Tuesday, November 27, 2007

المرأة العربية والجنسية:لا عزاء للسيدات


ربّتت أم بسّام على كتف فدوى وهي تقول لها بعطف واستسماح: "أعذريه يا ابنتي، فهو يريد أن يحصل على الجنسية، وأنت تعلمين أن هذا سيسهّل عليه أموراً كثيرة، من الإقامة والعمل وغيرها من الأمور..."
تنهّدت بزفرة أخرجت معها كل ما يربطها ببسام من أحلام بالارتباط، وتوقّفت عند الأمر المهم وهو "الحصول على الجنسية"، إذ يكفي أن يرتبط من يهاجر إلى تلك البلدان الأجنبية كي يضمن جنسيتها له ولأبنائه من بعده، وهذا بحد ذاته سيجلب له سعده... واستحضرت عندها معاناة المرأة العربية التي تتزوّج من أجنبي، فما هو واقع حالها يا ترى؟ وهل يجلب السعد؟

المرأة العربية تتمتع بحق المواطنة مثلها مثل الرجل تماماً بحسب الدساتير المرعية الإجراء، فالمواطنة هي كلمة تعبّر عن علاقة الفرد بوطنه، وهي علاقة ترتّب حقوقاً وواجبات، وكي تنشأ هذه العلاقة لا بد من أن ينتمي هذا الفرد إلى وطن ما ليكون مواطناً فيه، ولذلك ارتبطت كلمة المواطنة بكلمة "الجنسية" ارتباطاً وثيقاً، فيصبح الفرد مواطناً في البلد الذي يحمل جنسيته، ويحق للفرد أن يحتفظ بأكثر من جنسية واحدة تبعاً للبلدان التي يقيم فيها وبحسب قوانينها، فالقانون الدولي يعتبر أن مسألة منح جنسية بلد ما، هي مسألة سيادية تخص هذا البلد وحده، ويعطيها للأشخاص وفقاً لقوانينه.
وهو يلحظ قانونين أساسيين تُمنح الجنسية على أساسهما وهما:
1ـ قانون الأرض الذي يعطي الفرد الحق في الحصول على جنسيته بموجب مكان ولادته بغض النظر عن الجنسية التي يحملها والده2ـ قانون الدم الذي يعطي الفرد الحق عند ولادته في الحصول على جنسية والده تلقائياً.كما لوحظ قانون جديد تُمنح الجنسية على أساسه وهو ما يعرف بقانون الهجرة والذي تعتمده العديد من الدول فيحصل الفرد على المواطنة في الدولة التي هاجر إليها إذا توفرت فيه شروط الهجرة وتمت الموافقة عليه من قبل الدولة .
فهل يتساوى حق المرأة مع الرجل في الحصول على الجنسية؟
النقطة التي آثارت الكثير من الجدل هنا هي " قانون الدم" أو ما يعرف برابطة الدم، التي تجعل المولود تابعاً لجنسية والديه.
وتبرز المشكلة الكبرى عندما تتزوّج المرأة العربية من أجنبي، سواء كان عربياً أو أجنبياً، لأن القوانين في معظم الدول العريبة ميّزت بين الرجل والمرأة في هذا الشأن، ففي حين يعطى المولود جنسية أبيه أينما ولد سواء داخل البلاد أو خارجها، فإنه يحرم من جنسية أمه إذا كان أبوه أجنبياً حتى لو ولد على أرض البلد لأن هذه الدول لا تعمل بقانون الأرض، وإنما فقط تعمل قانون الدم وفقط مع الذكور دون الإناث، وهذا يعدّ انتقاصاً كبيراً من حق المرأة في المواطنة، ويترتب عليه الكثير من المعاناة لما له من آثار على واقع الحياة المعاشة.
أما تشدّد الدول العربية في إعطاء الجنسية فيُبرر بسببين أساسين هما عدم تجنيس الفلسطينيين من أجل المحافظة على الهوية الفلسطينية وذلك بقرار من جامعة الدول العربية، والأحوال الأمنية.
أما أبرز المشاكل التي تعاني منها المرأة العربية وأسرتها فتظهر عندما يكون الزوج مقيماً في بلدها، ومع ذلك يبقى أجنبياً ويصبح الأمر أكثر تعقيداً عندما يتعلّق الأمر بأولادها الذين لا يعطون جنسيتها ويعاملون في بلد أمهم على أنهم أجانب! فيتعيّن عليهم عندها:
ـ إضافة إلى معاملات الإقامة والعمل لا يسمح للأزواج والأولاد العمل في المؤسسات الحكومية والعامة.
ـ التمييز بين المواطنين.
ـ الحرمان من الحقوق السياسية كالإنتخابات والترشيح.
ـ القيود في القوانين الخاصة بتملّك غير المواطنين العقارات والشركات.
ـ حق التنقل (الحاجة إلى تأشيرة لدخول البلاد)
ـ الآثار النفسية السلبية على الأبناء بشكل خاص.
ومن المعلوم أن مثل هذه الأمور تعرقل كثيراً من أمور الحياة وتجعل طبيعتها قاسية جداً، عدا عن الإجحاف والغبن
الذين يلحقان بالمرأة جرّاء شعورها أن عائلتها غريبة وهي في بلدها، فهي تعتبر نفسها مواطنة، تحب وطنها وتدافع عنه بروحها، وتعمل من أجل إعلاء شأنه، إنها فرد يقوم بكل واجباته تجاه الوطن، ولكنها تقابل بمثل تلك القوانين المجحفة.
ومع تقدم المرأة وتفاعلها في كل الميادين، ومساندتها من قبل الأمم المتحدة أعلن عن برنامج إنمائي لهذه الدول أدى إلى إجراء تعديلات مهمة في قوانين العديد من البلدان العربية منها المغرب، وتونس، ومصر وسورية ولبنان، والأردن والسعودية من أجل الاقتراب من إعطاء المرأة حقها في نقل جنسيتها لأولادها، على أن هذه التعديلات التي حصلت ما زالت تثير الكثير من العقبات في حال تطبيقها. فمثلاً في مصر حيث أعطيت المرأة المصرية الحق بأن تنقل جنسيتها إلى أولادها أياً تكن جنسية الأب، فإن معظم النساء لا يملكن الوعي بهذا الأمر، إضافة إلى تعسّف الجهات الإدارية في تطبيق هذا القانون مما يضطر المرأة للجوء إلى القضاء بما يحوي ذلك من متاعب ومن انعاكاسات قد يؤدي إليها كالملاحقة الأمنية. لكن مقابل ذلك هناك تحركات للانطلاق بحملات توعية من خلال عقد الندوات ووسائل الإعلام المختلفة، وتكرار المحاولة للحصول على الجنسية.
أما في السعودية فبالرغم من إعطاء المرأة هذا الحق فإن تطبيقه على الأرض أيضاً فيه الكثير من المشاكل، إذ لا تمنح الجنسية إلا للذكور في سن الثامنة عشر أما الفتاة فتمنح بطاقة إقامة فقط، ولا تعطى الجنسية إلا إذا تزوجت من سعودي، كما أن الأم غير السعودية تحصل على الجنسية بسهولة أكبر بكثير من حصول أبناء الأم السعودية على الجنسية.
لا زالت المرأة العربية تحاول المضي قدماً في طريق طويل، لكنها بدأته، ومسألة مساواتها بالرجل من حيث حقها في المواطنة، وفي الحصول على الجنسية باتت أمراً في طريق التحقيق رغم العثرات التي تواجهه.
ماجدة ريا