Thursday, June 21, 2007

اللعبة


لماذا نجحت أمريكا في زرع كل هذا الإنقسام بين المواطنين؟
ولماذا برز هذا الوجه من التطرف في الإسلام الرافض للغير حتى وإن كان مسلماً،
وبات يتغذى ويقتات على لحم البشر كوحش أفلت بعد تجويعه؟
إن أول من أطلق الحديث عما يسمى بالهلال الشيعي كان "ملك الأردن"، وما أدراك من هو ملك الأردن!
وازداد التهويل، لا يفيد هذا الملك وأصحابه اليهود أن يقولوا هذه جبهة ممانعة، جبهة مقاومة ترفض الوجود الإسرائيلي أصلاً، مع العلم أن هذه الجبهة ليست من الشيعة فقط! ولكن فقط وفقط من أجل استثارة العنصرية بين الأفرقاء وبذر البذور الخبيثة التي أخذت تمتد مع ما تملكه هذه الأبواق من أدوات إعلامية، وتحريف للحقائق وتخويف ليس له مبرر سوى زرع الفتن، وشقّ النفوس وتكريس العداء بين أبناء الأمة الأسلامية الواحدة، وكل هذا كي نتلهى ببعضنا بعيداً عن الإلتفات إلى العداء مع العدو الحقيقي، لأننا عندما ننشغل بمثل هذا الإقتتال لن نتذكر غيره.
وكان هو أول من بشّر بالحروب الأهلية في فلسطين ولبنان والعراق!
ولماذا كل هذا التحفيز وتنمية النعرات المذهبية الآن؟
ومن المستفيد من كل هذا؟
عندما يقتل الفلسطيني أخاه الفلسطيني ترتاح إسرائيل، وعندما يقتل اللبناني اللبناني تزداد سعادتها، وعندما يقتل العراقي العراقي "يبرد جلدها" وتقول في العلن وفي سرها ماذا احتاج غير ذلك؟ فليقتلوا بعضهم بعضا، وليضعفوا بعضهم بعضا...
لماذا؟
لماذا نجحد بديننا وبأوطاننا وعلى أي عرش يتقاتل الناس؟ وعلى أي حكم؟ وعلى ماذا تسفك كل تلك الدماء من الأبرياء؟
في المساجد، في الأماكن المقدسة، في الحسينيات ، في المزارات، في الأسواق، في المحلات...
لو ارتكبت كل تلك المجازر بحق الأعداء لما أبقت منهم باقية، ولكن مقابل قتل القليل منهم يقتل الآلاف من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا على تلك البقعة من الأرض؟
لعبت اميركا لعبتها بذكاء، هناك من يعيها ، ويقرأ عما يخطط له الأجنبي والصهيوني والأمريكي، لكن للأسف معظم أبناء الشعوب العربية يعانون من الجهل، وإذا تعلّموا فهم في معظمهم يتابعون ما يُفرض عليهم وما يغذي عصبيتهم، وينساقون بالعواطف العمياء، والعصبية الخدّاعة، فيناصب الواحد الآخر العداء لمجرد انتماء، وينسى أن الجميع من ذات الإنتماء ، الجميع مسلم والجميع عرب، والجميع هم مسرح كبير لمخطط أكبر منهم يهدف إلى تمزيقهم، وتفتيتهم، وتشريدهم والإستيلاء على ما تبقى من مقدرات بلادهم.
لا شيء يستحق أن نفني أعمارنا من أجله إلا آخرتنا، والتي ترتبط بعزتنا وكرامتنا كمسلمين، وأن نوجه نصالنا إلى قلب الأعداء الحقيقيين وليس إلى من أوهمنا الأعداء بأنهم هم أعداؤنا ليستريح.
إن الله سبحانه وتعالى لا يرضى بكل تلك الفتن، وليفكر كل إنسان بعقله، ولا ينساق وراء شيء سوى وراء القول الكريم "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" والتقوى لا تكون إلا عندما نرضي الله بأفعالنا وأقوالنا وأعمالنا، أحب أخاك الإنسان لأنه إنسان، والله هو الذي يحاسب البشر على معتقداتهم، فليؤمن كل منهم بما شاء، وليعبد ربّه كما يقتنع، ولكن لمََ أخذ المواقف العصبية، والإتهامات المشينة. في كل دين وفي كل مذهب هناك الجيد وهناك الخبيث، ولله وحده الحساب ومآل الأمور..
أعجب عندما يتّجه الجميع لتصفية الجميع بسبب ما ينفثه الشيطان الإمريكي من همس هنا وهمس هناك، وأشخاص يطمعون في الدنيا غير آبهين بما تسبب أعمالهم، أعجب عندما تغطّى الشمس بغربال!
القضية الأساس هي تلك الغدة السرطانية التي زرعت في أرض فلسطين، والحق واضح، وكل ما عدا ذلك زيف يصنعه الأعداء، ويتلقّفه ضعاف النفوس.
حتى متى ستبقى المراوغة سيّدة الموقف، وتبقى الأيادي العابثة تعبث بأبناء هذه الأمة؟
لقد قال أحد الحكماء ذات يوم ومنذ أعوام خلت:
"إسرائيل غدة سرطانية يجب أن تزول من الوجود"
وقال
" المسلمون في العالم مليار ونصف مليار مسلم لو رمى كل واحد منهم على إسرائيل بدلو ماء لجرفتها السيول"
أين أنتم أيها المسلمون؟ وما الذي يجري على أمتنا؟ ولماذا باتت الأفكار الإنقسامية تسيطر، وكأن الأنا لكل أنا تريد أن تسيطر بينما عدونا يتلذذ بما يجري، يضحك في سرّه، يا لسخافة ما يجري، متى نصّب البشر أنفسهم آلهة لمعاقبة الآخرين على معتقداتهم، وينسون قول الله تعالى "ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة" وليس بالقتل والذبح والإنتقام!
أيها الإنسان ارأف بأخيك الإنسان، لم نشهد عصراً أكثر انحطاطاً من هذا العصر الذي يسفك به المسلمون دماء بعضهم بعضا بينما العدو محيط بنا يتشفّى بدمائنا جميعاً!
وليس خفياً على العارفين أن كل هذا من حيل العدو الصهيوأمريكي الذي يعبث بكل ضعاف النفوس، إلى أي فئة انتموا، وإلى أي دين أو مذهب، فيحوّلون حياة الأمة إلى هذا الجحيم، ويتأثّر الآخرون بسيول الدماء، وتثور الثائرة، وانتقام يستتبع انتقام!
لننهِ هذه اللعبة التي ابتدعتها أمريكا بوعينا، وبسعة قلوبنا لبعضنا البعض، بالنظر إلى الإنسان كقيمة إنسانية، ولنوجه حرابنا إلى من ابتدع هذه اللعبة الدنيئة، ولنغرزها في قلبه، هكذا نحارب إسرائيل، بمحاربة الفتن أولاً والسير في الدرب الصحيح الموصل إلى القضاء عليها.
ماجدة ريا