Tuesday, December 18, 2007

تهنئة بالعيد



أتقدم من الجميع بأحر التهاني وأسمى التبريكات
بمناسبة عيد الأضحى المبارك
أعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركات
أطيب تحياتي
ماجدة

Monday, December 03, 2007

رحلة في "مجاهل" المنتديات الثقافية

هل باتت التقنية الرقمية هي التي تسيطرعلى طبيعة حياة المثقّفين؟
وهل تستطيع هذه التقنية أن تؤدّي دوراً ما في المشهد الثقافي ليومنا الحاضر؟
وما مدى فاعلية هذا الدور؟ وما مدى تأثيره؟
وهل تمكّن المثقّف العربي من الإستثمار الجيد لما تقدّمه له هذه التقنية الرقمية؟
وماهي وسيلته للتأثير والتأثّر في الآخر ثقافياً؟
نبدأ من السؤال الأخير الذي ننطلق منه لمواجهة سيل الأسئلة التي تستثير عقولنا، فنرى انتشاراً واسعاً لما يُسمّى بالمنتديات الثقافية، فما هي هذه المنتديات ؟ وما دورها في حياة المثقّف وما تأثيرها على الآخرين؟ كيف تعمل وكيف تقيّم؟ وهل تفي بالغرض؟ وإلى أي مدى؟
المنتديات وهي جمع منتدى وهو المكان الذي يطرح فيه نوع متخصص من مواضيع معينة، من قبل أناس مختصّون بهذا النوع، وتناقش هذه المواضيع من أهل الخبرة ويستطيع فيها الناس العاديون التعليق على تلك المواضيع ذات الإختصاص، وطرح أسئلتهم على من يعنيهم الأمر، لينشأ نوع من النقاش الثقافي حول الموضوع المطروح، أو الفكرة المطروحة.
وفي أغلب الأحيان يدور النقاش بين أناس تدخل هذه المواضيع في مجال تخصّصهم، مثلاً في منتدى الشعر، يضع كتّاب الشعر أشعارهم ليتم مناقشتها معهم من قبل الآخرين، وحتى الشعر يكون له أكثر من منتدى، فهنالك منتدى الشعر الموزون، ومنتدى الشعر المنثور، وآخر للشعر العامي وهكذا...
مثل هذا المنتدى يدخل ضمن المنتديات الأدبية التي تعنى بالشأن الأدبي وتتضمّن أيضاً منتديات للقصة على أنواعها، وغير ذلك من الأنواع الأدبية بحيث يخصّص لكل نوع منها منتدى تطرح فيه وتناقش من خلاله.
هنالك أيضاً المنتديات الثقافية والتي يدخل في إطارها كل ما هو متعلق بأمور الثقافة العامة مثل مواضيع القضايا العامة، وما يتعلّق بالحوار، أو الأمور العلمية من صحة وتكنولوجياوغير ذلك.
كما يوجد المنتديات مساحة معينة تفرز لمعالجة قضايا ساخنة، أو ملحة أو محورية بحسب توجّه المنتدى ورغبته.
عادة يكون لكل منتدى مراقب أو أكثر، ويتم التعيين من قبل الهيئة الإدارية للمنتدى، يشرف على مراقبة المواضيع التي يقوم العضو المشترك بإدراجها ضمن منتداه، ويكون دوره أن يرى مدى صلاحيتها في المنتدى، وإذا ما كانت مكتوبة وفقاً لشروط الإنتساب إلى هذا المنتدى، إذ أنه لكل منتدى شروط وقوانين تخصه في التطبيق ولا تكون بالضرورة هي ذاتها في كل المنتديات، هذه الشروط توضع من قبل القيمين على إدارة المنتدى وبمواصفات تتناسب مع الغاية التي أقيم من أجلها، فتقوم بفرض ضوابط والتزامات على المشتركين لا يمكنهم تجاوزها، لأنه في حال تجاوزها تتخذ في حق العضو المخالف إجراءات تحددها الإدارة تبدأ بالتحذير وقد تنتهي بإيقاف عضوية الشخص المخالف، ومن المعلوم أن مثل هذه التدابير المشدّدة خاصة في بعض المنتديات التي تحترم نفسها، وتحترم المنتسبين إليها، وتحترم الخط الثقافي والفكري الذي تنتمي إليه، فمع امكانية دخول أي شخص إلى أي منتدى دون أن يكون هنالك معرفة مسبقة بهذا الشخص، ودون إمكانية معرفة مدى مصداقيته في التعاطي، يمكن أن يدخل بعض الأشخاص الذين قد لا تعجبهم سياسة معينة أو فكرة معينة أو حتى شخص معين، ويقوم بكتابة اشتراكات تخّل بوضعية المنتدى، لذلك كان لا بد من وجود مثل تلك التدابير الإحترازية في وجه من تسوّل له نفسه مثل تلك الإرتكابات.
وتختلف الممنوعات من منتدى لآخر، تبعاً للأغراض التي يقوم عليها هذا المنتدى أو ذاك.
مجموعة المنتديات هذه والتي تديرها هيئة إدارية موحّدة، عادة ما تكون تابعة لموقع ثقافي معين، أو مجلة مينة، وتختلف المنتديات الثقافية عن الموقع الأم بأنها عادة ما تكون هي مكان النقاش والحوار في حين أما الموقع الأصلي قد يفسح المكان لردود محدودة حول ما يوضع فيه من مواضيع، أو يكون مجلة للتصفح، كما المجلاًت الورقية لكنها مجلة إلكترونية، يمكن للمرء أن يقرأها فقط، وبذلك نرى بأن المنتديات تتجه لأن تحل محل الصالونات الثقافية التي كانت تعقد في الواقع بين مجموعة من المثقفين، كتلك التي يجتمع فيها الكتّاب للتداول في أمر كتاباتهم، والشعراء في امر شعرهم ، حيث كان الكاتب يقوم بعرض مادته المكتوبة أمام عدد من المثقفين من أجل تبادل الآراء حولها. كان هذا بلا شك يتطلب جهداً من الكاتب وأن تكون له حركة فاعلة على الأرض، وأن يتواصل مع الناس ويجد المكان المناسب لعقد مثل تلك الجلسات الحوارية.
فجاءت هذه التقنية الرقمية لتسهّل كل هذه الأمورعلى الكتّاب، الذين أصبح بإمكانهم التواصل مع الرأي العام، ليس فقط الذي يحيط بهم، وإنما أيضاً على مستوى العالم بحيث يمكن للكاتب أن يناقش مادته المكتوبة مع أي شخص في أي مكان من العالم، وأن يعرف رأي الناس العاديين، والمثقفين، وأصحاب الإختصاص فيما يكتب، وهو جالس في غرفته ولا يحتاج كي يجري كل ذلك التواصل الكبير سوى جهاز الحاسوب واتصاله بالشبكة العنكبوتية، التي جعلت العالم قرية صغيرة، بل أقول أن العالم كله بات محصوراً في هذا الجهاز من خلال تلك الشبكة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن البعض يأخذ على هذه المنتديات بأنها تتحوّل أحياناً إلى مكان للمجاملات بعد أن يتعرّف المشتركون في ذات المنتدى إلى بعضهم البعض، بحيث لا يعطى الكاتب حقّه، فيأخذ إما أكثر منه أو أقل.
كما أن البعض يأخذ على هذه المنتديات أنها خفّفت كثيراً من التلاقي الإنساني بين المثقّفين، ذلك التواصل الذي كان يعقد بشكل فعلي على الأرض والذي يأسف البعض لضياع مثل فرص ذلك التلاقي معتبرة أن التواصل بالأفكار والحوار عبر المنتديات الثقافية يجب أن لا يغني عن التواصل الإنساني.
إن المنتديات العربية المنتشرة عبر الشبكة العنكبوتية، على الرغم من كثرتها وتعدّدها فهي ما زالت في طور انطلاقاتها الأولى، ولا زالت قليلة إذا ما قيست بتواجدها على المستوى العالمي، سواء من حيث العدد او التنظيم أو غير ذلك، ربما لأن الإنطلاق نحو استخدام الشبكة العنكبوتية ما زال في بداياته، كما أن هنالك شريحة كبيرة من المواطنين العرب إما يعانون الأمية وإما لا يملكون امكانية الإستفادة من هذه التقنية الرقمية لا مادياً ولا من خلال امكانية التدريب على استخدامها، بسبب تقصير الدول في هذا المجال.
ومع ذلك فإن الشبكة العنكبوتية قد أمّنت للكثير الكثير من المثقّفين العرب، والكتاب العرب من خلال المواقع والمنتديات الثقافية المتعددة الكثير من الخدمات، ووفّرت عليهم الكثير من المشاق من خلال إعطائهم فرصة لنشر انتاجهم الأدبي وعلى نطاق واسع سيما لأولئك الذين يملكون طاقات ابداعية ولا يملكون امكانية نشرها ورقياً، كما أن طريقة النشر تتم بسهولة فائقة ولا تحتاج إلى تقنيات معقّدة، ويستطيع أن يتولّى نشر تلك المواد بالطريقة التي تعجبه، ولكن عليه بالتأكيد أن يلتزم بقوانين المواقع أو المنتديات التي ينتسب إليها وينشر مادته الكتابية فيها.
ولا يخفى على أحد مدى اهمية النشر الإلكتروني نظراً لتوجه الجيل الجديد نحو هذه التقنية الرقمية بكل طاقاته، وانتشار الثقافة الرقمية بشكل يسيطر على معظم الشباب المتعلم والمثقّف بشكل كبير، كما أن هذا النوع من التواصل يخلق تفاعلاً كبيراً بين الشباب على اختلاف مشاربهم وثقافاتهم التي تتفاعل مع بعضها البعض في خطاب حواري يتّخذ شكلاً رصيناً وهادفاً في بعض الأماكن، وقد يعنف في أماكن أخرى ويبقى ذلك مرهوناً بمستوى هذه المنتديات، الذي يتدرّج من جيد إلى أكثر جودة، مع العلم أن هنالك الكثير من المنتديات تكون مستوياتها الثقافية متدنية جداً إذا ما قورنت بغيرها.
فهنالك منتديات تتسم بالرقي في التعامل بين المنتسبين إليها،حتى في حالات الخلاف والإختلاف في الفكر أو في الآراء، تبقى الأجواء هادءة ورصينة وراقية، وعادة ما يكون المنتسبين إليها هم نخبة المثقّفين الذين يجيدون التعامل الراقي في المجتمع، ويهبط مستوى المنتديات الثقافية بشكل نسبي يتأثّر بطبيعة ثقافة المنتسبين إليها وطريقة تعاطيهم فيما بينهم، كما يتأثر مستوى هذه المنتديات بمستوى المواد المنشورة فيها، فتكون خفيفة في بعضها، أو ثمينة في البعض الآخر.

خلاصة القول أن تطور التقنية الرقمية فتح آفاقاً جديدة أمام الناس، والمنتديات الثقافية تشكّل واحداً من أهم عناصر تواصل المثقّفين عبر هذه التقنية الرقمية، بل تشكّل بالنسبة لهم عالماً قائماً بذاته، مؤثّراً بفاعليته، ولعلّه يصبح أكثر فاعلية وتأثيراً عندما تتمكن معظم الشعوب العربية من امتلاك هذه التقنية للإستفادة مما تقدّمه من إمكانات هائلة على المستوى الثقافي لكل الراغبين في مثل هذا التفاعل الثقافي.
ماجدة ريا

Tuesday, November 27, 2007

المرأة العربية والجنسية:لا عزاء للسيدات


ربّتت أم بسّام على كتف فدوى وهي تقول لها بعطف واستسماح: "أعذريه يا ابنتي، فهو يريد أن يحصل على الجنسية، وأنت تعلمين أن هذا سيسهّل عليه أموراً كثيرة، من الإقامة والعمل وغيرها من الأمور..."
تنهّدت بزفرة أخرجت معها كل ما يربطها ببسام من أحلام بالارتباط، وتوقّفت عند الأمر المهم وهو "الحصول على الجنسية"، إذ يكفي أن يرتبط من يهاجر إلى تلك البلدان الأجنبية كي يضمن جنسيتها له ولأبنائه من بعده، وهذا بحد ذاته سيجلب له سعده... واستحضرت عندها معاناة المرأة العربية التي تتزوّج من أجنبي، فما هو واقع حالها يا ترى؟ وهل يجلب السعد؟

المرأة العربية تتمتع بحق المواطنة مثلها مثل الرجل تماماً بحسب الدساتير المرعية الإجراء، فالمواطنة هي كلمة تعبّر عن علاقة الفرد بوطنه، وهي علاقة ترتّب حقوقاً وواجبات، وكي تنشأ هذه العلاقة لا بد من أن ينتمي هذا الفرد إلى وطن ما ليكون مواطناً فيه، ولذلك ارتبطت كلمة المواطنة بكلمة "الجنسية" ارتباطاً وثيقاً، فيصبح الفرد مواطناً في البلد الذي يحمل جنسيته، ويحق للفرد أن يحتفظ بأكثر من جنسية واحدة تبعاً للبلدان التي يقيم فيها وبحسب قوانينها، فالقانون الدولي يعتبر أن مسألة منح جنسية بلد ما، هي مسألة سيادية تخص هذا البلد وحده، ويعطيها للأشخاص وفقاً لقوانينه.
وهو يلحظ قانونين أساسيين تُمنح الجنسية على أساسهما وهما:
1ـ قانون الأرض الذي يعطي الفرد الحق في الحصول على جنسيته بموجب مكان ولادته بغض النظر عن الجنسية التي يحملها والده2ـ قانون الدم الذي يعطي الفرد الحق عند ولادته في الحصول على جنسية والده تلقائياً.كما لوحظ قانون جديد تُمنح الجنسية على أساسه وهو ما يعرف بقانون الهجرة والذي تعتمده العديد من الدول فيحصل الفرد على المواطنة في الدولة التي هاجر إليها إذا توفرت فيه شروط الهجرة وتمت الموافقة عليه من قبل الدولة .
فهل يتساوى حق المرأة مع الرجل في الحصول على الجنسية؟
النقطة التي آثارت الكثير من الجدل هنا هي " قانون الدم" أو ما يعرف برابطة الدم، التي تجعل المولود تابعاً لجنسية والديه.
وتبرز المشكلة الكبرى عندما تتزوّج المرأة العربية من أجنبي، سواء كان عربياً أو أجنبياً، لأن القوانين في معظم الدول العريبة ميّزت بين الرجل والمرأة في هذا الشأن، ففي حين يعطى المولود جنسية أبيه أينما ولد سواء داخل البلاد أو خارجها، فإنه يحرم من جنسية أمه إذا كان أبوه أجنبياً حتى لو ولد على أرض البلد لأن هذه الدول لا تعمل بقانون الأرض، وإنما فقط تعمل قانون الدم وفقط مع الذكور دون الإناث، وهذا يعدّ انتقاصاً كبيراً من حق المرأة في المواطنة، ويترتب عليه الكثير من المعاناة لما له من آثار على واقع الحياة المعاشة.
أما تشدّد الدول العربية في إعطاء الجنسية فيُبرر بسببين أساسين هما عدم تجنيس الفلسطينيين من أجل المحافظة على الهوية الفلسطينية وذلك بقرار من جامعة الدول العربية، والأحوال الأمنية.
أما أبرز المشاكل التي تعاني منها المرأة العربية وأسرتها فتظهر عندما يكون الزوج مقيماً في بلدها، ومع ذلك يبقى أجنبياً ويصبح الأمر أكثر تعقيداً عندما يتعلّق الأمر بأولادها الذين لا يعطون جنسيتها ويعاملون في بلد أمهم على أنهم أجانب! فيتعيّن عليهم عندها:
ـ إضافة إلى معاملات الإقامة والعمل لا يسمح للأزواج والأولاد العمل في المؤسسات الحكومية والعامة.
ـ التمييز بين المواطنين.
ـ الحرمان من الحقوق السياسية كالإنتخابات والترشيح.
ـ القيود في القوانين الخاصة بتملّك غير المواطنين العقارات والشركات.
ـ حق التنقل (الحاجة إلى تأشيرة لدخول البلاد)
ـ الآثار النفسية السلبية على الأبناء بشكل خاص.
ومن المعلوم أن مثل هذه الأمور تعرقل كثيراً من أمور الحياة وتجعل طبيعتها قاسية جداً، عدا عن الإجحاف والغبن
الذين يلحقان بالمرأة جرّاء شعورها أن عائلتها غريبة وهي في بلدها، فهي تعتبر نفسها مواطنة، تحب وطنها وتدافع عنه بروحها، وتعمل من أجل إعلاء شأنه، إنها فرد يقوم بكل واجباته تجاه الوطن، ولكنها تقابل بمثل تلك القوانين المجحفة.
ومع تقدم المرأة وتفاعلها في كل الميادين، ومساندتها من قبل الأمم المتحدة أعلن عن برنامج إنمائي لهذه الدول أدى إلى إجراء تعديلات مهمة في قوانين العديد من البلدان العربية منها المغرب، وتونس، ومصر وسورية ولبنان، والأردن والسعودية من أجل الاقتراب من إعطاء المرأة حقها في نقل جنسيتها لأولادها، على أن هذه التعديلات التي حصلت ما زالت تثير الكثير من العقبات في حال تطبيقها. فمثلاً في مصر حيث أعطيت المرأة المصرية الحق بأن تنقل جنسيتها إلى أولادها أياً تكن جنسية الأب، فإن معظم النساء لا يملكن الوعي بهذا الأمر، إضافة إلى تعسّف الجهات الإدارية في تطبيق هذا القانون مما يضطر المرأة للجوء إلى القضاء بما يحوي ذلك من متاعب ومن انعاكاسات قد يؤدي إليها كالملاحقة الأمنية. لكن مقابل ذلك هناك تحركات للانطلاق بحملات توعية من خلال عقد الندوات ووسائل الإعلام المختلفة، وتكرار المحاولة للحصول على الجنسية.
أما في السعودية فبالرغم من إعطاء المرأة هذا الحق فإن تطبيقه على الأرض أيضاً فيه الكثير من المشاكل، إذ لا تمنح الجنسية إلا للذكور في سن الثامنة عشر أما الفتاة فتمنح بطاقة إقامة فقط، ولا تعطى الجنسية إلا إذا تزوجت من سعودي، كما أن الأم غير السعودية تحصل على الجنسية بسهولة أكبر بكثير من حصول أبناء الأم السعودية على الجنسية.
لا زالت المرأة العربية تحاول المضي قدماً في طريق طويل، لكنها بدأته، ومسألة مساواتها بالرجل من حيث حقها في المواطنة، وفي الحصول على الجنسية باتت أمراً في طريق التحقيق رغم العثرات التي تواجهه.
ماجدة ريا

Tuesday, November 20, 2007

كيف نتعامل مع المراهق

من أسوأ ما يمكن أن يواجهه المراهق هو التعنيف والتوبيخ في حضرة الآخرين، لما في ذلك من انعكاس على تكوين شخصيته في هذه الرحلة الحساسة من العمر، فمثل هذه المعاملة قد تؤدي بالمراهق إلى أحد أمرين، فإذا كان متمرداً وحاد الطباع يمكن أن يقابل العنف بالعنف، فيتمرّد وتزداد مشاكسته، ويكون لمثل ذلك العقاب نتائج عكسية. وقد يكون المراهق خجولاً أو مسالماً، فإن مثل هذا التصرف يشعره بالذل والإهانة أمام الآخرين مما يخلق في نفسه شرخاً حاداً عادة ما يجعله ربما منعزلاً أو منطوياً على نفسه، لكن الآثار والنتائج لا بد وأن تظهر في شخصيته مستقبلاً وتجعله غير سوي.
من هنا لا بد من الإبتعاد عن مسالة التعنيف الجسدي أو النفسي للمراهق بشكل عام، وبشكل خاص أمام الآخرين، إذا ما أردنا أن نحافظ على أبنائنا أسوياء، حتى أن الإسلام لفت إلى هذه المسألة من خلال قول الرسول الكريم صلوات الله عليه " اتركه سبع، وأدّبه سبع، واصحبه سبع"
أما إذا لم تجد النصائح في امرما، وأصر المراهق بعد أن نشرح له مساوىء ما يريد فعله، وكان لا بد من فرض ذلك إذ يجب أن لا يترك المراهق على هواه، يمكن للأهل أن يلجأوا إلى أمر فرض الواقع على المراهق من دون تعنيف أو أساءة، أنه يتوجب عليك فعل هذا الأمر، أو الإلتزام بهذا الأمر لأنك ما زلت تحت وصايتنا، ولأن واجبك أن تفعل ذلك. ولكن ربما مثل هذا الأمر ينفع عندما يكون المراهق قد تربّى على المفاهيم الإسلامية، والأخلاق الإسلامية التي تجعله يعرف كيف يجب أن يتعاطى مع والديه، ومن هنا لا بد وأن تكون الأسرة أي الأب والأم يعملان بهذه المفاهيم أولاً، وأن يربيا أبناءهم عليها كي يستطيعا استخدامها كأسلوب معهم فيما بعد.
وفي طبيعة الحال، يعرف المراهق هنا أنه لا زال محتاجاً إلى والديه، وأنه بإمكانهما معاقبته من خلال الإمتناع عن تلبية متطلبات يحتاجها ـ على أن تدخل من بين الكماليات ـ فلا يمكن أن نحرمه من الطعام، أو من كتابه المدرسي بل يمكن أن نحرمه من الخروج إلى الملاهي أو إلى الملاعب.. أو من مصروفه في حال عناده.
على أن ذلك يجب أن يكون ضمن سياسة تفهّم حاجات هذا المراهق، ولا نفعل ذلك لأننا يجب أن نفعل ذلك أو لأننا أصحاب سلطة عليه، بل يجب أن يفهم أن مثل ذلك الإجراء يتخذ لمصلحته ، وليس من باب الإنتقام منه، إذ حتى في مثل تلك الحالات يجب أن يشعر بمحبة أهله له وحرصهما على مصلحته.
صحبة المراهق هي من أهم ما يمكن أن يفعله الأهل تجاه أبنائهم، وفي هذه المرحلة ولخصوصية كل من الذكر والأنثى نرى أن علاقة المراهقة تشتد بأمها سيما في النواحي الأنثوية وكذلك المراهق تتوطّد علاقته بوالده، ويتوجّب على الوالد تجاه ولده المراهق وعلى الوالدة تجاه ابنتها واجب إخبار كل منهما بالمتغيرات الجسدية والنفسية كي يخلقا جواً من القبول النفسي والإرتياح في هذه المرحلة، وشرح تفاصيل هذه المرحلة لهما وعدم تركها للأقدار، أو لرفقة السوء، أو لأن يعرفا بها من هنا أو هناك كي تصل إليهما بشكل سليم ومدروس، ويكون المراهق عندها على استعداد لمواجهة هذه المرحلة بمساعدة والديه.
كما أن دور الأهل هنا الإرشاد للمراهق كي يملآ وقته بما يفيد عن طريق ترغيبه بالقراءة، بالرياضة، بأي شيء مفيد يرغب ممارسته، تنمية هواياته، لأن المراهق عادة يحب أن يبرز شخصيته، وأن يظهر للآخرين أنه بدأ بالنضوج،
ولذلك يجب مساعدته في تحقيق ما يحب ويرغب على أن تكون تلك الميول والرغبات سوية ومشروعة.

أما عن حرية المراهق، فهل يجب أن نراقبه إلى حدود كتمان النفس؟
إن مراقبة المراهق، أمر واجب وضروري في كل ما يفعل ولكن يجب أن لا يشعر بأن الأهل يكتمون على أنفاسه، عليه أن يعرف أن أهله محيطون بكل ما يعمل، يتابعون كل تفاصيل حياته، وفي نفس الوقت يترك له أن يتصرف كشخص مسؤول لا كطفل صغير، ويرشدانه عندما يحتاج الإرشاد.
يجب أن يشعر المراهق بأنه محل ثقة لوالديه، فيشجعانه على كل ما هو مفيد، وهو يسعى عندها لأن يبرز لهما أنه يستحق هذه الثقة.
لا بد من احترام خصوصية المراهق، لأنه في عمر حساس، يحتاج إلى تكوين شخصية خاصة به، وربما يكمن دور الأهل هنا في متابعته من دون احراجه، وأن يحاولا دائماً معرفة كل ما يفعل، ولعل أفضل السبل هو علاقة الصداقة بين الأهل والولد التي ستجعل من هذا المراهق كتاباً مفتوحاً لهما، لأنه إذا لم تنشأ تلك العلاقة الوثيقة والحميمة بين الأهل والولد، وخاصة عند التسلط وعدم التفهم من الأهل سيلجأ المراهق عندها إلى حيل كثيرة لإخفاء ما يمر به عن أهله.
ماجدة ريا

Thursday, November 15, 2007

القضية الفلسطينية إلى أين بعد أنابوليس


إنّها دعوة إلى آنا بوليس، دعوة موجّهة من الرئيس الأمريكي لعقد مؤتمر لبضع دول اختصّ الرئيس الأميركي قادتَها بالدعوة إلى تلك المدينة الأمريكية.
طرحت الدعوة على أنها مؤتمر دولي، ثم انخفض سقفها إلى اجتماع دولي وبعدها إلى لقاء دولي! والبعض يخمّن أن هذا المؤتمر قد لا ينعقد أبدا، كما ذهب إلى ذلك الصحفي جيم غلاند عندما كتب تعليقاً عن المؤتمر جاء فيه: "ليس هناك أي يقين من أن مؤتمر تشرين الثاني/ نوفمبر، الذي تأمل إدارة بوش الإشراف عليه، سينجح أو حتى سينعقد. ففي الشرق الأوسط يمكن لفظاعة تحدث في يوم ما أو وقوع جَيَِشان سياسي محلي أن يلغي جهوداً دبلوماسية ناجحة استغرق القيام بها أشهراً."
فإذا ما انعقد هذا اللقاء ماذا ستكون نتائجه؟
وبماذا سيخرج علينا؟
هي المفاوضات مرة آخرى إذاً؟
تلك الطريق الطويلة، الشائكة، المفخّخة التي قرّر البعض سلوكها سعياً وراء تحقيق مكسب ما لمصلحة شعب فلسطين.
منذ انعقاد مؤتمر مدريد في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1991 الذي اعتُبر انطلاقة لما سُمّي بعملية السلام، والعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية تواجه الكثير من الأزمات والصعوبات لأن الجانب الإسرائيلي كان يعمد دائماً إلى المراوغة، وعدم الإلتزام بالإتفاقات المبرمة بين الطرفين، حتى أن بنيامين نتانياهو (رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق) جمّد ـ عندما استلم الحكم ـ العمل باتفاقات أوسلو وما تلاها من اتفاقات، وقرّر عدم تنفيذ إلتزامات المرحلة الإنتقالية المطلوبة منه، واعتبر أن أسس مؤتمر مدريد ـ أوسلو لم تعد صالحة ولا بد من تغييرها.
هكذا، وبكل بساطة يتنصّل الجانب الإسرائيلي من التعهدات وكأنه لم تبذل جهود ولم تجرَ مفاوضات، ليعاود البحث من جديد ومن نقطة بداية جديدة!
وكان اتفاق أوسلو قد تحدّث عن قيام دولة فلسطينية عام 1999، وبعده جاء ما سمي بخارطة الطريق التي كان بموجبها ستقوم الدولة الفلسطينية عام 2005.
وبعد كل هذه السنوات من المفاوضات والوعود الكاذبة التي لا تهدف سوى إلى تقطيع الوقت، وإلهاء الجانب الفلسطيني بمثل هذه الوعود، يستمرّ التفاوض مرة أخرى إلى ما لا نهاية!
ما الذي حقّقته المفاوضات بعد كل تلك السنوات ؟ وما هو حال القضية الفلسطينية ونحن على أبواب مؤتمر جديد وفصل صهيوـ امريكي جديد؟
أكثر من عشرة آلاف مواطن فلسطيني في المعتقلات الصهيونية، جدار عنصري فاصل يقطّع أوصال المناطق الفلسطينية، حفريات مستمرّة تحت المسجد الأقصى الشريف تتهدّد وجوده، المزيد من بناء المستوطنات والمزيد من قضم الأراضي، والمزيد المزيد من الإعتداءات المتكرّرة يومياً والتي تحصد الكثير من الشهداء...
ماذا قدّمت المفاوضات حتى الآن للجانب الفلسطيني؟
وماذا يُتوقّع أن تقدم له على أعتاب هذا المؤتمر؟
إن مجرّد نظرة إلى جعبة كل من الطرفين وما يحمله كل منهما إلى هناك كافية لتُظهر هشاشة هذا المؤتمر، وعدم فعاليته لتحقيق أي شيء للمصلحة الفلسطينية، في حين أنه يشكّل رافعة لمعنويات جورج بوش راعي المؤتمر، ولأولمرت ولسياستيهما التي تمر في أدنى مستوياتها، وتحتاج لمثل هذه المعونة.
واقع كهذا عبّر عنه احمد قريع كبير المفاوضين الفلسطينيين حين قال إن الوفد الفلسطيني لا ينتظر الشيء الكثير من مؤتمر السلام، وأنه "ليس لدينا أحلام كبيرة، نحن واقعيون ونعرف المعطيات الدولية والمحلية بدقة".
وأضاف قريع أنه "حتى الآن لم يتضح شيء عن المؤتمر الدولي للسلام ولم يحدد له بعد جدول أعمال"
بالمقابل يبدو الجانب المصري الذي يشجع هذه المفاوضات "متفائلاً"، فهو أكد على لسان وزير خارجيته أحمد أبو الغيط بعد لقائه بوزيرة الخارجية الأميركية رايس "أن ما قالته لنا الوزيرة رايس يعطينا الكثير من الثقة في ما يفعلونه".
وأصرّ الوزير المصري على موقف بلاده الداعي إلى أن تتضمن الوثيقة الفلسطينية ـ الإسرائيلية اطارا زمنيا لإنهاء المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية رغم إعلان رايس في القدس انها "ليست متأكدة" من الحاجة إلى جدول زمني.
كما أن الرئيس الفلسطيني كان قد أعلن أنه سيصر على تحديد جدول زمني للمفاوضات النهائية.
كذلك الصهاينة يصرّون على تأجيل البحث بكافة الأمور العالقة، كمسألة اللاجئيين الفلسطينيين، ومسألة القدس وغيرها من المسائل العالقة، ويرفضون أصلاً البحث في قضايا الحل النهائي، ويصرّحون بذلك علناً، حتى المسؤولين الأمريكيين عندما يكونون مع العرب يعطونهم من طرف اللسان حلاوة، وإذا ما خلوا إلى أحبائهم ينقلبون على ما يقولون، ولا زال العرب يجبرون أنفسهم على تصديق ما يقال لهم من قبل الأمريكيين، وعلى أنه ذو فائدة رغم مرارة كل التجارب السابقة، بل ربما يمنّون أنفسهم بأن الحال اليوم ستتبدّل، وأن الأمريكيين سيفون لهم ولو ببعض من وعودهم، هذا إذا صدرت عنهم وعود مراوغة، سرعان ما تتكسر على صخرة الطمع الإسرائيلي، والحقد الصهيوني!
ففي حين كانت الوزيرة الأميركية تتحدث عن تسويات شدّدت إسرائيل على ان ضمان امنها مقدّم على اقامة دولة فلسطينية. وقالت ليفني رئيسة الوفد الإسرائيلي للتفاوض: 'ذلك يعني ان الامن بالنسبة لاسرائيل يأتي اولاً، ومن ثم اقامة دولة فلسطينية، لان لا احد يريد دولة ارهابية جديدة في المنطقة. ذلك ليس في مصلحة لا اسرائيل ولا الفلسطينيين البراغماتيين''.
المفاوضون الفلسطينيون لا يأملون بشيء، بينما الإسرائيليون يملون الشروط!
فهل أماني العرب في محلّها في هذه الظروف الراهنة؟
وهل الأمريكيون سيستجيبون لهم على حساب المصلحة الإسرائيلية؟
الكل يدرك أن الإدارة الأمريكية الحالية والتي ما زال يديرها المحافظون الجدد هي الأكثر حرصاً على المصلحة الإسرائيلية من كل الحكومات الأمريكية السابقة، وهي تعلن دعمها الغير مشروط لإسرائيل من دون أي حرص، وقد أكّدت رايس ذلك في الكلمة التي ألقتها في القدس المحتلة عندما قالت "يجب أن يكون الإسرائيليين على ثقة بأن امريكا تدعمهم بشكل تام".
فهل سيصلون إلى تحقيق أي مكسب مع هذه الحكومة الأمريكية المتصهينة وهم لم يستطيعوا تحقيق شيء مع الحكومات التي سبقتها؟
لعل بعضهم يقول إنه ليس أمامنا سوى أن نفعل ذلك؟
فهل صحيح أنه ليس أمام العرب سوى هذا المسلك وهذا الطريق؟
وهل صحيح بأن التفاوض بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يقوم على أسس التفاوض الصحيحة؟
وهل هذا يسمّى تفاوضاً؟ وإلى ماذا سيؤدي التفاوض بهذه الطريقة؟
أعتقد أنه لا جدوى تذكر من هذا المؤتمر، لكن مجرّد انعقاده فيما لو حدث سيكون له تداعيات خطيرة جداً على القضية الفلسطينية، مع الأخذ بعين الإعتبار أن مثل هذا التفريط في القضايا الأساسية فيما لو تم، لن يجعله ملزماً إلا اللهم لمن أراد الإلتزام به من أمثال اللاهثين وراء استرضاء الأمريكيين، والصهاينة، أما الحقوق فستبقى ملكاً لأصاحبها، وهي ملك الشعب الفلسطيني برمته، وهو لم يعط تفويضاً لهؤلاء بأن يتحدثوا باسمهم، أو أن يتفاوضوا عنهم، فلا زال الشعب الفلسطيني بمعظمه يرفض التفريط بالثوابت الوطنية.اليوم سمعت على قناة الجزيرة تعليقاً من كبير المفاوضين صائب عريقات حول مسألة التفاوض وخاصة بشأن ما أعلنه أولمرت وحكومته بشكل جلي وصريح:أن أولمرت أعلن أنه لن يذهب للتفاوض مع الفلسطينيين إلا بعد الموافقة على اعتبار إسرائيل دولة لليهود وما يستتبع ذلك من قطع للطريق على الوفد الفلسطيني بما يتعلّق بمسألة اللاجئين، إذ أنه مجرد اعتبار إسرائيل دولة لليهود بحد ذاته هو منع لمجرّد البحث في هذه المسألة، فقد قال صائب عريقات انهم حتى الآن لم يتبلّغوا شيئاً لا عن موعد المؤتمر ولا عن ورقته ولا عن أي شيء يخصّه واعتبر أن الأمريكيين يضغطون عليهم بهذا المؤتمر ليستعجلوا في بت مثل هذه الأمور المصيرية وهذا لن يحدث، ولن يكون هنالك موافقة من قبل الوفد الفلسطيني على طلب الحكومة الإسرائيلية بجعل إسرائيل دولة لليهود.فهل سيصمد الوفد الفلسطيني المفاوض أمام الضغوط التي يتعرّض لها ؟ أم سينجح الأمريكيون والإسرائيليون في انتزاع مثل هذا الإعتراف الخطير بجعل اسرائيل دولة لليهود؟كلما مرّت الأيام، نرى أن الصهاينة يبتكرون اساليب جديدة في المكر والخداع والتمويه من أجل تحقيق مآربهم سواء بإغراق الفلسطينيين بمزيد من الإنقسام والتناحر، او ابتكار أفكار يلتفّون بها من أجل سحب البساط من تحت قدمي المفاوضين الفلسطينيين الذين يذهبون أصلاً إلى التفاوض بموقع ضعيف وهزيل.فهل سينجح الإسرائيليون في فرض ما يريدون هذه المرة؟ وهل ستجري الأمور كما يخططون؟أم ستتوقف الأمورهنا؟ أم ستحدث معطيات جديدة تغيّر كل شيء في ظل حديث الصحفي سيمون هرش عن أن بوش سيقدم على خطوة الحرب على ايران قبل نهاية ولايته؟
ماجدة ريا

Monday, November 12, 2007

الكلمة الفصل في يوم الشهيد

الأجواء مضمّخة بالأحمر القاني، والنسيم يهبّ متعطّراً بأريج عطر الشهداء، والحشود مشدودة إلى قائد الركب، الذي تتوق لمرآه القلوب، فتنفتح العقول لتنهل من معين كلامه.
في يوم الشهيد، الذي روى الأرض بدمائه الزاكية كي تنبت عزاً وتورق نصراً، أطل علينا الرجل الفصل، ليقول الكلمة الفصل التي انتظرناها منذ زمن بعيد.
ذلك الزمن الذي انقضى وأيادي قادة المعارضة ممدودة وبكل صدق إل الذين أرادوا أن يأخذوا البلد إلى غير مكانه، محاولين إفهامهم بالرفق واللين والحكمة وطول الأناة أن هذا لا يمكن أن يحدث أبداً! وأن لبنان هو لبنان.
فالمقاومة الأبية التي قهرت أعتى جيوش العالم، قال فيها العدو الصهيوني أنه لا يمكن لأي جيش في العالم أن ينزع سلاحها، ومع ذلك يصر هؤلاء وبدعم أمريكي مكشوف ولا يحتمل اللبس ولا التأويل على مواقفهم، وعلى دفع البلد نحو الهاوية، ونحو مزيد من الإنقسام المحمّل بالمفاجآت.
لا بد للأمور أن تصل إلى خواتيمها، فموعد الإستحقاق الرئاسي بات على الأبواب ولا بد من القرار الحاسم، الذي يجب أن يواجه به فريق السلطة، وأن توضع النقاط على الحروف، فجاءت كلمة قائد المقاومة لتضع هذه النقاط وبدقته المعهودة، ولتشرح ما ظهر وما خفي من بواطن الأمور، وكيف تسير، وإلى أين المصير، فيحدّده بكل دقة ووضوح، لأن المسألة أخطر من أن يسكت عليها، فلا يمكن انتخاب رئيس ينفّذ مآرب هؤلاء الفاسدين والمفسدين، ولا يمكن ترك البلد في أيديهم، وحدّد المخارج التي تتبّع عادة في الديمقراطيات التي تحترم نفسها وتحترم شعبها في العالم، وإذا رفضوا العودة إلى انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة، فلتكن انتخابات نيابية مبكّرة ينتخب الرئيس على أساسها، وعندها فلتنتخب أغلبية النواب الرئيس، إذ لا يمكن لهؤلاء النواب الذين يعدّون انفسهم أكثرية، وقد نالوا هذه الأكثرية بعد أن تعهدوا بحفظ سلاح المقاومة ونالوا أصوات الشعب بناء على ذلك أن ينقلبوا ويصبحوا أول المطالبين بنزع سلاح المقاومة، فهؤلاء النواب لا مشروعية لهم لأنهم خدعوا الناس، ولا يمكن لهم ان يختاروا رئيس!
كما ناشد رئيس الجمهورية فخامة الرئيس أميل لحود الذي طالما عُرف بمواقفه المشرفة والداعمة للمقاومة رغم اشتداد الضغوط عليه، ورغم ما يمارس عليه من ترغيب وترهيب أن يتّخذ الخطوة الدستورية الشجاعة التي وعد بها كي لا يترك لبنان في مهب الريح، فقد وعد رئيس الجمهورية بأن يحمي لبنان وأن لا يسلّمه إلاً إلى أيدٍ تحفظه.
وكان قائد المقاومة قد ترك باب التوافق مفتوحاً ولم يقفله، وإنما أعلن هذا الموقف الحاسم ليًعلم الفريق الآخر أن الأمر محسوم، وأن المعارضة الوطنية لن تتساهل في هذا الأمر أبداً، وأنها ستعتبر أي رئيس خارج عن التوافق هو غاصب للسلطة وسيعامل على هذا الأساس.
فهل سيستوعب هؤلاء هذا الكلام؟ وأن الأمور لن تُأخذ كما أخذت في الماضي؟ وأنه لا بدّ من وضع حد لغيّهم وتعنّتهم واستقوائهم بالأمريكي الذي لن يستطيع أن ينفعهم بشيء؟ وأن كل ما سيحصدونه هو ما زرعته ايديهم من فتنة طوال أكثر من سنتين؟ لا بد أن هذا الكلام يجب أن يكون كفيلاً بردعهم إذا فكّروا بعواقب الأمور، ولكن كل ما نخشاه هو أن يكون مس جنون العظمة الذي يتمتع به الرئيس الأمريكي جورج بوش قد انتقل إليهم، فمن عاشر القوم أصبح منهم، وجل ما نخشاه أن جنون العظمة هذا لن يسمح لهم سوى برؤية أنفسهم التي اعتادت الجشع والطمع والإستقواء... ولن يكون هنالك محل في قاموسهم لما يخدم الوطن، أو لما يخدم الشعب، أو لأي توافق؟ليتهم يستطيعون أن يفهموا هذه المرة أن من يلعب بالنار يحرق أصابعه أولاً قبل أن يحرق اي شيء آخر!

وفي سياق عمل المقاومة واستعداداتها للأخطار المحدقة بها أكّد قائد المقاومة من خلال كلامه على أن المناورة التي أجرتها المقاومة الإسلامية هي جدية وحقيقية، وأوصلت الرسالة إلى حيث يجب أن تصل، أي العدو الصهيوني، بل وأضاف على ذلك بأن المقاومة ليست فقط جاهزة للدفاع عن لبنان ، كل لبنان بل هي جاهزة أيضاً للتوثّب من أجل تغيير المعادلة في المنطقة برمتها.
بالتأكيد في كل مرة يطلق فيها السيد كلمة، فتتوقّف عندها جيوش المحلّلين، من المحبين ومن المتربّصين، سيما العدو الصهيوني الذي يتوقّف عند تحليل كل حرف، فعليه اليوم أن يقف مطوّلاً أمام هكذا نوع من جهوزية المقاومة للحرب، وهم يدركون أن السيد صادق في كلامه، وفي أحكامه، فماذا عساهم فاعلون؟

لقد تكلّم سماحة السيد حسن نصرالله حفظه الله مطوّلاً، متناولاً العديد من النقاط التي كان لا بد من تبيانها في هذا الظرف الحرج والدقيق.
ماجدة ريا

Thursday, October 25, 2007

الشهيد الحي


كانت تلك الشجرة تحتضنني بأغصانها التي أرخت أطرافها عليّ من كل جانب لتحميني من أي رصد يمكن أن يكشف أمري. التقطت أنفاسي بعد اجتيازي كل تلك المسافة التي تفصلني الآن عن المنطقة المحررة، تارة أهرول بين الشجر، وأخرى أزحف على الشوك. أوزّع نظراتي المتوثّبة من بين تلك الأغصان، أتفقّد كل شيء من حولي، كل شيء عادي حتى الآن.
لا يوجد أي حس بشري، أدقّق في الأشجار والشجيرات المنتشرة من حولي، فترسل لي إشارات الدفء والأنس بلونها الأخضر، فبيني وبينها حكايات طويلة، وأيام عمر تتدفق بين جنباتها، أعاود النظر إلى وجهتي الحقيقية، إلى ذلك الطريق الذي يبعد عني أمتاراً قليلة، هناك حيث أنهيت مهمتي عليه منذ بعض الوقت، وها أنا أنتظر استكمالها.
الطريق مقفرة، فهي عادة لا يعبرها سوى بعض آليات لجنود الاحتلال من وقت لآخر. عيناي مثبّتتان على الطريق، فيما لساني يلهج بذكر ما تيسّر لي من الآيات القرآنية الكريمة والأدعية، وحواسي كلّها في حالة تأهّب.
يبدأ زيز الليل أنشودته مع بدء تسرّب اللون الرمادي إلى السماء، فتملأ موسيقاه المكان، ويتحرّك النسيم ليجعل حفيف أوراق الأشجار يتناغم مع هذه الموسيقى الطبيعية والتي مصدرها هذه الكائنات الصغيرة، فأضطر إلى زيادة درجة التّحفّز لأكون أكثر تيقّظاً لأي أصوات غريبة كنت أنتظرها.
بدت لحظات الانتظار طويلة جداً، إلاّ أنها لم تفقدني حالة الجهوزية والتّأهب.
صوت هدير آليات يقترب، أصغي أكثرـ "نعم، إنها ناقلة جند" أثبّت نظراتي باتجاهها، وأستعدّ لأعدّ دقائق وصولها إلى المكان المطلوب، أضغط على زر تفجير العبوة الناسفة، فترتسم على وجهي ابتسامة الانتصار وأنا أراهم يتطايرون كالطيور المذبوحة، كان صراخهم أقرب إلى عويل الثكالى وقد تناثروا على جانبي الطريق بين قتيل وجريح.
قبضت على رشّاشي، انتصبت واقفاً، ومشيت بخطى ثابتة باتجاههم، وقد قررت أن أقضي على أكبر قدر ممكن قبل أن يستطيعوا النيل مني، لكن يبدو أن الصدمة، والمنظر المروّع أفقدهم حس المبادرة، كنت أطلق من فوهة رشّاشي الطلقات النارية باتجاه تلك الأعين الفزعة التي كانت ترمقني كما لو أنني مارد، والغريب أن أحداً منهم لم يطلق النار، ولا أعرف كيف انقضت تلك الثواني وأنا أفرغ مخزن رشاشي في كل من تبقى حياً!
الجميع الآن صرعى، وأنا أجول بنظراتي فيهم، وأتخطّاهم واحداً واحداً!
بعد أن تخطّيت الجميع، مرّرت يدي على جسدي أتفقّده، علّ رصاصتهم أصابتني ولم أشعر بها، واندهشت عندما وجدت نفسي سالماً معافى!

ومنذ ذلك الحين يطلقون علي لقب الشهيد الحي.
ماجدة ريا

Tuesday, October 09, 2007

خطة "كش ملك":هل تضرب امريكا ايران؟

تردد في الأيام الأخيرة صدى تقرير ورد في صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية المعروفة بأن لها صلات بالإستخبارات البريطانية والأمريكية والصهيونية، يتحدّث عن خطة اعدتها الولايات المتحدة الأمريكية لضرب إيران تحت عنوان "كش ملك".وكان قد تم اعتماد مشروع "مات الملك" خلال فترة الحرب الباردة, في سبعينيات القرن الماضي, لمواجهة التهديدات المحتملة من الاتحاد السوفياتي السابق, وأعادت البنتاغون العمل به مرة أخرى, بهدف التخطيط لسلسلة غارات جوية على بغداد, بعد قيام الجيش العراقي بغزو الكويت، وقد صدر قرار في حزيران/ يونيو الماضي بتشكيل مجموعة مميزة من الخبراء تقدم تقاريرها مباشرة إلى الجنرال "مايكل موسلي" قائد القوات الجوية الأميركية، وتتكون من 20-30 ضابطًا متميزًا من القوات الجوية والدفاع وخبراء الكمبيوتر ولديهم صلاحيات لأخذ الدعم الكامل من البيت الأبيض ووكالة الاستخبارات المركزية ووكالات المخابرات الأخرى.على أن التخطيط التفصيلي لاحتمالية القيام بهجوم على إيران قد تم منذ أكثر من عامين بوساطة القيادة المركزية الأميركية، إلا أن مهمة الوحدة الجديدة تتلخص في "إضافة لمسة من البراعة الفائقة على الفكر العسكري السائد في سلاح الطيران الأميركي عن طريق إمداده باستراتيجيات ابداعية لخوض الحرب وإدارك احتياجاته المستقبلية في المجال الجوي والفضائي والحرب الإلكترونية".ويقود تلك الخطة قائد اللواء "لورانس شتوزرايم" والذي يعتبر واحدًا من أبرع لواءات القوات الجوية. ويساعده دكتور "لاني كاس" الضابط العسكري الإسرائيلي السابق وخبير حرب الكمبيوتر.هذا يعني بأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تضيّع ثانية من وقتها في البحث عن آليات وإمكانيات تمكّنها من القيام بهذا العمل العسكري، وهي بدأت العد التنازلي وصولاً إلى نقطة الصفر التي تأذن بشن الهجوم.وفي الجهة المقابلة نجد بأن إيران تتابع بشكل جيد هذه التهديدات وترد عليها بموقف الواثق سواء من خلال الإستعراضات العسكرية التي قامت بها مؤخراً، أو من خلال تصريحات المسؤولين فيها، وقد اعلنت إيران صراحة ان قواتها المسلحة تتمتع بقوة الردع اللازمة لمواجهة أي تهديد, وقالت ان الحل المنطقي لملفها النووي يتمثل في التعاون الايراني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد حذر نائب رئيس مجلس الشورى الاسلامي الايراني (البرلمان) محمد رضا باهنر القوى التي تهدد ايران من أن أدنى تهديد من شأنه أن يؤدي الى اشعال النار في المنطقة. كما أكّد قائد الحرس الثوري الإيراني تحذيره لمن سماهم الأعداء من مغبة مهاجمة إيران, قائلا إنهم سيندمون إن فعلوا ذلك كما هم نادمون الآن في العراق.أمّا المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، فقد قال: "إن الاعتداء على إيران لم يعد مسألة أن تضرب وتهرب بعيدا.. فأي شخص يشن عدوانا على إيران سيواجه عواقب وخيمة".واللافت هو تزامن هذه التهديدات مع الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني احمد نجاد إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، إلاّ أن ذلك لم يمنع هذا الرئيس الشجاع من تسمية الأشياء بمسمّياتها أمام مجلس الأمن، وفي هذا الوقت الحرج، مشيراً بكل صراحة إلى الإرتكابات المشينة للإدارة الأمريكية بحق الشعوب خاصة الأماكن التي تخضع لنفوذها ومشيراً إلى وضع الإحتلال في فلسطين والعراق وافغانستان، وأشار إلى عجز هذا المجلس عن قيامه بالدور الذي أنشىء أصلاً من أجله وه حماية الأمن والإستقرار العالميين.لقد اتّسم خطابه بقوة لامست تلك التهديدات، وردّت عليها بما لا يقبل الشك أن ايران ليست مستعدّة للخضوع حتى وإن وقف العالم متفرّجاً أو مشاركاً كما حدث في العراق، ويحدث في فلسطين.
وقد كرر الرئيس الإيراني هذه المواقف بكل وضوح خلال الاحتفالات التي عمّت إيران بمناسبة يوم القدس العالمي الذي تحتفل به إيران والعديد من الشعوب الإسلامية في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك.
وقد رد عدد من أعضاء الكنيست الصهيوني على هذه التصريحات بالدعوة إلى تصفية أحمدي نجاد ونظامه.
وهنا يكبر التساؤل: هل تجرؤ امريكا على ضرب ايران؟
خلال هذين العامين بقي الجدل حول هذا الأمر سيد الموقف، تارة يعلو وتارة يخفت، ومع خفوته نراه يعود ليعلو بوتيرة أعلى، والولايات المتحدة الأمريكية، وبمساندة أوروبية لا تريد لإيران ان تمتلك التقنية النووية بأي حال من الأحوال حتى ضمن حقها في الإستخدامات السلمية!
فهل ستستطيع أن توقف عجلة التطور في ايران، وفي العالم ليبقى حكراً عليها وعلى من ترضى عنه من الدول؟
وهل المسألة هي فقط لأن ايران تريد أن تمتلك التفنية النووية للإستخدامات السلمية؟
في ظل كل ذلك إلى أين تسير منطقة الشرق الأوسط؟ نحو أي مصير؟
وكيف ستكون أوجه المواجهة؟ وكيف يمكن أن تحدّد المواقف من هذه الأزمة؟
نرجو من جميع المهتمين بهذا الأمر مشاركتنا بآرائهم وتحليلاتهم ونظرتهم لسير الأحداث في المنطقة، والتي يعنينا امرها جميعاً
ماجدة ريا.

خطة "كش ملك":هل تضرب امريكا ايران؟

تردد في الأيام الأخيرة صدى تقرير ورد في صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية المعروفة بأن لها صلات بالإستخبارات البريطانية والأمريكية والصهيونية، يتحدّث عن خطة اعدتها الولايات المتحدة الأمريكية لضرب إيران تحت عنوان "كش ملك".وكان قد تم اعتماد مشروع "مات الملك" خلال فترة الحرب الباردة, في سبعينيات القرن الماضي, لمواجهة التهديدات المحتملة من الاتحاد السوفياتي السابق, وأعادت البنتاغون العمل به مرة أخرى, بهدف التخطيط لسلسلة غارات جوية على بغداد, بعد قيام الجيش العراقي بغزو الكويت، وقد صدر قرار في حزيران/ يونيو الماضي بتشكيل مجموعة مميزة من الخبراء تقدم تقاريرها مباشرة إلى الجنرال "مايكل موسلي" قائد القوات الجوية الأميركية، وتتكون من 20-30 ضابطًا متميزًا من القوات الجوية والدفاع وخبراء الكمبيوتر ولديهم صلاحيات لأخذ الدعم الكامل من البيت الأبيض ووكالة الاستخبارات المركزية ووكالات المخابرات الأخرى.على أن التخطيط التفصيلي لاحتمالية القيام بهجوم على إيران قد تم منذ أكثر من عامين بوساطة القيادة المركزية الأميركية، إلا أن مهمة الوحدة الجديدة تتلخص في "إضافة لمسة من البراعة الفائقة على الفكر العسكري السائد في سلاح الطيران الأميركي عن طريق إمداده باستراتيجيات ابداعية لخوض الحرب وإدارك احتياجاته المستقبلية في المجال الجوي والفضائي والحرب الإلكترونية".ويقود تلك الخطة قائد اللواء "لورانس شتوزرايم" والذي يعتبر واحدًا من أبرع لواءات القوات الجوية. ويساعده دكتور "لاني كاس" الضابط العسكري الإسرائيلي السابق وخبير حرب الكمبيوتر.هذا يعني بأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تضيّع ثانية من وقتها في البحث عن آليات وإمكانيات تمكّنها من القيام بهذا العمل العسكري، وهي بدأت العد التنازلي وصولاً إلى نقطة الصفر التي تأذن بشن الهجوم.وفي الجهة المقابلة نجد بأن إيران تتابع بشكل جيد هذه التهديدات وترد عليها بموقف الواثق سواء من خلال الإستعراضات العسكرية التي قامت بها مؤخراً، أو من خلال تصريحات المسؤولين فيها، وقد اعلنت إيران صراحة ان قواتها المسلحة تتمتع بقوة الردع اللازمة لمواجهة أي تهديد, وقالت ان الحل المنطقي لملفها النووي يتمثل في التعاون الايراني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد حذر نائب رئيس مجلس الشورى الاسلامي الايراني (البرلمان) محمد رضا باهنر القوى التي تهدد ايران من أن أدنى تهديد من شأنه أن يؤدي الى اشعال النار في المنطقة. كما أكّد قائد الحرس الثوري الإيراني تحذيره لمن سماهم الأعداء من مغبة مهاجمة إيران, قائلا إنهم سيندمون إن فعلوا ذلك كما هم نادمون الآن في العراق.أمّا المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، فقد قال: "إن الاعتداء على إيران لم يعد مسألة أن تضرب وتهرب بعيدا.. فأي شخص يشن عدوانا على إيران سيواجه عواقب وخيمة".واللافت هو تزامن هذه التهديدات مع الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني احمد نجاد إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، إلاّ أن ذلك لم يمنع هذا الرئيس الشجاع من تسمية الأشياء بمسمّياتها أمام مجلس الأمن، وفي هذا الوقت الحرج، مشيراً بكل صراحة إلى الإرتكابات المشينة للإدارة الأمريكية بحق الشعوب خاصة الأماكن التي تخضع لنفوذها ومشيراً إلى وضع الإحتلال في فلسطين والعراق وافغانستان، وأشار إلى عجز هذا المجلس عن قيامه بالدور الذي أنشىء أصلاً من أجله وه حماية الأمن والإستقرار العالميين.لقد اتّسم خطابه بقوة لامست تلك التهديدات، وردّت عليها بما لا يقبل الشك أن ايران ليست مستعدّة للخضوع حتى وإن وقف العالم متفرّجاً أو مشاركاً كما حدث في العراق، ويحدث في فلسطين.
وقد كرر الرئيس الإيراني هذه المواقف بكل وضوح خلال الاحتفالات التي عمّت إيران بمناسبة يوم القدس العالمي الذي تحتفل به إيران والعديد من الشعوب الإسلامية في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك.
وقد رد عدد من أعضاء الكنيست الصهيوني على هذه التصريحات بالدعوة إلى تصفية أحمدي نجاد ونظامه.
وهنا يكبر التساؤل: هل تجرؤ امريكا على ضرب ايران؟
خلال هذين العامين بقي الجدل حول هذا الأمر سيد الموقف، تارة يعلو وتارة يخفت، ومع خفوته نراه يعود ليعلو بوتيرة أعلى، والولايات المتحدة الأمريكية، وبمساندة أوروبية لا تريد لإيران ان تمتلك التقنية النووية بأي حال من الأحوال حتى ضمن حقها في الإستخدامات السلمية!
فهل ستستطيع أن توقف عجلة التطور في ايران، وفي العالم ليبقى حكراً عليها وعلى من ترضى عنه من الدول؟
وهل المسألة هي فقط لأن ايران تريد أن تمتلك التفنية النووية للإستخدامات السلمية؟
في ظل كل ذلك إلى أين تسير منطقة الشرق الأوسط؟ نحو أي مصير؟
وكيف ستكون أوجه المواجهة؟ وكيف يمكن أن تحدّد المواقف من هذه الأزمة؟
نرجو من جميع المهتمين بهذا الأمر مشاركتنا بآرائهم وتحليلاتهم ونظرتهم لسير الأحداث في المنطقة،
والتي يعنينا امرها جميعاً
ماجدة ريا .

Tuesday, October 02, 2007

غني يا طيور

غني يا طيور غرّدي
للمجاهدين لحن البطولة انشدي
ولصدى تضحياتهم
في أرجاء العالم ردّدي
هذا حسيني
بدمه مستشهد
أذلّ الصهيوني
بعنفوانه المتمرّد
وبقي على مر الزمان
شعلة الحق المتوقّد
وفي السماء نوره
غطّى على نور الفرقد
عظمته خالدة
فيبقى عبر الزمان شاهد
أيا زمان كفكف الدمع
فقد ثار من باطنك
شبّان لا تهاب قهراً ولا قمعا
خرجوا من قلب الأهوال
ليردّوا للعدو الصفعة
ليصنعوا مجد الأمة
ويستحقّوا طيب السمعة.
يا بحراً لا تستقرّ أمواجه
ممتدّاً عبر الزمان
تتلوّن أشرعته
مؤذنة برفع الحرمان
جهادك هو المئذنة
التي يرفع منها صوت الآذان
صبرك هو الرصاصة
التي تقتل رأس الطغيان
شهادتك هي ميدالية الحياة
التي منها يتولّد العمران

غصت في أعماقك
والغوص لا يجيده أي إنسان
فما اكتشفت سوى القليل القليل
من عالمك الرائع
من إيمانك الخاشع
من امتدادك الواسع
وأدركت أن المجد
ليس له حدود ولا مكان.
ماجدة ريا

Saturday, September 15, 2007

إن هاجس امتلاك الوزن المثالي يسكن الكثير من الناس في عصرنا، لكن الأمر يبدو بعيد التحقق أحياناً، وازدياد الوزن لجسم الانسان لا ينجم بالضرورة دائماً عن الافراط بالطعام اذ ان هناك بعض الحالات المرضية التي قد تؤدي الى هذا الازدياد مثل: متاعب الغدة الدرقية وهي التي تفرز هرمونات تعمل على استهلاك الوحدات الحرارية والقصور فيها يؤدي الى زيادة الوزن، كذلك يعتبر انخفاض سكر الدم والحساسية لبعض أنواع الأطعمة من الأمراض المؤدية الى ازدياد الوزن، اضافة الى بعض العوامل الاخرى مثل الأكل من اجل التسلية، والتكيف الاجتماعي كأن يطلب من الفرد ان يأكل كل ما يقدم اليه حتى لو شبع، وضعف الثقة بالنفس اذ يعمد هؤلاء الاشخاص الى الانغماس في الأكل عند مواجهة أي مشكلة، كما ان هناك عاملا اساسيا لمسألة ازدياد الوزن وهو العامل الوراثي، وفي هذه الحالة تكون البدانة خارجة عن ارادة الفرد، فبعض الاشخاص تجري عمليات التمثيل الغذائي في أجسامهم بسرعة تساعد على استهلاك الطاقة الحرارية على نحو أكثر كفاءة وبالتالي يكونون أقل قابلية للسمنة، أما لدى البعض الآخر فإن تلك العمليات الكيماوية الحيوية تسير بصورة أبطأ ويعني ذلك أن اجسامهم أكثر قابلية لاختزان المواد الدهنية.
وحيث ان هناك علاقة خاصة بين الزيادة المفرطة للوزن وبين زيادة مخاطر الموت بأمراض القلب والسرطان بحسب دراسة نشرت في دورية "نيوانجلاند جورنال أوف ميدسين" فقد كثرت التحذيرات من الوزن الزائد حتى طرح سؤال في مجلة "هيلث" (الصحة): "هل تمثل بضعة أرطال من الوزن الزائد خطورة ما؟".
واعتبر خبراء في مجال الصحة ان الشخص البدين الذي لا يعاني من مشاكل صحية مثل امراض السكري والقلب وارتفاع مستوى الكوليستيرول وضغط الدم هو شخص معافى، كما يعتبرون ان الانسان الذي يواظب على تمارين اللياقة لديه فرصة أكبر للاستمتاع بصحة طيبة لعدة سنوات حتى لو كان ثقيلاً بضعة كيلوغرامات.
فهل الصيام يؤثر على وزن الانسان سلباً أو ايجاباً؟
ان الصيام يوفر راحة للجسم من العبء الكبير الذي يلقاه خلال شهور السنة الاخرى ويعطي الصائم الفرصة للتخلص من الشحوم الزائدة التي تراكمت خلال السنة، لكن هذا لا يحصل اذا لم يتم الالتزام بتعاليم الصيام والافطار، اذ يلاحظ ان بعض الناس يزداد وزنه بالرغم من الصيام، وهذا عائد الى زيادة ما يتناولونه من الطعام خلال الليل عن حاجة أجسامهم للطاقة.
وتشير الدراسات التي أجريت على مجموعات من الصائمين أن وزن الجسم قد تغير في نهاية شهر رمضان على شكل زيادة أو نقصان في الوزن مقارنة مع ما كان عليه الحال قبل الشهر أو بعده، بنسبة تصل الى 3,6 بالمئة و 2,4 بالمئة كمعدل للنقصان والزيادة على التوالي.
هذا التغير بالوزن يعود الى العديد من الأسباب أهمها وفقاً للدراسة التي أعدها الأستاذ معز الاسلام عزت فارس، ماجستير تغذية الانسان/كلية الزراعة في الجامعة الاردنية:
- نقص الطاقة المأخوذة: وهي أهم عامل في نقصان وزن جسم الصائم، اذ ان كمية السعرات الحرارية المتناولة يومياً خلال فترة الافطار تحدد نسبة الفقد في الوزن.
- نقص السوائل: تشير احدى الدراسات التي أجريت على مجموع من الصائمين الى ان معدل تناول الماء والسوائل قد انخفض خلال شهر رمضان المبارك بشكل كبير عما كان عليه الحال قبل شهر الصيام، حيث انخفض معدل تناول السوائل من 3,9 ليتر /اليوم الى 2,25 - 2,50 ليتر/ اليوم خلال الشهر.
- الطاقة المصروفة: ويتم هذا من خلال الجهد البدني المبذول في انجاز الاعمال اليومية، اذ تزداد نسبة الوزن المفقود في نهاية الشهر بزيادة الطاقة المصروفة، حيث تترافق الزيادة في الجهد مع استهلاك كمية اضافية من الطاقة المخزونة في الجسم والتي تكون اساساً على شكل انسجة دهنية.
الا انه وكي تتم الاستفادة من عملية الصيام على صعيد تخفيض الوزن لا بد من الاعتدال في تناول الطعام، والابتعاد عن الأكل حتى التخمة، بل الانتظام في تناول وجبات مدروسة تساعد على المحافظة على سلامة وزن الجسم.
ماجدة ريا

Friday, September 07, 2007

في رحاب شهر رمضان


يا شهر الله
لك دق القلب ووجف
مرحّباً، مسلّما، مستقبلا
والقلم من رهبته ارتجف
يجوب في رحابك
عمّ يكتب؟ وعمّ يصف؟
عن مؤمن قد حنّ وتمنّى
وعند أعتابك قد وقف
وأبوابك مشرّعة تناديه
أن وقت العمل قد أزف
والأجر فيه مضاعف
فهيا يا مؤمن منه اغترف
ادخل مسرى النور
وتلاوة القرآن..
وقراءة الدعاء احترف
ولا تنسى عمل الخير وصلة الرحم
كي تحقق الهدف
سما بسمو واضعه
فكان الجنة، ونعم الهدف.
ماجدة ريا

Sunday, September 02, 2007

خرق الزمان

خرق الزمان
وعلى الظلم تمرّد
رفع الصوت عالياً
ولإحقاق الحق تعهّد
كالقمر يكتسح السحاب
ونوره مع كل إطلالة يتجدّد
وأمثولة خطّها بدمائه
وحده بها تفرّد
لها وحدها كل طائر
في السماء وعلى الأرض غرّد
بها وحدها يحلو الكلام
عن طغيان زال وتبدّد
وعن أسطورة انكسرت
وانكسر معها ما كانت به تتوعّد
وتولّدت أسطورة عزّ
كما الشعاع من الشمس يتولّد
فتبقى خالدة عبر الزمان
مع كل حادث مُخلّد
تحمل في ثناياها نصر محقّق
امتزج بها ومعها توحّد.

ذئاب هبّت تسابق الريح
تعوي وسط ظلام الصمت
لكل حرمة تستبيح
وفي أنيابها السم القاتل
يحمل الموت لكل متألم وجريح
فإذا بعتمة الظلم تتفجّر
وتنبلج منها المصابيح
شهداء... ثوّار... أحرار
وكل وجه مضيء سميح
يقلبون الموازين
ويجعلون الجنة في الضريح
يقتلون العدو، يكافحون الشّر
حتى العالم بوجودهم يستريح
يقتلعون الأنياب
يرشّون سمّها على العدو القبيح
فيشرق النصر على دنيانا
فيهلّل له كل محب وكل فصيح
ماجدة ريا.

Wednesday, August 15, 2007

أنتَ القائد

هكذا هو أنتَ يا سيدي، وهذه هي طلّتك، وهذا هو خطابك
متجدّد مع كل جديد، متطلّع نحو كل قريب وبعيد، تستحضر الماضي للعبر، وتقرأ الحاضر لتقرير المصير، وتحضّر للمستقبل فتفتح أعيننا على كل الحقائق... فنتأكّد مما نعرفه، ونستذكر ما نسيناه، ونتعلّم الكثير الكثير من قائد استحقّ لقب القيادة بكل ما تشتمل عليه من معنى.
من شحذ الهمم، إلى إعطاء الدروس، إلى بلسمة الجراح، إلى كيفية التعاطي... إلى أشياء كثيرة قد لا أتمكّن من استحضارها، لكنّك مع كلّ طلّة وخطاب تجعلنا نحلّق فوق السحاب، ونزداد إيماناً بخطّنا المبارك، بالنهج الصحيح، نزداد افتخاراً بالإنتماء والنهل من فيض قيمك حتى الإرتواء، نكتشف في كل مرة أشياء وأشياء، وكأننا نولد في عالم جديد.
أيها السيد العظيم، يا من اهتدى واستنار بخطى "أهل البيت عيهم السلام" وركب سفينة أبي عبدالله الحسين عليه السلام سيد أباة الضيم لتعلن لكل العالم الذي لا يريد أن يفهم أن شدة الأعاصير لا تغيّر نهجنا، ولا تبدّل طبعنا وتقول ما قال سيد الشهداء "إن قبلتمونا بقبول الحق فالله أولى بالحق، وإن لم تقبلونا فنصبر حتى يقضي الله بيننا وبين قومنا"
نعم سيدي، فالله خير الحاكمين، والله الذي نصرنا في حرب تموز 2006 على تلك الحرب العالمية الشعواء التي شنت علينا كفيل بأن ينصرنا.
الوعي، المعرفة، الإستعداد، الإحاطة بكل صغيرة وكبيرة، النظر إلى العدو بعين فاحصة، النظر إلى من استعدونا إكراماً لصداقات العدو بعين فاحصة وممحّصة... كل ذلك يجعل من أي مواجهة مدروسة محسوبة النتائج.
نحن معك سيدي، على هدي خطاك في درب المقاومة نسير، في قلوبنا وعقولنا، في حياتنا وأموالنا... نحن معك على خط أبي الضيم، لا نرضى الضيم أبدا، بل نحيا أعزاء، ونموت أعزاء والله ولي المؤمنين.
ماجدة ريا

Tuesday, August 14, 2007

ما بين يوم 14 آب 2006 ويوم 14 آب 2007


ما بين يوم 14 آب 2006 ويوم 14 آب 2007 سنة كاملة.
هذا اليوم ما زال هو هو من حيث مشهده في إعلان إفلاس العدو وانهزامه وانتصار المقاومة، ورائحة العز التي تفوح منه يشتمّها كلّ ذي أنف نظيف، اعتاد على روائح النصر المليئة بالعزة والكرامة، ولكن ما بين هذين اليومين وقفة ولفتة لا بد منها.
14 آب 2006، هو يوم التدافع لعودة النازحين إلى قراهم، إلى بيوتهم وأراضيهم، يوم عظيم، والناس في غمرة من المشاعر التي يعجز الكلام عن وصفها، يدركون أنهم صمدوا، وعودتهم هي عودة الإنتصار، تبرق عيونهم ببريق البهجة، يتفقّدون بعضهم بعضا، يواسون بعضهم بعضا.. يوم انشغل الناس فيه عن كل شيء، وفي اللحظات التي يعون فيها حجم الحدث، وحجم الإنتصار الإلهي، يطالعهم أركان السلطة بالتشكيك والكلام الذي أقل ما يقال فيه إنه استكمال لعملية ذبح باشرتها إسرائيل، وعجزت عنها رغم كل عتوّها، العيون شاخصة والقلوب واجفة، والريبة من أركان السلطة تحوّلت إلى يقين... لكنها أيضاً ما استطاعت استكمال عملية الذبح، إذ هي أعجز من أن تحقّق شيئاً...
يومها، تعالى أهل الصمود على الجراح وصمتوا، وتابعوا يوماً بعد يوم إمعان السلطة في التخفيف من ذلك الوهج الذي كان يجب أن يكون لكل الدنيا كما استحق ذلك عن جدارة، والذي كان يجب أن يجعل لبنان كوكباً دريّاً في سماء البلدان، لكنهم لا يستحقون ولو النزر اليسير من هذا الوهج وهذا الإنتصار الإلهي... وكل ما فعلوه من كيد وكيد ارتدّ عليهم، ولم تكن نتيجته سوى حرمانهم من بعض شرف لا يستحقّونه، فعاثوا فساداً وإفساداً، وتجبّراً وتنكّراً لأهل المقاومة والصمود، استفادوا واستفادوا وهدروا أموال الناس التي جاءتهم ظلماً وعدواناً، وأمعنوا في ممارساتهم الكيدية. ولكن مع كل هذا، هل أفلحوا في خنق الإنتصار؟!
لقد أرّخ العدو لهزيمته النكراء، وأدلى بالإعتراف تلو الإعتراف، وأصدر التقرير تلو التقرير، وتطايرت معظم الرؤوس المسؤولة سياسياً وعسكرياً، وأولمرت يسعى لتطيير اللجنة كي لا يطير رأسه في النهاية.
هزيمة الصهاينة واقعة أرّخها العدو لنفسه، والإنتصار هو الإنتصار وسيبقى الإنتصار
.
نعم 14 آب 2007 مدموغ بأنه يوم الإنتصار الذي لم يسبق له مثيل، وسنحتفل به بكل هدوء الأعصاب التي استفزّوها على مدى عام، ولنقول لهم أننا انتصرنا وأن زمن الهزائم قد ولّى وجاء زمن الإنتصارات، فلتكفّوا عن غيّكم، وفكّروا ملياً بمصلحة هذا الوطن، لأننا لن نساوم عليها، ولبنان الوجه المقاوم المشرق سيبقى هكذا، وستبقى المقاومة.
فليهنأ المنتصرون في عيدهم، وليفرح كل قلب محب للمقاومة في يوم 14 آب.
ماجدة ريا

وعاد 14 آب


الشعاع الذي يومض من ذلك النهار يزداد إشراقاً، منذ 12 تموز وهو يتلوّن كل يوم بألوان وضّاءة تشرق وتنير حتى نصل إليه شمساً مشرقة بكل نور الكون..
لن ننسى أن العدو الصهيوني قد صال وجال طيلة تلك الأيام الطويلة، ساكباً على أرضنا كل أنواع الإبتكارات المدمّرة، والأطنان المتفجّرة، وبوضوح ضوء الشمس شاهد العالم بأسره صباح 14 آب 2006 ما حصد هذا العدو من إذلال على يد ثلّة من المقاومين الأبطال ، وكيف اضطر هذا العدو المتغطرس إلى وقف عدوانه مهزوماً محبط الأهداف. سكت وسكتت آلته الحربية الغاشمة التي لا تعرف من فنون القتال سوى الفتك بالأبرياء، وتدمير المباني والهروب عند أول محك للإصطدام، لأنهم أجبن من المواجهة، وأوهن من بيت العنكبوت، يختبئون في آلاتهم المدرّعة كفئران مذعورة تخشى الظهور، ولا تجيد سوى الفرار.
لن ننسى ثلاثة وثلاثين يوماً من الصمود الأسطوري للمقاومة الباسلة، ولأهلها الأبرار الذين بقوا الظهر الحامي الذي لم يهرب من لهيب ألسنة النار حتى تحولت بقدرة قادر إلى انتصار عظيم سيذكره التاريخ...
هو انتصار بحجم ذلك الصمود، بل أكبر، إنه العز الإلهي الذي وعد الله به عباده الصادقين، الذين نصروه فنصرهم وأعزهم وجعل كلمتهم العليا، وكلمة الأعداء هي السفلى، فلم يفلح ذلك العدو بتحقيق أي من أهدافه، وبقيت المقاومة رغم كل عتوّه بل ازدادت قوة وصلابة.
وعاد 14 آب، بكل إشراقه الذي غمر الكون عزة وضياء، والناس يرفعون شارات النصر، يكبّرون ويهلّلون..
على البيوت المدمّرة نُصبت الخيم وعلى رأس كل منها إشارة نصر، وعلم أصفر يحكي عن العزة والكرامة، نعم خيم يقطنها أهل العزة والكرامة... فما نفع القصور عندما يكون قاطنيها عبيداً للأسياد؟!
14 آب هو يوم الإنتصار الكبير، هو يوم رسم المعادلات الجديدة، فلا الدمار ولا التخريب يجديان نفعاً في ذلك الرسم، ولا السياسات الخائنة، ولا الخنوع ولا أي شيء من كيد الأعداء أو كيد مسانديهم يمكن أن يجدي نفعاً في ذلك الرسم، فهذا الرسم هو ملك للخط المقاوم، هو وحده الذي اثبت قدرته على خط المعادلة الجديدة
لن ترهبه النار ولا يرهبه الدمار، ولا تعيق قدرته شدة الإعصار، قلم المقاومة أقوى من كل ذلك، هو الذي خطّ الإنتصار، والذي يملك قدرة أن يخطّ أي انتصار.
ماجدة ريا

Monday, August 13, 2007

من ذاكرة 14 آب 2006


صباح الإثنين 14 آب 2006 كان موعد وقف العمليات العسكرية في الثامنة صباحاً، وكان ذلك موعداً لبدء عودة النازحون عن ديارهم، كانت السيارات متّجهة قوافل قوافل نحو الجنوب ونحو الضاحية والبقاع من أماكن نزوح الناس وإلى كل مكان رغم صعوبة الطرقات التي أحدثت فيها آلة الدمار الإسرائيلية دماراً رهيباً، وكانت إشارات النصر ترتفع عالياً.
كنت أراقب كل ذلك عبر التلفاز، وأسمع الجدالات التي ارتفعت وطغت وكأنها تريد أن تأكل عيد النصر بزبدها المتفجّر حقداً، والأسوأ كانت تلك الأصوات التي ارتفعت من قلب لبنان، في الوقت الذي ما زال أنين الأطفال وآهات الثكالى والأرامل وعذابات الجرحى يملأ الأجواء.
وسط كل ذلك ترتفع الأصوات النكرة لترخي بظلالها على جمهور المقاومة فتتفجّر في دواخلهم غيظاً!
الناس تغلي كبركان ثائر على ذلك الظلم الفظيع، ولظلم ذوي القربى أشد مضاضة وأقوى، فيأتيهم صوت سيد المقاومة ليبرّد قلوبهم، ويضمّد جراحاتهم، ويملأ عليهم أحاسيسهم بما لا يوصف.
نعم، أنا نفسي عندما انتهى من كلامه، كنت أقفز عن الأرض فرحاً، بل أكثر من الفرح!
إنه إعلان الإنتصار، وليس أي انتصار!
هو الإنتصار الاستراتيجي التاريخي الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الأمة، وجاء ردّه الصاعق على تلك الأصوات النكرة بما يتناسب مع حجمها، إنها ليست موجودة لا تكنّوا لها أي اعتبار.
فليأكلهم غيظهم وغّيّهم وحقدهم... وليتابعوا مسلسل الأذى الذي بدأته إسرائيل، وليقولوا ما يشاؤون...
ونحن هنا، نحن شعب المقاومة، لا نحني هاماتنا إلاّ لخالقنا، هو الذي يعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء، وليس بعد هذا العز عز!
فوالله أشعر أن قلبي يرقص في مكانه، فانتفض وينتفض من حولي لأن الفرحة لم تعد تسعنا، حتى أطفالنا الصغار الذين حفظوا أناشيد المقاومة ساروا في الطريق كتظاهرة عفوية يهتفون بأعلى أصواتهم، يسخرون من طائرات العدو لتعلو أصواتهم من جديد "لبيك يا نصر الله"
الكبار علت أصواتهم بالمباركة، بالهتافات.. وانطلقت المفرقعات تلوّن الأجواء، إنه شعور لا يوصف!
شعور بالعزة والكرامة ، شعور بالنصر، رغم كل الألم
الألم مع آلام من كان له النصيب الأكبر في التضحية، مع أهالي الجرحى والشهداء، ندرك أن الشهداء في سعادة عند ربهم ليس بعدها سعادة، لكن نتألّم مع أهاليهم لفقدهم ونتألّم لآلام الجرحى الذين ما زالوا يعانون، ونتألّم لمن فقدوا أشياء عزيزة عليهم، ونشعر بالعزّة حتى أمام كل ذلك الدمار الوحشي، فنهزأ من جبروت تلك الطائرات التي عجزت عن تحقيق أبسط الأهداف، وسنبني من جديد، سنبني بأفضل مما كان الحال عليه، ونقول للعدو ما قاله سيد المقاومة :" كد كيدك، وناصب جهدك واسعَ سعيك فإنك والله لن تمحو ذكرنا ولن تميت وحينا".
" ويريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره المشركون."
ماجد ريا.

Friday, August 10, 2007

مشهد من الهزيمة

بيت العنكبوت
ما إن وقفتُ عند باب المدخل، وجلت بناظري يمنة ويسرة، حتى انتابني شعور يدفعني لأن أدقق في كل صغيرة وكبيرة في هذا المكان، وقد زاد من شعوري هذا كثرة الناس الذين اندفعوا مثلي ليتعرّفوا، عن كثب وبأم العين، على مشهد من مشاهد هزيمة العدو.
بعد أن خطوت خطوات قليلة وجدت نفسي أمام بعض من حطام طائرة " اليسعور"، تلك الطائرة التي أسقطتها المقاومة الباسلة في وادي مريمين ما أدّى إلى مصرع وجرح الجنود الصهاينة الذين كانوا على متنها، الموجود أمامي هو بعض من المروحة والذيل وقد بدا ضخماً جداً.. مشهد الصخور الصغيرة والمتوسطة الحجم التي وزّعت هنا وهناك جعلني أشعر أنني في مكان قروي لا علاقة له بالمدينة، وكأن الطبيعة بجمال أحجارها انتقلت إلى هنا.
رفعت بصري إلى الجانب الآخر لأرى مجسم الصواريخ مرتفعاً نحو السماء، وإلى جانبه بقايا دبابة ميركافا، أو ما يمكن أن يطلق عليه هيكل دبابة!
أمشي متمهّلة، أحاول الإحتفاظ بهذه الصور في عمق قلبي الذي بدا طرباً وهو يشتمّ رائحة الهزيمة لذلك العدو المتغطرس، كل هذا ولم نبدأ الرحلة بعد، إذ وصلت إلى باب خيمة كبيرة وولجت إلى داخلها.

أُعدّ الداخل على هيئة بعض المواقع التي تخص المقاومة، فبدت الخيمة مقسّمة إلى شبه غرف صغيرة، الواحدة منها أشبه بركن يخص فرداً أو فردين، وفي كل منها يطالعك مجسم لمقاوم، إما ساجد يصلي، أو قانت لربه، أو منكب على خريطة بين يديه ... تابعت السير وقد صعدت درجات قليلة أوصلتني إلى ما يشبه قاعة كبيرة، مضاءة بشكل فني، وهي مقسّمة أيضاً إلى أركان، كل ركن منها اختص بإظهار شيء ما، وقد بيّنت ذلك الصور العملاقة التي وُزّعت في الأرجاء!
ركن اختص بإظهار صور الأعداء من بوش إلى رايس إلى أولمرت وجنوده المذعورين الباكين...
وآخر اختص بإظهار المجازر والأطفال الذين أصيبوا من جراء توحش الآلة العسكرية لهذا العدو...
في أرض كل ركن أُقيمت حفرة مربعة قليلة العمق وضع في كل واحدة منها نوع من أنواع المخلّفات الإسرالئيلية التي استولى عليها المقاومون أثناء المعركة، من خوذ للرؤوس، إلى أسلحة رشاشة، مناظير، بذلات عسكرية، أجهزة اتصال... طبعاً هذه الحفر مغطّاة بزجاج شفاف تستطيع أن ترى من خلاله كل تلك الآثار التي إن دلّت على شيء، فهي تدل على فرار العدو وانهزام جنوده، وقدرة المقاومة عل النزال، وأن أسلحتهم وجبروتهم فعلاً تحت قدمي المقاومة.
في أحد الأقسام كانت تعرض عبر شاشة الكمبيوتر لعبة إلكترونية تحاكي العمليات التي كانت تقوم بها المقاومة في بنت جبيل ومارون الراس وعيتا الشعب..
بعد المرور على كل تلك المعروضات نصل إلى مسك الختام لهذا المشهد البانورامي المؤثر الذي يروي هزيمة نكراء للعدو الصهيوني.
دخلنا عندها إلى مكان معتم أعدّ للعرض، فيه شاشة عملاقة بالقرب منها حفرة كبيرة وُضعت فيها دبابة ميركافا وسلطت عليه إضاءة خفيفة زرقاء كالوميض...
بدأ العرض، كيف كان المقاومون يرمون الدبابات وكيف كانت هذه الدبابات تتفجّر.. كيف كانت الصواريخ تطلق... كيف ضربت البارجة في عرض البحر...
شعرت أنني أعيش الحرب من جديد مع أصوات الإنفجارات تلك، ولكن بالتأكيد هذه المرة أعيشها وأنا أتلذذ بطعم الإنتصار الإلهي، وأنا أصفق بشدة عند انتهائه، وأصرخ بأعلى الصوت
يا الله يا الله احفظ لنا نصر الله
يا الله يالله احفظ كل مقاوم، احفظ كل مجاهد في سبيلك.
ماجدة ريا

Tuesday, July 24, 2007

الحرب: تخطيط أم رد فعل

"في تموز (و) آب 2006 لم يكن هناك مكان في فلسطين المحتلة لا تطاله صواريخ المقاومة.. تل ابــــيب أو غيرها، أي زاوية أو أي نقطة في فلسطين المحتلة كنا يمكن أن نطــالها بكل تأكيد. والآن يمكن أن نطالها بكل تأكيد"
هذا ما أكّده الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في مقابلة أجرتها معه قناة الجزيرة، وهذا ما يؤكّد حدثاً ماضياً ويهيّء لآخر قادم.
وكانت القنوات العبرية قد بثّت تقريراً يقول إن الصهاينة يعتبرون أنهم إذا تمّ ضرب حزب الله بقصد الإبادة فإن الحزب سيتصرّف برد فعل مجنون ويظهر كل أوراقه! وهذا ما لم يحدث أبداً، وما لم يتحسّب له الإسرائيليون والذي أوصلهم إلى تلك النتائج من الهزيمة والعار.
إن المتتبّع لحرب تموز الماضية، سيكتشف بأن إسرائيل تصرفّت بقسوة ليس بعدها قسوة، من خلال التدمير الشامل للمباني والبنى التحتية بغية إلقاء الرعب في قلوب الناس والمقاومين، ودفعهم للرد غير المدروس، فإذا بالمقاومين يزدادون قوة وإيماناً وثباتاً كما تجلّت هذه الحالة على أهل المقاومة أيضاً الذين آثروا أن يدفعوا تلك الأثمان الباهظة للحرية بكل طيبة خاطر، وما أكثر ما سمعنا كلمات " فدا المقاومة" " فدا السيد حسن"، وأما اللاّفت فكان رد المقاومة المدروس بدقّة متناهية، وتخطيط حكيم، والذي لم يعتمد في أي لحظة من اللحظات على رد الفعل.
وكانت الرسائل المتتالية للسيد حسن نصرالله قائد المقاومة تؤكد مدى رباطة جأش المقاومة، وحنكتها وقدرتها على المواجهة بشكل فاعل وكبير، فكانت تردّ على الإعتداء بهجوم يوازيه، رغم امتلاكها للصوارخ التي تطال كل شبر من أرض الكيان الغاصب، ورغم قدرتها الميدانية على القيام بذلك، وقد شهد العالم بأسره أن صواريخ حزب الله بقيت تنهمر على الكيان الغاصب حتى اللحظة الأخيرة، ولم تملك إسرائيل قدرة إيقافها أو منع سقوطها على مستوطناتها رغم كل ذلك الدمار الذي أحدثته خلال ثلاثة وثلاثين يوماً من العدوان المتواصل والمبني في معظمه على التدمير الشامل بواسطة سلاح الجو الإسرائيلي.
وكانت كلما تمادت اسرائيل في استهدافها، يأتيها رد متوازٍ مع هذا التمادي، فقصف الضاحية يقابله قصف حيفا، وقصف بيروت كان سيقابله قصف تل أبيب، وهكذا كانت المقاومة تدرس كل ردودها بحكمة بالغة، ولم تفقد السيطرة على زمام الأمور حتى اللحظات الأخيرة التي وقع فيها الجيش الإسرائيلي في الإرباك بسبب اضطراره لعملية عسكرية برّية لم يكن مخطّطاً لها، إذا لطالما تبجّح "دان حالوتس" قائد جيش العدو خلال الحرب بقدرة سلاح الجو على حسم المعركة، وإذ بالأيام تكشف له بعد نفاذ بنك الأهداف المحدد للطائرات أن الحرب لم تبدأ بعد، وأن قدرة حزب الله على المواجهة ما ضعفت ولا وهنت، وكانت المواجهات البرية تؤكّد ذلك، ومجزرة الدبابات في وادي الحجير وسهل الخيام تشهد بذلك، كذلك الملاحم البطولية في عيتا الشعب ومرجعيون، حيث لم يستطع العدو التقدم ولو أمتار قليلة إذ سرعان ما كان يكتشف أنه لا زال في المواجهة فيفرّ مذعوراً.
الصبر، والإيمان والقدرة على امتصاص الضربات والتفكير قبل أي رد، هي من الأمور الجوهرية التي أعطت الحرب بعداً آخر لم يحسب العدو له أي حساب، رغم أن الحرب جاءت مباغتة، لكن جهوزية المقاومة الدائمة لمواجهة هذا العدو الذي لا يتورع عن الإعتداء وشن الحروب في أية لحظة، وطريقة الرد المبنية على التخطيط والحكمة بعيداً عن الإنفعال ورد الفعل الأعمى أثمرا نصراً غير مسبوق في تاريخ الأمة العربية.
ماجدة ريا

Tuesday, July 03, 2007

سحر الكتابة


لطالما وجدت نفسي ألهث وراءها، ولطالما سعيت إليها بجد حثيث لكنني أعترف أنه غير كاف، تسكنني كسحر جميل لا يقاوم لكنّه ضائع بين سراب الأيام، وزرافات الأوجاع في وطن لم يبق منه سوى اسمه.
لست وحدي التي تضيع في غياهب المعمعات المحيقة به، أو التي تتوه في شجونه إلى حد الغرق، فقط أنفي هو الذي ما زال ظاهراً يصارع الأمواج العاتية كي يدخل منه بعض الأوكسجين الذي يساعدني على البقاء.
لا زلت أمتلك قوة الحياة، أبحث عن محرّكات الدفع في جسدي الغارق، فتتحرّك أطرافي بحركة المصارع في لحظات الحسم الأخيرة، لتسدّد للخصم لكمة الموت، ولتنتشل روحي من براثن الغرق.
لكم رسمت للوطن في أحلامي الكبيرة صوراً! لكن يبدو أن الإحتباس الحراري للأرض أثّر حتى على أحلامنا البريئة، فذابت.
لم أنهزم في نفسي لأنني أكره الإنهزام، ولم أيأس وأنا ما زلت أتنفّس، بل انحنيت بكل تجاسر، ألملم الأحلام الذائبة، أجمعها في علبة كبيرة، أحاول جهدي أن أبحث لها عن مكان بارد يُطفئ حميمها المتأجج المستعر، كل ما يحيط بها ساخن، لكنني لا أعبأ باحتراق يديّ وهما تحملانها لتبحثان لها عن مقر آمن.
لا، لن اسمح لأحلامي بك يا وطني أن تبقى مرمية على الأرض تعاني الإحتراق إلى حد التّبخر! حتى لو كان جسدي هو الظل الذي سيحترق فداء لك، فإنني أرحب بجحيم الإحتراق، على أن تبقى أنت يا وطني لبنان الذي أحبّه، وسأبقى أحبّه.

وأنتِ! أيتها الكتابة، لا زلت تتوهين مني في بحر من الغموض، أغوص فيه أحياناً، وأبتعد في أغلب الأحايين، رغم أنك الجزء المضيء في روحي، المشعّ في أعماقي، يلبسك هذا الوطن، وواقع المأساة الأحمر القاني، فتتوهين في وجداني، وتختلطين في ذرّات كياني، وتبقين هناك في زوايا الروح، تئنّين وجلاً وأنت تسمعينني أقول لقد مللت من كتابة الوجع!
منذ أشهر قليلة، كنت تتباهين كعروس في طرحتها البيضاء، التي وإن غُطّي وجهها يظلّ يشعّ نوراً كشمس لا يُمكن أن تُحجب.
كانت حروفك تسابق الزمن، تبرز هنا وهناك، تشرق بلون الإنتصار، لكنّه الإعصار المدمّر، الذي يطيح بالكائنات والجماد، بالكلمات والحروف.
إعصار جاءنا من بلاد الصقيع، فتجمّد الكلام، وتغبّشت الرؤية، وتغلغلت الغيوم السوداء، وانطلقت دوّامات الرياح، تعصف بكل ما هو نبيل وجميل، ثوبك الأبيض تشظّى، حتى اخترق حدود الزمان والمكان .
لا زلت أبحث معك عن تلك اللحظات الدافئة، عندما كنت تدثّرين المجازر المتنقّلة في تموز 2006 بروحك ، فتتسع لتلك الأرواح البريئة، وتحملها إلى العلياء، مضرجة بدماء الشهادة، وتشرق من أنّاتك روح التحدي وامتداد البقاء...
لا زلت أذكرك أماً تحنو على الجميع، وقلباً يتسع ويكبر بكبر لبنان، والفخر يرفع هامتك عالياً ...
أراك اليوم تبحثين عن الكلمات فلا تجدينها؟ تبحثين عن هذا الوطن الذي رويته بنجيع آلامك، تبحثين عن البقاء الذي صنعته بدموع اليتامى والأرامل والثكالى والشيوخ...
تبحثين عن علاج لحقائق تشوّهت كيف تعيدين لها وجهها الحقيقي؟
اسمع صراخك الآن يملأ الآفاق وأنت تقولين:
جاء قلبي ليكتب، قُلت له يا قلبي لقد ضاعت الكلمات، أبحث عنها ظلالاً متواربة هنا وهناك، ولم يبقَ سوى الإحتراق، ثم الإحتراق، ثم الإحتراق.
فهل الرماد عندما ينثر على أرض الوطن يمكن له أن يزهر من جديد؟!!!!!!
أيا وطني، أيا وجعي، أيا ألمي، أيا حزني.....
أيا أهلي، إلى أين نحن ذاهبون؟
لقد اكتوت المهج، وسالت الدماء، والعيون لا ترى بل تحس بشلاّلات آهاتها العاجزة عن وقف هذا النجيع وعن تسكين هذا الألم، والجرّاح يجري عمليته بكل وقاحة دون أي مسكّن حتى ولو موضعي، بل يدخل مبضعه الملوّث في جسمك يا وطني وينظر إلى عينيك المرتجفتين بالدموع وهما ترمقانه بوجل!
لبنان...
بات اسمك يبكيني، بات أرزك يشجيني، ولون الأحمر في علمك يمتدّ إلى شراييني.
لبنان... يا وطني الصغير الكبير.
ماجدة ريا 1 تموز 2007

Friday, June 29, 2007

كآبة!


بعد لحظات من الإنشراح والغبطة عاشتها تلك النفس راودتها فكرة ما... فمثل أمامها شخص الكآبة.
تأمّلتها... عجوز شمطاء، أكل الزمن من وجهها نضارته فلم يترك منه سوى قشور يابسة تغطّي عظاماً نافرة!... ابيضّ شعرها من كثرة التجارب... فبدت كساحرة مخيفة متمرّدة ...
ما إن رفعت النفس عينيها الوجلتين باستياء في وجه تلك العجوز حتى انقبضت وثارت كبحر هائج يريد أن يرمي زبد أمواجه في كل اتجاه...وصرخت :
" اغربي عن وجهي أيتها العجوز الشمطاء!... لا أريد أن أراك.. لا أريد.."
" ها...ها...ها..." علت ضحكات العجوز، وترجرج صوتها يتردّد في آذان تلك النفس المسكينة:"أنا جئت من دون دعوة منك، ولا أنتظر أوامرك في الرحيل، فأنا أرحل ساعة أشاء!."
كانت ما تزال متقوقعة داخل وجلها هذا، حين شعرت بحركة، أحد ما يتجه نحوها، التفتت لترى رجلاً يرتدي ثياباً بيضاء تشعّ نوراً، هي تعرفه جيداً، إنها تركن إليه في لحظات الشدة، إنه شخص الإيمان...
كان كلما اقترب منها أفاض من نوره عليها، فيتسرّب إلى أعماقها هدوءاً، يجعل تلك العجوز تتململ في جلستها، وترمي بطرف عينيها المتوحشتين نحوها، فتراها غارقة في تسبيح وترتيل... فتلملم أذيالها وتفرّ هاربة، ويعود إلى تلك النفس اطمئنانها.
ماجدة ريا.

Thursday, June 21, 2007

اللعبة


لماذا نجحت أمريكا في زرع كل هذا الإنقسام بين المواطنين؟
ولماذا برز هذا الوجه من التطرف في الإسلام الرافض للغير حتى وإن كان مسلماً،
وبات يتغذى ويقتات على لحم البشر كوحش أفلت بعد تجويعه؟
إن أول من أطلق الحديث عما يسمى بالهلال الشيعي كان "ملك الأردن"، وما أدراك من هو ملك الأردن!
وازداد التهويل، لا يفيد هذا الملك وأصحابه اليهود أن يقولوا هذه جبهة ممانعة، جبهة مقاومة ترفض الوجود الإسرائيلي أصلاً، مع العلم أن هذه الجبهة ليست من الشيعة فقط! ولكن فقط وفقط من أجل استثارة العنصرية بين الأفرقاء وبذر البذور الخبيثة التي أخذت تمتد مع ما تملكه هذه الأبواق من أدوات إعلامية، وتحريف للحقائق وتخويف ليس له مبرر سوى زرع الفتن، وشقّ النفوس وتكريس العداء بين أبناء الأمة الأسلامية الواحدة، وكل هذا كي نتلهى ببعضنا بعيداً عن الإلتفات إلى العداء مع العدو الحقيقي، لأننا عندما ننشغل بمثل هذا الإقتتال لن نتذكر غيره.
وكان هو أول من بشّر بالحروب الأهلية في فلسطين ولبنان والعراق!
ولماذا كل هذا التحفيز وتنمية النعرات المذهبية الآن؟
ومن المستفيد من كل هذا؟
عندما يقتل الفلسطيني أخاه الفلسطيني ترتاح إسرائيل، وعندما يقتل اللبناني اللبناني تزداد سعادتها، وعندما يقتل العراقي العراقي "يبرد جلدها" وتقول في العلن وفي سرها ماذا احتاج غير ذلك؟ فليقتلوا بعضهم بعضا، وليضعفوا بعضهم بعضا...
لماذا؟
لماذا نجحد بديننا وبأوطاننا وعلى أي عرش يتقاتل الناس؟ وعلى أي حكم؟ وعلى ماذا تسفك كل تلك الدماء من الأبرياء؟
في المساجد، في الأماكن المقدسة، في الحسينيات ، في المزارات، في الأسواق، في المحلات...
لو ارتكبت كل تلك المجازر بحق الأعداء لما أبقت منهم باقية، ولكن مقابل قتل القليل منهم يقتل الآلاف من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا على تلك البقعة من الأرض؟
لعبت اميركا لعبتها بذكاء، هناك من يعيها ، ويقرأ عما يخطط له الأجنبي والصهيوني والأمريكي، لكن للأسف معظم أبناء الشعوب العربية يعانون من الجهل، وإذا تعلّموا فهم في معظمهم يتابعون ما يُفرض عليهم وما يغذي عصبيتهم، وينساقون بالعواطف العمياء، والعصبية الخدّاعة، فيناصب الواحد الآخر العداء لمجرد انتماء، وينسى أن الجميع من ذات الإنتماء ، الجميع مسلم والجميع عرب، والجميع هم مسرح كبير لمخطط أكبر منهم يهدف إلى تمزيقهم، وتفتيتهم، وتشريدهم والإستيلاء على ما تبقى من مقدرات بلادهم.
لا شيء يستحق أن نفني أعمارنا من أجله إلا آخرتنا، والتي ترتبط بعزتنا وكرامتنا كمسلمين، وأن نوجه نصالنا إلى قلب الأعداء الحقيقيين وليس إلى من أوهمنا الأعداء بأنهم هم أعداؤنا ليستريح.
إن الله سبحانه وتعالى لا يرضى بكل تلك الفتن، وليفكر كل إنسان بعقله، ولا ينساق وراء شيء سوى وراء القول الكريم "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" والتقوى لا تكون إلا عندما نرضي الله بأفعالنا وأقوالنا وأعمالنا، أحب أخاك الإنسان لأنه إنسان، والله هو الذي يحاسب البشر على معتقداتهم، فليؤمن كل منهم بما شاء، وليعبد ربّه كما يقتنع، ولكن لمََ أخذ المواقف العصبية، والإتهامات المشينة. في كل دين وفي كل مذهب هناك الجيد وهناك الخبيث، ولله وحده الحساب ومآل الأمور..
أعجب عندما يتّجه الجميع لتصفية الجميع بسبب ما ينفثه الشيطان الإمريكي من همس هنا وهمس هناك، وأشخاص يطمعون في الدنيا غير آبهين بما تسبب أعمالهم، أعجب عندما تغطّى الشمس بغربال!
القضية الأساس هي تلك الغدة السرطانية التي زرعت في أرض فلسطين، والحق واضح، وكل ما عدا ذلك زيف يصنعه الأعداء، ويتلقّفه ضعاف النفوس.
حتى متى ستبقى المراوغة سيّدة الموقف، وتبقى الأيادي العابثة تعبث بأبناء هذه الأمة؟
لقد قال أحد الحكماء ذات يوم ومنذ أعوام خلت:
"إسرائيل غدة سرطانية يجب أن تزول من الوجود"
وقال
" المسلمون في العالم مليار ونصف مليار مسلم لو رمى كل واحد منهم على إسرائيل بدلو ماء لجرفتها السيول"
أين أنتم أيها المسلمون؟ وما الذي يجري على أمتنا؟ ولماذا باتت الأفكار الإنقسامية تسيطر، وكأن الأنا لكل أنا تريد أن تسيطر بينما عدونا يتلذذ بما يجري، يضحك في سرّه، يا لسخافة ما يجري، متى نصّب البشر أنفسهم آلهة لمعاقبة الآخرين على معتقداتهم، وينسون قول الله تعالى "ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة" وليس بالقتل والذبح والإنتقام!
أيها الإنسان ارأف بأخيك الإنسان، لم نشهد عصراً أكثر انحطاطاً من هذا العصر الذي يسفك به المسلمون دماء بعضهم بعضا بينما العدو محيط بنا يتشفّى بدمائنا جميعاً!
وليس خفياً على العارفين أن كل هذا من حيل العدو الصهيوأمريكي الذي يعبث بكل ضعاف النفوس، إلى أي فئة انتموا، وإلى أي دين أو مذهب، فيحوّلون حياة الأمة إلى هذا الجحيم، ويتأثّر الآخرون بسيول الدماء، وتثور الثائرة، وانتقام يستتبع انتقام!
لننهِ هذه اللعبة التي ابتدعتها أمريكا بوعينا، وبسعة قلوبنا لبعضنا البعض، بالنظر إلى الإنسان كقيمة إنسانية، ولنوجه حرابنا إلى من ابتدع هذه اللعبة الدنيئة، ولنغرزها في قلبه، هكذا نحارب إسرائيل، بمحاربة الفتن أولاً والسير في الدرب الصحيح الموصل إلى القضاء عليها.
ماجدة ريا

Wednesday, June 13, 2007

الحرّيات الإعلامية مجدداً


درس جديد من دروس الحرية الإعلامية يعطينا إياه اليوم وزير العدل "شارل رزق" في الحكومة غير الشرعية والتي كم أتحفتنا بدروسها عن السيادة والحرية والإستقلال.
هي الحرية بعينها عندما تُطلب الإعلامية مديرة الأخبار والبرامج السياسية في تلفزيون الجديد للتحقيق بدعوى من هذا الوزير،
والسبب تقرير صحافي يكشف بعض المعاملات التي كان قد قام بها هذا الوزير، ويوثّقه بالمستندات، فتكون ردّة فعله أن يهدّد ويتوعد والنتيجة تمثّلت في هذا الإستدعاء، إذ بموجب مفهوم الحرية لديهم لا يجوز الإقتراب من أية ممارسات أو أعمال تفضح القيّمين على السلطة وأفعالهم الشائنة، حتى وإن كانت هذه الأفعال موثّقة، وبموجب مفهوم الحرية هذا يجب على الشعب أن يبقى مغمض العينين ومن يحاول فتح عينيه يجب أن يعاقب ومباشرة!
ولا تنسى وأنت تقرأ هذه الكلمات أنها الحريات الإعلامية في لبنان التي كانت أماً لكل من يريد أن يقول كلمته على امتداد الوطن العربي، هذا هو لبنان اليوم.
ليست هذه القصة وحسب، والجميع بات يعرفهم ويعرف أساليبهم السلطوية الدكتاتورية المتغطرسة القابعة وراء هذه الحكومة الفاقدة للشرعية والباقية بدعم السي "بوش" والست "كوندي"، فالقصة التي استوقفتني كما استوقفت الجميع هو الطريقة التي استدعيت بها يوم أمس! لم أشعر سوى بدموعي تحرق خدودي وكانت عيناي متجمّدتين على الشاشة وأنا أرى تلك المرأة تنقل على كرسي للصليب الأحمر اللبناني لأنها ما زالت تحت تأثير عملية جراحية أجريت لها منذ خمسة أيام فقط، ووضع صحي يرخي بآثار آلامه على وجهها، وطفلة صغيرة بين يديها! وكانت المحكمة قد أُبلغت بوضعها الصحي بواسطة محاميتها لكنهم أصرّوا على إحضارها وهي في هذه الحالة، والسبب أنها بصفتها الإعلامية مسؤولة عن كشف بعض من حقيقة..
وما أدراك ما حقائق هؤلاء الوزراء! وأي فساد مستشرٍ يمتصّ أعمارنا ويرهق كواهلنا!
ولكن رغم الألم والمعاناة، وهي تحمل طفلتها الصغيرة بين يديها، ترسل لذلك الوزير كلماتها بأنه "قد استعجل الوصول إلى رئاسة الجمهورية التي يحلم بها"، فاستعجاله هذا لن يفيده بشيء سوى أنه كشف عن هذا الوجه المخبّئ في أعماقه، وعن تصرّف قاسٍ بحق مواطنة تقوم بعملها، وعن إجرام بحق الحرّيات الإعلامية، فهل هذا هو الرئيس الذي ينتظره لبنان!!
تحية للإعلامية مريم البسّام ولكل الإعلاميين الأحرار الذين بأقلامهم ينقذون البشر من ألاعيب الضلال.
ماجدة ريا

Sunday, June 03, 2007

وتبقى الروح


إلى روح الإمام الخميني العظيم (قده)
حزيران، صفاء الأديم، وزرقة السماء، سنابل قمح صفراء تتماوج بقاماتها الرّشيقة، وحبّاتها الذهبية على نغمات هواء عليل لتكشف عن وجه صبغته الشمس بسمرة لطيفة، ترتسم على قسماته علامات مبهمة، وانطلقت من عينيه نظرات كسهام حادة توزّعت عبر المدى، وغابت أفكاره في تأمّلات من نسيج الواقع وانطلاقات الماضي.
برزت من مخيّلته صورة متوهّجة تسطع بالنور وتشعّ بالضياء، وقد حفرت في أقدس مكان من هذا الرأس لتوزّع إشعاعاتها على الماضي والحاضر والمستقبل، إنها صورة ذلك الرجل العظيم الذي بدّل مسيرة حياته، بل مسيرة العالم أجمع.
تهامست الأفكار داخل ذلك الرأس وتردّد صداها على امتداد الحقول وتناقلتها البلابل والأطيار.
لقد كنت يا سيّدي وإمامي أول نور أضاء ظلمات حياتي واستمرّيت كذلك، وأنا يا إمامي لست سوى إنسان قاصر بما أعرف من علوم وقد عرفت وسمعت عن الكثير من الشخصيّات البارزة من أبطال ووجهاء وعلماء، لكنّك أنت يا سيدي كنت أمراً آخر، وبقيت في نظري أعظم شخصية عرفها التاريخ المعاصر، قلبت المقاييس رأساً على عقب، دخلت التاريخ من بابه الواسع وأعدت صياغة الموازين من جديد، فأزلت الرماد المتكدّس على إسلامنا، وكشفته عن جمره الوقّاد، فأظهرت عظمته ومقدرته على صناعة الأجيال التي يمكن أن تتخطى الأخطار وتواجه الرّزايا من أجل إحقاق الحق وصياغة العدالة.
وكلّما أبحر الإنسان في بحر علومك، تنكشف الحجب عن النفس الباحثة عن ذاتها، وتتّسع الرؤيا ليعرف أنّك أجبته عن أسئلة لم يكن يعرف كيف يطرحها، لا بل لم يكن يعرف كيف يستخرجها من قرارة هذه الذات.
سيّدي، لقد حقّقت حلم الإنبياء بإقامة دولة الإسلام على الأرض، وتطبيق دستور القرآن الكريم.
ثورتك سيدي لم تنحصر في شعبك، بل تخطّتها لتحرّك كل الشعوب المستضعفة، إلى أي دين أو إلى أي بقعة من الأرض انتمى أبناؤها، وزرعت في قلوبهم يقيناً بقدرة الحق على مقارعة الظّلم، وكرّست ذلك بإرادة لا تقهر، لتحيل حياتك إلى كوكب وضّاء ينير عالم الحقائق وتكشف ستارة الظلام التي كانت تلامس القلوب.
سيدي... مع انبلاج فجر الثورة الإسلامية أدرك قلبي نور اليقين، وجمال الدين، وروعة الإيمان، وأدرك كيف يتحرّك في هذا الزمان، كيف يعقل الحقائق، كيف يصون دين الإسلام من أعدائه المتربّصين به الشرور، وكيف أكون غيوراً على إسلامي ، مع هذه الثورة تعلّمنا الكثير، الكثير، وأقول لئن غبت عنا سيدي فقد غاب الجسد وبقيت الروح فينا تنير ظلام أرواحنا بنور إيمانك وعلمك.
طالت مناجاته في وقفته تلك، وكان وقت الفجر أخذ بالتلاشي، لترسل له الشمس شعاعاً يوقظه من أفكاره، ويحرّكه نحو تلك التلّة التي طالما اختلطت ذرّات ترابها مع عرقه وتمرّغت بها ملابسه، هناك حيث يؤكّد الوعد بالعهد، ويمضي بثبات لتحقيق ما يريد.
سرحت عيناه في زرقة السماء الصافية التي اجتاح صفاءها حركة طائر كبير، بدا صغيراً لشدّة علوّه، تبعه بعينيه وهو يحلّق في السماء بشكل دائري، وكأنه يبحث عن شيء ما.
مشى بضع خطوات على الطريق الترابي الضيق المحاذي للزرع، أخذ نفساً عميقاً وجلس على كومة من التراب على ضفة النهر الذي يمرّ من هناك، فشعر بتناغم خرير مياهه المنسابة بكل رقة وعذوبة مع صدى أفكاره التي لا زالت تتسابق في رأسه خيالات وأحداث.
لا زالت نظراته تتابع حركة المياه، وقد تركّزت على بعض الأعشاب الخضراء التي ظهرت على حافة النهر، فتتمايل معها، وكأنها تتراقص على نغمات أفكاره.
" نعم سيدي، لقد تركت فينا نهجاً لا يموت، وفكراً لا ينضب فتبقى شمساً تزداد سطوعاً في كبد السماء وتضيء كل زوايا العتمة في هذه الأرض، دون أن تعرف الأفول".
ماجدة ريا
25 تموز 1997

Wednesday, May 30, 2007

أين وطني فلسطين


وطني...
أعرف أنك لا زلت تسأل عني
وحبّات التراب التي داستها قدماي تفتقدني
لا زلت في قلبي الشريان النابض
والآن قطعه يحاولون
يريدونني أن أكون غير ما أنا!
وهل يكون الإنسان إلاّ ذاته
ولو حاول تغييره الآخرون؟!
لن يكون لهم ذلك أبداً
لا ولن يكون
فأنت تسكن في جفون العيون
أطبقها... فأراك
هناك...
في حلمي... في غدي
أبلسم جراحك
أقبّل يديك
المفتوحتين نحوي
تنادياني
كما الأم الحنون
عد إليّ بني
لقد أرهقني بني صهيون
تعبت من فراقك
ولدي
أعرف أنّي عليك لن أهون
يريدون أن يحرموني منك
ويحرموك مني
ملعون كل من يقول ذلك.. ملعون
لن أصدّق كل ما يقولون
أصدّقك أنت
أنتظرك أنت
أعرف أنك ستعود يوماًً
فأنا حصنك ولدي
وأنا خير الحصون
فداك روحي يا وطني
وغير هذا لن يكون.
ماجدة ريا

Friday, May 25, 2007

كلمات في الإنتصار والتحرير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل عام وأنتم بخير
25 أيار عيد التحرير في لبنان
وهو ذكرى اندحار العدو الصهيوني عنه عام 2000
وذكرى فرار هذا العدو مهزوماً مذعورا
وهو ذكرى عز مضيء في جبين هذه الأمة
نتمنى أن تتحرّر كل أراضينا العربية من نير الظلم والطغيان
نتمنى أن تتحرّر أرض فلسطين والمقدسات وأرض العراق وكل أرض سليبة
في هذا اليوم العزيز على قلوبنا وعلى قلوب كل شرفاء هذه الأمة أتوجّه إليكم أعزّائي بأحر التهاني والتبريكات
دمتم أعزّاء
هو العيد السابع للتحرير
أقبل علينا 25 أيار وأقبلت معه روائح المسك والعنبر إذ تجتمع أرواح الشهداء لتحتفل بما حقّقته من انتصار بدحر الأعداء عن أرض الجنوب الحبيب.
وروائح الطيب تنتشر من أُسَرهم الذين يحتفون بشهدائهم، لأن مثل هذا اليوم هو اليوم الذي عمل من أجله كل شهيد فيحتفل الأهل بإنجاز شهدائهم العظيم.
أما جراحات الجرحى، ومعاناة أهاليهم، فلها لون آخر، وطعم مجبول بصبر الصمود.. والحياة المليئة بالتضحية وسط معاناة يسببها الذين يعملون على محاصرة المقاومة، وجعل شعبها يدفع الثمن مرّتين.
هذا اليوم هو يوم عيد التحرير بالنسبة لشعب المقاومة، أما البعض ممن بدأوا يروّجون لثقافة "الجار" فلا يرون إلا أنفسهم ومشاريعهم،ولا يرون كل تلك الإضاءات والإشعاعات،ولا كل تلك العزة، ولا يريدون أن يروا طالما هم تلاميذ صغار عند "عمو" بوش "ودادا" كوندي يلقّنونهم ماذا يجب أن يروا وماذا يجب أن يقولوا.
عسى أن يأتي اليوم الذي يصحو به هؤلاء من تخدّرهم، فيرون الحقيقة الساطعة، ويعود العيد عيد كل لبنان وكل اللبنانيين كما يجب أن يكون.
عاشت لبنان عزيزا حرا وعاشت المقاومة الأبية
ماجدة ريا

Wednesday, May 23, 2007

كلمات في الانتصار

من هو صانع المجد ورافع الراية؟
من مثّل للحق آية
خرق الظلمات بنور عطائه
فاستنارت الدروب
واستيقظت الشعوب
تبحث عن المكرمات في جلبابه
تحاول أن تفكّ رموز الصورة
إسرائيل مهزومة مدحورة
نعم كُسرت الأسطورة
على يد هذا المقاوم.

هو امتداد لثورة الحسين
ثورة دائماً منتصرة
لأنها حق مؤيّد من الله
فدماء الشهداء تصنع المعجزات
بتضحياتها تتحدّى العقبات
فيخرج من كل قطرة دم مارد
على استعادة الحق يساعد
في سبيل الله يجاهد.

رنين أحرف النصر
على الرايات ارتسم
من همسات المجاهدين
استمدّ النغم
وبعث رسائله تُخبر
كيف انتصرنا على الألم
وجه يتنادى مع الآخر،
علاه الارتياح وابتسم
اجتزنا مسافات طويلة
ونحن نشحذ الهمم
حتى وصلنا إلى واحة الانتصار
بفضل عين لم تنم
فارتوينا مجداً وعزاً
ووزّعنا من فائضها على الأمم.

الإثنين 22 أيار 2000
أرضي كم طال بنا الفراق
عام يودّع عاماً
وفي قلبي لوعة واشتياق
أنظر من بعيد
إلى الأسر والحديد
يُطوّق حبّات ترابك
وقلبي يهتف متى التلاقي
ها قد أطلّ علينا هذا اليوم
كالمارد العملاق
وها أنا أهرول تجاهك
انحني، أقبّل التراب
أضمّه، أشمّه،
أبلّله بدموع الفرح
وأتنسّم منه عبير الحرية
وأتلذّذ بطعم النصر
الذي صنعته مقاومة أبيّة
استعادتك بجهادها
من براثن أهل النفاق.

هذي أيام التحرير
نثرت الدموع والحروف
بقلب مفعم بالحب عطوف
سقيت التربة حتى ارتوت
بالمنايا والحتوف
هنا عربد ظلم اليهود
هنا دمّرت البيوت وقُتل الجدود
لم ولن ينتزعوا منا الصمود
ها هو الدم الثائر يعود
يحرق الجلاّد والجنود
يقتل الأوغاد
يدفعهم عبر الحدود
ارحلوا بأكفّكم السوداء
فلا مكان لكم عند النور الوضّاء
وجوه الشهداء ظهرت شموسا
ًتنير الكون، تضيء الوجود
هذا وعدي لكم يا أهلي الشرفاء
عودوا واحضنوا أرضاً ضمّت رفاتي
عودوا، بعودتكم تكتمل سعادتي وحياتي
فها هي روحي ترفرف حولكم
تشم عبق الحبق ورائحة الجدار المرتفع
فيجتمع الشمل ويكتمل اللقاء.
ماجدة ريا

Monday, April 30, 2007

يا لها من لوحة!

إنها حصّة الفنون! من أجمل الحصص التي ينتظرها الطلاّب بشوق خلال حصص الأسبوع المزدحمة بالأعباء، تأتي هذه الحصة لينزلوا خلالها عن كاهلهم بعضاً من هذه الأعباء المدرسية، إنّها حصة التعبير عن الذات بامتياز.
دخلت المعلّمة إلى الصف، تتأبّط لوحة كبيرة بعض الشيء، علّقتها مباشرة على اللوح أمام الطلاّب.
استدارت ، وقفت وسط الغرفة أمام الطاولات، ألقت التحية، وأخذت ترمق الطلاّب بنظرات مليئة بالإستطلاع، وقد انعكست علامات الإستفهام في أعينهم ووجوههم.
يلتفت الواحد منهم إلى الآخر... ثم إلى اللوحة، وبعدها إلى المعلّمة، والحيرة والتساؤل ظاهران في هذه النظرات يرسم بها استفساره:
" ما المطلوب يا ترى؟!!... هل تريدنا أن نرسم مثلها؟"
وتتوه النظرات في الإبحار في تلك اللوحة مجدداً، في خطوطها وألوانها المتشابكة، أهي أغصان غابة؟ أم بيوت متراصة؟ أم جبال ووديان؟ أم نجوم ومركبات؟ أم ماذا؟؟!!!...
" يا لها من لوحة معقّدة! من يستطيع أن يرسم مثلها؟!..."
ابتسمت المعلمة وهي تقرأ كل تلك الإشارات على وجوههم، رأوا ابتسامتها العريضة، فانفرجت أساريرهم بانتظار أن تشرح ما تريد.
"سأطلب من كل واحد منكم أن يقول لي ماذا يرى في هذه اللوحة، دقّقوا فيها جيداً قبل أن نبدأ الحديث."
اتّجهت الأنظار نحو اللوحة مخرجةً من أحداقها وسائط التفحّص والتمحيص، فهذا يشدّ على عينيه كي يستطيع التركيز، وذاك يتمدد في جلسة استرخاء تساعده على التحليل وآخر يحصر رأسه بين كفّيه... وكل له طريقته في التّأمل والتفكير.
يا لها من لوحة! تداخلت فيها الخطوط والألوان إلى حد يخلط الرموز بعضها ببعض، وانشغل الجميع بملاحقة خطوطها المتداخلة حتى أفقدهم ذلك جمال النظر إلى اللوحة متكاملة، وكل يبحث عن نقطة انطلاق تناسبه يضمّ إليها باقي الخطوط ليخرج برمز يظن من خلال قصوره أنه يمثل اللوحة، ولا يدري أنه اكتشف الرمز الأقرب إلى ذاته، وينسحب هذا الأمر على الألوان أيضاً، وكلٌ يركّز على لونه المفضّل ويفقد باقي الألوان أهمّيتها.
وبدأ حوار ساخن، فأحد لم يرَ ما رآه الآخر، وكل من هؤلاء الطلاب رأى في هذه اللوحة انطباعاً يمثّله...
وكان لا بد للمعلّمة أن تبتسم ابتسامة عريضة أخرى عندما سألوها عن رأيها وكان جوابها:
" ربما الذي رسمها، رسمها في لحظة ذهول، وهو ذاته لا يدرك الرموز التي احتوتها...
إنها لوحة من الحياة! "
ماجدة ريا

Sunday, April 22, 2007

الحقل الناطق


منذ طفولتها المبكّرة، كانت الطبيعة تلامس أحاسيسها وتحرّك شفافية روحها لترتقي بها في عالم من الغموض والتساؤلات.. يرشح عنه هالات مضيئة تبهجها وتدخل في نفسها السرور.
كانت في التاسعة من عمرها عندما ذهبت مع قريبة لها التي اصطحبت معها ابنتها أيضاً إلى كرم العنب، كانت لا تزال الدوالي على الأرض فتبدو وكأن كل واحدة منها كفُّ يدٍ ساجدة لخالقها، والمسافات التي كانت تفصل بين تلك الدوالي من الأرض السمراء افترشها ذلك النوع من الورد البرّي، صغير الحجم، أبيض اللون، رائع المنظر على صغره، وبرِّيته..
قالت الفتاتان " لنتسابق في قطف مجموعة من هذه الورود"، وبدأ السباق حامياً، في الوقت الذي كانت قريبتها تملأ سلّتين كبيرتين صنعتا من القش بعناقيد العنب الذهبية اللون.
ناداهما صوتها الجهوري " تعاليا إلى جانبي، علي أن أبدأ في قطاف التين."
على حدود ذلك الكرم، انتصبت شجرتان باسقتان، يبدو عليهما الهرم، وقد امتلأتا بأكواز التين.. اعتلت قريبتها إحدى الشجرتين ومعها دلو تعلٍّقه في أحد الأغصان من أجل وضع التين في داخله، أما الفتاتان فكانتا تدوران حول جذع الشجرة في حركة تحمل من الامتنان أكثر مما تحمل من اللهو الفارغ من الهدف.
انتبهت الفتاة إلى تلك الشُجيرة التي تتوسّط الشجرتين الكبيرتين.. هي عروق من التين أيضاً، اجتمعت كلّها لتشكّل شجيرة، يمكن أن تدخل وتختبىء بين فروعها، ولا يمكن أن تُرى بسبب أوراقها الكبيرة والكثيفة، عندما ولجت إليها، اكتشفت أنها على صغرها تحمل ثماراً، لكنها أكواز صغيرة جداً نسبة للأكواز التي تقطف من الشجرة الكبيرة .. ظنّت بداية أنها لم تنضج بعد، لكن لفتها لونها العاجي الذي يناديها.. قطفت أحدها، كان طرياً.. شهيّ المنظر، وعندما تذوّقته كان طعمه أشهى من العسل.. فجدَّت في طلب المزيد.. قطفت كوزاً آخراً وقالت للمرأة التي أصبحت واقفة جنبها "انظري يا خالتي، كم هو صغير.. لكنه لذيذ".ابتسمت المرأة لاكتشاف قريبتها البريء وهي تقول " هيا استعدّا علينا أن نغادر" "فلنبقَ بعض الوقت" أجابتها برجاء وتابعت "أريد أن أقطف المزيد من هذه الشجرة الصغيرة" "ليست كلها ناضجة، كما أنها لا تحمل سوى القليل.. ربما في مشوار آخر يا عزيزتي، تكون قد نضجت".
غادر الثلاثة كروم العنب والتين، لكن منظر ذلك الكوز الصغير الناضج لم يغادر مخيّلتها أبداً.. ليس لطعمه اللذيذ وحسب، فهي قد تذوّقت كثيراً من الأطعمة اللذيذة ولم ترسخ في مخيّلتها بهذا الشكل.. لكن شكله الغريب عن طبيعة ثماره، ونضجه على الرغم من صغره وأشياء أخرى لا تعرفها جعلتها تحفظ شكل ذلك الكوز من التين، وتبحث عنه في كل مكان وزمان..
****
مرّت السنون وبقي الأمر ذكرى.. وحتى الآن لم تجد شبيهاً لذاك الكوز!....
إلاّ أن هذه السنين لم تمحُ حب الطبيعة من قلبها، لا بل أنها زادتها هياماً وعشقاً لأسرار جمالها الخلاّق.
كانت في الثانية عشر من عمرها عندما اتّفقت مع صديقتيها على القيام برحلة إلى الحقل القريب في قريتهم الوادعة..
حملت كلّ واحدة منهن كيساً في يدها، كي يجمعن بعض الأعشاب البرّية النافعة كالكبار، ربما في محاولة منهن لإثبات ذواتهن، وسرن باتجاه الحقل..
الطريق غير معبّدة، يكسبها جمالاً غريباً بعض الأحجار المتفرقة هنا وهناك وقد بدت متشبِّثة بالإرض صعبة الإقتلاع، تدثِّرها بعض الأعشاب التي وزّعت حولها اللون الأخضر.. أما أشجار الزيزفون التي امتدّت على جانبي الطريق فقد كانت تستوقفها كثيراً لتملي النظر من جمال زهرها على صغر حجمه برائحته النفّاذة التي تنعش القلوب وأغصانها التي تملأها أشواك قاسية تحذِّر كل من يقترب منها بأنها قد تدمي يديه...
تابعن المسير ببراءة الطفولة التي بدأت تمتزج بمعالم الفتوّة، فرحات مزهوّات وقد امتلأن نشاطاً وحيوية حتى وصلن إلى ذلك النبع الذي يفجّر ماءه صاخباً ويشقّ درباً له مع جانب الطريق ويجعل الأرض من حوله موحلة بالرغم من كثرة الحشائش التي عرّشت على جانبي المجرى.. ومنها تلك الأعشاب البرّية التي جئن يبحثن عنها، فهي تنبت بجانب الماء ك " النعنع البري" و "الجرجير" ..
أخذن يتسابقن، كل تريد أن تملأ كيسها لتفرح والدتها بما أحضرت..
كان "السُعد"، وهو نوع من العشب البرّي أوراقه طويلة أبرية الشكل أيضاً يحب الماء وينمو حيث يوجد بكثرة، كان يملأ المكان ويزيده جمالاً برونق اخضراره..
وكانت الواحدة تقول للأخرى: "حاذري من الغرق فالأرض موحلة جداً.."
كان كلّ شيء في هذا الحقل ناطق يضجّ بالحياة، يُعبِّر عن ذاته بذاته..
***
سنون أخرى مرّت... ابتعدت الطفلة البريئة والفتاة المليئة بالحياة عن قريتها طويلاً، ولكن السؤال لم يفارقها: هل ما زال المكان هو ذلك المكان؟ وهل إذا تغيّر الزمان يبقى المكان كما يريده الناس في مخيلتهم أن يكون؟
هي لا زالت هي.. تحب الطبيعة بجنون.. ولكنّها أيضاً غيّرتها السنون، فقد كبرت ولم تعد طفلة، وما زالت تبحث عن تلك الطبيعة الخلاّبة بوجودها البريء.. لكن الزمان لم يبقِ منها سوى ذلك الطريق الذي جفّت عروقه حتى تغطّت أحجاره بالغبار بدلاً من تلك العشيبات النضرة.. أما أشجار الزيزفون فلا تعرف كيف اختفت... وأي أيادٍ اجتثتها من الجذور...
حتى ذلك النبع لم يعد نبعاً... وبات المكان موحشاً سوى من زرقة السماء وعواميد الكروم التي انتشرت هنا وهناك وكأنها شنت حملة عشواء على ذلك الحقل فلم تبقِ شيئاً فيه سواها!كبرت الفتاة، وهرم الحقل، ولم تبق اللوحة التي أبدعها الخالق كما ترسمها مخيلة الطفلة الصغيرة، فهل يمكن أن يعود الحقل ناطقاً؟
ماجدة ريا

Tuesday, April 17, 2007

ماذا لو ترك الأهل أبناءهم؟

ربما نشعر أن المجتمع بدأ يتحرّك نحو الأفضل، وأن كثيراً من الناس يسعون إلى تحسين أوضاعهم، وأوضاع عائلاتهم.
وربما نعتقد أن المجتمع آخذ بتحسين نظرته نحو الأنثى بشكل مطّرد بسبب تحرّكها الفاعل أو بسبب الثقافة المنتشرة أو ما إلى ذلك.
ربما الوعي الديني الذي يعطي الأنثى حقوقها كاملة في الإسلام ويعاملها على أنها متساوية في الإنسانية مع الذكر له دوره الأكثر فعالية في تحسّن الكثير من الأمور التي كانت تُمارس باسم الدين وهي ليست سوى أعراف قبلية، ومخلّفات جاهلية رزحت تحتها المرأة ردحاً طويلاً من الزمن، ولا زالت بعض آثارها تنتشر هنا وهناك، لأن المجتمعات العربية لا زالت في قسم كبير منها تعاني الجهل. ويصبح الجهل أكثر قتامة عندما يدّعي البعض العلم وفي داخله يبقى جاهلاً لأبسط حقائق الأمور.
جاء الإسلام ليغيّر عادة وأد البنات، بل ليجعل من الأنثى رحمة، وبشارة لأهلها، بعد أن كان يسودّ وجه من يُبشّر بها، وربما لا زال هناك أشخاص حتى يومنا هذا تسودّ وجوههم عندما يبشّرون بالأنثى، ويعتبرونها هماً وغماً، وحملاً قد يجلب العار! ولكن قد لا يجرأون على وأدها، بل يعاملونها بكثير من التشدّد والصرامة، التي قد تجعلها تعيش حالة الوأد تلك كل يوم، وأحياناً يتجاوز الأمر كل الحدود.
ونفاجأ ونحن في القرن الواحد والعشرين بعائلة تخاف على ابنتها إلى الحد الذي يضطّر معه رب الأسرة إلى تركها عند أهل الأب أثناء انتقالهم إلى العيش في بلد غربي "خوفاً عليها من التلوّث بالقيم الغربية والحياة الغربية"، بينما يذهب باقي أفراد العائلة إلى هناك ـ الأب، الأم، الأخوة الذكور ـ وتبقى الفتاة المسكينة منذ صغرها في عهدة جدّيها وعمّها العازب والذي لا يملك أي خبرة تربوية ليتسلّط عليها كيفما يشاء!.
فهل حموها بذلك؟ وأي ضغط نفسي تعيشه مثل هذه الفتاة التي تحرم من العيش في أحضان عائلتها لمثل هذا السبب الذي قد يصبح سخيفاً جداً أمام ما يتهدد حياتها.
أليس من الأفضل أن يصطحبوها معهم ويحافظوا عليها كما يحافظون على أنفسهم؟
كثيرة هي العائلات التي استطاعت أن تربّي أبناءها في الغرب تربية صالحة، وتجعلهم يحافظوا على دينهم وأخلاقهم، وأن يكونوا قدوة يحتذى بها هناك!
ولكن ... ما أسهل على البعض التنصّل من مسؤولياته، ليقول لا أستطيع، وأخاف، بينما هو بذلك يزيد المشكلة تعقيداً، ويزيد من مخاطر السوء الناجمة عن تصرفه، وعلى اعتبار أنه لا يحق للأنثى ما يحق للذكر، بينما هما متساويان في حق البنوة والتربية والعيش السليم، من أجل بناء نفسية سليمة، ومجتمع سليم.
.ماجدة ريا

Sunday, April 15, 2007

رائحة الماضي

كنتُ أنتظر عطلة الصيف بفارغ الصبر، وها هو قد أتى.
وما إن أنهينا ـ أنا وأخوتي ـ الامتحانات النهائية للسنة الدراسية في أواخر شهر حزيران، حتى قام والدي بإرسالنا إلى "مروحين" حيث بيت جدي الذي أحبه كثيراً، وأنتظر زيارته من حين لآخر بفارغ الصبر.
مروحين تلك البلدة الحدودية الصامدة والتي تلاصق أراضيها الأراضي الفلسطينية المحتلة، لم نكن نجرؤ على زيارتها قبل العام ألفين، لكن منذ 24 أيار 2000 وأنا أقضي عطلي الصيفية في ربوعها.
هي خمسة، فصول الصيف التي قضيتها هناك، وكانت أيامها من أجمل ما عشت، رغم طفولتي المدللة التي قضيت معظمها في رحلات روتينية في قلب المدينة. أما في القرية، فمجرد وجودي في ذلك المنزل الريفي الجميل هو رحلة.
لم تستطع أمي رحمها الله أن تشاركنا فرحتنا هذه، لأنها فارقت الحياة بسبب مرضها قبل أن تتاح لها فرصة شم تراب الأرض التي وُلدت عليها ونزحت عنها قسراً في طفولتها... ربما روحها مرتاحة الآن في عليائها وهي ترانا نرتع في حضن تلك الهضاب الجميلة.
ولم يكن أبي قادر على البقاء معنا بسبب ارتباطه بأعمال كثيرة، كان يزورنا من حين لآخر، بينما يتولى جدي وجدتي رعايتنا أثناء غيابه، وأنا بأعوامي الثلاثة عشر كنت أساعد جدتي ما استطعت، وأقضي بقية وقتي في المطالعة، أو التنزّه في حضن الطبيعة، وأحياناً كثيرة ترافقني سلوى، ابنة جيراننا التي اتخذتها رفيقة لي.

فاجأنا تموز هذا العام، وإسرائيل بإعلانها الحرب العشوائية على لبنان، وصواريخها التي أخذت تنهمر على قريتنا كما على كل مكان، كانت تحمل معها حقداً دفيناً، وكأنها كانت تنتقم من كل شيء، من البشر والحجر، من الأرض والهواء، انتقام العاجز الذي لا يستطيع أن ينال من خصمه، فينتقم من الأبرياء الذين يصادفهم أو حتى من الجماد.
في اليوم الرابع للعدوان، المواجهة تزداد حدّة بين الجيش الصهيوني من جهة والمقاومين الأبطال من جهة أخرى، وأعلنت إسرائيل أنها ستدمر كل شيء، طالبة من سكان القرى الحدودية المغادرة، وأعطت وقتاً قصيراً لذلك.
بدأ الأهالي بالتجمع، خاصة من معهم أطفال، ومنهم جدي الذي جمعنا وأركبنا في إحدى الحافلات وركب معنا..
كان الوقت يداهمنا، فقررنا اللجوء إلى مركز قوّات الطوارىء الدولية، طلباً للحماية، فطلبوا منا أن ننتظر، والوقت ينفذ بسرعة أكبر، وبعد بعض الوقت أعلمونا أننا لن نستطيع البقاء في المركز، ولا حتى الأطفال، وقد كان معظمنا من الأطفال ، بكل بساطة قالوا لنا "لا نستطيع تحمل مسؤولية تواجدكم هنا!"، فانطلقت الحافلات تعب الريح ـ والغضب يملأ كيان السائقين والأهالي ـ تريد أن تنجو بحمولتها من الأطفال والنساء والشيوخ.
كنا في منتصف الطريق تقريباً، بالقرب من بلدة "شمع" عندما صمّ أذني دوي قوي كالرعد، وطرت من الضغط إلى مسافة بعيدة أنا وصديقتي، لم أعد أعي ماذا حدث، لكنني عدت إلى وعيي في المستشفى بعد أن نقلني الدفاع المدني إلى هناك وأنا في حالة يرثى لها.
حاولت أن أتذكر من كان معي، أين جدي وأخوتي والآخرون؟
كان المستشفى مليئاً بالضجيج، جرحى كثر، وأشخاص يدخلون وغيرهم يخرجون، وعرفت أن الطائرات الإسرائيلية لم تمهلنا لنغادر، بل وكأنها أمرت الناس بالخروج لتقصفها وبكل دم بارد على الطريق!
فقد أمطرت الطائرات صواريخ، وألهبت الحافلات بنيرانها، لتترك أجساد الأطفال والنساء متفحمة!
هل كان يجب أن أنجو؟ والمشهد يحفر في قلبي هوة لن تُردم، والألم يتآكلني كوحش جائع، ليس ألم الجروح والرضوض وإنما ألم الروح الذي يسري في أوصالي فيجعلني في تلك اللحظات أتمنى لو أنني كنت من ركب الشهداء، مع أخوتي وجدي... وكل من أحب!
كانت أنفاسي تتقطع، وكأن جسدي يبحث عن ذرات الأوكسيجين في الهواء لتسعفني على البقاء، وعندما دخل والدي إلى الغرفة، والتقت عيناه بعيني، لم تكن الدموع تكفيني لأعبر عمّا أنا فيه، وتحشرج صوتي إلى حد الاختناق!
حاول أبي أن يتماسك أمامي كي لا يزيد من تدهور حالتي الصحية والنفسية، لكن ما أخفته الكلمات كشف عنه الوجه المحتقن ألماً وغيظاً من عدو أقل ما يقال فيه أنه عدو للإنسانية! ها هو قد فقد كل شيء! أباه، أمه، أولاده... لم يبقَ أحد غيري! وبت أنا رائحة الماضي، وأمل المستقبل.
ماجدة ريا

Thursday, April 05, 2007

في مولد الحبيب


ماذا نقول في مولد الحبيب
ونحن نرى ما يجري على المسلمينَ
القلب حزين كئيب
يئن ويرزح تحت مباضع جلاّدينا
الإسلام يستصرخ أهل المروءة
إذ ما نلقاه من أعدائنا يكفينا
بحب الرسول الأكرم توحّدوا
في وجه الطغاة والظالمينَ
كلنا في الإسلام أخوة
لرب العالمين ساجدينَ
هلمّوا نلم جرح الإسلام نضمّده
ونواجه معاً كيد الغاصبينَ
ونعيد المجد لإسلامنا مشرقاً
نزهو به ويزهو فينا
يداً بيد أخوتي نعيد
بناء حلم نبينا
ونرفع راية الإسلام عالياً
ويرضى عنا رب العالمينَ.

إليك أيها الحبيب المصطفى
تهفو القلوب ونذوب حنينا
وتتلاقى الخواطر
فعلى حبك ما أحلى تلاقينا
فننهل الأخلاق والمبادئ
والعلى في تسامينا
بحبك نرتقي نحو الخالق
وبنهجك ترتقي أمانينا
عسى أن يُسمع النداء
فتلفنا تحت عباءتك.. وتدفّينا
ماجدة ريا

Tuesday, April 03, 2007

كتاب الطفل: صياغة الشخصية وتنمية الذكاء


يُذكر الكتاب فيتراءى لنا تلميذ ومدرسة وأستاذ وكتاب يربط هؤلاء بسلسلة العلم والتعلّم، فهل هذا هو ما يعنيه الكتاب فقط بالنسبة للطفل؟ وهل يُقدَّم الكتاب للطفل كما يجب؟ وما هي حال كتب الأطفال في المجتمع العربي ككل؟
الكتاب هو خير جليس وخير أنيس، ولسنا ندري إلى أي مدى لا زال الأشخاص يتعاطون معه وسط زحمة استعمال الكمبيوتر والإنترنت، على أن الجلوس أمام الإنترنت وتصفّح معلوماته بات للكبار كما للصغار سيما مع وجود المواقع المتخصّصة بالأطفال، بالقصة وأدب الأطفال... هذه المواقع التي تستهويهم وتشدّهم إلى هذا العالم المتطوّر، ولكن مع كل ذلك لا شيء يعوّض عن أنس الكتاب وروعة قراءته، ويبقى علينا أن نزرع هذه المحبّة في قلوب الصغار في مختلف أعمارهم وأن ننمي علاقتهم بالكتاب.
في السابق، كان كتاب الطفل يُقدّم كأي كتاب آخر من حيث شكله وأسلوبه في التعاطي المباشر والواعظ في أغلب الأحيان دون مراعاة لحاجات الطفل، وهذه الحاجات تختلف من سن لآخر وأحياناً من طفل لآخر وفقاً للمرحلة العمرية ودرجة الذكاء التي تُميّز كل طفل عن غيره. فالكتاب الذي يتم التوجّه به إلى ابن ثلاث سنوات يختلف عمّا سنتوجّه به لإبن ست سنوات، وهكذا كلما تقدّم الطفل بالعمر تبدّلت طريقة التعاطي مع كتابه بما يتناسب مع عمره وكذلك مع نسبة ذكاءه ومدى قدرة الإستيعاب عند كل طفل على أن يبقى كل ذلك بشكل ومضمون متخصّص بالأطفال.
تبدّلت الحال اليوم نوعاً ما في طريقة اعداد كتاب الطفل لتأخذ بعين الإعتبار احتياجاته وفي ذلك يعتبر الكاتب "يعقوب الشاروني" وهو يزور معارض عالمية خاصة بالأطفال "أن مستوى الكتاب العربي الذي يتعلّق بالطفل أصبح جيداً نسبة لما هو متوفّر في العالم لكنه يصدر بأعداد قليلة عما هو مطلوب ليلبي حاجات 300 مليون شخص ينطقون بالعربية."
رغم أنه من الملاحظ ازدياد الإقبال على شراء كتب الأطفال أكثر من السابق سيما وأن الإهتمام بشكل الكتاب وكونه موجّه للطفل قد ازداد أيضاً ، فأصبحنا نرى كتباً من مختلف الأنواع والأحجام والخامات فبالإضافة إلى التفنن بالرسوم والألوان هناك كتب تحتوي صوراً مجسّمة، وأخرى تغنّي وغيرها يخبّىء رائحة الوردة أو التفاحة تحت الصورة،إضافة إلى كثير من طرق الإخراج المختلفة فيما يخص هذه الكتب، بحيث تجعل الكتاب مثل لعبة محبّبة لدى الطفل.
إلاّ أن هذا لا يعني أن كل كتب الأطفال أصبحت جيدة، فهناك بعض الكتب التي لا توازن بين النص والرسم والإخراج والطباعة سيما وأن إعطاء هذه الأمور حقّها يجعل الكتاب مكلفاً جداً وبما أن بيعه لا يرد هذه الكلفة يجعل معدّي هذه الكتب يترددون في إعطائها حقها الكامل، أما في البلدان الأجنبية فلا يصدر كتاب خاص بالطفل قبل المرور به على متخصص في أدب الأطفال وربما مثل هذه الأمور تصبح ملقاة على عاتق الدولة التي عليها واجب المساهمة في إصدار الكتاب الجيد للطفل.
ومن أجل إيجاد هذا الكتاب الجيد يعتبر عطية الزهيري أنّه "لا بد من الإستفادة من التقنيات الحديثة، مثلاً الإستعانة بتقنيّات الكمبيوتر وبرامجه المتطوّرة، الأخذ من الأفكار العالمية وتطويعها بما يتناسب مع الذوق العربي، والعمل على تحسين وضع الكتاب فنجعله محبّباً إلى الطفل فيستفيد منه لأطول فترة ممكنة".
وينصح المختصّون في عالم تربية الطفل برواية القصص للأولاد حتى قبل سن القراءة أي من عمر سنة إلى ثماني سنوات وهي المرحلة العمرية الأكثر أهمية في حياة الطفل من حيث بناء اللغة سواء كانت هذه القصة شفوية أم مكتوبة، لكن يفضّل التركيز على القصص المكتوبة لأنها تربط الطفل بالكتاب، وبما أن الطفل يتلذذ بالقصة وصورها فإن ن هذا الأمر سيوثّق علاقته بالكتاب ومن هنا لا بد من إغناء مكتبة الطفل بهذا النوع من الكتب الغنيّة بالإبداع الفني كي تجعله يرتبط بكتب الدراسة فيما بعد.
وللإستفادة من الأفكار العالمية والقصص الشعبية العالمية يرى الكثير من الكتاب فائدة بترجمتها من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية والبعض منهم يذهب إلى حد التغيير في بعض الأحداث ليجعلها تتناسب مع أطفال اليوم ومستواهم الفكري وهذا ما فعله الدكتور "عبد الوهاب المسيري" وهو كاتب مصري له كتابات فلسفية لكنه أيضاً أعد كتابات للأطفال لقصص كانت معروفة لكنه أحدث فيها بعض التغييرات.
إن هذا النوع من الكتب يقدّم المتعة للطفل ويشدّه إلى عالم القراءة، فيوثّق علاقته بالكتاب، ويبقى على الأهل والمشرف التربوي لهذا الطفل اختيار الكتاب الذي يتلاءم معه سيما وأن هذه القراءة تلعب دوراً كبيراً في صياغة شخصية الطفل وتساعده في تبني القيم والمفاهيم والوجدان كما أنها تساعده في تنمية لغته وإغناء قاموسه وتطوير ذكائه، فيكون لهذا الإختيار أهمية كبرى يجب أن لا نغفل عنها.
ماجدة ريا