Saturday, October 25, 2008

"إسرائيل" والسطو على التراث اللبناني


من البديهيات التاريخية أن الكيان الصهيوني الغاصب قائم في أصله وأساسه على السطو، واحتلال أراضي الغير، وهو الكيان الذي تجمّع شتات اليهود فيه من جميع أصقاع العالم على أرض ليست لهم، بل اغتصبوها من أجل ذلك.
كل هذه البديهيات تؤكّد أنّ "دولة اسرائيل" التي زرعت على أرض ليست لها، لا ماضي لها ولا تراث، وأن سكانها من اليهود هم مجموعة من البشر ارتضوا لأنفسهم أن يكون لهم دولة على أرض اغتصبوها من أهلها معتمدين في ذلك سياسة القتل والتدمير والتهجير.
بقوة الإرهاب قام هذا الكيان الغاصب واستمر، وبدعم دولي غير مسبوق أخذ شرعية الدولة المسماة إسرائيل.
ولما كان "الشعب" في اسرائيل مكوناً من مجموعة أشخاص ينتمون إلى عرقيات وإثنيات مختلفة، لم يستطيعوا تكوين أي تراث يخص هذه الدولة المصطنعة، وكان لا بدّ من ايجاد هذا التراث، ولو على الطريقة التي قامت بها دولة اسرائيل، وهي طريقة السطو والنهب والسرقة من كل الدول المجاورة.
فالتراث هو الذي يشير إلى حضارة كل بلد، من ثقافة وفن وزي وفلكلور ومأكولات شعبية، فيحفظها على أنها تخص هذا البلد دون ذاك، فنرى أن كل بلد من البلدان يشتهر بخصائص تميّزه عن غيره.
وكان لا بد لـ"إسرائيل" من التعدي على تراث الآخرين، لتنسب ما تشتهيه لنفسها على أنه تراثها، على حساب تدمير تراث الآخرين وتشويه صورتهم.
وطبعاً كان للبنان نصيب الأسد من هذه التعديات، لبنان الذي تطمع إسرائيل في كل خيراته، في أرضه ومياهه، امتدّت يدها أيضاً إلى تراثه، لتسرق أهم ما يميز المطبخ اللبناني، وهي المازة اللبنانية ـ الحمص والفلافل والبابا غنوج والكبة (أقراص الكبة المقلية) والتبولة والفتوش ـ وتصنّعها وفقاً للطريقة اللبنانية الذي اشتهر بها المطبخ اللبناني منذ مئات السنين، ومن ثم تقدمها على أنها مأكولات من التراث الإسرائيلي، وعلى أنها صناعات غذائية اسرائيلية الأصل والصنع.
هذا الأمر يحدث منذ سنوات عديدة، فقد أكد أحد المغتربين اللبنانيين في كندا، أن هذه المعلبات التي تحتوي على هذه المأكولات اللبنانية الجاهزة تباع منذ أكثر من 13 سنة على أنها إسرائيلية.
كما أن إسرائيل تصدّر منذ سنوات الحمص الى بريطانيا، وتدّعي انه طبق تقليدي للشعب الاسرائيلي.
وتحتدم المعركة اليوم بعد تحرك جمعية الصناعيين اللبنانيين لتقديم دعوى ضد اسرائيل بسبب هذه السرقات، ولا سيما أنها تتسبّب بخسارة عشرات ملايين الدولارات سنوياً بحسب فادي عبود رئيس الجمعية، حيث تقوم "اسرائيل" بتصنيع هذه المأكولات وتقديمها في علب صغيرة بلاستيكية للمستهلك في المحلات والسوبرماركات في أوروبا والولايات المتحدة، على أنها مأكولات تقليدية إسرائيلية، بينما هي في أصلها وتركيبتها وأسمائها لبنانية.
كما يؤكّد فادي عبود أن الخسارة ليست مادية فقط، وإنما هي خسارة معنوية كبيرة، فـ"إسرائيل" تسرق حضارتنا، وهويتنا الثقافية، وموسيقانا واليوم مطبخنا. فوجئنا في معارض عدة برؤية الكشك والكبة والتبولة ودبس الرمان والحمص، والحمص بطحينة وماء الورد وماء الزهر ومئات الأصناف، مصنّعة في "اسرائيل" مع الادعاء انها أصناف اسرائيلية.
واعتبر أننا لا نستطيع منع "إسرائيل" من تحضير اصنافنا، ولكن على الأقل يجب الا نسمح لها بأن تسرق مطبخنا وتدّعي انه لها.
وحتى تتمكّن الجمعية من إقامة هذه الدعوى لا بد لها من إثبات تاريخ انتماء هذه المأكولات إلى لبنان وتسجيلها لتقديمها الى المحكمة الاوروبية، بما ان لبنان موقّع اتفاق شراكة مع أوروبا، إذ أن الدول الأوروبية بدأت بتسجيل أصنافها ومنتجاتها الزراعية والجغرافية منذ العام 1992، ولبنان لم يقم بتسجيل أي من منتجاته عالمياً بعد، لكنه يمكن أن يفعل ذلك الآن من خلال العمل على إعداد ملف كامل عن هذه المنتجات بمساعدة وزارة الاقتصاد والتجارة، ومن خلال الأبحاث التاريخية الموجودة حول هذه المنتجات، واذا ما اكتمل الملف يمكن تسجيل هذه المنتجات خلال 6 أشهر وسنة ونصف السنة، إذ يبقى ذلك رهن اكتمال عناصر الملف.
ويشير هنا فادي عبود إلى أنه "ليس بالضرورة ان تقتنع فورا الجهات الاوروبية المعنية، بل سيجري الأوروبيون تحرياً واسعاً للتأكد من أنّ هذه الاصناف لبنانية".
ويرتكز تفاؤل جمعية الصناعيين اللبنانيين في نجاح عملية التسجيل على سابقة حدثت اليوم، عندما حصل صراع حول الجبنة اليونانية "فيتا" وكسبت اليونان الدعوى، ولذلك يستطيع لبنان اعتماد الأسلوب نفسه الذي اعتمدته اليونان، وهو أن هذه المواد الغذائية معروفة تاريخيا وتقليديا على أنها مأكولات شعبية لبنانية".
كما استطاع لبنان سابقاً أن يثبت أن الحمص والكبة والصفيحة، اصناف وصلت الى البرازيل في عام 1862 مع هجرة اللبنانيين. واول علبة حمص بالطحينة، صنّعت في الشرق الاوسط، خرجت من لبنان، وكان ذلك في خمسينات القرن الفائت، بناء على أبحاث تعود إلى 200 و300 سنة.
لبنان الذي استطاع تحرير معظم أراضيه، واستطاع تحرير مياهه وأسراه، سيستطيع ان شاء الله تعالى تحرير كامل تراثه من براثن العدو الصهيوني الذي لا يكف عن الاعتداء، فلا بدّ لكل مقاومة تسلك طريق الحق من الانتصار.
ماجدة ريا

"جين بيت" اللعبة الجينية: حرب جديدة تحتاج إلى موقف

الكائن الغريب اسمه "جين بيت" أي الحيوانات الأليفة الجينية وهو الاسم الذي أطلقته عليه الشركة المصنّعة الموجودة في كندا وهي شركة "بيوجينيكا".
وهذه الشركة تعمل في الأبحاث الجينية منذ حوالى العام 2003، كان لها أن توصّلت مؤخراً إلى إنتاج هذا الكائن الغريب من أجل طرحه في الأسواق كلعبة للصغار.
تؤكّد الشركة أن هذا الكائن هو مزيج من جينات بشرية وجينات حيوانية!
قامت الشركة بخلط هذه الجينات للحصول على ما يشبه المسخ البشري، إذ أن هذه اللعبة تعتبر كائناً حياً، ينتمي إلى فئة الثدييات لكنه لا يستطيع التناسل، كما تحكمّت الشركة بموضوع سنوات حياته، فأنتجت منه نوعين، أحدهما يعيش لمدة سنة، والآخر يعيش لمدة ثلاث سنوات فقط.
كما تحكّمت الشركة المنتجة بالصفات والخصائص التي تمنحها لشخصية اللعبة من خلال استخدام الهندسة البيولوجية وألوان جينية فتحدّد هذه الخصائص كل نوع من هذه اللعبة حسب لونه، فاللون الأحمر يشير لكون اللعبة أكثر عدوانية وصرامة، أما الأخضر فيشير لهدوء واستقرار الحالة المزاجية للعبة، ويوجد منها سبعة أنواع مختلفة.
وهكذا تكون الشركة المنتجة قد حدّدت العمر الأقصى، والطبيعة لكل شخصية من خلال الهندسة الجينية التي اعتمدتها فيها.
يأتي هذا بعد أن حدّدت طبيعته وتركيبته الجينية الغريبة التي أعطته صفة الكائن الحي، فهذه اللعبة تتنفس ولها أوعية دموية وعظام وقلب ينبض وعظام تتحرك، تنزف إذا جرحت وقد تموت إذا أُسيئت معاملتها! لديها مشاعر وأحاسيس، تأكل وتجوع، غير أنها لم تخلق من أبوين كسائر الكائنات الحية.
ومن أجل المحافظة عليها زُوّدت هذه اللعبة بأجهزة رصد لحركات القلب وفتحات تهوية وتغذية، كما زُوّدت بأنابيب تغذية تتصل بعبوة طعام ملحقة بحقيبة محمولة داخلها وضعت خصيصا لتوفير التغذية المطلوبة لها بهدف إبقائها سليمة ونائمة، خاصة عند وضعها على أرفف المحال التجارية وعلى الرغم من ذلك فهي لا تخرج فضلات.
وعند بيعها، تُقدّم الشركة المنتجة لمن يشتريها مواد بروتينية معينة يتناولها هذا الكائن مرة أسبوعيا كي يبقى على قيد الحياة.
هذا الكائن يستطيع التفاعل مع مستخدميه بعد أن يُخرج من الصندوق البلاستيكي حيث يتخلص من حالة البيات الذي تتمكن منه طوال وجوده في الصندوق، ويفتح عينيه بالتدريج في خلال ما يقرب من 20 دقيقة.
إلاّ أنه لا يستطيع أن يتحرّك إلا حركات بسيطة للغاية تشبه حركات الطفل الحديث الولادة، فهو لا يمشي على قدمين ولا على أربع ولكنه يهتز في حركته ولا تصل هذه الحركة حتى إلى مستوى الزحف البطيء.
وهذا ما يُضفي عليه صفة الكائن العاجز تماماً سوى عن أنه يشعر بالألم لحالته، أو ربما لوجوده!
إن مسألة وضع مثل هذه اللعبة في الأسواق تُمثّل خطراً كبيراً على نفسية الأطفال وتنشئتهم، عدا عن أنها تُشكل تعدياً صارخاً على خلق الله سبحانه وتعالى الذي جعل الإنسان في أحسن تكوين! فإلى أي هوية يأخذ هؤلاء المتطفّلون على العلم "الإنسانية"، وإلى أي درك ينحدرون بها؟
ولو بقينا في مضمار رد الفعل التلقائي للأطفال، فالطفل عندما يفقد لعبة لا تحس ولا تشعر، لعبة بلاستيكية، يحزن لأنه فقد شيئاً يخصّه، وإذا ربّى قطة وتعلّق بها، وبدأ يشعر بأنها تستجيب له، سيحزن أكثر وأكثر عند فقدها، فما الحال مع هذا الكائن الذي يحس ويشعر ويتفاعل مع الطفل، ومن ثم يذهب إلى أجله المحتوم؟ أي وضع نفسي سيواجه الطفل عندها؟؟
عندها تطلب منه الشركة بكل بساطة أن يعيد هذا الكائن إليها لتستفيد منه مجدّداً في إعادة تدويره، أو يتوجّب عليه عندها أن يدفنه في حديقة المنزل! وكأن شيئاً لم يكن؟ فكم سيترك ذلك من آثار سلبية على نفسية هذا الطفل!
من المؤكّد أن الهدف تجاري بحت بل ذهب البعض إلى وضعه في خانة تحدي قدرة الله جلّ وعلا والعياذ بالله من مثل هذه الأفعال، فها هي الشركة حدّدت سعر اللعبة الواحدة بألف ومئتي دولار! هذا في المحال التجارية التي تخصّها حيث يقتصر وجود اللعبة حالياً عليها فقط، وما زالت الشركة المنتجة تنتظر حتى الآن الحصول على الموافقة الرسمية من الجهات المعنية لإطلاق المنتج العجيب في شتى أنحاء العالم، حيث يأمل مسؤولو الشركة الحصول على تصريح البيع والترويج قريباً.
وهذا يعني أن المعركة ما زالت في بداياتها من أجل الوقوف في وجه انتشار هذا المنتج، ومنع وجوده في أسواق بلداننا العربية والإسلامية، ولعل مثل هذه المعركة بدأت بوادرها تظهر حيث حذّرت بعض دول المنطقة من تداول مثل هذه الألعاب في أسواقها متخذة تدابيرها الخاصة في ذلك من خلال التشديد على منافذ دخولها سواء كان ذلك عبر الموانئ أو المطارات وأيضاً عبر المناطق الحدودية البرية بعد أن أكدت بعض المنظمات والهيئات الاسلامية تحريم تصنيع وتداول مثل هذه الألعاب، فيما أكد مصدر مطلع بالإمارات عدم تداول اللعبة المذكورة بالبلاد لعدم دخولها أصلاً.
كما أطلقت بلدية دبي منذ مدّة حملة تستغرق أسبوعاً للتأكد من خلو دبي من ألعاب جينية، وتمّ التّأكد أن الإمارة لا توجد فيها هذه اللعبة.
واعتبرت دائرة الشؤون الاسلامية والعمل الخيري بدبي أن تصنيع مثل هذه الألعاب خروج عن صحيح الدين الإسلامي وسائر الأديان وانتهاك لحقوق الإنسان.
ولا بدّ هنا من أن تستمرّ الحملات تباعاً للتأكّد المستمر سواء في دبي أو في أي مكان آخر من أجل درء خطر وجودها قبل حدوثه.
ولا بدّ من الوقوف ملياً أمام هذا التحدّي الجديد، ولا سيما أنه ما زال في بداية التسويق له، ولا بدّ من قيام حملة شاملة ومؤثرة، أولاً لاستنكار مثل هذه الأعمال، وثانياً من أجل منع وصولها إلى بلداننا بشكل قاطع.
ويبقى ذلك في عهدة الجميع، أفراداً ومجموعات وهيئات دولية رسمية وغير رسمية، إذ يجب أن يكون التحرّك بمستوى التحدي، وقبل تفاقم المشكلة.
ونسأل الله العافية لهوية بني البشر.
ماجدة ريا