Tuesday, July 24, 2007

الحرب: تخطيط أم رد فعل

"في تموز (و) آب 2006 لم يكن هناك مكان في فلسطين المحتلة لا تطاله صواريخ المقاومة.. تل ابــــيب أو غيرها، أي زاوية أو أي نقطة في فلسطين المحتلة كنا يمكن أن نطــالها بكل تأكيد. والآن يمكن أن نطالها بكل تأكيد"
هذا ما أكّده الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في مقابلة أجرتها معه قناة الجزيرة، وهذا ما يؤكّد حدثاً ماضياً ويهيّء لآخر قادم.
وكانت القنوات العبرية قد بثّت تقريراً يقول إن الصهاينة يعتبرون أنهم إذا تمّ ضرب حزب الله بقصد الإبادة فإن الحزب سيتصرّف برد فعل مجنون ويظهر كل أوراقه! وهذا ما لم يحدث أبداً، وما لم يتحسّب له الإسرائيليون والذي أوصلهم إلى تلك النتائج من الهزيمة والعار.
إن المتتبّع لحرب تموز الماضية، سيكتشف بأن إسرائيل تصرفّت بقسوة ليس بعدها قسوة، من خلال التدمير الشامل للمباني والبنى التحتية بغية إلقاء الرعب في قلوب الناس والمقاومين، ودفعهم للرد غير المدروس، فإذا بالمقاومين يزدادون قوة وإيماناً وثباتاً كما تجلّت هذه الحالة على أهل المقاومة أيضاً الذين آثروا أن يدفعوا تلك الأثمان الباهظة للحرية بكل طيبة خاطر، وما أكثر ما سمعنا كلمات " فدا المقاومة" " فدا السيد حسن"، وأما اللاّفت فكان رد المقاومة المدروس بدقّة متناهية، وتخطيط حكيم، والذي لم يعتمد في أي لحظة من اللحظات على رد الفعل.
وكانت الرسائل المتتالية للسيد حسن نصرالله قائد المقاومة تؤكد مدى رباطة جأش المقاومة، وحنكتها وقدرتها على المواجهة بشكل فاعل وكبير، فكانت تردّ على الإعتداء بهجوم يوازيه، رغم امتلاكها للصوارخ التي تطال كل شبر من أرض الكيان الغاصب، ورغم قدرتها الميدانية على القيام بذلك، وقد شهد العالم بأسره أن صواريخ حزب الله بقيت تنهمر على الكيان الغاصب حتى اللحظة الأخيرة، ولم تملك إسرائيل قدرة إيقافها أو منع سقوطها على مستوطناتها رغم كل ذلك الدمار الذي أحدثته خلال ثلاثة وثلاثين يوماً من العدوان المتواصل والمبني في معظمه على التدمير الشامل بواسطة سلاح الجو الإسرائيلي.
وكانت كلما تمادت اسرائيل في استهدافها، يأتيها رد متوازٍ مع هذا التمادي، فقصف الضاحية يقابله قصف حيفا، وقصف بيروت كان سيقابله قصف تل أبيب، وهكذا كانت المقاومة تدرس كل ردودها بحكمة بالغة، ولم تفقد السيطرة على زمام الأمور حتى اللحظات الأخيرة التي وقع فيها الجيش الإسرائيلي في الإرباك بسبب اضطراره لعملية عسكرية برّية لم يكن مخطّطاً لها، إذا لطالما تبجّح "دان حالوتس" قائد جيش العدو خلال الحرب بقدرة سلاح الجو على حسم المعركة، وإذ بالأيام تكشف له بعد نفاذ بنك الأهداف المحدد للطائرات أن الحرب لم تبدأ بعد، وأن قدرة حزب الله على المواجهة ما ضعفت ولا وهنت، وكانت المواجهات البرية تؤكّد ذلك، ومجزرة الدبابات في وادي الحجير وسهل الخيام تشهد بذلك، كذلك الملاحم البطولية في عيتا الشعب ومرجعيون، حيث لم يستطع العدو التقدم ولو أمتار قليلة إذ سرعان ما كان يكتشف أنه لا زال في المواجهة فيفرّ مذعوراً.
الصبر، والإيمان والقدرة على امتصاص الضربات والتفكير قبل أي رد، هي من الأمور الجوهرية التي أعطت الحرب بعداً آخر لم يحسب العدو له أي حساب، رغم أن الحرب جاءت مباغتة، لكن جهوزية المقاومة الدائمة لمواجهة هذا العدو الذي لا يتورع عن الإعتداء وشن الحروب في أية لحظة، وطريقة الرد المبنية على التخطيط والحكمة بعيداً عن الإنفعال ورد الفعل الأعمى أثمرا نصراً غير مسبوق في تاريخ الأمة العربية.
ماجدة ريا