Saturday, September 27, 2008

المسلمون في شهر الرحمة

الشهر الكريم يضيء أيامنا بنور تنتشر أشعّته في رحاب الأرض الواسعة، إذ لم يبقَ مكان في العالم إلا وقد قصده أحد من المسلمين، فأناره بنور الإسلام ورسالته السمحة.
حيث يحل المسلمون يحملون معهم دينهم بكل تطبيقاته وأحكامه، التي يدخل في صلبها شهر رمضان المبارك، الذي هو خير الشهور وأفضلها، والذي فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
يحتفي المسلمون في جميع أقطار العالم بهذا الشهر الفضيل، ربما يكون لكل بلد ما يميّزه في احتفائه، لكن الجميع يشتركون في الصيام والقيام والتهجّد والتعبّد والتقرّب إلى الله في كل ما أمر به.
يجتمع المسلمون في العالم على الاحتفال ببداية هذا الشهر الكريم، فيفرحون لقدومه ويزينون الساحات والبيوت، ومنهم من يقوم بطلاء البيوت ابتهاجاً كما في السودان، ويهنّىء المسلم أخاه المسلم بقدوم شهر الرحمة. وفي بعض البلدان يتزاورون من أجل هذه التهنئة كما هي الحال في المغرب.
ولبعض البلدان تقاليد خاصة يقومون بها مع قدوم الشهر الكريم نذكر منها:
ـ في جزر القمر يخرج السكان في الليلة الأولى من شهر رمضان حاملين المشاعل متجهين إلى السواحل، حيث ينعكس نور المشاعل على صفحة المياه، ويضربون بالطبول إعلانا بقدوم رمضان.. ويظل السهر حتى وقت السحور.
ـ في باكستان ينشغل الباكستانيون مع قدوم شهر رمضان بإجراءات السفر لعمرة رمضان التي يحرصون عليها حرصا شديدا، ولا يمنعهم عنها إلا ضيق ذات اليد.
ـ في اليمن، قبل رمضان بثلاثة أيام، تبدأ مآذن صنعاء بالترحيب بالضيف الحبيب، فتبدأ مئذنة الجامع الكبير بالتكبير والتهليل. كما تقفل معظم المحال التجارية أبوابها، لذلك يقوم اليمنيون بتخزين احتياجاتهم خلال شهر شعبان.
ـ في تايلاند حيث يمثل المسلمون ثلث المجتمع التايلاندي، لا بد من أن يُفتح في كل مدينة وكل قرية مسجد جديد في شهر رمضان، حتى لو كان المسجد صغيرًا ومتواضع البناء. وتسعى كل قرية ومدينة طوال العام لجمع الأموال حسب إمكانيات كل أسرة لبناء المسجد الجديد، ويحرص معظم الأشخاص على العمل بأنفسهم في بناء هذه المساجد أيًّا كان نوع العمل.
ويهتمّ المسلمون هناك بالأشخاص الذين يحفظون القرآن بأكمله، إذ يحملونهم على الأكتاف في مظاهرات فرحة، ويُطاف بهم في الشوارع، وعندما يبدأ شهر رمضان تعلن أسماء الذين حفظوا القرآن الكريم، وتتردد أسماؤهم على كل الألسنة، ويسمح لهم بتلاوة القرآن في المساجد.
وفي اليوم الأول من شهر رمضان لا بد من أن تذبح كل أسرة تايلاندية مسلمة ذبيحة احتفالاً بشهر رمضان.. حتى أن الأسر الفقيرة تكتفي بذبح أحد الطيور. المهم أن الذبح في اليوم الأول للصوم عادة تايلاندية منذ سنوات طويلة تحرص عليها كل أسرة.
ـ في السويد يستأجر المسلمون "مصلّيات" يقيمون فيها الصلوات والشعائر المختلفة، وتفتح أبوابها في رمضان طيلة اليوم، حيث تحيى أول ليلة بصلاة الجماعة وحلقات الذكر وقراءة القرآن.
ـ في الفلبين تُعتبَر أيام رمضان بالنسبة للمسلمين عطلةً اختياريةً من أعمالهم من أجل التفرّغ للعبادة. كما يخرج الأطفال مرتدين الثياب المزركشة حاملين في أيديهم ما يشبه فوانيس رمضان، حيث يستقبلون المصلين بالأغاني والأناشيد. ثم يزورون المساكن المجاورة للمسجد، ويظلون على هذه الحال حتى يحين موعد السحور، فيقومون هم أنفسهم بإيقاظ الأهالي لتناول السحور.
ـ في ليبيريا توزع السيدات "اليروريم" (وهي أكلات خاصة من الأرز)على الأسر غير المسلمة التي تشارك المسلمين شهر رمضان. وتقيم قبيلة "مادنجو" التي معظمها من المسلمين طوال الشهر موائد في الطرق أوقات الإفطار، ويحرص أي شخص من كل أسرة على الإفطار على هذه الموائد في الشوارع بالتناوب.
ـ في تنزانيا تكثر الزيارات وتبادل الهدايا بين العائلات. ويصوم كل الشعب المسلم في تنزانيا، بداية من الأولاد في عمر 12 سنة حتى الشيوخ، وهم يصفون المفطر بالإلحاد والزندقة والكفر.
ـ في بريطانيا تقوم الجمعيات الإسلامية بإعداد الإفطار الجماعي في المساجد، ثم يتبع ذلك محاضرة ثم صلاة الجماعة. وفي هذه الأماكن يشعر المسلمون بالجو الرمضاني حيث يفتقدونه في الشارع والأماكن العامة.
ـ في تشاد تبرز سمة التكافل الإسلامي في أبهى صورها، حيث يتسابق الأثرياء من المسلمين في تقديم وجبات الإفطار للفقراء والمساكين وعابري السبيل.


جميع المسلمين يحتفون بهذا الشهر الكريم، ويهتمّون اهتماماً جيداً بعباداتهم، كما يهتمّون بإعداد أنواع الأطعمة المخصصة لهذا الشهر، وهي تختلف من بلد لآخر، حيث يشتهر كل بلد بنموذج معين من الأطعمة الخاصة بسكانه، إلا أن الحليب والتمر يظل الصنف المشترك بين الجميع لتعمر بها الموائد.
ويزداد اهتمام المسلمين بشهر رمضان في الأيام العشرة الأخيرة منه، إذ يشعر المسلمون بأن أيام هذا الشهر
الكريم آخذة في الانقضاء، كما أن لهذه الأيام فضلا كبيرا، ففيها ليالي القدر.. حيث يتفرّغ المسلمون بشكل أكبر للعبادة، تصل لدى البعض إلى حد الاعتكاف في المساجد من أجل الاستفادة من كل دقيقة متبقّية من هذا الشهر الفضيل.
ـ في باكستان في العشرة الأواخر يتناول الرجال طعام السحور مُجتمِعين في المساجد القريبة من منازلهم، وقبل وقت السحور يقرأون القرآن الكريم.
ـ في اليمن نجد هتافات الوداع في الأيام الأخيرة منه، والتي تُعبِّر عن حزنهم لفراق شهر رمضان.
ـ في دمشق في العَشرة الأواخر تنهمك النسوة في إعداد حلوى العيد، وخاصة المعمول المحشو بالجوز أو الفستق الحلبي. وهي أيام لا يعرف أهل دمشق فيها النوم والسكينة، فترتدي المدينة حلة قشيبة من الأنوار تنير المآذن والمساجد والطرق.
ـ في السودان في العشرة الأواخر يزداد الناس خشوعاً وتعبداً، ففيها صلاة التهجد وتحري ليلة القدر. كل مجموعة تسعى لزيارة جميع أهل القرية أو المدينة التي يقطنون فيها.
ـ في تشاد في العشرة الأواخر من رمضان يحتفل المسلمون عادة بليلة القدر التي وصفها الله في كتابه العزيز بأنها خير من ألف شهر، حيث يكثرون من الذكر، وفي الوقت نفسه يستعدون لاستقبال عيد الفطر المبارك..
وهو العيد الذي يستعد له كل المسلمين في أقطار العالم. نسير نحوه سريعاً، تفصلنا عنه أيام قليلة، عسانا نستطيع أن نغتنمها، فيكرمنا الله سبحانه وتعالى ويجعلنا من عتقائه من النار.
ماجدة ريا