تنتظر أحداً، فالطريق طويل والليل آخذ في الهبوط، كما أنه لم يعد هناك ضرورة كي تجيبها على تساؤلها عمّا تفعله هنا إذ أنه لا بد أن تكون قد عرفت ذلك من تلقاء نفسها، وهي القابعة في مقاعد الضيوف تتفرج، فيما كانت هي ـ ميرفت ـ فوق، في دائرة الضوء..
ماجدة ريا

Saturday, April 18, 2009

دور المرأة من أجل محتمع أفضل

يحسب خروج المرأة إلى العمل في مجالاته المختلفة نقطة متقدّمة في طريق النجاح للمرأة والمجتمع على حد سواء، وقد بات ذلك أمراً بديهياً تسعى المرأة إلى تطويره وتحسين شروطه، خاصة بعد أن فعّلت وجودها في مختلف ميادين العمل، وأثبتت جدارتها وكفاءتها العالية، وأنها يمكن أن تكون خير عون للرجل في هذا المجتمع.
ومع تعدّد الوظائف والمهمّات، بتنا نشهد بعض الوظائف التي تتطلّب خروج المرأة ساعات طويلة من أجل العمل، حتى أن بعض المؤسّسات ـ وإن كانت طبيعتها تتناسب مع المرأة ـ تستهلك من العنصر النسائي جهداً ووقتاً كبيرين. وإذا كان هذا يبدو عادياً بالنسبة الى المرأة غير المرتبطة التي ما زالت في أوج عطائها، فإنه قد يتحوّل إلى مشكلة حقيقية بالنسبة الى المرأة المرتبطة. وتتزايد هذه المشكلة وتصبح أكثر بروزاً بعد الزواج ومع وجود أطفال صغار.
من الضروري جداً وجود المرأة في الوظيفة أو في أي عمل آخر، إلاّ أنّه يجب عليها في مثل هذه الحالة أن تجري مقارنة واضحة وجلية بين ما ستنجزه وما ستخسره، بين ما ستحققه وما سيرتدّ سلباً على أسرتها. وعليها هنا أن تلتفت إلى ما يمليه عليها دينها وإسلامها، كي لا تظلم نفسها وعائلتها من حيث لا تدري، أو من حيث تظنّ أنها تنفعهما.
فمثل هذه الوظائف أو هذه الأعمال التي تتطلب جهداً ووقتاً كبيرين يتسبّبان بإجهاد المرأة وإبقائها ساعات طويلة بعيداً عن المنزل، قد تكون مقبولة عندما تكون المرأة عازبة وغير مرتبطة، لأنها تستطيع أن ترتاح في الوقت المتبقي لها، وهي ليست مسؤولة بعد عن عائلة، ولكن ذلك سيكون على حساب الأسرة بالنسبة الى المرأة المتزوجة، خاصة إذا ما وجد فيها أطفال صغار يحتاجون أمهاتهم إلى جانبهم. ومع ازدياد أعباء العمل والوقت الذي يقتضيه هذا العمل، وإجهاد المرأة بسبب ذلك، فإن هذا الأمر سيؤثّر سلباً في عائلتها، أياً تكن قدرة هذه المرأة على التحمّل والعطاء، خاصة إذا تقدّمت هذه المرأة بعض الشيء في العمر ولم تعد شابة قوية.
وهنا في مثل هذه الحال، قد نلاحظ نموذجين مختلفين من طبيعة وجود المرأة في مثل هذه الأعمال:
ـ امرأة تعمل لتساعد في إعالة العائلة، إما بسبب محدودية دخل الزوج أو عسر الحال، وهذا يعني أنها تحتاج لأن تضحّي وتتحمل أي آثار سلبية قد تنتج عن هذه الحال.
ـ وامرأة أخرى تكون في أسرة ميسورة الحال، ومع ذلك تصر على العمل برغم كونه مجهداً ويستلزم الكثير من الوقت الذي يستهلك من حساب الزوج والأولاد.
والحديث هنا عن هذا النوع من النساء، لأن هنالك مهنا وأعمالا ووظائف مريحة، تستطيع معها المرأة أن تنسّق بين الواجبات الأسرية وعملها، وهذا قد لا يتسبب بأي مشاكل، وسلبياته على المستوى الأسري أقل بكثير من النوع الآخر، حيث تضطر المرأة الزوجة ـ والأم معه لترك عائلتها حتى أيام العطل، وتكون طبيعة العمل الذي تؤديه متعباً يستدعي تأفف أفراد العائلة من إرهاقها الدائم.
فالمرأة التي تعيش في عائلة ميسورة وتعمل من أجل الحفاظ على شخصية معينة، ربما تنسيها أنانيتها هذه ـ المتمثّلة في بناء شخصية عملية متميّزة ـ في الكثير من الأحيان السلبيات التي تتعرض لها عائلتها، فيستحوذ على اهتمامها العمل من أجل الحفاظ على هذه الشخصية التي كوّنتها أثناء العمل، فلا ترى بعد ذلك تلك الآثار السلبية التي تتسلل إلى حياتها الأسرية من حيث لا تدري.
وهنا يبرز مدى استعداد المرأة للتضحية بأشياء تحبّها من أجل سعادة الأسرة وسلامة بنائها الذي تبقى هي المسؤولة عنه أولاً وآخراً، لأن واجب بناء الأسرة وتربية الأبناء والاهتمام بالعائلة يقع على عاتق المرأة بالدرجة الأولى، وإن كان بعضهم يحاول التسويق لمعادلات غربية انتهكت حرمة مجتمعاتنا، وباتت تبرز في الكثير من الأماكن وعلى حساب الأسرة، لينادي البعض بتقاسم الأدوار بالتساوي! وفي هذا الأمر إجحاف بحق كل من الرجل والمرأة، لأن لكل منهما طبيعة تختلف عن الآخر.. فلها ميّزاتها وخصائصها التي خصّها الله سبحانه وتعالى بها ويجب احترامها وفقاً للقواعد الشرعية والأعراف الإنسانية.
فحتى اذا تعلمت المرأة واستلمت وظيفة أو عملت بأي شيء، فعليها أن تلتفت إلى أنها عندما تبني أسرة فاعلة وسليمة ومعافاة تكون قد خدمت المجتمع أكثر بكثير من أن تخدم المجتمع على حساب أسرتها، فيتحلل الأبناء، وقد يشكلون في ما بعد عبئاً على هذا المجتمع، وتتحمّل الأم من جراء ذلك جزءا كبيراً من المسؤولية نظراً لتقصيرها معهم، وعدم التفاتها لمثل هذه المسائل.
إن طبيعة المرأة تفرض عليها أن تكون الزوجة والأم التي تحرص على عائلتها، فتعمل على خدمتها وتربية أبنائها، وهذا لا يمنعها أبداً من أن يكون لها شخصيتها الفاعلة على مستوى المجتمع. ولكن عليها أن تقدّر بحكمة ودراية أين يجب أن تكون، في أي مكان، وكيف تبني أولوياتها، وكيف تحافظ على أسرتها.
إن حفاظ المرأة على أسرتها ومراعاتها بما يضمن مصلحة هذه الأسرة، يكسبها الأجر الكبير عند الله سبحانه وتعالى. ففي زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم جاءت نساء الصحابة يسألن رسول الله (ص)، ومنهن المرأة الأشهلية فقالت: إنكم تذهبون للجهاد والحج، ونحن نجلس في بيوتكم نغسل ملابسكم ونربّي أولادكم، فما لنا؟ فقال النبي (ص): "جهاد المرأة حسن التبعل"، أي حسن معاشرة زوجها وقيامها بفرائض دينها يعدل ذلك كله. وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدل على أهمية دور المرأة داخل الأسرة، هذا الدور الذي يجب أن لا تغفل عنه أبداً لأي سبب من الأسباب.
على المرأة أن تعرف أين تعمل ومتى، وكيف تختار طبيعة عملها. والأهم من ذلك أن يكون خيارها الأول الحفاظ على أسرتها التي ارتضت أن تكون فيها أماً وزوجة صالحة، وإن استوجب منها ذلك بعض التضحيات التي قد تكون كبيرة في نظرها، لكنها ستصبح صغيرة جداً أمام مكسب أسرة ناجحة.
ماجدة ريا

Tuesday, April 07, 2009

الأم في يومها


آذار/ مارس 2009
يحتضن آذار مناسبات تخص المرأة بذاتها، كمناسبة 8 آذار/ مارس يوم المرأة العالمي، و21 آذار/ مارس عيد الأم ، أو تمت إليها بصلة وثيقة
كمناسبة عيد المعلم، حيث للمعلمات دور رائد في مجتمعنا، و22 آذار مناسبة عيد الطفل الذي يرتبط بأمه بشكل كبير، وهكذا يمكن أن نسمي شهر آذار/ مارس شهر المرأة بامتياز.

أما آذار/ مارس هذا العام فيمكن أن نسميه شهر العطاء المتميّز الذي لا يضاهيه عطاء، شهر أمهات الشهداء، سيما شهداء عدوان تموز/ يوليو 2006 في لبنان، وشهداء كانون 2009 في غزة الجريحة، لم تبتعد المسافة كثيراً بين تموز 2006 وكانون 2009 لا في الزمان وهو أقل من ثلاث سنوات، ولا في المكان وكلاهما كتب عليهما مجاورة شرار خلق الله من الصهاينة المغتصبين للأرض والحقوق، الذين يبدعون ويتفنون في اختراع صنوف الإجرام، كلما تقدّمت بهم الأيام، حتى أن الحرب الأخيرة على غزة فاقت بأذاها ما جرى في تموز على قساوته وبشاعته، وكان لمحاصرة المدنيين وعدم ترك أي مكان آمن لهم في داخل غزة ولا حتى تمكينهم من مغادرتها بسبب إقفال المعابر، كان لذلك الأثر في سقوط العدد الأكبر من الشهداء والجرحى، إلى أمهات هؤلاء نتوّجه اليوم، ومنهن من فقدت كامل العائلة، ولم يبق لها سوى الصبر والإحتساب عند رب العالمين، أما أمهات الجرحى فلهن مساحات الصبر الأوسع، وهن يرين فلذات أكبادهن يتعذبون أمام أعينهن، سيما مع وجود الكثير من حالات الإعاقة الدائمة بسبب الأسلحة المحرّمة التي استخدمت وأدت في معظم الحالات لمن أصيب بها وبقي على قيد الحياة إلى بتر أطرافه، أو فقد بصره.
إلى الأمهات اللواتي ما زلن في قلب المعاناة مع أحبّتهن، يراعونهم ويسهرن من أجل راحتهم،
وإلى الأمهات اللواتي افتقدن اليوم لمسة ابنائهن، ومعايدتهن لهنّ في هذا الصباح، إلى هؤلاء اللواتي ذهبن بباقات الورود إلى أضرحة إحبّائهن لقضاء يوم عيدهن هناك، إلى جانب فلذات أكبادهن الذين حرمتهم الحرب من متابعة الحياة، إلى هؤلاء الأمهات الصابرات نتوجّه بالتحايا العظيمة، بالإجلال والإحترام، وننحني أمام تضحياتهن، ونطلب من الله أن يمدهّن بالقوة، والصبر والسلوان.

رغم رهبة هذا الموقف، وما يتضمّن من معاناة، لكنهن أمّهات تعلّمن الصبر بقوة إيمانهن وعزيمتهن، وقوة إرادتهن، وهن بعون الله تعالى اللواتي كن في صلب صنع الإنتصار، وهن اللواتي ربّين المقاومين الأشداء الذين غيّروا مسار التاريخ، من تاريخ مذل إلى تاريخ مليء بنور الإنتصار.
وفي مثلهن ينطبق ما قاله الإمام الخميني الراحل (قد) " المرأة كالقرآن، كلاهما أوكل إليه مهمة صنع الرجال"، نعم، هن اللواتي صنعن الرجال الذين كتبوا التاريخ بدمائهم الذكية، فأشرق نوراً وانتصارا.
ويبقى هنالك الموقف الأشد رهبة ، والأكثر معاناة، وهو يتجسّد في حال الكثير من الأطفال الذين فقدوا أمهاتهم، وما يمكن أن يفعلوه في مثل هذا النهار، وهم يبحثون عن طيف أمّهاتهم الغائب، وأنّى لقلب طفل أن يحمل هذا العبء الكبير.
هؤلاء الأطفال الذين استقبلوا العيد بدموعهم، وخبّأوا هداياهم في قلوبهم، وعيونهم تنطق من بين زفرات الدموع، أنت باقية في القلب يا أمي، وسنترجم حبك ثأراً من هذا العدو.
فحتى الأمهات اللواتي ارتحلن عن هذه الدنيا شهداء بسبب العدوان الغاشم، قد صنعن الرجال باستشهادهن، من أطفال وشباب، ووضعن الجميع في طريق الثورة على الظلم والإحتلال.
في مثل هذا اليوم الذي تتفتّح فيه أكمام الزهور مع انطلاقة فصل الربيع، تنطلق أسراب الطيور مغرّدة لحن الأمّهات الجميل، تشدو به لكل الخمائل، تحدّثه عن معنى هذه الكلمة العظيمة سيما عندما تقترن بمعاني الشهادة التي هي أسمى العطاء.
بوركت يا أماً كنت أجمل من زهر الربيع، وأرقى من شدو الطيور، وأنبل من كل عطاء.
بوركت يا أماً كنت نبع الصبر والحنان واستحقيت عن جدارة قول الحديث الشريف "الجنة تحت أقدام الأمهات".
ماجدة ريا
21/3/2009

Thursday, March 12, 2009

الإعاقة ما بين الماضي والحاضر


الإعاقة كلمة تتردد على الألسن، ما إن تسمع بها حتى تطرق حوافي القلب وتجعله ينتبه إلى أن هناك حالة انسانية تلامس شغافه وتضعه أمام امتحان التجربة، سواء في تلقي الإصابة أو التعامل مع أصحابها.
فالإعاقة هي عدم قدرة الفرد على اكتساب الطاقات الكاملة أو إنجاز المهام والوظائف التي تعتبر طبيعية لهذا الشخص، ما يؤدي إلى انخفاض قدرته في أداء دوره الاجتماعي نتيجة للضعف أو التدريب غير الملائم لهذا الدور. إلاّ أن الإعاقة هي كلمة شاملة تُستعمل للإشارة إلى العديد من الأنواع والأنماط والمراحل المختلفة من عمر الإنسان، سنأتي على ذكرها وتفصيلها في مواضيع لاحقة ان شاء الله تعالى.
وتنتشر الإعاقة على مستوى العالم بأسره، بحيث نجد أن حوالى 10 إلى 12 في المئة من سكان العالم يعانون منها. وهذا الأمر فرض نفسه على المجتمع الدولي الذي بدأ يحاول ايجاد السبل الكفيلة بضمان حقوق هذه الشريحة من المجتمع.
في العصور القديمة كانت الإعاقة سبباً كافياً لشقاء من يعانون منها وعلى صعيدين: الأول يشمل بؤس الإعاقة بحد ذاتها، والثاني هو بؤس عدم تقبّل المجتمع لهذه الإعاقة، إلى درجة أحياناً تصل إلى صدور حكم التخلص من هؤلاء المعوّقين دون رحمة، إما بسجنهم بشروط قاسية، وإما بنفيهم بعيداً عن الناس، وإما بتعريضهم لظروف قاسية وإهمال شديد يجعلهم يلقون حتفهم.
استمرّت الحال هكذا إلى أن جاءت الديانات السماوية التي تدعو إلى الرحمة والرأفة بالإنسان عامة، وبالإنسان المعوّق خاصة، لأنه يحتاج إلى رعاية خاصة وإلى المساعدة والتأهيل للاستمرار في هذه الحياة.
وقد برز في التاريخ الحديث الاهتمام بالمعوّقين خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، التي نتج عنها ملايين المعوقين، فسعت عندها المجتمعات الإنسانية إلى العمل على إعادة تأهيل المعوقين، وإعطائهم الاهتمام الطبي الكافي الذي يساعدهم على الاندماج بشكل إيجابي مع المجتمع.
وبدأت النظرة إلى حالات الإعاقة تتطور يوماً بعد يوم بشكل تصاعدي وإيجابي إلى أن وصلنا إلى مجتمع القرن الحادي والعشرين، حيث بات التقصير في مجال رعاية المعوقين وتأمين حقوقهم واحتياجاتهم يشكل وصمة عار في جبين أي مجتمع، وبات التقدّم الحضاري للأمم يُقاس بمدى اهتمامها بالفئات الخاصة في المجتمع، وأهمّها فئة المعوّقين. ومع ذلك لا يمكننا القول ان المعوقين يعيشون اليوم في أحسن حالاتهم، إذ يبقى الأمر نسبياً بين بلد وآخر ومجتمع وآخر، تبعاً لدرجة الوعي الذي يتمتّع به أفراد أي مجتمع، وهذا أيضاً يحدّد التمايز في المعاملة مع المعوقين حتى ضمن المجتمع الواحد، كما يحدد ذلك مدى تقدم البلد وتطوّره وقدرته الاقتصادية على تأمين حاجات المعوقين من مؤسسات رعائية خاصة بهم، وغير ذلك من مستلزمات الحياة الخاصة بكل نوع من أنواع الإعاقة.
ففي البلدان المتطورة نرى مؤسسات كثيرة ومتخصصة في رعاية جميع أنواع الإعاقة وتقديم كل الخدمات المعيشية لهم، بينما ما زلنا حتى يومنا هذا نشهد أن بعض الناس في أماكن كثيرة من بلداننا العربية، يتعامل مع صاحب الإعاقة كما في العصور القديمة، بحيث يخجل البعض من حالة نسيبه المعاق، فيفرض عليه سجناً بحيث لا يراه سوى الأقارب، ويمنع عليه التحرك أو الظهور. والفارق هو أنه ربما يعاملونه برأفة ومحبّة، ويسهرون على راحته، وربما يتفانون في خدمته، ولكن دون أن يسمحوا له بالانخراط في المجتمع كفرد من أفراده يمكن أن يحرز فيه نجاحاً على مستوى الحياة، قد لا يستطيع تقديمه الأشخاص الأصحّاء أنفسهم.
إضافة إلى ذلك ما زالت الكثير من الدول تعاني عدم توافر الأمور التي تسهّل على المعوّق اندماجه في المجتمع، كأن يكون لهم مرافق متخصصة بحالاتهم في المنشآت والأبنية والمدارس، بحيث تمكن المعوّق من التنقل والحضور في كل الأماكن دون صعوبة تذكر.
لا بدّ من أن يكون هنالك توعية على مستوى المجتمعات بحقوق المعوقين، ويدخل في صلبها إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع، وتخليصهم من النظرة الدونية التي يُنظر فيها إليهم، مع منحهم حقوقهم كأشخاص، إضافة إلى تأمين المرافق التي يحتاجونها من قبل الدولة. وهذا ما يحاول المجتمع الدولي السعي إليه من خلال اللقاءات والمؤتمرات التي تعقد على مستوى الدول والجمعيات التي تُعنى بهذه الشؤون. وقد أثمرت هذه الجهود في السنوات الماضية اتفاقية حقوق المعوقين، وهذه الاتفاقية اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة مع بروتوكولها الاختياري بتاريخ 13 كانون الأول/ ديسمبر 2006، وفُتح باب التوقيع عليها في 30 آذار/ مارس 2007، وحتى الآن وقّع 130 بلداً على هذه الاتفاقية، من بينها 37 بلداً صدّقت عليها. وعلاوة على ذلك صار التعداد السكاني واستقصاء الأسر المعيشية يدرج أسئلة عن الإعاقة بشكل متزايد.
كما أن وعي العالم بأهمية التعامل مع الإعاقة في إطار أجندة التنمية آخذ في التزايد، إذ تعزز هذه الاتفاقية العمل عبر مختلف القطاعات لتحقيق التكامل الشامل. وقد أثرت الاتفاقية بالفعل ولا تزال في المساعدات الإنمائية الدولية، وكذلك مشروعات البرامج التي يتبعها البنك الدولي.
وقد دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ بتاريخ 3 أيار/ مايو 2008.
الاتفاقية لم تضع حقوقا جديدة للأشخاص المعوقين المقدر عددهم بنحو 650 مليون شخص في العالم، إلا أنها تهدف لضمان تطبيق الحقوق التي نصت عليها سابقاً، كي يستطيع الأشخاص التمتع بها.
يجب على الدولة التي تُصدّق على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أن توافق على أن تكون ملتزمة قانونا بمعاملة الأشخاص ذوي الإعاقة كأفراد خاضعين للقانون وذوي حقوق محددة تحديدا واضحا، مثلهم في ذلك مثل أي شخص آخر. وعندها سوف يتعين على هذه الدولة أن تقوم بتعديل تشريعاتها الداخلية لكي تتماشى مع المعايير الدولية التي وضعتها الاتفاقية.
إنها خطوة مهمة في سبيل تطوير المجتمع البشري، وإن كانت لا تزال في بداياتها وتحتاج إلى الكثير من الجهد والوقت والمتابعة والتعاون بين الدول والجمعيات، من أجل الاهتمام بهذه الفئة الضعيفة من المجتمع، وتحويلها من فئة تشكّل عبئاً إلى فئة فاعلة ومنتجة.
ماجدة ريا

Thursday, March 05, 2009

الإمتحانات المدرسية هدوء أم قلق

على مدار العام الدراسي تتلاحق الامتحانات، من شهرية تتعلّق بسعي كل شهر إلى امتحانات فصلية تمتحن الطالب فيما أنجزه خلال الفصل الاول، حتى نصل في آخر العام إلى الامتحانات النهائية التي تحكم على جهد عمل الطالب خلال عام كامل.
ولعل هذه الامتحانات يكون لها ميزة خاصة في المراحل المفصلية من حياة أي طالب، وهي حتى عندما تجرى خلال العام تكتسب جدّية وصعوبة معينة من أجل تهيئ الطالب لما يُسمى بالامتحانات الرسمية التي تجريها الدولة وفقاً للبرنامج الذي أعدّته، وإن اختلف تطبيقه من مدرسة لأخرى، وفي بعض الاحيان يكون الامتحان موحداً لكل الطلاّب في لبنان لكل مرحلة من المراحل التعليمية، ولذا تأخذ المدرسة على عاتقها تدريب طلاّبها وإعدادهم من خلال تجارب مشتركة مع مدارس أخرى، يعتاد فيها الطالب على أن من سيضع الاسئلة لن يكون أستاذه وكذلك من سيقوم بالتصحيح لن يكون أستاذه أيضاً.
فمن المعلوم أن الاستاذ يفهم تلاميذه، ويعرف السبل التي يمكن أن يسلكها معهم، وهم بدورهم يعرفون طريقته في طرح الاسئلة، وفي التصحيح، ما يعجبه وما لا يعجبه، بينما في الامتحانات المشتركة كل ذلك لن يكون موجوداً، وعلى الطالب أن يكون جاهزاً لكل الاحتمالات.
فإذا كان البرنامج موحداً فإن طريقة طرح الاسئلة تختلف من شخص لآخر ومن لجنة لأخرى، وطريقة التصحيح أيضاً حتى وإن كان هنالك مخطط معين لكل مسابقة، ومن هذا المنطلق تكون هذه الامتحانات أصعب من الامتحانات العادية، وهنا تكمن أهمّية المدرسة في إعداد الطالب جيداً لمثل هذه الامتحانات.
ولعل هذا ما يجعل هؤلاء الطلاّب أكثر توتّراً وقلقاً في الامتحانات، وخاصة أن القلق من الامتحانات قد يلازم أي طالب أمام أي امتحان، وإن كان يزداد وضوحاً في الامتحان النهائي الذي يكون فيه أمر الحسم.
وما يزيد من قلق الطالب هو الاهمّية التي يعطيها الاهل لهذا الامتحان، وكذلك التلميذ، خاصة عندما يكون هذا الامتحان مفصلياً، ونتيجته الانتقال من مرحلة لأخرى، كما في مرحلة الصف التاسع (البريفيه)، او البكالوريا القسم الثاني.
ويصبح القلق أكثر بروزاً عندما تتراكم المواد التعليمية على التلميذ من دون أن يكون متمكّناً منها، وهذا يعني أنه لم يستعد بشكل جيد للامتحان.
وعوارض القلق تختلف من طالب لآخر وفقاً لطبيعة هذا الطالب، كذلك درجة القلق الذي يعاني منه.
وتظهر عوارض القلق من خلال الامور التالية: قلة النوم، قلة الشهية، ضيق التنفس، تصبّب العرق، ارتعاش اليدين، تسارع خفقان القلب، جفاف الحلق، برودة الاطراف، الغثيان.
ولكي لا يقع الطالب في حالة التوتر والقلق لا بد له من الالتفات إلى بعض المسائل:
ـ أن يهتمّ بصحّته فيتناول الغذاء الصحي الغني بالفيتامينات، وأن يعطِ نفسه وقتاً كافياً للنوم والترفيه، وأن يقوم ببعض التمارين الرياضية التي تساعده على التنفّس والاسترخاء. ومن المهم أن يتجنّب المنبّهات وأن لا يتناول المنشّطات خاصة في أيام الامتحانات. كما عليه أن يختار مكاناً هادئاً ليتمكّن من الدراسة بشكل جيد.
ـ أن يحدّد أهمية الامتحان على أنه وسيلة لقياس ما حصّله من تعليم وليس غاية في حد ذاته، كما عليه أن يثق بنفسه وقدرته على اجتياز الامتحان، وأن لا يقارن نفسه بالاخرين.
وحتى يستطيع أن يكون واثقاً من نفسه في يوم الامتحان لا بد وأن يكون قد أعدّ نفسه بشكل جيد في فترة ما قبل الامتحانات، من خلال مراجعة ما هو مطلوب منه.
كي تكون المراجعة ناجعة، هنالك بعض الخطوات المهمة التي تساعد الطالب في تحقيق ذلك، أهمها:
وضع خطة منظّمة لمراجعة المواد الدراسية، كما عليه أن يحدد بدقة الوقت الكافي الذي تحتاجه مراجعة كل مادة، ويلتزم به، وأن يمنح وقتاً كافياً للمواد الطويلة والصعبة والتي تحتاج لذلك.
ومما يساعد في عملية المراجعة أيضاً متابعة المراجعة العامة التي تجري في المدرسة، والاستعانة بالمراجعة التي تقدم في البرامج التعليمية في الاذاعة والتلفزيون وغيرها.
ومن المفيد اتباع أسلوب التسميع الذاتي، أو من قبل الاخر فهو يساعد على تثبيت المعلومات، ويمكن ايضاً الاعتماد على استراتيجية التكرار والكتابة، من أجل التأكّد من تلك المعلومات.
هنالك خطوات يمكن أن تبعد عنه التوتر في يوم الامتحان منها:
ـ أن تكون ليلة الامتحان للمراجعة النهائية فقط، وليس للمذاكرة حتى لا يرهق الطالب جسمه، وأن يحصل على قسط واف من النوم خلالها، وأن لا يتناول فيها المنبّهات.
ـ وفي صباح يوم الامتحان عليه أن يستيقظ باكراً، ويتناول طعام الافطار، ويحضر معه الاغراض الاساسية (التي عليه أن يكون قد جهزها مسبقاً كي لا ينسى شيئاً منها)، وعليه أن يتجنّب المراجعة على الطريق، كما عليه أن يحذر من المناقشة الجماعية قبل الامتحان كي لا تشتت أفكاره.
لا بد من الاشارة إلى دور الاهل في مساعدة ابنائهم في التخلص من القلق الذي يعانون منه، وذلك من خلال تهيئة الاجواء المناسبة لهم، ليدرسوا في جو هادئ خال من المشاكل، وأن لا يكونوا عنصر ضغط عليهم فيحمّلوهم فوق قدراتهم، ومن المهم أيضاً أن يظهروا لهم محبّتهم وعطفهم، إذ أن كثيراً من الاهل لا يظهرون حبهم لأبنائهم بيد أن إظهار المحبة للأبناء يؤدي إلى نتائج إيجابية يجعلهم أكثر أمناً واستقراراً، ما يزيد من تحفّزهم للدرس والمراجعة، كما أنه عليهم أن يقدّموا لهم اي مساعدة قد تلزمهم.
إضافة إلى ذلك، فإن التربية تلعب دوراً فعالا في إعداد الطالب الواثق من نفسه، لأن الطالب الذي يتربّى على الوضوء والطهارة وأداء الصلاة، وعلى تلاوة القرآن الكريم ودوام ذكر الله، والتسبيح والدعاء بكل أشكاله، فإنه يكون أكثر هدوءاً واطمئناناً "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. ففي ذلك أثر كبير على الطالب كما على أي انسان، فإن الاستعانة بالله تسهّل الامور، وتجلب الهدوء للنفس.
هذه التربية السليمة ستجعله يبتعد عن الغش، وعن كل ما يربكه خلال فترة الامتحان، فلنساعد أبناءنا من خلال تربيتهم تربية إسلامية صحيحة، تعينهم على اجتياز امتحاناتهم، وعلى تخطّي مراحل حياتهم بهدوء وطمأنينة، وتجعل منهم أشخاصاً أسوياء وأكفاء.
ماجدة ريا

خجل عند الكبار أم حياء

خجل عند الكبار أم حياء: هل الخجل هو ذاته الحياء؟ والحياء هو الخجل؟
لعلّ الأمر يلتبس لدى البعض فيظن أن الخجل والحياء واحد، في الوقت الذي يقع كل منهما على طرفي نقيض.
وإذا كان الخجل هو حالة مرضية يصنّفها علم النفس تحت عنوان أمراض القلق والتوتر، فإن الحياء هو حالة من الصحة النفسية الجيدة، وهو خلق يبعث على ترك القبح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق، كما أنه متلازم مع الإيمان فالحديث الشريف يقول: "الحياء والإيمان قرنا جميعًا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر".
ومن المعروف أنه إذا أردنا أن ننتقص من قيمة شخص ما قلنا فيه "إنه من دون حياء"، وهذا يعني أنه يفتقد إلى صفة جيدة يمكن أن ترفع من قدره في حال وجودها.
أما القول بأن "فلان خجول" فهذا يعني أن هذا الشخص يفتقد إلى القدرة على مواجهة الأشخاص والمواقف، وهذا يعني أنه في حالة غير جيدة ويحتاج إلى معالجة للتخلص من هذه الحالة.
إذاً الحياء مطلوب بينما الخجل مرفوض، وقد عبّر البعض لشرح التباين بين هذين الحالتين بالقول: "إن الخجل هو شعور بالنقص داخل الانسان, فيشعر أنه أضعف من الآخرين، وانه لا يستطيع مواجهتهم حتى ولو لم يفعل شيئا خطأ، أما الحياء فهو شعور نابع من الاحساس برفعة وعظمة في النفس".
فالشخص الذي يملك الحياء هو شخص مدرك لأبعاد الأمور، وعلى درجة عالية من المعرفة والاطلاع والثقافة بما يجب أن يفعل، ويعرف أن رفعة النفس تكون بالمحافظة عليها عزيزة كريمة فلا يوقعها في الخطايا، والشخص الذي يملك الحياء يستحي أن يرتكب الإثم لأنه يعرف حرمة ذلك، وهو لا يحب ذلك لنفسه فيترفّع عن الشوائب، خاصة المؤمن فهو يستحي أن يواجه ربّه بذنوبه، وحياؤه هذا يزيده ايماناً ورفعة.
فالحياء هو الذي يزيد الإنسان وقاراً وهيبة ويجعله محبوباً بين الناس، لأن الشخص الذي يمتلك الحياء لا يفعل ما يخل بالمروءة والتوقير. ولا يؤذي من يستحق الإِكرام، ويفعل ذلك حباً بالله وكرهاً بالمعصية.
والحياء هو من صفات النفس المحمودة، هو رأس مكارم الأخلاق، وزينة الإيمان، وشعار الإسلام. كما أنه دليل على الخير، ومخُبْر عن السلامة، ومجير من الذم، ويجعل صاحبه يتحلّى بصفة من صفات الأنبياء والصالحين.
أما الخجول فهو شخص مختلف تماماً، وهو تنقصه المعرفة والقدرة على التصرف السليم، فخبراء الصحة النفسية يردّون ذلك إلى فقدان المهارات الاجتماعية والنظرة السلبية للنفس والذات، أي أن الشخص لا يثق بقدراته أياً كانت حتى لو امتلك ما هو أفضل من غيره، ومثل هؤلاء الأشخاص هم بحاجة للإرشاد والمساعدة من أجل التخلّص من خجلهم، ولا بد لهم من البحث عن كيفية إصلاح ذواتهم من أجل إبعاد شبح الخجل عنهم، والأمر يحتاج إلى قرار ومصارحة مع الذات، ومن ثم امتلاك الإرادة لتنفيذ ما يريد.
من المهم أن يعلم الشخص الخجول أن كل فرد معرض لأن يخطئ بلحظة ما أو في مكان ما وإن بدرجات متفاوتة، والإنسان يتعلم من أخطائه، فيجب أن لا يخجل من عدم معرفته لأمر ما، وإنما عليه أن يسأل عنه كي يعرفه، وليس بالسؤال وحده يستطيع استعادة ثقته بنفسه إذ بإمكانه أن يوسّع آفاق مداركه من خلال وسائل المعرفة المنتشرة بكثرة من الوسائل الإعلامية المتعدّدة والمتنوعة إلى الكتب والمجلات المفيدة أو الخضوع لدورات ثقافية، ولكن عليه أولاً أن ينظر إلى نفسه ويحدّد مواطن الضعف لديه، فيحدد بذلك ما يحتاج أن يعرف، وما هو الأمر الذي يربكه أمام الآخرين ويتسبب له بالخجل في مواجهته، فيحاول أن يقرأ أو أن يعرف أو أن يسأل عن هذا الأمر حتى يتيقن في قرارة نفسه من امتلاك معلومات يثق بها فتعطيه الثقة بنفسه، وبالتالي الثقة بمواجهة الاخرين.
من المفيد له بحسب خبراء علم النفس إجراء مقارنة مع الآخرين، بينه وبين نفسه، فيعمل على تطوير ذاته قدر ما يستطيع، وأن يثق بما يفعل، وبما يستطيع أن يفعل، كما يجب أن يعرف أن هؤلاء الناس مهما اتسعت معرفتهم وخبراتهم فإنهم بشر محدودو المعرفة، وهذه المعرفة تتسع وتضيق من شخص لآخر، وهو بإمكانه أن يكوِّن المعرفة التي يريدها عندما ينظر إلى نفسه على أنه انسان قابل لأن يتعلّم ويتفاعل مع المجتمع، فلا ينظر إلى الناس برهبة.
في مرحلة أولى يمكن للشخص الخجول أن يراقب الآخرين الذين يتصرّفون بشكل طبيعي، ويسعى إلى تقليدهم، من خلال اكتساب مهارات التصرّف السليم، كما يستحسن له الانخراط أكثر في إقامة علاقات اجتماعية، والتواصل مع الآخرين والابتعاد قدر الإمكان عن حالة العزلة التي يفرضها الخجل.
وفي النهاية لا بد من التمييز بين هاتين الحالتين في المجتمع، من أجل مساعدة الخجول لبناء شخصية سليمة، قوية وواثقة بمحيطها، ومن أجل الثناء على من يتمتّع بالحياء، لأنه في الحياء إحياء للدين، ومساهمة في بناء مجتمع سليم.
ماجدة ريا

Thursday, February 12, 2009

وقفة رجل

مهداة إلى أستاذي
يمرّ الناس من أمامي كأنّهم خيالات، أدرك حقيقة وجودهم، وأشعر أنهم قدموا للمواساة، لكن رأسي لا يستطيع أن يستجمع ما أنا فيه، فبالكاد يدي تصافح أيديهم بحركة تلقائية، أو أرد عليهم بكلمات يمكن أن لا تضل طريقها إلى شفاهي، فهي مجرّد كلمات الشكر والإمتنان، وأنا لا زلت أقف بينهم أغوص في أعماقي، فتراني فقدت صمّام الأمان، وبات الأوكسجين الموجود في الهواء لا يكفيني إلى درجة أشعر معها بالإختناق.
أبتلع مرارة الكأس، مذهولاً، أسال نفسي عمّ حل بي؟ ها أنا أفقد الخيط الأخير الذي كان يربطني بكل ذلك الماضي العتيق، ذلك الماضي الذي انقطعت عنه ذات يوم، رغم كل ما كان يُقال عن حبنا وحياتنا وانسجامنا، رغم كل تلك الحياة الراقية، رغم كل شيء.. انقطع كل شيء، وبقي منه طفلان، صبي وفتاة، كانا الماضي الذي كبر ، وكبر إلى أن تجسّد بأجمل شاب وأروع فتاة.
تربيا في أحضان عائلتي الجديدة، لم نبخل عليهما بالعاطفة، بل رأيت نفسي وروحي في ابني البكر، وفي إشراقة وجه ابنتي عشت نضارة الحياة.
أتنهّد لأتنشّق بعضاً من الهواء المفقود، فأشعر أن تنهيدتي هي أكبر من زفرة وجع من اقتطع شيء من ذاته!
عندما بتروا ذراعه بسبب ذلك الورم، ظننت أنه سيعيش ولو من دون ذراع، سيكمل دراسته الجامعية، سيكبر وسيتابع الطريق..
لم أصدّق يومها، ربما لأنني ما أردت أن أصدّق، فالحقيقة سرعان ما صفعتني، صفعتني بقسوة اختطاف زهر الربيع من بين يديّ، تشبّثت به، لكنني لم أفلح في استبقائه، لم يبقَ بل غادر وفارقنا على عجل من ضاقت به الدنيا، واستعجل الإرتحال إلى العالم الآخر، تاركاً أريجاً من ذكرى تتربع على عرش قلبي.
هنا مرّ، هنا جلس، هنا كان يغفو على أحلام الصبا، ترى هل رافقته في رحلته الطويلة؟
غادر على عجل، غادر ولم يبقَ..
بقيت لينا... زوّجتها، وفرحت بها، وأنجبت لي أحفاداً..
كانت تتألّق كطفلة مدلّلة، حتى عندما كان يمتدّ بها العمر، فما يزداد فيها سوى المرح والبراءة، وغمّازتا خدّيها تطويان الضحك، وتعبّئانه في سلاّت الذاكرة، ليتسرّب منها متحوّلاً إلى حزن عميق يلفّ غياهب الأعماق، تترقرق الدموع في عيني، أحبسها، لا أريد أن أبكي، هل أبكي أمام الناس؟ أم أنتظر إلى أن أجلس في غرفتي وأقفل الباب على نفسي ، أشعر برغبة ماسة في البكاء تجتاحني بمرارة، ولكن هل استطيع...؟
الأحفاد الصغار ينتظرون أن يجلسوا في حضني بعد أن يغادر الناس، أن يسألوني بلهفة جارحة أين رحلت ماما؟ أين تركتنا؟ لماذا لم تعد؟ لا تتركنا يا جدو ابقَ معنا.
ها هي الدموع تهمل من عيني رغماً عني، أرفع يدي الثانية لأمسحها قبل أن يشعر بذلك أحد.. ربما شعروا!
قلبي يشتعل بالنار، يحتاج لكثير من الدموع كي تطفىء لظاها...
أيضاً لا أصدّق ما جرى لي، لم تشكُ من شيء سابقاً...
هو ألم في الضرس! قال الطبيب أنه يجب أن نخلعه، لاستئصال الورم الذي تحته، أيعقل هذا...
خُلع الضرس، وخُلع قلبي معه!
لماذا؟ لماذ يحدث كل ذلك؟
هل يجب لصفحة ذلك الماضي أن تُطوى وتُرمى في دفتر ذكريات قديم؟
كنت قد طويتها يوماً، لكنني ما أردت أن أطوي أولادي معها؟
ما تصورت أنني سأشهد دفنهما بهذ السرعة!
لم يمهلاني كثيراً حتى غابا، تاركَين في القلب غصة وحرقة!
تركاني... رجل يقف وسط الناس، يبحث بينهم عن صورة ولديه، فيغمض عينيه ليراهما في أعماق قلبه.
لماذا؟
ما زالت كلمة لماذا تطرق رأسي بقوة فتطحنه، أهو امتحان إلهي؟ امتحان إنهاء كل تلك الحياة؟
يا له من امتحان!
إلهي أعني على تخطي هذا الإمتحان الذي أدمى قلبي.
ماجدة ريا
21/6/2008

الخجل عند الأطفال

الطفل هو تلك الزهرة الندية التي تزيّن حياتنا، وتملأها فرحاً وسرورا. وهذه الزهرة تحتاج منا إلى الكثير من العناية والرعاية كي تنمو جميلة، وتحافظ على زهوها وألقها.
والخجل هو نوع من الأمراض النفسية التي تنتشر في المجتمعات الإنسانية التي يمكن أن تؤثر سلباً في حياة الطفل وإبداعه، ولا بد من مساعدته ليبقى لتلك الزهرة عطرها الفواح.
فالدراسات العلمية تشير إلى أن الخجل هو أكثر الأمراض النفسية انتشارا بين مجموع أي شعب بنسبة من 8 إلى 12%. ويصيب هذا المرض الأطفال والمراهقين والكبار، على أن نسبة انتشاره تكون أعلى بين الأطفال والمراهقين، حيث تشير الدراسات أيضاً إلى أن هناك نسبة كبيرة من المراهقين يتألمون من انفعالية مفرطة أمام بعض الأشخاص والمواقف، فيشعرون بالخجل من التعبير عن المشاعر.
ومن هنا يجب علينا النظر في حال هؤلاء البراعم التي تتفتح بيننا، والعمل على مساعدتها لتتمتّع بشخصية سوية وسليمة.
ولا بدّ لنا من النظر في الأسباب التي يمكن أن تؤدّي إلى الخجل، لكي نصل إلى الحلول المناسبة لها.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن التغيرات الفسيولوجية والكيماوية التي تحدث للإنسان من الخجل الاجتماعي، سببها أن الإنسان يولد باستعداد معيَّن لهذا، والبيئة إما تطفئ الاستعداد أو تعززه. وهذه البيئة تكون نواتها العائلة التي تتعامل مع هذا الطفل بشكل مباشر، ومن ثم المجتمع الذي يحيط به، والأشخاص الذين يخالطهم، إضافة إلى البيئة المدرسية التي يوجد فيها.
فعندما يسود المنزل، وهو البيئة الأساسية لهذا الطفل، أجواء سلبية، فإنها بلا شك ستنعكس على نفسيته. فالقسوة من قبل الأهل والتعنيف والعقاب القاسي والتهديد المستمر للطفل، والنقد القاسي والمستمر خاصة أمام الآخرين، والمقارنة السلبية بين الأطفال، كل تلك الأمور تجعله يعيش في حالة نفسية صعبة، وتجعله يخاف من فعل أي شيء قد يسبب السخط عليه، أو قد لا يرضي من حوله، فيتردّد في التعبير عن رأيه أو عن رغباته، بل ربما يُحجم عنها أحياناً.
إضافة إلى ذلك فإن الخوف الزائد من قبل الأهل على الطفل والنابع من الرغبة في حمايته، وخاصة من قبل الأم، يُضعف ثقة الطفل بنفسه ويجعله متردّدا وخائفاً من كل شيء حوله.
وكذلك فإن ضعف العلاقات الاجتماعية أو انعدامها وعدم الاختلاط بالآخرين يجعل الطفل غير قادر على التعاطي مع هؤلاء، وغير قادر على التكيّف معهم عند اضطراره للحضور بينهم.
ومن هنا يتبيّن لنا أن للتربية دوراً أساسياً في بناء شخصية الطفل وتعزيز ثقته بنفسه، إضافة إلى تعزيز قدراته وملكاته التي تجعل منه سيد هذه النفس.
من المهم هنا اتباع بعض الخطوات التي تساعد في تدعيم ثقة الطفل بنفسه، أهمها أن نتعامل معه على أنه شخصية مستقلّة لها احتياجاتها وعالمها الذي يجب تفهمّه من جهة، وإفهامه وتوعيته من جهة أخرى بما يتناسب مع عمره.
وهنا يوصي خبراء التربية بأن نتّبع معه أسلوب الحوار منذ الصغر، فنصغي إلى كل ما يقول، نقوّم ما يحتاج إلى تقويم من دون استخدام أساليب النقد الجارح، بل نشرح ما هو جيد، ونشجّع ما هو جيد لديه ونثني عليه، ونؤمّن له ما يساعده على تنمية مهاراته حتى نبني ثقته بهذه القدرات مهما كانت صغيرة. وإن لم تكن موجودة نؤمن له ما يستطيع فعله، ونساعده لأن يكون قادراً عليه، على أن لا نفرض عليه أشياء لا يحبها.
إن الحنان والمحبة التي نغدقها على الأطفال هي التي تساعدهم على بناء ثقتهم بأنفسهم، فعندما يشعر الطفل بأنه غير مرغوب فيه سواء في المنزل أو في المدرسة أو في المجتمع، فإنه سينطوي على نفسه، لذا لا بد من أن يشعر بمحبة الآخرين له وباستيعابهم لما يفعل. لذا فالتربية الحديثة تُشجّع على التعاطي بإيجابية مع الطفل وعدم التقليل من شأنه أو قدراته، بل البحث دائماً عن الأمور الإيجابية وتشجيعه للتقدم، وتفهّم أخطائه ومساعدته على تجاوزها من خلال تقديم العون له لا من خلال تأنيبه ومعاقبته وانتقاده.
كما أنه من المهم أيضاً الالتفات إلى التفاعل الاجتماعي ومساعدته على أن يكون له أصدقاء جيدون.
هنالك حالة من الخجل تنشأ لدى الطفل بسبب حالة إعاقة جسدية يعاني منها، في هذه الحالة يكون دور الأهل مهماً في طريقة التعاطي مع هذه الحالة. فبعض الناس يخجلون إذا كان عندهم في المنزل مثل هذه الحالة، وهذا خطأ شائع، إذ يجب عليهم العيش مع هذه الحالة على أنها أمر واقعي لا يُخجل منه. وكم من المعاقين أنجزوا في حياتهم ما لم ينجزه أشخاص طبيعيون! لذا يجب أن يساعدوا طفلهم على تقبل الأمر الواقع والتصرف بإيجابية معه، ودفع الناس أيضاً للتصرف بإيجابية مع مثل هذه الحالة.
ولا بد في النهاية من الالتفات إلى مسألة غاية في الأهمية، وهي أن لا يُقال عن الطفل في حضوره: "انه خجول"، كما يجب محو هذا الاعتقاد من رأسه اذا وُجد، وتعويد الطفل أنه يمكن أن يقوم بأي شيء يريد القيام به كما كل الأطفال، وأنه يمكنه أن يفعل ذلك، وإنّ فشله في ذلك ليس عيباً، وأنه يمكن أن ينجح اذا استمرّ في المحاولة، إذ يجب أن لا يعتقد الأهل أو الطفل أن الخجل مسألة طبيعية أبداً، وإنما هي حالة طارئة لا بد من التخلص منها.
وبقي أن نقول: إن التربية السليمة هي التي تؤدّي في النهاية بناء شخصية متوازنة، تعرف كيف تعبّر عن الملكات المخزونة في داخلها بشكل ايجابي يحفظ نضارة أزهارنا وسلامتهم.
ماجدة ريا

Saturday, January 31, 2009

هل تحاكم اسرائيل؟


جرت العادة أن تشنّ اسرائيل عدوانها، ومن ثم تتابع مسيرتها الإجرامية وكأن شيئاً لم يكن.
هي ليست المرّة الأولى التي ترتكب فيها اسرائيل المجازر، وإن كانت هذه المرة في عدوانها على غزة تبدو الأعنف، وكأن اسرائيل تسير في وتيرة تصاعدية في اتباعها الهجمات والحروب العدوانية، وفي جرأتها باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، حتى بدا أنها في حربها الأخيرة تستعملها بكل وضوح، ولا سيما قنابل الفسفور الأبيض التي فتكت بالمدنيين بشكل جلي، بالإضافة إلى عمليات التدمير الشامل والممنهج للبيوت والمؤسسات من دون أي اكتراث.
كما أنها ليست المرة الأولى التي يكون هنالك مطالبة على مستوى العالم من هيئات إنسانية أو منظمات حقوقية أو أشخاص بمحاكمة اسرائيل، لكن هذا الأمر كذلك يبدو أنه يسير بوتيرة تصاعدية أيضاً مع تصاعد الإجرام الصهيوني من جهة، ومع الزيادة في الوعي العام بهذه القضايا الحقوقية على مستوى العالم من جهة أخرى.
لقد قُدّمت في السابق دعاوى أمام المحكمة الجنائية في لاهاي وأمام العديد من المحاكم الأوروبية ضد مسؤولين سياسيين وعسكريين اسرائيليين، ومع أنه لم يتسنَّ لتلك المحاكم محاكمة هؤلاء حتى الآن، إلاّ أن هذه الدعاوى أربكت إلى حد ما هؤلاء المسؤولين وجعلتهم يعزفون عن الذهاب إلى أماكن يمكن أن يلاحقوا فيها بسبب جرائمهم.
من الواضح أن اسرائيل لم تكن تعير أي اهتمام لهذه التحركات القضائية، وتعتبرها ضعيفة إلى حد لا يؤثّر فيها، فكانت تزداد مضياً في إجرامها، وهي تدرك أن المرجعية لمقاضاة الدول هي منظمة الأمم المتحدة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة الأميركية، والتي لا يمكن أن تُمِرَّ فيها قراراً يؤذي اسرائيل فتتحصّن دائماً بالفيتو في مواجهة أي قرار ضد اسرائيل، وهكذا يتصوّر هذا الكيان الغاصب أنه سيبقى في حلّ من أي مساءلة قانونية، أو على الأقل يستطيع التملّص منها حتى لو جرت.
ولكن الذي يحدث اليوم يشير إلى أن المعنيين برفع مثل هذه الدعاوى، هم أكثر تنبّهاً من أي وقت مضى، حتى أن ذلك أعطاهم المزيد من الإصرار والاندفاع للبحث عن طرق بديلة لمحاكمة اسرائيل، وقد تبيّن أن هنالك إمكانية كبيرة لملاحقة المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين المتهمين بجرائم حرب أمام العديد من المحاكم الأوروبية التي تجيز قوانين القضاء فيها النظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية أياً كانت جنسية مرتكبها، أو مكان ارتكابها كما هو الحال في اسبانيا، هذا بالإضافة إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي برغم أن اسرائيل لم توقع على المعاهدة المؤسسة لهذه المحكمة، وهذا الأمر بحسب المحامي الفرنسي جيل ديفير ـ الذي صاغ نص الدعوى التي تقدّمت بها تسعون منظمة فرنسية أمام هذه المحكمة لمقاضاة اسرائيل بسبب جرائم الحرب التي ارتكبتها في عدوانها على غزة ـ قد يطرح صعوبة شديدة، لكن في المقابل هنالك كثير من العسكريين الإسرائيليين يحملون جنسيات مزدوجة بما فيها الجنسية الفرنسية, وهذا يمكن أن يسهل مقاضاتهم في البلدان التي يحملون جنسياتها.
وقد تزامن رفع هذه الدعوى مع تحرّك أكثر من 320 هيئة ومنظمة عربية وإقليمية ودولية تسعى إلى تقديم كل الدعاوى الممكنة في هذا الشأن، ومنها دعوى أمام هذه المحكمة، وأخرى أمام القضاء الإسباني.
وفي المغرب طالب المحامون وزير العدل المغربي بتضمين القانون المغربي بنوداً تمنع المغاربة الإسرائيليين من الدخول إلى المغرب باعتبارهم مجرمين مشاركين في الاعتداء على الفلسطينيين.
كذلك قدم السفراء العرب في الوكالة الدولية للطاقة الذرية طلباً للتحقيق في استخدام إسرائيل ذخائر تحتوي على اليورانيوم المنضب في حربها على سكان قطاع غزة، برغم أنه يُخشى أن يكون مصير هذا التحقيق كالذي أجرته الأمم المتحدة بعد عدوان تموز في لبنان، وهو الإخفاق في إيجاد أدلة على ذلك.
أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فقد طالب إسرائيل بتقديم تفسير كامل لقيامها بقصف مقرات الأمم المتحدة في قطاع غزة، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، لكن يُخشى أيضاً توقف الأمر عند حدود المطالبة، ولا سيما أن اسرائيل سبق لها أن فعلت ذلك في عدوان تموز على لبنان ولم تحاسب.
مع كل هذا الحراك القضائي باتجاه مقاضاة اسرائيل على جرائمها، قال رئيس المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان راجي صوراني إن 57 باحثا ومتخصصا في القانون "يعملون الآن على توثيق كل ما حدث من الوقائع لبناء ملفات قانونية لاستخدامها لدى النيابة العامة في أي مكان"، لأن التوثيق القانوني يحتاج وقتاً وجهدا كبيرين، لكن المؤمنين بعدالة القضية يعملون بلا هوادة في تلك الملفات التي سيحتاجها كل الذين تقدموا بدعاوى ضد اسرائيل.
كما أكدّ صوراني أن استخدام آليات القانون الدولي الإنساني أدخل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في "بعد رابع جديد يدعم الصراع السياسي والكفاح المسلح، الذي هو حق مشروع"، وقد اعترفت بذلك منظمة واتش الإسرائيلية غير الحكومية معتبرة أن الفلسطينيين نجحوا في جعل "قادة إسرائيل من ساسة وعسكريين، أسماؤهم ملوثة مثل ميلوسوفيتش وبينوشيه".
والجدير بالذكر أن عدد المسؤولين الإسرائيليين من العسكريين والسياسيين المطاردين أمام المحاكم في دول متعددة بلغ 87 شخصية.
من الواضح أن رد الفعل الإسرائيلي لم يستطع أن يخفي تأثّرها بهذه الاتهامات التي حاولت دفعها عنها بشتى السبل، لكن يبدو أنها بدأت تدرك أيضاً أنها ستسبب لمرتكبيها العقاب، لذا فهي تستعد لمواجهة هذه القضايا التي رُفعت ضد مسؤولين في الحكومة والجيش الإسرائيلي، وقد منعت الكشف عن الضباط الإسرائيليين الذين شاركوا بالعدوان الأخير على غزة، وسمحت لكل من يشتبه في احتمال تعرضه لملاحقات في قضايا جرائم حرب باستبدال جواز سفره بآخر مزور. كما أنها أعلنت أنها ستعاقب كل من يدلي بمعلومات تساعد على توريط الإسرائيليين في جرائم حرب بالحبس عشر سنوات، بالإضافة إلى أنها شكلت لجنة لمتابعة الموضوع وإعطاء الاستشارات القانونية.
كل هذا الإرباك على الساحة الإسرائيلية يعني أن مثل هذه الإجراءات القانونية سيكون لها الأثر الفاعل، وأن اسرائيل من حيث لا تشعر قد وقعت بشر أعمالها.
قد لا تتمكن هذه المحاكم من إحضار المسؤولين الإسرائيليين ومحاكمتهم، لكن يكفي هؤلاء في المرحلة الحالية أنهم سيعيشون في حالة من عدم الاستقرار النفسي، وعدم الأمان، وسيكونون مقيّدين في الحركة، كل ذلك سيكون مرحلة أولى من مراحل دفع الحساب على ما ارتكبوه من جرائم شنيعة، وأن أسماءهم اقترنت بما تستحق من ألقاب مجرمي الحرب، على أن تتمة الحساب قادمة لا محالة.
ماجدة ريا

Saturday, January 24, 2009

المرأة في غزّة سند المقاومين

من قال إن مجتمعاً فيه مثل هذه المرأة يمكن أن يُهزم؟
أنظروا في وجهها الذي ألقت عليه السنون حملها وحفرت فيه التجاعيد، فازدادت نظرة عينيها ثقة وقوة وعزيمة، هذا الحمل في التصدّي للاحتلال على مدار السنين، أعطى تينك اليدين هذه العزيمة.
لله درك من امرأة أخت للرجال.
إنّها امرأة من غزّة الصمود والإباء، لم تحنها محن الاحتلال، بل وقفت شامخة كشلاّل قوة هادر، تعبّر عن ذلك الأنموذج الرائع الذي لم تكتفِ معه المرأة بالعناية بالأسرة، وتربية الأبناء، ومساندة المقاومين، والمساهمة في معالجة الجرحى، بل أبى البعض منهنّ إلا أن يكن في سوح القتال، أن تحمل القاذف أو الرشاش، وأن توجّهه إلى نحر من أراد أن ينحر الوطن والأبناء، والزوج والأهل والأحبة، لتقول للعدو: حتى نحن النساء سنقاتلك حتى الرمق الأخير، ولن يكون لك في أرضنا قرار أو مستقر.
نعم، أولئك الصهاينة يخافون من الطفل والمرأة، الطفل الذي يرمقهم بعينيه فتتكلّم نظراته: "لن يبقى حقنا مغتصباً، سننتزعه منكم مهما طال الزمن ومهما قتلتم منا، فلن تقتلوا فينا الإرادة".
هذا الطفل قد ربّته امرأة من أرض الرباط، جبل فكرها بتراب الأرض، فسرى حبّها في الشرايين، لتغذّي به أبناءها، ولتتجلّد به على أعدائها، أولئك القوم الصهاينة الذين لفظتهم البشريّة، ليبنوا وكرهم على أرض فلسطين الطاهرة، لكن هذا لن يدوم طويلاً.
إن ما فعله الصهاينة في عدوانهم على غزة، جلا الغبار عن الصورة فيها، فظهرت نقية، واضحة كالشمس في رابعة النهار، إنها صورة المرأة التي أعطت بلا حدود، غطّت وجه ابنها الشهيد بيدها وهي تقول بعزم وايمان: "مبارك عليك الجنة يا ولدي، نلتقي هناك بإذن الله". إنها المرأة التي وقفت عند ركام بيتها لتقول: "سنسكن في خيمة ولا ننحني"، "هنا ولدنا، هنا نعيش وهنا نموت".
فمنذ أكثر من سنتين، كان الكيان الصهيوني الغاصب قد فرض حصاراً ظالماً على أهالي غزة، فضيّق عليهم العيش، فكان يقع على المرأة العبء الأكبر في تسيير أمور أسرتها وإطعام أطفالها بما تيسّر من القليل القليل.
ومع انعدام توافر الأشياء الأساسية التي تساعد في تسهيل الأمور، سعت المرأة إلى توفير البدائل بوسائل بدائية فعادت لتقتني فرن الطين، من أجل تأمين الرغيف للأبناء، لكنها لم تركع، ولم تضعف، بل بقيت خير سند للتمسك بقضية الأرض والوطن، بقضية الحق الذي يجب أن يصان، وإن بلحظات مجبولة بالصبر والعذاب.
كانت النسوة في غزة يتعاونّ على قضاء حوائجهنّ بما تيسّر لهن من أجل تعزيز الصمود، وبعد زمن من الحصار جاء هذا العدوان السافر ليحاول القضاء على تلك الأنفاس التي تجاهد لتبقى برغم خنقها وإغلاق السبل والمنافذ في وجهها، لكن المرأة في غزة لم تسقط، بل تحمّلت كل ظروف القهر والحرمان دون أن يفتّ ذلك من عزيمتها على الصمود، ولم يدفعها ذلك إلى دعوة أبنائها لرفع الراية البيضاء، فاستشرس العدو في بث الرعب والدمار في كل مكان، ومع ذلك فقد وقفت بكل عزة وكرامة وأغمضت عيون الشهداء بيديها، وودعتهم بسلام، ولمست جراح الأبناء بشغاف القلب، وضمدتها بدموع العين وصبر الإيمان وقوة العنفوان.
إن قصف المراكز الإنسانية والمؤسسات النسوية في القطاع التي كانت تنطلق منها النساء للمساعدة لم يحل دون أن تقوم تلك النسوة بدورهن الكامل أثناء العدوان، بل إن المساندة الاجتماعية باتت تؤدّى عبر النساء مباشرة دون اللجوء الى تلك المراكز التي لم تعد تتمكن من العمل، ولذا فإن نشاطات المؤسسات النسوية تركزت في المناطق السكنية والاحياء بشكل غير مركزي، فتقوم كل ناشطة نسوية بعملها في المنطقة التي تسكن فيها، وتبقى مطالبة بإسعاف الجرحى ومساعدة المحتاجين والعائلات الثكلى والتي تحتاج الى المواد الغذائية، هذا ما أشارت إليه المسؤولة عن هذه المراكز.
إحدى العجائز أعلنت بكل عزم وهي مريضة تصارع الموت "لن نتنازل برغم الحصار"، في حين تستمرّ النساء في الإنجاب من رحم المأساة، لتؤكد للعالم رغبة هذا الشعب بالحياة، برغم أنف سياسات الإبادة والإفناء.
لك تنحني الهامات يا أماً في غزّة الصابرة، وتنظر في عطاءاتك محققة، تتعلم دروس التربية والعطاء، التضحية والفداء، وبعد كل ذلك، تكونين خير سند في الجهاد.
لله درك يا أيتها المرأة الصامدة، من مثال.
ولا بدّ لهذا العدو الصهيوني الغاشم أن يفهم، وأن يتعلّم أن كل جنونه لم ولن يكسر شوكة المقاومين ولا صمود أهلهم، ولا عزيمة المرأة في هذا المجتمع المقاوم.
ربما تعلّقهم في الدنيا يجعلهم يعتقدون أن طبيعة الإنسان مجبولة على التعلّق فيها، ولم يفهموا أبداً أن هنالك نوعاً من البشر قد تعلّق بالآخرة، ونذر نفسه وعياله لله سبحان وتعالى، ومهما قتلوا أو دمروا فإن ذلك لا يرهب أهل المقاومة أبداً.
يزدادون إجراماً يوماً بعد يوم، يظنون أن هذا الوجع سيجعل المقاومة تستسلم، ولم يدروا أن وثيقة الصمود والعزيمة في المواجهة تكتب من هذا الوجع، وبدم هذا النجيع المستمر حيث تسطر البطولات، وتحفظ الكرامات، وتبنى الأوطان.
هنيئاً لك يا غزة بهذه المرأة الصامدة الصابرة، بتربيتها وأبنائها، بزوجها وأهلها، بمجتمعها الذي تساهم في بنائه بدموع القلب وقوة الإيمان.
ماجدة ريا

Saturday, January 17, 2009

أطفال غزة: الاستغاثة المفقودة

.. وتستمرّ الجريمة، والعدو الصهيوني الغاصب لم يشبع بعد من دماء الأطفال.
شلاّل الدم ما زال مفتوحاً في غزّة، والجرح النازف من الطفولة المقهورة لم يتوقّف، والعيون الصغيرة ما زالت تبحث عن ذرّة أمان، ولكن أنّى لها أن تجدها وقد استبدّ العدو واستشرس أمام المزيد من هوانه وضعفه وعجزه.
ها هو عدد الشهداء من الأطفال فقط يناهز الثلاثمئة وما زال العدّاد يشير إلى المزيد من الارتفاع في قتل الطفولة البريئة ظلماً وعدواناً.
ولعلّ الاستشهاد يهون عند حدود المعاناة الأخرى، لأن الشهداء ينتقلون إلى جنّات النعيم، وتبقى معاناة الجرحى، خاصة الأطفال منهم، أكبر معاناة.
هذه آثار قذائف الفسفور الأبيض تنتشر في كل مكان، تحرق كل بشر تصل إليه.. حروق بالغة من الدرجة الثانية والثالثة، وحروق يسقط اللحم معها، فأيّ فظاعة هذه؟! وأي تشوّهات وإعاقات ستترك لدى هؤلاء الأطفال الذين ينظرون إلى ما يجري عليهم بتسليم إلهي كبير؟! ولكن ماذا عن آلامهم الجسدية والنفسية؟
لقد شاهدنا ذلك الفتى الذي لفّ رأسه ووجهه وكل جسمه بالشاش بسبب تعرّضه للاحتراق، والفتى الآخر الذي بدت حروق وجهه واضحة للعيان، وغيرهما آخرون من الكبار والصغار ممن تعرّض لحروق بالغة.
ليس الفسفور الأبيض وحده، فإن "اسرائيل" استخدمت نوعا آخر من السلاح يؤدي إلى بتر الأطراف، ويصاب معه الأطفال بإعاقات كبيرة.. والطفلة جميلة هياش واحدة منهم.
كما استخدمت أسلحة تؤدي إلى تفجير العيون، بحيث تصبح العين غير قابلة للإصلاح أبداً، ولا حتى للتجميل، كما في حال الطفل لؤي صبح الذي نجا بأعجوبة بعد ان استشهدت عائلته، ما عدا والده الذي لم يكن في المنزل.
واستخدمت أسلحة تؤدي إلى نزف داخلي دون أن يتمكن الأطباء من معرفة سبب واضح له بسبب الأشعة غير المرئية التي تتعرّض لها الشرايين في الجسم، فتؤدّي إلى استشهاد المصاب بها.
لم يُعرف كم نوعا من الأسلحة المحرّمة والممنوعة دولياً استخدمتها "اسرائيل" غير عابئة لا برأي عام دولي ولا بمشاهد الأطفال والعزل المروّعة، بل ربما هي لم تترك سلاحاً محرماً أو سلاحاً فتاكاً إلاّ واستخدمه في عدوانها هذا، والضحايا معظمهم مدنيون ومن الأطفال والنساء.
لقد تجاوز عدد الجرحى 5000 جريح، ولم يتوقّف العدوان بعد، وما زالت "إسرائيل" مستمرّة في نشر الخراب والدمار والقتل والتشريد، وما زال أطفال غزّة يناشدون من لديه رحمة أن يرحمهم، وأن يستنقذهم العالم من مأساتهم، والصهاينة يصمّون آذانهم عن صراخ العالم، ولا يرون سوى ورطة لا يعرفون كيف يخرجون منها.. مع كل هذا الخزي والعار الذي يلازمهم.
مهما تحدّثنا عن تلك المعاناة الإنسانية فلن نفيها حقّها، ولن نستطيع أن نعبّر عن عمق تأثيرها في المشاعر الإنسانية عندما تكون هذه المشاعر موجهّة بالاتجاه الصحيح.. ربما نستطيع أن ننقل بعض الصور ونتحدّث عن بعضها، وكل ذلك لا يفي بالتعبير.
ماذا نقول ونحن ننظر إلى صورة فتى يحتضن أمه التي تفارق الحياة بين يديه، وهو عاجز عن فعل أي شيء؟
ماذا نقول عندما نرى طفلة هُدم المنزل عليها وعلى أخواتها وهن نيام، اُستشهدت أخواتها وكتب الله لها النجاة لتنظر بأسى لا يوصف إلى ما يجري حولها، وهي عالقة تحت الركام لم يظهر منها سوى رأسها وذراعيها، والمسعفون يحاولون رفع الركام عنها بأيديهم؟! وهي تنظر إليهم لا حول ولا قوة لها إلا بالله المستعان.
وماذا نقول عن تلك الطفلة التي رمى الصهاينة شقيقتيها بالرصاص وهي تنظر إليهما وسط تهديدها؟
وأي قلب يحتمل منظر الدماء وهي تسيل من الأطفال؟
فأي عالم هذا؟ وأي نوع من البشر هم هؤلاء المجرمون؟

في دراسة حول استخدام الأسلحة الملوثة بمواد اليورانيوم دفاعاً عن حقوق الإنسان، أظهرت أن نسبة الإصابات العقلية والنفسية عالية جداً، وهي لا تظهر إلا بعد زمن معين وغير بعيد.
ويقول أحد الاختصاصيين في الطب النفسي: إن أول ما يتأثر به الأطفال هو الشعور بعدم الأمان وعدم الثقة بما حولهم، وهذا بطبيعة الحال يؤثر في بناء شخصياتهم، فيتحول كل شيء من حولهم الى وحش مفترس. ويعزز هذا الأمر أن من يفعلون ذلك محسوبون على صنف البشر.
أما الباحث جون برنجل Jone Bringle فيؤكّد في خاتمة تقرير أعدّه حول أوضاع الأطفال في غزّة: "يبدو لي وللباحثين الاجتماعيين أن المجتمع الدولي أهمل الأطفال الفلسطينيين، وهذا نوع من النبذ، ويُنظر إليهم على أنهم لا يستحقون الحماية تحت مظلة معاهدة جنيف وقوانين حماية حقوق الإنسان المدني أثناء الاحتلال او الحروب.. ويجب أن نتذكر أنه حيثما تسقط قنابلنا وتصوب بنادقنا وتسقط صواريخنا فإن هناك أطفالاً يولدون، ويلعبون، ويذهبون إلى المدارس".
هذا شاهد من العديد من الشواهد التي تؤكّد أنّ ما يجري على الأطفال في غزة يعتبر جرماً في القضاء الطبي والنفسي يستوجب المساءلة القانونية.
هنالك حركة كبيرة حول العالم تسعى إلى محاكمة "اسرائيل" حول جرائمها الفظيعة محاكمة فعلية، فهل سيتمكّنون من ذلك؟
وهل ستتوقّف "إسرائيل" عن إجرامها بحق الشعوب، سيما الأطفال والأبرياء؟
هذه التحرّكات المتضامنة مع الحقوق الإنسانية هي جميلة ومطلوبة، لأنها ستزيد من الشواهد على همجية هذا العدو الذي لا يمتثل لا لحقوق إنسانية ولا لمساءلات قانونية، ومع ذلك فهي ستؤرّخ لجرائمه المروّعة بحق الطفولة، والمجتمع الإنساني الفلسطيني بشكل خاص الذي يتعرّض لكل ذلك، والمجتمع الإنساني الدولي بشكل عام، لأن ما فعلته "إسرائيل" في غزة أساء إلى مشاعر الملايين من البشر على مختلف أديانهم وانتماءاتهم.
وحتى اليوم لم نشهد أيّ معاقبة فعلية للكيان الصهيوني الغاصب، برغم أن تاريخه قائم على المجازر والإبادة الجماعية، وخرق كل الاتفاقيات الدولية والأعراف الإنسانية. فهذا الكيان الغاصب لا يرتدع إلا بلغة القوة، فهي اللغة التي يفهمها، ولذا ستبقى المواجهة والمقاومة لهذا العدو الشرس هي الخط التي نسير عليه، وهذا سيؤدي في نهاية المطاف إلى التحرر من هذه القوة الصهيونية الغاشمة، وإلى تحرير الأرض والمقدّسات.
ماجدة ريا

Saturday, January 10, 2009

أطفال غزة: أين حقوق الطفل منا؟!


الطفل والطفولة، قد يبدو أن هاتين الكلمتين هما صنوان، لأن الطفولة هي المرحلة التي تقترن بها حياة الطفل بما تحمل من براءة وجمال وحب للحياة، لتشكّل مفصلاً من مفاصل صياغة شخصية هذا الطفل من خلال ما يعيشه في تلك المرحلة بالذات.
يجمع علماء النفس والتربية على أن لمرحلة الطفولة التأثير الفاعل والأهم في صياغة شخصية الطفل المستقبلية. ومن هنا جاءت الدعوات الكثيرة والحملات لبث توعية كيفية معاملة هذا الطفل والتعاطي معه على أسس تربوية صحيحة، وجاءت الدعوات لتطالب بالمحافظة على حقوق الطفل، وأقرّت اتفاقية حقوق الطفل على مستوى دول العالم، وشاركت في صياغتها وتبنّيها الكثير من الدول.
وإذا ما نظرنا إلى معظم التحركات الفاعلة التي سعت لوضع هذه الاتفاقية سنجد أنها غربية، وأن الذي يرسل إلى دول العالم الثالث التي تحسب منها بلداننا العربية، من يراقبون ويحثّون على تنفيذ هذه الاتفاقية والعمل على تحقيق بنودها التي جاءت لمصلحة الطفل، سنجد انها ايضاً الدول الغربية التي تأتي في مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية التي نصّبت نفسها عبر السنوات الماضية شرطياً لهذا العالم بحكم تفرّدها في السيطرة على القرار الدولي.
حتى الآن قد يبدو أنه لا يوجد مشكلة، ولكن في الحقيقة أن هذا الأمر في حد ذاته هو المشكلة الكبرى، والمعضلة التي لا بدّ من مواجهتها كما هي.
فعندما تطالب الاتفاقية بتوفير حياة هادئة ومستقرّة للطفل، برعايته وتعليمه، كل ذلك جيد، ولكن أنّى يكون للدول النامية أن تفعل ذلك في ظل هيمنة أميركية على هذه الدول؟! ليس ذلك وحسب، بل ان الولايات المتحدة الاميركية هي الراعي الأول للإرهاب ضد الطفولة البريئة، فهي التي تدعم العدو الصهيوني الغاشم الذي اغتصب الأرض وعاث فساداً في فلسطين ولبنان.
أنّى للأطفال في فلسطين ولبنان أن ينعموا بحقوقهم كأطفال أبرياء، لا ذنب لهم بأي صراع، والآلة الصهيونية تعمل على إبادتهم، على قتلهم وجرحهم، وفي أضعف الأحوال على تشريدهم؟!
كيف لهؤلاء الأطفال أن يعيشوا الطفولة؟ وماذا يعرفون منها؟ ولعبتهم قنبلة ذكية تفتك بهم هدية مِمَّن تدّعي رعاية حقوق الطفل على مستوى العالم؟
يوماً بعد يوم نتأكّد أن هذه الاتفاقيات الدولية، وحتى القوانين الدولية، ما هي سوى أدوات تُستغل من قبل واضعيها لتحقيق غاياتهم ومصالحهم التي شاءت لنا الأقدار هنا في فلسطين ولبنان أن نكون ضحيّتها.
وبعد كل ذلك يحقّ لنا أن نضع قوانيننا التي ترعى أبناءنا، والتي تحميهم من هذه الشرور.
فلا تظن "اسرائيل" أن ما تفعله بأطفالنا سيجعل منا عالماً عاجزاً! أبداً.
ربما يُقال تربوياً انه يجب أن لا يرى الأطفال مشاهد القتل والدمار التي تحدثها آلة الحرب الصهيونية، فإن مشهد طفل مشظّى بدمائه يوجع قلوب الكبار ويصعب عليهم تحمّله، فكيف بالصغار؟!
ولكن نقول، يجب أن يرى أطفالنا كل شيء، يجب أن يروا ماذا تحضّر لهم مدنية العالم وتحضّره ليستعدّوا وليفكروا كيف يمكن أن يحموا أنفسهم.. يجب أن يروا ذلك، وأن يعرفوا في جوار من هم يقطنون، في جوار مصّاصي الدماء الذين لا يرحمون طفلا ولا امرأة ولا شيخاً..
أطفالنا تُسلب منهم طفولتهم عنوة، وتتحوّل إلى رجولة مبكّرة، لأن الصغير فيهم يتمنى أن يذهب لقتال هذا العدو الشرس، وأن يتحول إلى قنبلة تتفجّر في وجهه. حتى النساء يتمنين ذلك، فما نراه ويراه الأطفال لا يُحتمل، ولا يحتمل أن ننتظر منظمات حقوق الإنسان والمدافعين عن حقوق الطفل وهم عاجزون عن فعل أي شيء.
ها قد مضت أيام طويلة على بدء العدوان على غزة، ويومياً يُقتل الأطفال والنساء، ولا أحد استطاع أن يحميهم، أو أن يمنع عنهم القتل والجرح والتشرّد.. وقبلها بقي أطفال لبنان في تموز 2006 ثلاثة وثلاثين يوماً يُقتلون ويذبحون ويجرحون ويشرّدون، يعيشون في الحدائق العامة والطرق والمدارس، ولم تنفعهم تلك المنظمات بشيء، ولا حماهم أي قانون.. ما حماهم فقط هو صمودهم ومقاومتهم الشريفة. وهذا فقط ما سيحمي أطفال غزة، وأطفال كل فلسطين. نحن نكتب قواميسنا بيدنا، وبيدنا نبلسم جراحنا، بقوة الصمود والتحدي، بطفل شهيد يتحول إلى طير من طيور الجنة، وتبقى دماؤه في قلب الأرض لتتحوّل إلى بركان يقذف حمماً تكوي الأعداء وتعدهم بالويل والثبور، لأن الدم المظلوم لا يمكن أن يذهب هدراً، وهو إن سقط فإنه يسقط بيد الله، والله هو الذي يجزيه ويجعل لأوليائه سلطاناً ينتصرون به، فكيف إذا كان هذا الدم المظلوم لطفل لا حول له ولا قوة؟ لا بدّ أنه سينتصر في نهاية المطاف، حتى في الشهادة هو منتصر، لتبقى العزة والشرف والكبرياء لأهلنا الصامدين بأطفالهم، بأبنائهم، بشيوخهم، برجالهم وأبطالهم.
فيا أطفال فلسطين، يا من تسطّرون بدمائكم الزكيّة نواميس جديدة للعالم، يا من تخطّون بدمائكم كتاب الحرية والعزة والكرامة، نقول لكم ما قاله إمامنا الخميني العظيم قدس الله سرّه: "الحياة في موتكم قاهرين"، والعزة والنصر لكم بإذن الله تعالى.
ماجدة ريا

Monday, January 05, 2009

شهر محرّم وبداية العام الجديد

تدور عقارب الزّمان وتطحن رحاها الأيّام، فتتقارب الساعات وتجتمع بين المناسبات
ولكل مناسبة لون وعنوان، قد تبدو غير متشابهة أبداً إلى حد التضاد والتنافر، لكن الزّمن يجمعها بعد أعوام طويلة في وقت واحد، ليكون لها في قلوب الوالهين الصادقين لون واحد، هو لون الدم المنتصر على السيف، ولون حداد يوقظنا من السبات، وينقلنا إلى أجواء المحرّم المجبولة بالعطاء والفداء، والمرصّعة بأفضل العبر وأروع الدروس.
من هناك، من أرض الطفّ البعيدة، استصرخنا النداء ليخترق مئات الأعوام ويصل إلى آذاننا حياً، ويرتفع.. فتقترب المسافات وتهفو القلوب لعشق الشهادة ونهج الحسين عليه السلام.
نودّع عاماً من أعمارنا، لتُولد فيه براعم عام جديد، وكل منا يرمقها بوجل واستطلاع عمّا تحمل لنا أيامه القادمة من صلب الزمان.
ولطالما حرص الناس على توديع العام السابق بابتسامة، وتداعوا إلى استقبال العام الجديد بفرحة كبيرة، وكأنّهم يستطيعون توزيع هذه الفرحة على بقية أيّام العام.
لكن ربما كان من الأجدى مفارقة عام من عمرنا بوقفة تأمّل في ما أمضينا هذا العام، وفي ما أنفقنا أيام عمرنا التي تسير بنا مسرعة لانقضائه. وربما من الأجدى أن يكون لنا في مثل هذه الليلة "جردة حساب" لأعمالنا.
أما عن إطلالة العام الجديد، فهي بالتأكيد ليست ككل عام، لأنها تعانق بداية السنة الهجرية، وتتجلّى أمامنا هيبة شهر محرّم الحرام، فيقف منتصباً من بين الشهور متجلبباً براياته السوداء، معتصماً بنداء الحسين: "هل من ناصر ينصرنا"؟!
ها هو العام الجديد يُقبل علينا، وعلى أبوابه حفر جرح الزمان الذي لا يبرد أبداً، جرح الزمان الذي تحيا به آلامنا في كل عام، فندخل فيه خاشعين بقلوب أدماها عشق الحسين عليه السلام، وأحرقها حنين الشوق لنصرته، وقد تمادى الظلم والطغيان، واستبدّ العدو وبطش.. ويرتفع النداء ويعلو: يا أنصار الحسين هلمّوا لنصرة الحق، لنصرة المظلوم على الظالم.. فيخرّ القلب خاشعاً، ويفور حب الحسين عليه السلام في القلب دامعاً، وتضجّ المشاعر بالحنين إلى كربلاء.. فهلمّوا أحبّائي لنلبّي النداء، هلمّوا بنا إلى ملابسنا السوداء، وإلى راياتنا نرفعها عالياً، تلك الرايات التي طالما صفعت الأعداء ولقّنتهم ما معنى انتصار الدم على السيف.. إنّها رايات الحق في وجه الباطل، التي ما زلنا نرفعها بثبات أكبر، وعزيمة لا تلين.
ها هي بوابة العام الجديد تتجلبب بنداءات عاشوراء، ومن هذه البوابة تنطلق صرخة الثورة على الظلم والطغيان، وثبات شعار "هيهات منّا الذلة" الذي أطلقه الإمام الحسين عليه السلام في ثورته، فيتمدّد صداها لباقي أيام السنة وتكون الدافع لقطار العام بأكمله.
إنّها البداية مع الدمعة المجبولة بحزن الزمان المتجدّد مع رواية كل مظلوم، ومع مواجهة كل إجرام.
إنّها الدمعة التي تروي عطش القلوب فتغسلها من صدأ الدنيا، وتُنبت فيها حبّ الشهادة والعطاء، لأنها تكشف لها عن مراتب الشهداء.
إنّها الدمعة التي تسيل خاشعة من دون استئذان لتمدّنا بالقوة والعزيمة، وتكشف لنا عن منبت الحرّية وعن معنى الإرادة.
إنّها الدمعة التي تصوغ كيان الإنسان فينا، فتربينا على العزة والشرف والإباء.
إنها أيام السيرة التي ترسم لنا خط المسير، فالإمام الخميني قدس سره الشريف يقول: "كل ما عندنا من عاشوراء".
فها نحن نعيش أيامها المباركة صغاراً وكباراً، رجالاً وأطفالاً ونساءً،
نخطو فيها بثبات المقاومين المنتصرين بقبضات مرفوعة نحو عنان السماء: لبّيك يا حسين، يا مظلوم كربلاء.
لبّيك يا صرخة المظلوم على الظالم، لبّيك يا غزّة الإباء.
فمظلوميتك هي الملح الذي وضع على الجرح ليفور.. هكذا أراد العدو الصهيوني المجرم المتوحش أن نبدأ العام، لكنه لم ينتبه الى نبضات شهر محرّم الحرام، ولم يدرِِ أننا في أيّام هي ثورة بحد ذاتها، تحلّق فيها أرواحنا مع الإمام الحسين عليه السلام، وأننا في قلب أيام الشهادة.
فلبّيك يا صرخة الحسين، ولبيك يا غزة المقاومة والشرف والإباء.
الانتقاد/ العدد 1327 ـ 2 كانون الثاني/ يناير 2009
ماجدة ريا

هل من سبيل لتحرر الشعوب؟

منذ أيام، منذ أن بدأ العدوان على غزة بالتحديد، والناس يتدافعون بكل تلقائية إلى الشوارع، والحناجر لم تخبُ، والشعوب غاضبة، والقهر قائم، قهر لقلوب الملايين من البشر الذين انتشروا على مدى العالم برحابته، لم يملوا، لكنّهم يزدادون احتراقاً وتلهّفاً مع ارتفاع وتيرة العدوان، الذي استنفد ما لديه من اليوم الأول من خلال غدره بضربة موجعة، ولم يستطع دفع المقاومة إلى الإستسلام، بل استوعبت الضربة، وخرجت بتماسك أقوى، وما زالت صامدة رغم مرور أيام على وحشية بربرية، وهمجية لا تمت إلى عالم البشر بصلة، وهذا ما دفع ويدفع العدو إلى عمليات انتقامية، من اي شيء، يضرب كوحش ثائر بغير هدى، ولذلك فهو لن يحقّق اي شيء سوى المزيد من تسويد صورته السوداء القاتمة، وهو لن يزيد المقاومة وأهلها إلا قوة وثبات، وكرهاً لهذا العدو الغاشم، ورغبة في مزيد من المواجهة.
هذا شعب يتحمّل القتل والتدمير والحصار، ويرفع رأسه عالياً بشموخ العزة لأنه يستحقّها، هذا شعب قال كلمته، ولن يتراجع عنها..
هذا شعب المقاومة.
ولكن، هذا شعب يقاوم المحتل الذي اغتصب أرضه، وماذا عن الشعوب الأخرى؟
كثيراً ما نسمع عن الشعب العربي الذي لا يرضيه كل ما يجري، ومع ذلك فهو مقيد، مظلوم، أما آن للمظلوم أن يثور على ظالمه؟
أما آن لهذه الشعوب أن تنهض من كبوتها؟
يُقال هي مغلوبة على أمرها؟؟؟؟؟؟؟
وأقول ما قال الشاعر: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر!
كل شعب يمكنه أن يتحرّر إذا أراد، ولكن هل هنالك حرّية من غير ثمن؟؟؟
هل هذا ما تنتظره الشعوب العربية؟؟
عندما يعظم المطلوب، على الطالب أن يدفع الثّمن على قدر تلك العظمة، فما بالك والمطلوب هو الحرّية؟
ما الفرق في أن نتحرّر من محتل ظالم يحتل الأرض والمقدرات؟
وبين أن نتحرّر من حاكم جائر يحتلّ منصب الدولة والوزارات؟ ويضع بيده كل المقدّرات؟ ويصادر حقوق الناس لا بل يصادر حقوق الوطن؟
مثل هؤلاء الحكام لا بد من مواجهتهم مهما كان الثمن، حتى وإن كان الثمن بذل الدماء وليس فقط السجن والترهيب والتعذيب.
هل حدوث مثل هذه الأمور تجعل الناس تعزف عن المطالبة بحقوقها؟
يخافون السجن والتنكيل من قبل الحاكم، هل هذا يسقط المسؤولية عنهم؟
لا، ابداً.. إنهم مسؤولون..
عندما تهتك حرمة بلد عربي مسلم، فتحتل أرضه، ويُعتدى عليه بمثل ما يحدث في غزة، ولا يكون هنالك أي تحرّك فاعل، هل تسقط المسؤوليات؟
لا.. الجميع مسؤول، وكل بحسب طاقته، ولكن عندما يبقى الحكام الجائرون في مناصبهم، ليبيعوا حرمة الأوطان ويسوّدوا سمعتها، فعلى الشعوب أن لا تصمت، وأن تواجه حكامها بصدورها العارية كما يواجه الفلسطنيون واللبنانيون الاحتلال بلحمهم ودمهم وكل ما يملكون.
إن الحاكم الفاسد الذي يرضى على مثل ما يجري وهو مسلم، ولا يحرك ساكناً، هو أسوأ بكثير من المحتل الذي يعيث قتلاً وتدميراً.. ويستحقّ أن يواجه، وليفعل ما يشاء.
هنالك أمثلة حيّة من التاريخ القديم والحديث، وأن ثورة الشعب يمكن أن تسقط الحاكم الجائر، فمتى يمكن أن تثور هذه الشعوب؟
وإلى متى سترتضي العيش بذل وهوان، وإلى متى الخوف من الموت الذي هو بيد الله وليس بيد الحاكم؟
يمكن أن يقتل وأن يسجن، ولكنه لن يقتل شعباُ بأكمله، أو أن يسجن شعباً بأكمله، ولكن على الشعب أن يرتضي أولا أن يقدّم مثل هذه التضحيات كي يحيا حراً عزيزاً، شريفاً، كريماً.
يمكن للشعوب أن تغيّر المعادلة، ولا يمكن التذرّع أبداً بأنها مغلوبة على أمرها، تستطيع أن تفعل الكثير لو أرادت ولكن عليها أولاً ان تمتلك روح المقاومة الحقيقة، وهي لن تختلف كثيراً، أنقاوم محتلاً أو سلطاناً جائراً، فأفضل الجهاد كلمة حق في وجه سلطان جائر، ولا بدّ من المقاومة من أجل إحقاق الحق، والعمل على إيجاد أنظمة تعيد للعرب أمجادهم وعزتهم المفقودة ، لأنه إذا بقي الحال على ما هو عليه من تداع، وخفة واستهزاء بالدم العربي المظلوم، والدم المسلم المهدور ظلماً وعدواناً، فإن هذه الدماء ستحاسب من هي محسوبة عليهم، وسيعيشون في ظل هوانها مدى السنين.
قومي أيتها الشعوب، ثوري في وجه الطغاة، واعملي فالله سيرى أعمالنا يوم الحساب.
ماجدة ريا

Saturday, January 03, 2009

النصر لغزة هاشم الأبية

أيهما أصعب؟ أن يتحرّر المرء من محتل يحتل أرضه ووطنه؟ أم من سلطان جائر لا يرحمه؟
في مقارنة بسيطة بين هذين النوعين ممن يمتلكون السلطة على نحو غاشم، بكل ما تحوي كلمة سلطة من تسلط وتجبّر وتحكّم في رقاب العباد، سنجد الكثير مما يشترك به هذان النوعان من الحكّام، ولعل الفارق الأبرز هنا هو أن السلطان الجائر لا نطلق عليه صفة سلطان، وإن كان هو في الحقيقة يحتل مركزه احتلالاً رغم أنف الشعوب، فيقمع الرأي الحر، ويفسد، ويتاجر بحقوق الناس وكراماتهم، بل يتاجر بما هو أكبر من ذلك بكثير إذ هو يتاجر بحقوق الوطن الذي ينتمي إليه ويسيطر عليه ببأس وبطش، ويغامر بكل شيء غير آبه برأي الناس أو موقفهم منه أو من حكمه.
نعرف أن المحتل الذي يحتل بلداً ما يسيطر على مقدّراته، ويحوّل أهل ذلك البلد إلى رهائن لديه، ويفعل كل ما يحلو له من أجل أرضاء سطوته ونزوته في السيطرة على ذلك البلد، وكل ما يأتي من ذلك الحاكم المحتل لن يبدو مستغرباً، بل هو يأتي في السياق الطبيعي لأمر غير طبيعي وغير مشروع الذي هو الإحتلال.
فالإحتلال لم ولن يكون في يوم من الأيام مشروعاً وفق أي عرف أو أي قانون أو أي دين، ومع ذلك فإن نظرة بسيطة إلى السنوات الستين لاحتلال أرض فلسطين كافية لأن تشرح لنا الكثير من الأمور، والتي أثبتت وما زالت تثبت أن الكثير من دول العالم أعطت المشروعية لشتات اليهود في احتلالهم لأرض فلسطين على حساب شعب بأكمله.
وتلك الدول منها من أعلن عن ذلك صراحة، ومنها من أعلن عن ذلك سراً، ومنها من لم يعلن ولكنه لا حول له ولا قوة، ومنها من أعلن اعتراضه على ذلك وبقي متمسكاً بحقوق مقاومة هذا العدو المتغطرس والمدعوم عالمياً، لكنها دول قليلة لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، وهي مصنفةً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بمحور الشر وهو يضم حركات المقاومة المناوئة لإسرائيل بكل فصائلها وألوانها وأطيافها الذي تسعى إلى إبادته.
وهكذا مع دعم عالمي يزداد يوماً بعد يوم للكيان الصهيوني الغاصب، يزداد بطشه وتجبّره وتجرّؤه، والحروب العدوانية التي يشنّها هذا الكيان الغاصب في السنوات الأخيرة، خاصة عدوانه على مقاومة لبنان في تموز 2006، وعدوانه الذي بدأه منذ أيام على غزة، حيث أن ما قام به هذا العدو وما يقوم به من اجرام وقتل وتدمير هو غير مسبوق ! شهداء بالمئات جلّهم من النساء والأطفال، وجرحى بالآلاف.. في هذين العدوانين وفي ظل تغطية دولية واضحة، حتى من أقرب المقرّبين والأشقّاء.
والمطلوب اخضاع حركات المقاومة لشروط لإحتلال؟ فهل يمكن ان تسمى مقاومة اذا ما خضعت؟
قاوم الشيء يعني رفضه وعمل على تغييره، والمقاومة هي رفض للإحتلال ، وهي قائمة من اجل ازاحة الإحتلال، فإذا بها تحاصر وتضرب بهذا العنف كي تستسلم لشروط الإحتلال!
كل الدول تغض نظرها عمّا يرتكب من جرائم فظيعة لا يحتملها قلب بشر، ومع ذلك تتلقّاها المقاومة وأهلها الشرفاء الصامدين بكل صبر واحتساب عند الله والله لا يضيع أجر المحسنين، فكيف بالذين يقدّمون أنفسهم وأهليهم على مذبح الحرية والفداء والكرامة؟ ولا ناصر لهم أو معين سوى الله، وتحركات شعبية بّحت منذ أيام ولا من مجيب، فلا حاكم يسمع، ولا ظالم يرتدع! وهو لا يتجرأ إلا على الأطفال والمدنيين العزّل.
ومع ذلك نقول لهم، إن المقاومة هي روح وقلب وفكر، المقاومة لا يمكن أن تكون كما يريدون، لا لشيء إلاّ لأنها مقاومة! ولأن المقاومة هي علّة الوجود فيها.
فليسمع كل الذين صمّوا آذانهم، وكل المتآمرين والمتخاذلين، المقاومة باقية باقية وما تفعلونه لا يزيدها سوى ثباتاً وصموداً وقوةً، بل يعطيها أدلّة زائدة على ضرورة ما تفعل، وتتيقّن بأن هذا العدو المجرم لا بدّ من مواجهته ، وعدم الرّكون إليه ولو قيد أنملة.
هذا العدو الغاشم، يعطي الأدلة يوماً بعد يوم ويوثّقها للتاريخ عن مدى اجرامه وحقده، ولكنه ربما لم يعلم بعد أنه الآن يحارب مقاومة من نوع مختلف، وهي مستعدّة للمواجهة حتى الرمق الأخير من هذه المواجهة، وفي بالها نيل إحدى الحسنيين إما نصر وإما شهادة، والشهادة هي سبيل النصر، فدماء الشهداء من المدنيين الأبرياء، أو من المقاومين الشرفاء، لن تجلب سوى النصر المحتم، هكذا يُعلّمنا التاريخ، وإذا كان هؤلاء القوم ومن معهم لا يعلمون ذلك فلأن الله ختم على قلوبهم، فباتوا صماً، عمياً، بكماً لا يفقهون، ولكن بالتأكيد وبعون الله تعالى سيرون.
إن الدماء الزكيّة لن تورّث سوى النصر والعزة والكرامة، فطبتم يا أهلنا الأعزاء في غزة، وهنيئاً لكم ما بلغتم وكان الله في عونكم، ونصركم على أعدائكم نصراً مبيناً.
ماجدة ريا

Thursday, January 01, 2009

سلام عليك يا غزة


سلام مضمّخ بوجع الأنين
سلام لصبرك عبر السنين
سلام على الشهداء
سلام على الأطفال والنساء
سلام على كل المجاهدين

سلام إليك في العام الجديد
كيف استقبلته يا حبيبة؟
باللون الأحمر القاني؟
خبّريني...
ما حال الأطفال يا غزّة؟
خبّريني عن النساء والعجزة..
خبريني عن تلك التي استشهد أبناؤها
فرفعت وجهها نحو السماء
وقالت هم لله فداء
هم قربان الأرض والوطن

خبريني عن أبطالك الشجعان
كيف يخترقون خطوط النار
فيرمون صواريخهم على الأعداء
لتؤرّق هؤلاء الجبناء
الذين لا يجرؤون على مواجهة الرجال
فلا يقاتلون إلا من وراء جدر..
فينفثون حقدهم الأعمى في كل مكان
يعرفون أن طائرات الشر مهما عربدت
ومهما سقتهم من دماء الأطفال والنساء
ومهما بالغت في وحشيتها
فإنهم والله لا يستطيعون تثبيط العزيمة
مهما بلغت منهم الجريمة
لقد وعد الله المؤمنين بالنصر
والله لا يخلف الميعاد

فصبراً يا أهل غزة
صبراً على جور الزمان
على همجية العدوان
وعلى حصار الأخوان
صبراً يا حبيبة

فمشهد أطفالك سيحاكم التاريخ
وصرخة نساؤك ستجلد المتخاذلين
وستحقّ الحقيقة ولو بعد حين
فلا النار تستطيع أكل الحقيقة
ولا الحصار... ولا الدمار...
الحقيقة ستشرق من جبين المقاومين
وستصفع الغاصبين المحتلين
مهما جاروا
مهما اعتدوا
لن يقهروا الإرادة
ولن يقابلوا بالإنحناء
فالمقاومة بأسها لا يلين
وهي باقية باقية
حتى استعادة كامل الأرض
ودحر الصهاينة العتاة الغاصبين.
ماجدة ريا