Friday, August 29, 2008

أطفال القرى في الصيف: الحاجة ماسة إلى النشاطات الهادفة

كتبت ماجدة ريا
انتصف الصيف، أو ربما يقول البعض انه شارف على الانتهاء، ولا سيما الأطفال الذين ينظرون إليه كمتنفّس من ضغط سنة دراسية كاملة، يحملون في قلوبهم الصغيرة أمنيّات أكبر لأيّام يريدونها أن تطول وتطول.
هذا ما يبدو لنا من الوهلة الأولى، ونراه جلياً لدى شريحة كبيرة من الأطفال، لكننا لن نغفل الاستثناء، فنلتفت إلى أولئك الصغار الكبار الذين لا يعرفون من معنى الطفولة إلاّ اسمها، وحتى هذا الاسم قد لا يحصلون عليه، لكنّهم قد يتمنّون هم أيضاً أن يطول فصل الصيف ليستمرّوا في تقديم المساعدة في لقمة عيش عائلاتهم الفقيرة أو المعدمة، وهكذا قد يلتقون مع أقرانهم في تحقيق الأمنيّة، برغم أن أمانيّهم متباعدة ابتعاد قطبين.
في هذا المنتصف، نستطيع أن نقف وقفة تأمّل، في حال هؤلاء الأطفال، لنرى الكثير من الفوارق التي تلقي بظلالها على هذه الفئة العمرية، فنلاحظ اختلاف التعاطي معها باختلاف درجة الوعي لدى الأهل، والمجتمع، إذ أنّه لكل منهما دور في تحديد وجهة مسار الطفل، وطبيعة خياراته التي يمكن أن تضيق عندما يضيق أفق المعرفة، ويمكن أن تتّسع إلى ما لا حدود له... وبين هذين يرتع عالم من الطفولة البريئة التي تحتاج دائماً إلى من يمسك المجذاف ليقود مركبها نحو بر الأمان النفسي والجسدي.
إذا ما ألقينا الطرف نحو القرى، لتناهى إلى أسماعنا مباشرة صخب الأولاد في الشوارع، أو في فسحات المنازل، ونرى الأطفال غارقين أمام شاشات التلفاز الذي يسلبهم ساعات طويلة من اليوم، تشكّل استراحتهم من عناء اللعب في تلك الفسحات، وفي أحسن الحالات قد تجدهم ملتصقين بشاشات الكمبيوتر مندمجين في الألعاب الإلكترونية التي تستولي أيضاً على كل حواسهم مع ما يرافقها من ضرر نادراً ما يُلتفت إليه.
هذا لا يعني أن القرى خالية من الأنشطة الصيفية، بل هنالك أنشطة وإن بدت ضئيلة نسبة لما يوجد في المدينة، وذلك يعود لعدة أسباب منها أن المدينة تحتوي على كثافة سكانية عالية، ومجالات الأطفال فيها تكون أكثر محدودية إذ يحتاج الطفل إلى مثل تلك الأنشطة التي تخرجه من حدود الأبنية المعلّبة التي تضيق بها أنفاسه في فصل الصيف، ولذا يكون الإقبال فيها على مثل تلك الأنشطة الصيفية أكثر وأكبر من القرى، التي قد لا يلتفت فيها الكثير من الأهالي إلى مثل تلك الأمور، فيترك الطفل لحياة صيفية عشوائية، يلعب ويلهو ويستمتع على هواه، دون برنامج أو تدريب.
فهل يجب أن تهدر أوقات الصيف هكذا؟
وهل يجب أن يترك القرار فيها للطفل كي يختار كيف يمضي أوقاته إلى حد يصل إلى العبثية؟
ولماذا ما زال الناس في القرى لا يولون هذا الأمر أهمية كاملة؟
ربما الأوضاع الاقتصادية الضيقة أثّرت على الكثير من الناس، وحتى الذين يُعتبرون من ذوي الأحوال المتوسطة ما عاد بإمكانهم وسط الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار أن يحقّقوا لأولادهم ما يطمحون إليه.
ولكن مع هذا يمكن لهؤلاء الناس أن يؤدوا دور المرشد لأولادهم، حتى عندما لا يستطيعون تسجيلهم في دورات صيفية هادفة، أو ترفيهية، أو دورات لكسب أية مهارة تغني حياة الطفل وتساعده على قضاء أوقات ممتعة، خاصة عندما يتعلّق الأمر بتنمية هواية ما لدى هذا الطفل.
يمكن للأهل أن يساعدوا أطفالهم في المنزل، من خلال تقديم التوجيهات، وعدم ترك الطفل يعبث كما يشاء، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّه يمكن الالتفات إلى خيارات هذا الطفل والانتباه إليها، ومساعدة الطفل ليكون سعيداً فلا نحرمه من أشياء يحب القيام بها، بل على العكس نلتفت إلى تلبيتها وتنميتها، فإذا كان يحب المطالعة أحضرنا له القصص الممتعة، وعندما لا نستطيع شراءها يمكن استعارتها من الأقارب والأصحاب الذين نعرفهم عن طريق تبادل الكتب والقصص التي تغني ثقافة الطفل، حتى إذا كان يحب الكمبيوتر فيمكن أن نلفت نظره إلى استخدامه ليقوّي معلوماته بدلاً من قضاء أوقات طويلة في اللعب الذي يتلف أعصابه، ويرهق جسده الصغير، وسيجد متعة عندما يكتشف أنه يستطيع الاستفادة من هذا الحاسوب بتسخيره لأمور كثيرة تفيده في حياته، فإذا كان يحب القراءة أحضرنا له ما يقرأه من خلال الحاسوب، وإذا كان يحب الرسم والفنون دربناه على كيفية استخدام الكمبيوتر لتحقيق ذلك، ونترك له فسحة معقولة ليقضيها براحته، إن الأمر لا يكلّف الأهل سوى الالتفات إلى أولادهم لبعض الوقت، ومساعدتهم من خلال لفت نظرهم إلى أمور تربوية ومفيدة، وفي ذات الوقت لا تثقل على الطفل ولا تقيّده، بل على العكس من ذلك إذ أنها قد تشكل مصدر سرور وسعادة لأنه سيكتشف أنه يستطيع تحقيق أمور كثيرة مفيدة بشكل ممتع.
ومن هنا نستطيع القول ان المسؤولية بالدرجة الأولى تقع على عاتق الأهل، الذين يمكن أن يساعدوا أولادهم أياً تكن حالتهم، فعليهم توجيههم نحو الأفضل دائماً.
ويبقى أنه هنالك مسؤولية كبرى على المجتمع أيضاً، إذ يتوجب عليه تأمين الأنشطة التي تناسب الأطفال، وهذا ما نراه من خلال الدورات الترفيهية والأنشطة الصيفية والمخيمات، ولا ننسى أهمية الحياة الكشفية في فصل الصيف حيث تبلغ الذروة في أنشطتها.
بالإضافة إلى ذلك يقع على عاتق المجتمع مسؤولية ثانية وهي بث الوعي بين أهالي الأطفال لأهمية هذه الأنشطة، وأهمية تنظيم حياة أولادهم حتى في فصل الصيف، خاصة في القرى، وحتى عندما يتعلّق الأمر بالترفيه واللعب كي يتعوّد الطفل منذ صغره على أن الوقت لا يهدر، ولا يكون للعبث، فعندما نلعب نلعب لهدف، وعندما نقوم بأي تصرفّ وإن كان للاسترخاء والمتعة لا بدّ أن يكون هنالك هدف، ويبقى الهدف الأساس هو صياغة شخصية الطفل وبناؤها بشكل فعال ومتكامل وتربوي صحيح.

الانتقاد/ العدد1288 ـ 8 آب/ أغسطس 2008

Monday, August 25, 2008

متى نراك: عمل مشهدي استأهل المشاهدة











متى نراك: عمل مشهدي استأهل المشاهدة كتبت ماجدة رياانشقّت عتمة المسرح عن نور تلألأت على جدرانه كلمات تحملنا على جناحها فتخفق قلوبنا لذكرها، وتلهج بها مشاعرنا "الأمل الموعود". ويظهر شخص من تلك الإضاءة بثياب ناصعة البياض كبشارة الملائكة، وصوت رخيم ينشد شجن فراق الإمام المهدي(ع).هذه هي بداية المسرحية الإنشادية المستوحاة من التوق لرؤية الإمام المهدي المنتظر، ومناجاته في ذكرى ولادته الميمونة، لتتضمّن الكثير من المعاني الراقية التي تربطنا بهذه المناسبة العظيمة، وتقدّم بأسلوب فني رائع الصوت والصورة والأداء المسرحي ليضع كل ذلك لمساته على الوجدان ويرسخ في أعماقه.الإضاءة، الحركات، الصوت، الديكور كل ذلك يشدّ المرء ليتابع بكل جوارحه، وليعيش تفاصيل هذه المسرحية الإنشادية بروحها ومعناها، ويتأثّر بها إلى حد تدمع معه العين من شدّة الخشوع. يشترك في الأداء المسرحي مزيج من كل الأعمار، من شباب، وشابات، وفتيان وفتيات بلباس ناصع البياض، والجميع في حالة الإنتظار..تخلّل المسرحية حكمة وتوجيه على لسان الفنان القدير "علي شقير" فينزل عن المسرح، ويكون أكثر قرباً من الجمهور وهو يحثّه من خلال كلماته وصوته الجهوري المليء بالخشوع على العمل بجد وجهد تمهيداً لظهورالإمام المهدي(ع)، مشيراً على الحاضرين أن يكون الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) ساكناً في كل حركة من حركاتهم وهمسة من همساتهم وفعل من أفعالهم لنذكر الإمام دائماً وليحضر في قلوبنا في كل صلاة وكل دعاء من أجل تعجيل الفرج، فلا بدّ من الإستعداد الجيد لنصبح أهلاً لقدومه المبارك. يأتي ذلك بعد مشهد يوحي بالتنازع على زيف هذه الدنيا من خلال شد الملاءات السوداء فيما بين عدد من الشبان، كل يريد جذبها نحوه، فتكون هذه الحكمة تذكرة بأن العمل الصالح والتضحية وإخلاص النية في العمل هم الذين يساعدوننا في التمهيد لظهور الإمام(ع). تركزّ المسرحية على توضيح الأداء والأعمال اللذين يمكن أن يساعدا المرء في عملية التمهيد لظهور الإمام (ع)، فمثلاً خلال العرض تتقدم إحداهنّ وعلى ذراعها طفل تنذره لله، ويكون المسرح ما زال مليئاً بكل هؤلاء الذين وقفوا ليشاركوا بملابسهم البيضاء، ومن ثم يغادر كل من على المسرح ليبقى طفل واحد يتحدث عن والده الذي ذهب إلى الأرض الخضراء حيث الإمام، هكذا أخبرته أمه، ويتمنى رؤية الإمام المهدي ورؤية أباه، يكبر الطفل وهو خاشع متضرّع لله ساجداً في محراب صلاته، تسعى روحه باتجاه نور الإمام المهدي(ع) ، فيظهر بلباس المقاومة، ويشير إلى أن دماءه ودماء الشهداء هي التي ستعبّد الطريق وتمهّد لقدوم الإمام (ع).بعد ذلك يأتي مجموعة من الشباب بلباس المقاومة، ليؤدّوا لوحة مشهدية وانشادية رائعة، ولا يخفى على أحد مدى تأثير المؤثّرات البصرية والصوتية على الإنسان، وأهمية تسخيرها من أجل الإضاءة على أمور أساسية مؤثّرة على حياتنا، مثل هذا العمل المسرحي الإنشادي الذي يساعد على إنعاش هذه الذكرى المباركة، فهذه الأمور تجذب الناس، وتجعل تلك المفاهيم عالقة في وجدانهم، بل تجعلهم أكثر تفاعلاً معها، وبحثاً عن حقيقتها، لأنها تدخل إلى النفس بشكل محبّب، فللموسيقى الهادئة وقع خاص على الروح فكيف عندما تحمل في طياتها جمالاً في روح الكلمات تنعش الأمل في الأمل الموعود، وتهشّم ركود الحياة لتدفعها نحو التعلّق أكثر بمخلّص البشرية المنتظر...هذه المسرحية تقيمها في هذه الأيام وحدة الأنشطة الإعلامية في حزب الله على "مسرح رسالات" التابع لبلدية الغبيري، وقد ساهم في هذا العمل الهيئات النسائية في حزب الله، فرقة الفجر الإنشادية، فرقة الولاية النسائية وعدد من الفنانين ويستمرّ عرضها حتى نهاية الأسبوع.ويبقى السؤال: متى نراك يا سيدي ومولاي، يا حجة الله...متى نكحل عيوننا بلقياك؟ إننا ننتظر بشوق المحبين.
ماجدة ريا
جريدة الإنتقاد الإلكترونية