Friday, May 15, 2009

إيه يا فلسطين الحبيبة

إيه يا فلسطين الحبيبة
إيه لن تبقي سليبة
لئن زنّروك بدسائس مريبة
لئن مرّت عليك سنين عصيبة
لن تبقي سليبة

وعد قطعه الرحمن على نفسه
وحاشا أن يكون في كلام الرحمَن ريبة
وعد سطّره المؤمنون بدمائهم
سطر وراء سطر بأروع كتيبة
وعد تسير إليه القوافل
بطرق معمّدة بدماء الشيب والشبيبة
والله آخذ بيدنا نصر وراء نصر
إلى أن نستعيدك يا حبيبة

ماجدة ريا

محاكمة ولو بعد سنين


محاكمة ولو بعد سنين: الحقائق لن تموت وستبقى شاهداً عبر التاريخ إلى أن تتمكن من محاسبة كل المقصّرين في حقّها

"جون ديميانيوك" رجل مقعد يبلغ من العمر 89 عاماً، شاهده العالم وهو ينقل بواسطة سيارة إسعاف من منزله في ولاية أوهايو في ضواحي كليفلاند في الولايات المتحدة الأميركية إلى ألمانيا من أجل محاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب بحق اليهود أثناء خدمته في معسكرات النازية باعتبار أنه خدم حارسا لمدة سنتين في معتقل سوبيبو في بولندا التي كانت خاضعة آنذاك للاحتلال النازي، وأنه متّهم بقتل حوالى 25 ألف يهودي من خلال اقتيادهم إلى غرف الغاز.

المعروف أن جرائم الحرب لا تسقط عبر الزمن، ويمكن محاكمة مرتكبيها ولو بعد سنين، ويتمسّك الصهاينة بذلك من أجل ملاحقة كل من يثبت بأن له ضلعا في مقتل اليهود في تلك الحقبة من الزمن، أي في عهد النازية، وقد تمت عبر السنين الماضية محاكمة الكثير من تلك الشخصيات، وربما يكون جون ديميانيوك هو الشخصية الأخيرة في هذه المحاكمات حسبما ورد في التقارير.

ويتبادر إلى الذهن هنا سؤال: هل سيبقى الكيان الصهيوني الغاصب معترفاً بأن جرائم الحرب لا تسقط مع الزمن؟؟ أم أنه سيسنّ قانوناً خاصاً به لا يعترف بوجود جرائم الحرب أصلاً بعد أن كان من المنادين به وذلك لأنه لم يعد يحتاجه، وسيشكّل عبئاً عليه في المستقبل؟
وهل ذلك سيجعله في مأمن من أية محاكمة قد تثار ضدّه؟

لقد شهدنا في الآونة الأخيرة حركة كبيرة لكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية عبر العالم تعد الملفّات من أجل مقاضاة الكيان الصهيوني بجرائم حرب بعد العدوان على غزة، وما زال العمل على إعدادها ومتابعتها جاريا بالرغم من قرار لجنة الأمم المتحدة غير العادل وغير المنصف.

الصهاينة يحاكمون كل من يشتبهون بأن له صلة من قريب أو من بعيد بتلك المحرقة المزعومة، والجدير بالذكر أن جون ديميانيوك قد حوكم قبلاً في اسرائيل عام 1987 وصدر بحقّه حكم بالإعدام، ومن ثم قامت المحكمة العليا بتبرئته عام 1993، وغادر إلى الولايات المتحدة الأميركية، التي سحبت منه الجنسية ومع ذلك لم يُترك وشأنه، واستمر اليهود في طلبه إلى أن تمكنوا أخيراً من استصدار الحكم بإلقاء القبض عليه في آذار الماضي، وقد أكد محاموه في ألمانيا بأن عملية ترحيله من الولايات المتحدة غير قانونية ويجب على ألمانيا معارضتها، لكن إحدى المحاكم الإدارية قالت إن برلين لا تملك سلطة بشأن عملية الترحيل.

إن اليهود الصهاينة في العالم، الذين يملكون سلطة تنفيذية تمكّنهم من التأثير في كثير من القرارات المصيرية، فيحاكمون من يشاؤون، ويتمكّنون من التفلّت من الكثير من جرائم الحرب الموثقة ضدهم التي ارتكبوها عبر تاريخهم الحافل بها، لعلّهم يستطيعون فعل ذلك اليوم، لكن الأيام تدور، وكثير من الأباطرة والقياصرة وأصحاب النفوذ ولّى حكمهم، فالتنفّذ في الحكم مهما طال واستطال فهو سينتهي إلى نهاية، ولا بد من دفع فاتورة الحساب لكل الدماء الزكية والطاهرة التي سفكها هؤلاء المجرمون وعن سابق إصرار وتصميم.

إن الذين يسعون لمحاكمة مرتكبي جرائم حرب من العهد النازي هم بأيديهم يخطّون قرار سوقهم إلى المحاكم ولو بعد سنين وعقود طويلة، لذا لا بد من جمع كل الأدلة والقرائن التي تدينهم، ولا بدّ من السعي إلى توثيق كل جرم ارتكبوه ليس في فلسطين فقط، وإنما في فلسطين ولبنان وكل مكان طالته أياديهم الآثمة، كل تلك المجازر الجماعية من دير ياسين التي هاجمتها مجموعة من عناصر الارغون وارتكبت فيها مذبحة بشعة أدت لازهاق أرواح 250 فلسطينيا، من الرجال والنساء والأطفال وجرى إلقاء جثث قسم كبير منهم في الآبار، إلى مجزرة الطنطورة وغيرها من القرى التي دمّرت ونهبت، إلى مجازر التطهير العرقي التي مارسوها عبر الزمن وصولاً إلى تموز 2006 وإلى غزة 2009.

أيها الحقوقيون عبر العالم، قولوا لإسرائيل انه سيأتي يوم مثل هذا، يدفع كل مرتكب جزاء ما اقترفت يداه، وأن جرائمهم سيحاسبون عليها، ولئن تآمر من هم في مواقع القرار من الجهات الدولية، خاصة الأمم المتحدة التي تبرّئ الجلاد ولا تنصف الضحية، فإن تسلّطها لن يدوم، فالأحوال تتبدل، وموازين القوى تتحوّل، وما من قوّة استبدّت وطغت إلا ووصلت ذات يوم إلى نهاياتها، والكيان الصهيوني الغاصب وكل من يدعمه سيواجهون ذات يوم بحقيقة ما ارتكبوا، فجرائم الحرب لا تسقط بالتقادم أبداً.

التاريخ يشهد أنه ما بين 1948 ولغاية الآن ارتكبت العشرات من المجازر بحق مئات الآلاف من الفلسطينيين في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها تحت سمع وبصر العالم الذي لم يحرك ساكنا إلا بما يرضي أميركا وإسرائيل.

وكل اللجان التي أوكل إليها التحقيق من قبل الأمم المتحدة لم تستطع ليس المحاسبة والمحاكمة بل أنها لم تستطع حتى الإدانة لما جرى ويجري من اجرام صهيوني متماد.

فلجنة تقصي الحقائق التي أوفدتها الأمم المتحدة الى الأراضي الفلسطينية، وبضغط من الأميركيين، لم تخلص الى محاسبة مرتكبي هذه المجزرة في مخيّم جنين عام 2002.

ولجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة بعد العدوان على غزة لم تكن أفضل حالاً، فهي حتى لم تستطع أن تدين قصف مراكز تابعة لها، فضلاً عن أنها لم تجرؤ على إدانة قصف المدنيين في غزة، وارتكاب جرائم حرب فيها، برغم أن شاشات التلفزة كلها تشهد، بل هنالك جنود صهاينة اعترفوا بأفعالهم الشنيعة وكوفئوا بالأوسمة.

إلاّ أن هذا الظلم المتفشّي في العالم لا يفتّ من العزيمة، ولا يسلب الأمة قوة المواجهة، فضلاً عن أن الحقائق لن تموت وستبقى شاهداً عبر التاريخ إلى أن تتمكن من محاسبة كل المقصّرين في حقّها.
هذه الحقائق التي تتعاظم كمارد سيتمكّن من أن يخرج من قمقمه ذات يوم، ويفرض نفسه على الأرض ويقتصّ من كل الجناة.
ماجدة ريا