Monday, August 13, 2007

من ذاكرة 14 آب 2006


صباح الإثنين 14 آب 2006 كان موعد وقف العمليات العسكرية في الثامنة صباحاً، وكان ذلك موعداً لبدء عودة النازحون عن ديارهم، كانت السيارات متّجهة قوافل قوافل نحو الجنوب ونحو الضاحية والبقاع من أماكن نزوح الناس وإلى كل مكان رغم صعوبة الطرقات التي أحدثت فيها آلة الدمار الإسرائيلية دماراً رهيباً، وكانت إشارات النصر ترتفع عالياً.
كنت أراقب كل ذلك عبر التلفاز، وأسمع الجدالات التي ارتفعت وطغت وكأنها تريد أن تأكل عيد النصر بزبدها المتفجّر حقداً، والأسوأ كانت تلك الأصوات التي ارتفعت من قلب لبنان، في الوقت الذي ما زال أنين الأطفال وآهات الثكالى والأرامل وعذابات الجرحى يملأ الأجواء.
وسط كل ذلك ترتفع الأصوات النكرة لترخي بظلالها على جمهور المقاومة فتتفجّر في دواخلهم غيظاً!
الناس تغلي كبركان ثائر على ذلك الظلم الفظيع، ولظلم ذوي القربى أشد مضاضة وأقوى، فيأتيهم صوت سيد المقاومة ليبرّد قلوبهم، ويضمّد جراحاتهم، ويملأ عليهم أحاسيسهم بما لا يوصف.
نعم، أنا نفسي عندما انتهى من كلامه، كنت أقفز عن الأرض فرحاً، بل أكثر من الفرح!
إنه إعلان الإنتصار، وليس أي انتصار!
هو الإنتصار الاستراتيجي التاريخي الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الأمة، وجاء ردّه الصاعق على تلك الأصوات النكرة بما يتناسب مع حجمها، إنها ليست موجودة لا تكنّوا لها أي اعتبار.
فليأكلهم غيظهم وغّيّهم وحقدهم... وليتابعوا مسلسل الأذى الذي بدأته إسرائيل، وليقولوا ما يشاؤون...
ونحن هنا، نحن شعب المقاومة، لا نحني هاماتنا إلاّ لخالقنا، هو الذي يعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء، وليس بعد هذا العز عز!
فوالله أشعر أن قلبي يرقص في مكانه، فانتفض وينتفض من حولي لأن الفرحة لم تعد تسعنا، حتى أطفالنا الصغار الذين حفظوا أناشيد المقاومة ساروا في الطريق كتظاهرة عفوية يهتفون بأعلى أصواتهم، يسخرون من طائرات العدو لتعلو أصواتهم من جديد "لبيك يا نصر الله"
الكبار علت أصواتهم بالمباركة، بالهتافات.. وانطلقت المفرقعات تلوّن الأجواء، إنه شعور لا يوصف!
شعور بالعزة والكرامة ، شعور بالنصر، رغم كل الألم
الألم مع آلام من كان له النصيب الأكبر في التضحية، مع أهالي الجرحى والشهداء، ندرك أن الشهداء في سعادة عند ربهم ليس بعدها سعادة، لكن نتألّم مع أهاليهم لفقدهم ونتألّم لآلام الجرحى الذين ما زالوا يعانون، ونتألّم لمن فقدوا أشياء عزيزة عليهم، ونشعر بالعزّة حتى أمام كل ذلك الدمار الوحشي، فنهزأ من جبروت تلك الطائرات التي عجزت عن تحقيق أبسط الأهداف، وسنبني من جديد، سنبني بأفضل مما كان الحال عليه، ونقول للعدو ما قاله سيد المقاومة :" كد كيدك، وناصب جهدك واسعَ سعيك فإنك والله لن تمحو ذكرنا ولن تميت وحينا".
" ويريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره المشركون."
ماجد ريا.

No comments: