Tuesday, November 20, 2007

كيف نتعامل مع المراهق

من أسوأ ما يمكن أن يواجهه المراهق هو التعنيف والتوبيخ في حضرة الآخرين، لما في ذلك من انعكاس على تكوين شخصيته في هذه الرحلة الحساسة من العمر، فمثل هذه المعاملة قد تؤدي بالمراهق إلى أحد أمرين، فإذا كان متمرداً وحاد الطباع يمكن أن يقابل العنف بالعنف، فيتمرّد وتزداد مشاكسته، ويكون لمثل ذلك العقاب نتائج عكسية. وقد يكون المراهق خجولاً أو مسالماً، فإن مثل هذا التصرف يشعره بالذل والإهانة أمام الآخرين مما يخلق في نفسه شرخاً حاداً عادة ما يجعله ربما منعزلاً أو منطوياً على نفسه، لكن الآثار والنتائج لا بد وأن تظهر في شخصيته مستقبلاً وتجعله غير سوي.
من هنا لا بد من الإبتعاد عن مسالة التعنيف الجسدي أو النفسي للمراهق بشكل عام، وبشكل خاص أمام الآخرين، إذا ما أردنا أن نحافظ على أبنائنا أسوياء، حتى أن الإسلام لفت إلى هذه المسألة من خلال قول الرسول الكريم صلوات الله عليه " اتركه سبع، وأدّبه سبع، واصحبه سبع"
أما إذا لم تجد النصائح في امرما، وأصر المراهق بعد أن نشرح له مساوىء ما يريد فعله، وكان لا بد من فرض ذلك إذ يجب أن لا يترك المراهق على هواه، يمكن للأهل أن يلجأوا إلى أمر فرض الواقع على المراهق من دون تعنيف أو أساءة، أنه يتوجب عليك فعل هذا الأمر، أو الإلتزام بهذا الأمر لأنك ما زلت تحت وصايتنا، ولأن واجبك أن تفعل ذلك. ولكن ربما مثل هذا الأمر ينفع عندما يكون المراهق قد تربّى على المفاهيم الإسلامية، والأخلاق الإسلامية التي تجعله يعرف كيف يجب أن يتعاطى مع والديه، ومن هنا لا بد وأن تكون الأسرة أي الأب والأم يعملان بهذه المفاهيم أولاً، وأن يربيا أبناءهم عليها كي يستطيعا استخدامها كأسلوب معهم فيما بعد.
وفي طبيعة الحال، يعرف المراهق هنا أنه لا زال محتاجاً إلى والديه، وأنه بإمكانهما معاقبته من خلال الإمتناع عن تلبية متطلبات يحتاجها ـ على أن تدخل من بين الكماليات ـ فلا يمكن أن نحرمه من الطعام، أو من كتابه المدرسي بل يمكن أن نحرمه من الخروج إلى الملاهي أو إلى الملاعب.. أو من مصروفه في حال عناده.
على أن ذلك يجب أن يكون ضمن سياسة تفهّم حاجات هذا المراهق، ولا نفعل ذلك لأننا يجب أن نفعل ذلك أو لأننا أصحاب سلطة عليه، بل يجب أن يفهم أن مثل ذلك الإجراء يتخذ لمصلحته ، وليس من باب الإنتقام منه، إذ حتى في مثل تلك الحالات يجب أن يشعر بمحبة أهله له وحرصهما على مصلحته.
صحبة المراهق هي من أهم ما يمكن أن يفعله الأهل تجاه أبنائهم، وفي هذه المرحلة ولخصوصية كل من الذكر والأنثى نرى أن علاقة المراهقة تشتد بأمها سيما في النواحي الأنثوية وكذلك المراهق تتوطّد علاقته بوالده، ويتوجّب على الوالد تجاه ولده المراهق وعلى الوالدة تجاه ابنتها واجب إخبار كل منهما بالمتغيرات الجسدية والنفسية كي يخلقا جواً من القبول النفسي والإرتياح في هذه المرحلة، وشرح تفاصيل هذه المرحلة لهما وعدم تركها للأقدار، أو لرفقة السوء، أو لأن يعرفا بها من هنا أو هناك كي تصل إليهما بشكل سليم ومدروس، ويكون المراهق عندها على استعداد لمواجهة هذه المرحلة بمساعدة والديه.
كما أن دور الأهل هنا الإرشاد للمراهق كي يملآ وقته بما يفيد عن طريق ترغيبه بالقراءة، بالرياضة، بأي شيء مفيد يرغب ممارسته، تنمية هواياته، لأن المراهق عادة يحب أن يبرز شخصيته، وأن يظهر للآخرين أنه بدأ بالنضوج،
ولذلك يجب مساعدته في تحقيق ما يحب ويرغب على أن تكون تلك الميول والرغبات سوية ومشروعة.

أما عن حرية المراهق، فهل يجب أن نراقبه إلى حدود كتمان النفس؟
إن مراقبة المراهق، أمر واجب وضروري في كل ما يفعل ولكن يجب أن لا يشعر بأن الأهل يكتمون على أنفاسه، عليه أن يعرف أن أهله محيطون بكل ما يعمل، يتابعون كل تفاصيل حياته، وفي نفس الوقت يترك له أن يتصرف كشخص مسؤول لا كطفل صغير، ويرشدانه عندما يحتاج الإرشاد.
يجب أن يشعر المراهق بأنه محل ثقة لوالديه، فيشجعانه على كل ما هو مفيد، وهو يسعى عندها لأن يبرز لهما أنه يستحق هذه الثقة.
لا بد من احترام خصوصية المراهق، لأنه في عمر حساس، يحتاج إلى تكوين شخصية خاصة به، وربما يكمن دور الأهل هنا في متابعته من دون احراجه، وأن يحاولا دائماً معرفة كل ما يفعل، ولعل أفضل السبل هو علاقة الصداقة بين الأهل والولد التي ستجعل من هذا المراهق كتاباً مفتوحاً لهما، لأنه إذا لم تنشأ تلك العلاقة الوثيقة والحميمة بين الأهل والولد، وخاصة عند التسلط وعدم التفهم من الأهل سيلجأ المراهق عندها إلى حيل كثيرة لإخفاء ما يمر به عن أهله.
ماجدة ريا