Thursday, March 05, 2009

الإمتحانات المدرسية هدوء أم قلق

على مدار العام الدراسي تتلاحق الامتحانات، من شهرية تتعلّق بسعي كل شهر إلى امتحانات فصلية تمتحن الطالب فيما أنجزه خلال الفصل الاول، حتى نصل في آخر العام إلى الامتحانات النهائية التي تحكم على جهد عمل الطالب خلال عام كامل.
ولعل هذه الامتحانات يكون لها ميزة خاصة في المراحل المفصلية من حياة أي طالب، وهي حتى عندما تجرى خلال العام تكتسب جدّية وصعوبة معينة من أجل تهيئ الطالب لما يُسمى بالامتحانات الرسمية التي تجريها الدولة وفقاً للبرنامج الذي أعدّته، وإن اختلف تطبيقه من مدرسة لأخرى، وفي بعض الاحيان يكون الامتحان موحداً لكل الطلاّب في لبنان لكل مرحلة من المراحل التعليمية، ولذا تأخذ المدرسة على عاتقها تدريب طلاّبها وإعدادهم من خلال تجارب مشتركة مع مدارس أخرى، يعتاد فيها الطالب على أن من سيضع الاسئلة لن يكون أستاذه وكذلك من سيقوم بالتصحيح لن يكون أستاذه أيضاً.
فمن المعلوم أن الاستاذ يفهم تلاميذه، ويعرف السبل التي يمكن أن يسلكها معهم، وهم بدورهم يعرفون طريقته في طرح الاسئلة، وفي التصحيح، ما يعجبه وما لا يعجبه، بينما في الامتحانات المشتركة كل ذلك لن يكون موجوداً، وعلى الطالب أن يكون جاهزاً لكل الاحتمالات.
فإذا كان البرنامج موحداً فإن طريقة طرح الاسئلة تختلف من شخص لآخر ومن لجنة لأخرى، وطريقة التصحيح أيضاً حتى وإن كان هنالك مخطط معين لكل مسابقة، ومن هذا المنطلق تكون هذه الامتحانات أصعب من الامتحانات العادية، وهنا تكمن أهمّية المدرسة في إعداد الطالب جيداً لمثل هذه الامتحانات.
ولعل هذا ما يجعل هؤلاء الطلاّب أكثر توتّراً وقلقاً في الامتحانات، وخاصة أن القلق من الامتحانات قد يلازم أي طالب أمام أي امتحان، وإن كان يزداد وضوحاً في الامتحان النهائي الذي يكون فيه أمر الحسم.
وما يزيد من قلق الطالب هو الاهمّية التي يعطيها الاهل لهذا الامتحان، وكذلك التلميذ، خاصة عندما يكون هذا الامتحان مفصلياً، ونتيجته الانتقال من مرحلة لأخرى، كما في مرحلة الصف التاسع (البريفيه)، او البكالوريا القسم الثاني.
ويصبح القلق أكثر بروزاً عندما تتراكم المواد التعليمية على التلميذ من دون أن يكون متمكّناً منها، وهذا يعني أنه لم يستعد بشكل جيد للامتحان.
وعوارض القلق تختلف من طالب لآخر وفقاً لطبيعة هذا الطالب، كذلك درجة القلق الذي يعاني منه.
وتظهر عوارض القلق من خلال الامور التالية: قلة النوم، قلة الشهية، ضيق التنفس، تصبّب العرق، ارتعاش اليدين، تسارع خفقان القلب، جفاف الحلق، برودة الاطراف، الغثيان.
ولكي لا يقع الطالب في حالة التوتر والقلق لا بد له من الالتفات إلى بعض المسائل:
ـ أن يهتمّ بصحّته فيتناول الغذاء الصحي الغني بالفيتامينات، وأن يعطِ نفسه وقتاً كافياً للنوم والترفيه، وأن يقوم ببعض التمارين الرياضية التي تساعده على التنفّس والاسترخاء. ومن المهم أن يتجنّب المنبّهات وأن لا يتناول المنشّطات خاصة في أيام الامتحانات. كما عليه أن يختار مكاناً هادئاً ليتمكّن من الدراسة بشكل جيد.
ـ أن يحدّد أهمية الامتحان على أنه وسيلة لقياس ما حصّله من تعليم وليس غاية في حد ذاته، كما عليه أن يثق بنفسه وقدرته على اجتياز الامتحان، وأن لا يقارن نفسه بالاخرين.
وحتى يستطيع أن يكون واثقاً من نفسه في يوم الامتحان لا بد وأن يكون قد أعدّ نفسه بشكل جيد في فترة ما قبل الامتحانات، من خلال مراجعة ما هو مطلوب منه.
كي تكون المراجعة ناجعة، هنالك بعض الخطوات المهمة التي تساعد الطالب في تحقيق ذلك، أهمها:
وضع خطة منظّمة لمراجعة المواد الدراسية، كما عليه أن يحدد بدقة الوقت الكافي الذي تحتاجه مراجعة كل مادة، ويلتزم به، وأن يمنح وقتاً كافياً للمواد الطويلة والصعبة والتي تحتاج لذلك.
ومما يساعد في عملية المراجعة أيضاً متابعة المراجعة العامة التي تجري في المدرسة، والاستعانة بالمراجعة التي تقدم في البرامج التعليمية في الاذاعة والتلفزيون وغيرها.
ومن المفيد اتباع أسلوب التسميع الذاتي، أو من قبل الاخر فهو يساعد على تثبيت المعلومات، ويمكن ايضاً الاعتماد على استراتيجية التكرار والكتابة، من أجل التأكّد من تلك المعلومات.
هنالك خطوات يمكن أن تبعد عنه التوتر في يوم الامتحان منها:
ـ أن تكون ليلة الامتحان للمراجعة النهائية فقط، وليس للمذاكرة حتى لا يرهق الطالب جسمه، وأن يحصل على قسط واف من النوم خلالها، وأن لا يتناول فيها المنبّهات.
ـ وفي صباح يوم الامتحان عليه أن يستيقظ باكراً، ويتناول طعام الافطار، ويحضر معه الاغراض الاساسية (التي عليه أن يكون قد جهزها مسبقاً كي لا ينسى شيئاً منها)، وعليه أن يتجنّب المراجعة على الطريق، كما عليه أن يحذر من المناقشة الجماعية قبل الامتحان كي لا تشتت أفكاره.
لا بد من الاشارة إلى دور الاهل في مساعدة ابنائهم في التخلص من القلق الذي يعانون منه، وذلك من خلال تهيئة الاجواء المناسبة لهم، ليدرسوا في جو هادئ خال من المشاكل، وأن لا يكونوا عنصر ضغط عليهم فيحمّلوهم فوق قدراتهم، ومن المهم أيضاً أن يظهروا لهم محبّتهم وعطفهم، إذ أن كثيراً من الاهل لا يظهرون حبهم لأبنائهم بيد أن إظهار المحبة للأبناء يؤدي إلى نتائج إيجابية يجعلهم أكثر أمناً واستقراراً، ما يزيد من تحفّزهم للدرس والمراجعة، كما أنه عليهم أن يقدّموا لهم اي مساعدة قد تلزمهم.
إضافة إلى ذلك، فإن التربية تلعب دوراً فعالا في إعداد الطالب الواثق من نفسه، لأن الطالب الذي يتربّى على الوضوء والطهارة وأداء الصلاة، وعلى تلاوة القرآن الكريم ودوام ذكر الله، والتسبيح والدعاء بكل أشكاله، فإنه يكون أكثر هدوءاً واطمئناناً "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. ففي ذلك أثر كبير على الطالب كما على أي انسان، فإن الاستعانة بالله تسهّل الامور، وتجلب الهدوء للنفس.
هذه التربية السليمة ستجعله يبتعد عن الغش، وعن كل ما يربكه خلال فترة الامتحان، فلنساعد أبناءنا من خلال تربيتهم تربية إسلامية صحيحة، تعينهم على اجتياز امتحاناتهم، وعلى تخطّي مراحل حياتهم بهدوء وطمأنينة، وتجعل منهم أشخاصاً أسوياء وأكفاء.
ماجدة ريا

خجل عند الكبار أم حياء

خجل عند الكبار أم حياء: هل الخجل هو ذاته الحياء؟ والحياء هو الخجل؟
لعلّ الأمر يلتبس لدى البعض فيظن أن الخجل والحياء واحد، في الوقت الذي يقع كل منهما على طرفي نقيض.
وإذا كان الخجل هو حالة مرضية يصنّفها علم النفس تحت عنوان أمراض القلق والتوتر، فإن الحياء هو حالة من الصحة النفسية الجيدة، وهو خلق يبعث على ترك القبح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق، كما أنه متلازم مع الإيمان فالحديث الشريف يقول: "الحياء والإيمان قرنا جميعًا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر".
ومن المعروف أنه إذا أردنا أن ننتقص من قيمة شخص ما قلنا فيه "إنه من دون حياء"، وهذا يعني أنه يفتقد إلى صفة جيدة يمكن أن ترفع من قدره في حال وجودها.
أما القول بأن "فلان خجول" فهذا يعني أن هذا الشخص يفتقد إلى القدرة على مواجهة الأشخاص والمواقف، وهذا يعني أنه في حالة غير جيدة ويحتاج إلى معالجة للتخلص من هذه الحالة.
إذاً الحياء مطلوب بينما الخجل مرفوض، وقد عبّر البعض لشرح التباين بين هذين الحالتين بالقول: "إن الخجل هو شعور بالنقص داخل الانسان, فيشعر أنه أضعف من الآخرين، وانه لا يستطيع مواجهتهم حتى ولو لم يفعل شيئا خطأ، أما الحياء فهو شعور نابع من الاحساس برفعة وعظمة في النفس".
فالشخص الذي يملك الحياء هو شخص مدرك لأبعاد الأمور، وعلى درجة عالية من المعرفة والاطلاع والثقافة بما يجب أن يفعل، ويعرف أن رفعة النفس تكون بالمحافظة عليها عزيزة كريمة فلا يوقعها في الخطايا، والشخص الذي يملك الحياء يستحي أن يرتكب الإثم لأنه يعرف حرمة ذلك، وهو لا يحب ذلك لنفسه فيترفّع عن الشوائب، خاصة المؤمن فهو يستحي أن يواجه ربّه بذنوبه، وحياؤه هذا يزيده ايماناً ورفعة.
فالحياء هو الذي يزيد الإنسان وقاراً وهيبة ويجعله محبوباً بين الناس، لأن الشخص الذي يمتلك الحياء لا يفعل ما يخل بالمروءة والتوقير. ولا يؤذي من يستحق الإِكرام، ويفعل ذلك حباً بالله وكرهاً بالمعصية.
والحياء هو من صفات النفس المحمودة، هو رأس مكارم الأخلاق، وزينة الإيمان، وشعار الإسلام. كما أنه دليل على الخير، ومخُبْر عن السلامة، ومجير من الذم، ويجعل صاحبه يتحلّى بصفة من صفات الأنبياء والصالحين.
أما الخجول فهو شخص مختلف تماماً، وهو تنقصه المعرفة والقدرة على التصرف السليم، فخبراء الصحة النفسية يردّون ذلك إلى فقدان المهارات الاجتماعية والنظرة السلبية للنفس والذات، أي أن الشخص لا يثق بقدراته أياً كانت حتى لو امتلك ما هو أفضل من غيره، ومثل هؤلاء الأشخاص هم بحاجة للإرشاد والمساعدة من أجل التخلّص من خجلهم، ولا بد لهم من البحث عن كيفية إصلاح ذواتهم من أجل إبعاد شبح الخجل عنهم، والأمر يحتاج إلى قرار ومصارحة مع الذات، ومن ثم امتلاك الإرادة لتنفيذ ما يريد.
من المهم أن يعلم الشخص الخجول أن كل فرد معرض لأن يخطئ بلحظة ما أو في مكان ما وإن بدرجات متفاوتة، والإنسان يتعلم من أخطائه، فيجب أن لا يخجل من عدم معرفته لأمر ما، وإنما عليه أن يسأل عنه كي يعرفه، وليس بالسؤال وحده يستطيع استعادة ثقته بنفسه إذ بإمكانه أن يوسّع آفاق مداركه من خلال وسائل المعرفة المنتشرة بكثرة من الوسائل الإعلامية المتعدّدة والمتنوعة إلى الكتب والمجلات المفيدة أو الخضوع لدورات ثقافية، ولكن عليه أولاً أن ينظر إلى نفسه ويحدّد مواطن الضعف لديه، فيحدد بذلك ما يحتاج أن يعرف، وما هو الأمر الذي يربكه أمام الآخرين ويتسبب له بالخجل في مواجهته، فيحاول أن يقرأ أو أن يعرف أو أن يسأل عن هذا الأمر حتى يتيقن في قرارة نفسه من امتلاك معلومات يثق بها فتعطيه الثقة بنفسه، وبالتالي الثقة بمواجهة الاخرين.
من المفيد له بحسب خبراء علم النفس إجراء مقارنة مع الآخرين، بينه وبين نفسه، فيعمل على تطوير ذاته قدر ما يستطيع، وأن يثق بما يفعل، وبما يستطيع أن يفعل، كما يجب أن يعرف أن هؤلاء الناس مهما اتسعت معرفتهم وخبراتهم فإنهم بشر محدودو المعرفة، وهذه المعرفة تتسع وتضيق من شخص لآخر، وهو بإمكانه أن يكوِّن المعرفة التي يريدها عندما ينظر إلى نفسه على أنه انسان قابل لأن يتعلّم ويتفاعل مع المجتمع، فلا ينظر إلى الناس برهبة.
في مرحلة أولى يمكن للشخص الخجول أن يراقب الآخرين الذين يتصرّفون بشكل طبيعي، ويسعى إلى تقليدهم، من خلال اكتساب مهارات التصرّف السليم، كما يستحسن له الانخراط أكثر في إقامة علاقات اجتماعية، والتواصل مع الآخرين والابتعاد قدر الإمكان عن حالة العزلة التي يفرضها الخجل.
وفي النهاية لا بد من التمييز بين هاتين الحالتين في المجتمع، من أجل مساعدة الخجول لبناء شخصية سليمة، قوية وواثقة بمحيطها، ومن أجل الثناء على من يتمتّع بالحياء، لأنه في الحياء إحياء للدين، ومساهمة في بناء مجتمع سليم.
ماجدة ريا