Wednesday, October 15, 2008

الكائن الغريب




هل يتحوّل العلم إلى لعنة؟
إنه عصر الجينات والتحكّم بها!
تطوّر العلم، وتطوّره لا يقف عند حدود، وفي كل يوم بل وفي كل ساعة، وربما في كل دقيقة، تسمع عن خبر علمي جديد أو اكتشاف جديد أو تقنية جديدة.. وحقول التجارب جارية على قدم وساق، لا تقف ولا تتوقّف، منها ما يرقى بالإنسان ومنها ما يأخذ في طريقه كل شيء، من دون حدود ولا محرّمات.
في السنوات القليلة الماضية كان السجال حامياً حول مسألة الاستنساخ، سيما في ما يتعلّق بالبشر، وما بين موافق ومعارض لم يتوقّف هذا الأمر، والمعنيون به استمرّوا في أبحاثهم وتجاربهم غير آبهين لمن يوافق ومن يعارض.. ورأينا النعجة "دوللي" وغيرها من الحيوانات التي جرى استنساخها.
إلاّ أنّ هناك سؤالاً يفرض نفسه بقوة: هل يكون العلم من أجل الإنسانية وبنائها وتطورها؟ أم يكون فقط من أجل العلم وإجراء التجارب دون النظر إلى نتائجها؟ وإذا ما نُظر إلى نتائجها فما هو المعيار؟
هناك من قال إن مثل هذه الأمور تخدم الإنسانية.. ولكن هل كل الأبحاث تخدم الإنسانية! وهل يُسمح للعلماء فعل كل ما يريدون؟ وتحقيق كل تجاربهم دونما حسيب أو رقيب؟ وماذا عندما يصبح المعيار هو تحقيق الأرباح والمتاجرة بالعلم على حساب القيم والأخلاق الإنسانية، حتى لا نقول الدين، لأنه لا يوجد دين من الأديان السماوية يعارض القيم والأخلاق؟!
اليوم سمعنا عن الابتكار الجديد، ابتكار يهتزّ له الوجدان، ويؤلم الضمير الإنساني، ويقهر كل كائن يسعى لرقي بني عرقه من البشر.
اليوم تعرّفنا الى ما توصّلت إليه يد اللاعبين بالجينات من ابتكار فظيع!
تعرّفنا إلى تطور مريع ينزل بمخترعيه إلى الدرك الأسفل، إذ يمكن للإنسان السوي أن يتوقّع أي شيء، لكنه قد لا يتوقّع حدوث مثل هذا الأمر أبداً!
وعند التفتيش على الدوافع والأسباب سيجد أنها مادية بحت، تجارية بحت، ضاربة بعرض الحائط أي إحساس انساني.
فماذا نتوقّع عندما تُخلط الجينات البشرية مع أخرى حيوانية؟ من أجل إنتاج كائن حيّ غريب ومهجّن؟
سمعنا عن تهجين النباتات، ولكن عندما تهجّن النباتات فهي تطعّم بنباتات تماثلها بشيء ما، وهي كلّها نباتات.
وسمعنا عن حيوانات هجينة، سواء جاءت مبنية على إرادة إنسان أو لأن الحيوان حيوان يمكن أن يتزاوج مع حيوان يشبهه ولا يكون من فصيلته.
ولكن ما لم نتصوّره قط أن تُخلط الجينات الإنسانية بأخرى حيوانية! ويا للأسف، إلى أي درك وصل مثل هؤلاء المدّعين للعلم، ولم يفكّروا بتلك الروح التي ستنشأ عن عملهم ذاك، وهم يدركون أنها تتألم وتشعر كأي كائن آخر!
والهدف هو بيعها كلعبة للصغار وجني الأرباح الطائلة، لأن الجميع سيتّجه إلى شراء هذا الكائن الغريب الذي لم يسبق أن رأى أحد مثله أو حتى تصوّر وجوده، أو فكر بأنه يمكن أن يوجد أصلاً.
هذا الأمر مثير لفضول جميع الناس الذين سيفاجأون بوجوده.
ولكن كيف يُقدّم هذا الكائن للصغار الذين يشترونه؟ وماذا سيُقال لهم عندما ينتهي أجله المحتوم، لأنه يعيش فترة محدّدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات؟ وكيف سيتقبّل الصغار فقدانه بعد ذلك؟
وماذا عن مشاعر هذا الكائن الضعيف الذي افترى عليه العلماء بإيجاده؟ وهل بات الإنسان رخيصاً إلى الحد الذي تجمع جيناته بالجينات الحيوانية من أجل إرضاء فضول وجموح بعض الأشخاص غير الأسوياء؟
كيف يُسمح لهم بذلك؟ كيف يُسمح بانتشار مثل هذا الأمر من دون وازع أو رقيب؟
بئس العلم والعلماء عندما يكون الأمر على هذا النحو.. ونسأل الله العافية والنجاة أمام كل ما نسمع ونرى.
ماجدة ريا