Thursday, May 07, 2009

شكوى النور


صمت يلفّ المكان، ظلام يبدّد عتمته نور منتشر، جلستُ أحاكي ضوء القمر، وأنسج منه عباءة فضية، مطرّزة بألوان نورانية...
وإذا بشذرات النور تتجلّى، وتتجسّد من مشكاتها حورية.. من روعة الجمال استمدّت صورتها، ومن ثوب الكمال ارتدت حلّتها..
لاحقتها عيناي وهي تطير كفراشة مزهوّة بألوانها، وحطّت قبالتي. التقت العينان بالعينين... عيناها
دامعتان بحجم التيه.
" لِمَ الحزن يا صغيرتي؟ وأنت الحرّية التي تطيرين في كل فضاء؟!!"
أخرجت يديها من تحت عباءتها البيضاء التي كانت تلفها كملاك، نظرتُ إليهما... مكبّلتين بسلاسل من حديد.
" من فعل بك هذا؟!! "
من بين دموعها أجابت " الناس... يكبّلونني في أعماقهم، ويزعمون أنني لست موجودة!... انظري كم من ظلال الحرّية ترين؟ انظري حولي انهنّ يملأن الفضاء..."
رفعت نظري، التهبت مشاعري، وجُنّ فؤادي... حوريات جميلات مكبّلات ، أنوار موضوعة في قيود، ألوان مضيئة تتراقص وتختفي خلف السلاسل...
" لماذا يُكبّل النور؟!!!"
" أنا التي تسأل لماذا يكبّلونني ثم يزعمون أنني لست موجودة؟! ها أنا أملأ الفضاء بوجودي.. أنا موجودة... أنا أُخلق مع كل إنسان."
" إني أراك.."
" لم لا يراني بعض الناس؟!"
" لأنهم لم يدركوك، فأنّى لهم أن يروكِ؟"
" يحطّمونني بالهمجية، يضيعونني بالتصرّفات اللاّ مسؤولة.. أنا لست كذلك.. أنا أكبر من ذلك بكثير.."
لا زلت أحدّق بها، وهي تشكي مأساتها بألم وحسرة ودموع...
ثم قالت "أتعرفين، أشعر بحقيقة وجودي عندما يُقال لأحد أنت حرٌ أبيّ..."
حاولت التخفيف عنها، فقلت لها "لا تحزني، فعندما يدرك المرء كنهك، لن يعجز عن تحقيق وجودك أبداً."
" لكن... أغلبهم يبتعدون، ويبتعدون... ينتشرون في طرقات ضيّقة، وفضاءات أضيق، فيخنقونني بأيديهم ثم يبحثون عني باكين."
" لكنك موجودة، في أعماق الكثيرين، وهم يؤمنون ويدركون أنّهم أحرار."
هزّت رأسها الصغير، ابتسمت لكلماتي الأخيرة، فردت جناحيها وطارت ... ولا زالت عيناي تلاحقانها إلى أن بلغت القمر.
ماجدة ريا

Monday, May 04, 2009

الورقة الخضراء

الورقة الخضراء
تناثرت الأحلام، وذرتها الرّياح أوراقاً خريفية صفراء من شجرة الحياة الباسقة الإرتفاع، وتطايرت تلك الأوراق المتناثرة في كل اتّجاه.

أحمد، الطفل الصغير الذي لم يتجاوز الثماني سنوات، يراقب هذا المشهد من على شرفة منزله المطل على كل تلك المساحة الخضراء الشاسعة، كانت حدقتا عينيه تتسعان دهشة وهو يراقب كل تلك الأوراق المتبعثرة، ويلاحقها حيثما تقع.

استمرّ المشهد للحظات، بعده كان أحمد يهرول من على درج منزله، يخترق البوابة الزرقاء الكبيرة، لتطأ قدماه الصغيرتان بداية ذلك البساط الأخضر الممتد نحو البعيد أمام ناظريه، وقد بدا متألّقاً متباهياً بمنظره الذي تنقّح بالأصفر.

وقد أبت تلك الأوراق الصفراء إلاّ أن ترسم من خلال أماكن تساقطها أحلام الطفولة البريئة التي ما زالت تختال فيها.

اقترب أحمد من الأحلام المسجّاة أمامه على تلك البقعة الخضراء، فإذا بورقة جميلة، تحمل حلم الطفولة، قد ارتفعت بخفّة وهدوء لتستقرّ في كفّه الصغيرة. حملق بها ملياً، أخذ نفساً عميقاً، أطبق يده عليها وابتسم.
ماجدة ريا