Thursday, January 18, 2007

وهل تستطيع أن تقول لا؟!

لا أستطيع أن أصف الشعور الذي خامرني وأنا أستمع إلى الخبر الذي يقول : وافق وزراء الخارجية العرب (لدول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن) على الإستراتيجية الجديدة في العراق التي وضعتها الولايات المتحدة الأميركية، وتساءلت في سرّي وهل يستطيعون غير ذلك؟ هل يؤخذ برأيهم عند احتدام الأمور؟ وهل عليهم أن يؤدّوا هذا الدور الذي بات سقيماً أمام وسائل الإعلام، كأنهم تلاميذ في حضرة وجه الشؤوم وحمّالة الحطب لتقد نار لا يذهب ضحيّتها سوى الأبرياء في العراق وفلسطين ولبنان؟
الأسئلة تبدأ ولا تنتهي، لكن لا يملك المرء سوى أن يبتسم لسخرية الأقدار التي جعلت مقدّرات الأمة العربية بيد أناس صم بكم عمي لا يفقهون، مستسلمين لما يفكّر به السيد الأمركي المبجّل، ويؤدون له التحية ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً! ومن ثم يقفون ليزعموا أنهم يعلنون عن رأي؟ فهل لهم رأي؟
وتساءلت في سرّي أيضاً، هل ذاك التحفّظ الوارد من صنعهم أم من صنع الإمريكان أيضاً، ليبدو على أنه تهديد لمن لا ينصاع للسياسة الأمريكية بأنها ستفجّر المنظقة بحرب لن ينجو منها أحد؟ ومنذ متى كان هنالك صراع مذهبي بين المسلمين ومن الذي ابتدعه؟ وهل بات تحويل الصراع إلى صراع مذهبي بين المسلمين أهون عليهم من اختيار الأسم الحقيقي للصراع؟ فلم يعد الصراع مع الصهاينة هو الصراع الحقيقي بل يلهثون وراء استرضاء "إسرائيل" ويوجّهون جام حقدهم على من يخالفهم الرأي بإن "إسرائيل" كانت ولا تزال هي العلة، وهي سبب الأسباب في كل حرب وصراع، وهي أساس الفتن، فلا تسمع أصواتهم تعلو إلا عندما يطلب منهم السيد الأمريكي إقامة ضجة حول أمر ما، أو إعلان موقف أو تأييد؟!
أي وضع مزر هذا الذي وصلت إليه تلك الحكومات؟ وأي خسة وأي انهيار؟
لا يرون ما تفعل "إسرائيل" في فلسطين؟ ولا نسمع لهم صوت ولا حتى استنكار؟
لا يرون ما حدث في لبنان وأيضاً لم يسمع لهم صوت ولا استنكار؟!
لا يرون ما يجري في العراق وحمامات الدم التي لا تتغذى إلا بوجود المحتل الأميركي الذي ما جاء إلى هذه البلاد إلاّ ليضع يده على الثروات والخيرات والحكومات...
ويجلسون معه ليصفقّوا له ولقراراته!
بالله عليكم، أليس عندهم خبراء يستطيعون أن يطلعوهم على الحقائق كما هي؟
أم أنهم يكمّون أفواههم، أو يشترونهم ليصبحوا مثلهم من المصفقين للسيد الأميركي؟
هذا السيّد يطل اليوم في مقابلة على البي بي سي ليقول "إن إعدام صدام نفذ كثأر بين المذاهب"، ليؤجج المشاعر المذهبية، مستغلاً بذلك أي حدث، فكيف بحدث مثل هذا، فهو يدرك تماماً أي شر يصنع غير آبه لا لهذا المذهب ولا لذاك! وليحشر الحكومة التي طالما دعمها بتصنيفها غير راشدة؟ يا للسخرية!!
إنه الشيطان الذي يتلوّن كل ساعة بلون، والمعيار الوحيد لديه هو مصالحه، فيطيح بأي شيء يمكن أن يقف في وجه هذه المصلحة، هو لا يحب إلا مصلحته، ولا يأبه في لون من يُقتل ولا في دينه ولا مذهبه، يلعب على الكلام كيفما يشاء، كي يصل إلى حيث يشاء، والمصيبة الكبرى أن طوابير المصطفين ليصفقوا لشيطنته تبدأ ولا تنتهي.
لا أعرف بأي قانون يُكيّف هؤلاء أنفسهم مع عدو الدين الذي أعلن حربه على الإسلام والمسلمين جهاراً، ويعلن كل يوم تأييده للعدو الصهيوني في الكيان الغاصب مبيحاً له أن يفعل ما يشاء، فيستبيح الحرمات والمقدسات في أكثر من بلد عربي... ويتّخذهم واجهة يتلطّى من خلفهم لإضفاء نوع من شرعية مفقودة يحتاجها، ويستبعدون بعد كل ذلك درء مخاطره بكل أسلحته الفتاكة والتي لا يتوانى عن استخدامها من أجل مصالحه، وخطره يأكل العالم العربي ويهضمه قضمة قضمة وهم يصفّقون له ويعلنون الموافقة تلو الموافقة على آثامه ومشاريعه التقسيمية، والأنكى من كل ذلك ليس فقط أنهم يعتبرون أنه لا يشكل تهديداً لوجودهم ومصالحهم وحسب وإنما يعتبرونه صديقاً مؤتمناً على العرض والدماء فانظروا إلى مدى أمانته في العراق، في فلسطين، في لبنان، في الصومال... وفي كل مكان تقتضي مصلحته بأن يجرّها إلى الموت والدمار، وهم يصفقون! ويعلنون الموافقة والإذعان، فهل تستطيع حقاً حكوماتهم أن تقول لا؟!!!
لا يبدو كذلك.
ماجدة ريا

لبنان بلد الحريات، وعلى الحريات السلام!

في تطور خطير يهدد الحريات الإعلامية في البلاد، شهدت آخر جلسة لمجلس الوزراء اللبناني مناقشة مستفيضة لما سُمي “قيوداً إعلامية” تحول دون “ظهور أشخاص لا يتمتعون بالكفايات الاعلامية والمهنية” على المنابر الاعلامية. وفي المعلومات التي استقتها “الأخبار” من مصادر وزارية معنية أن البحث انطلق عندما أثار وزير العدل شارل رزق استمرار تعرض محطة تلفزيون “الجديد” للقضاء، انطلاقاً من ملف توقيف زملائهم الثلاثة، وقال ان ما فعله حاطوم ورفاقه يشكل “جريمة موصوفة”، وانه لم يعد قادراً على ضبط ردات الفعل السلبية لدى القضاة المعنيين، مما اضطره الى إعطائهم الإذن للتصرف بما يرونه مناسباً. وقال: لقد أصبح الاعلام خطراً ولا بد من قواعد وقوانين تنظم ظهور الضيوف على المنابر، والسماح فقط لمن يمتلكون الكفايات العلمية والمهنية.
من جهته تدخل وزير الاعلام ولفت الى ما سماه “حجم الاستغلال” الذي يتعرّض له الزملاء الموقوفون الثلاثة في السجن، واتهم صاحب محطة “الجديد” تحسين خياط بخوض معركة “بطولية ووهمية”.
وقالت المصادر إن السنيورة وافق على الأخذ بملاحظات رزق، وأبلغ الوزراء بأنه سيطلب الى مستشاريه تحويلها الى سلة مشاريع قوانين تتناول التعديلات بالمعايير الواجب اعتمادها وإدخالها على القوانين المرعية الإجراء في قطاع الاعلام المرئي والمسموع في الوقت المناسب.
صحيفة الأخبار اللبنانية عدد الخميس ١٨ كانون الثاني 2007



ما الذي سيبقى من لبنان؟! لطالما تغنى الآخرون بالحريات الإعلامية في لبنان! لطالما كان ملجأً لكل قضية يُضيّق عليها في بلادها، لطالما كان الحصن الذي يحمي ويحفظ!
في أي طريق يسير هذا البلد؟ وإلى أين تجرّه هذه الشرذمة المتسلطة التي وصلت حد البغي، واستباحت كل الحرمات، كل المقدسات، كل القوانين... لا حدود لإستباحتها، وهي بذلك تأخذ البلد نحو الكارثة الكبرى، نحو الإنهيار.
هل وصل بهم الأمر إلى المس بالحريات الإعلامية، وكمّ الأفواه ليسلبوا من البلد حق الحريات العامة باسم الديمقراطية الأميركية؟!
ليس عجباً أن يصدر هذا عن ديمقراطية أميركا، فهي باتت تصنع الديمقراطيات في العالم، وتعطي تعريفاً يتناسب مع كل بلد لتشرّع ما يناسب مصالحها في كل مكان، فتقتل باسم الديمقراطية، وتسلب حقوق الناس باسم الديمقراطية، فلا يكون ديمقراطياً إلا من يخنع ويركع عند أعتابها، والآخرون إرهابيون، يجب القضاء عليهم، وأن يحرموا حتى من نعمة الكلام، ويجب وضع قيود على الإعلام!
مهما قيل في عبث هذه الحكومة هو قليل، وقليل جداً، مهما قيل في استهتارها بحقوق الناس وهمومهم قليل وقليل جداً، ولعلّها أسوأ حكومة عرفها تايخ لبنان!
لكن يجب أن أضيف أمراً واحداً يبرّد الغليل وهو أنها حكومة غير شرعية، وغير دستورية، ومصير قراراتها العبقرية هذه لن يكون إلا سلة المهملات، وأنها لن تستطيع أن تخنق شعباً عجزت إسرائيل عن خنقه، ولن تستطيع أن تفرض على هذا الشعب ما لا يتناسب مع سيادته وحريته وحقوقه ولعل الأيام القادمة ستثبت حقيقة ما يجري، ومهما حاولوا فلن يستطيعوا طمس الحقائق. وسيبقى لبنان حراً مستقلاً ولن يكون تابعاً لأميركا أبداً.
ماجدة ريا