Tuesday, January 22, 2008

هيستيريا في اسرائيل

بعد مرور حوالي عام ونصف على حرب تموز، لا زالت تداعياتها وآثارها ماثلة للعيان كما لو انها البارحة، رغم كل الزخم الأمريكي المبذول من أجل تحقيق اي إنجاز يغطي على بعض من الهزيمة النكراء التي مني بها هذا العدو، ويفعل المستحيل من أجل دعم أولمرت رئيس الوزراء الفاشل الذي قام بهذه الحرب على لبنان بإيعاز منهم، واستمرّ فيها أيضاً بإيعاز منهم وهم الذين امتنعوا عن إيقافها رغم أنها ما كانت تحصد سوى المدنيين وما كانت تدمّر سوى البيوت الآمنة للأبرياء، كما تفعل اليوم تماماً في غزة. وكل ما يحاول الرئيس الأمريكي فعله بدءاً من أنابوليس، وانتهاء بجولته على الدول العربية، كان ركيزته دعم اسرائيل، ودعمها ودعمها... سيما مع اقتراب صدور التقرير النهائي للجنة فينوغراد الذي يحتمل أن يؤثر على رئيس الوزراء الإسرائيلي "أولمرت" ومن يدري إن كان سينفعه ما اتعب نفسه بوش في تقديمه له.
في هذا الظرف يطل حديث قائد المقاومة في يوم العاشر من المحرم ليشعل في الكيان الصهيوني هيستيريا جنونية ظهرت في مختلف وسائل الإعلام.

وقد كتب فيها الأستاذ محمود ريا:
"من يشاهد الهستيريا التي سادت المؤسسة السياسية والإعلامية الصهيونية بعد الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في ذكرى إحياء عاشوراء يوم السبت يمكنه ان يفهم ببساطة حجم الهزة العنيفة التي أصابت المؤسسة العسكرية في هذا الكيان والتي ارتدت على الساسة وعلى أولئك الذين يسمون أنفسهم إعلاميين وهم ليسوا أكثر من صدى للمؤسسة الأمنية يرددون ما تلقنهم إياه ويعبرون عما يختلج في أذهان القادة العسكريين.
كان "القصف الكلامي" عنيفاً جداً، يذكّر بقصف العرب للصهاينة في حروبهم السابقة، وإلقائهم في البحر وتدمير كيانهم وطردهم شر طردة، لنستيقظ في اليوم التالي على هزائم عربية شنيعة لا يمكن تصورها.
من التعابير الهابطة التي لا يمكن أن تصدر عن "رجال دولة" إلى التهديدات باغتيال السيد حسن نصر الله، إلى محاولة تفسير الدين الإسلامي وإعطاء فتاوى في ما يجوز وما لا يجوز، إلى نفي وجود أشلاء لجنود صهاينة لدى المقاومة الإسلامية.. إلى العودة عن النفي والاعتراف بوجود أشلاء عشرة جنود على الأقل، منظومة من الأساليب المتميزة التي استخدمها العرب سابقاً للتنفيس عن هزائمهم المتتالية أمام الصهاينة، يلجأ قادة العدو إليها اليوم من أجل التنفيس عن هزيمتهم المنكرة أمام المقاومة الإسلامية وعجزهم عن مواجهتها أو فعل أي شيء ضدها.
إلا أن "النكتة" تكمن في دعوة وزيرين صهيونيين إلى اغتيال السيد نصر الله، وتساؤلهما عن سبب عدم حصول ذلك حتى الآن، ما يشير إلى حالة انفصام عن الواقع يعيشها هؤلاء الذين حاولوا الإيحاء بأنهم يتحكمون بالواقع ويكتبون الماضي ويرسمون المستقبل.
لماذا لم يغتالوا السيد نصر الله إلى الآن !؟
ربما بساطة الجواب هي التي تذهلهم: لأنهم لم يستطيعوا ذلك، وليس لأنهم لا يريدون ذلك.. لقد بذلوا كل ما لديهم من طاقات، هم وحماتهم الأميركيين، من أجل تحقيق هذا الهدف الغالي، ولكنهم.. بكل بساطة.. فشلوا.
هل يلامون لو ماتوا كمداً، ولو عضوا اصابعهم ندماً وحسرة، ولو انفجروا وهم يطلقون الشتائم النابية والتعابير الخارجة عن المألوف؟
لا.. لن يلومهم أحد على فعلهم هذا، كما لن يلومهم لو قتلوا أنفسهم بأيديهم نتيجة عجزهم، أو لو خرجوا في الشوارع يولولون ويشدّون شعورهم ويصرخون.
لن يلومهم أحد.. لأنهم عاجزون."

الهم الفلسطيني، والوجع الفلسطيني يبقى حاضراً في خطابات سيد المقاومة، فلم يغب عنه الحديث عما يجري في غزة، وطالب الدول العربية والشعوب العربية بتحرك فاعل من أجل فك الحصار عن غزة، ومن أجل الضغط لإيقاف شلال الدم والمجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني في حق أهلنا الصامدين في غزة.
لعّل الشعوب العربية تحرّكت نخوتها بعدما تجاوزت اسرائيل حدود المعقول في توحّشها، لكن الحكومات العربية لا تسمع ولا ترى، وكل ما جادت به هو دعوة على مستوى المندوبين من قبل الجامعة العربية للتداول فيما آلت إليه الأوضاع في غزة! كل هذا العنف الصهيوني، هذا القتل وهذا الحصار الذي هدد أرواح الكثير من الأبرياء لا تراه، بل ويخرج أحد المسؤولين ليطالب بضم اسرائيل إلى الجغرافيا، ورفع حالة العداء معها!
فهل يكفي أن يتنهّد الإنسان ليطفىء نيران قلبه؟ وهل يكفي أن يبكي على مثل هذه الحال؟!
أم يجب أن ترفع الشعوب أصواتها أن كفى ذلاً وكفى تخاذلاً؟
ماجدة ريا