Thursday, November 15, 2007

القضية الفلسطينية إلى أين بعد أنابوليس


إنّها دعوة إلى آنا بوليس، دعوة موجّهة من الرئيس الأمريكي لعقد مؤتمر لبضع دول اختصّ الرئيس الأميركي قادتَها بالدعوة إلى تلك المدينة الأمريكية.
طرحت الدعوة على أنها مؤتمر دولي، ثم انخفض سقفها إلى اجتماع دولي وبعدها إلى لقاء دولي! والبعض يخمّن أن هذا المؤتمر قد لا ينعقد أبدا، كما ذهب إلى ذلك الصحفي جيم غلاند عندما كتب تعليقاً عن المؤتمر جاء فيه: "ليس هناك أي يقين من أن مؤتمر تشرين الثاني/ نوفمبر، الذي تأمل إدارة بوش الإشراف عليه، سينجح أو حتى سينعقد. ففي الشرق الأوسط يمكن لفظاعة تحدث في يوم ما أو وقوع جَيَِشان سياسي محلي أن يلغي جهوداً دبلوماسية ناجحة استغرق القيام بها أشهراً."
فإذا ما انعقد هذا اللقاء ماذا ستكون نتائجه؟
وبماذا سيخرج علينا؟
هي المفاوضات مرة آخرى إذاً؟
تلك الطريق الطويلة، الشائكة، المفخّخة التي قرّر البعض سلوكها سعياً وراء تحقيق مكسب ما لمصلحة شعب فلسطين.
منذ انعقاد مؤتمر مدريد في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1991 الذي اعتُبر انطلاقة لما سُمّي بعملية السلام، والعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية تواجه الكثير من الأزمات والصعوبات لأن الجانب الإسرائيلي كان يعمد دائماً إلى المراوغة، وعدم الإلتزام بالإتفاقات المبرمة بين الطرفين، حتى أن بنيامين نتانياهو (رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق) جمّد ـ عندما استلم الحكم ـ العمل باتفاقات أوسلو وما تلاها من اتفاقات، وقرّر عدم تنفيذ إلتزامات المرحلة الإنتقالية المطلوبة منه، واعتبر أن أسس مؤتمر مدريد ـ أوسلو لم تعد صالحة ولا بد من تغييرها.
هكذا، وبكل بساطة يتنصّل الجانب الإسرائيلي من التعهدات وكأنه لم تبذل جهود ولم تجرَ مفاوضات، ليعاود البحث من جديد ومن نقطة بداية جديدة!
وكان اتفاق أوسلو قد تحدّث عن قيام دولة فلسطينية عام 1999، وبعده جاء ما سمي بخارطة الطريق التي كان بموجبها ستقوم الدولة الفلسطينية عام 2005.
وبعد كل هذه السنوات من المفاوضات والوعود الكاذبة التي لا تهدف سوى إلى تقطيع الوقت، وإلهاء الجانب الفلسطيني بمثل هذه الوعود، يستمرّ التفاوض مرة أخرى إلى ما لا نهاية!
ما الذي حقّقته المفاوضات بعد كل تلك السنوات ؟ وما هو حال القضية الفلسطينية ونحن على أبواب مؤتمر جديد وفصل صهيوـ امريكي جديد؟
أكثر من عشرة آلاف مواطن فلسطيني في المعتقلات الصهيونية، جدار عنصري فاصل يقطّع أوصال المناطق الفلسطينية، حفريات مستمرّة تحت المسجد الأقصى الشريف تتهدّد وجوده، المزيد من بناء المستوطنات والمزيد من قضم الأراضي، والمزيد المزيد من الإعتداءات المتكرّرة يومياً والتي تحصد الكثير من الشهداء...
ماذا قدّمت المفاوضات حتى الآن للجانب الفلسطيني؟
وماذا يُتوقّع أن تقدم له على أعتاب هذا المؤتمر؟
إن مجرّد نظرة إلى جعبة كل من الطرفين وما يحمله كل منهما إلى هناك كافية لتُظهر هشاشة هذا المؤتمر، وعدم فعاليته لتحقيق أي شيء للمصلحة الفلسطينية، في حين أنه يشكّل رافعة لمعنويات جورج بوش راعي المؤتمر، ولأولمرت ولسياستيهما التي تمر في أدنى مستوياتها، وتحتاج لمثل هذه المعونة.
واقع كهذا عبّر عنه احمد قريع كبير المفاوضين الفلسطينيين حين قال إن الوفد الفلسطيني لا ينتظر الشيء الكثير من مؤتمر السلام، وأنه "ليس لدينا أحلام كبيرة، نحن واقعيون ونعرف المعطيات الدولية والمحلية بدقة".
وأضاف قريع أنه "حتى الآن لم يتضح شيء عن المؤتمر الدولي للسلام ولم يحدد له بعد جدول أعمال"
بالمقابل يبدو الجانب المصري الذي يشجع هذه المفاوضات "متفائلاً"، فهو أكد على لسان وزير خارجيته أحمد أبو الغيط بعد لقائه بوزيرة الخارجية الأميركية رايس "أن ما قالته لنا الوزيرة رايس يعطينا الكثير من الثقة في ما يفعلونه".
وأصرّ الوزير المصري على موقف بلاده الداعي إلى أن تتضمن الوثيقة الفلسطينية ـ الإسرائيلية اطارا زمنيا لإنهاء المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية رغم إعلان رايس في القدس انها "ليست متأكدة" من الحاجة إلى جدول زمني.
كما أن الرئيس الفلسطيني كان قد أعلن أنه سيصر على تحديد جدول زمني للمفاوضات النهائية.
كذلك الصهاينة يصرّون على تأجيل البحث بكافة الأمور العالقة، كمسألة اللاجئيين الفلسطينيين، ومسألة القدس وغيرها من المسائل العالقة، ويرفضون أصلاً البحث في قضايا الحل النهائي، ويصرّحون بذلك علناً، حتى المسؤولين الأمريكيين عندما يكونون مع العرب يعطونهم من طرف اللسان حلاوة، وإذا ما خلوا إلى أحبائهم ينقلبون على ما يقولون، ولا زال العرب يجبرون أنفسهم على تصديق ما يقال لهم من قبل الأمريكيين، وعلى أنه ذو فائدة رغم مرارة كل التجارب السابقة، بل ربما يمنّون أنفسهم بأن الحال اليوم ستتبدّل، وأن الأمريكيين سيفون لهم ولو ببعض من وعودهم، هذا إذا صدرت عنهم وعود مراوغة، سرعان ما تتكسر على صخرة الطمع الإسرائيلي، والحقد الصهيوني!
ففي حين كانت الوزيرة الأميركية تتحدث عن تسويات شدّدت إسرائيل على ان ضمان امنها مقدّم على اقامة دولة فلسطينية. وقالت ليفني رئيسة الوفد الإسرائيلي للتفاوض: 'ذلك يعني ان الامن بالنسبة لاسرائيل يأتي اولاً، ومن ثم اقامة دولة فلسطينية، لان لا احد يريد دولة ارهابية جديدة في المنطقة. ذلك ليس في مصلحة لا اسرائيل ولا الفلسطينيين البراغماتيين''.
المفاوضون الفلسطينيون لا يأملون بشيء، بينما الإسرائيليون يملون الشروط!
فهل أماني العرب في محلّها في هذه الظروف الراهنة؟
وهل الأمريكيون سيستجيبون لهم على حساب المصلحة الإسرائيلية؟
الكل يدرك أن الإدارة الأمريكية الحالية والتي ما زال يديرها المحافظون الجدد هي الأكثر حرصاً على المصلحة الإسرائيلية من كل الحكومات الأمريكية السابقة، وهي تعلن دعمها الغير مشروط لإسرائيل من دون أي حرص، وقد أكّدت رايس ذلك في الكلمة التي ألقتها في القدس المحتلة عندما قالت "يجب أن يكون الإسرائيليين على ثقة بأن امريكا تدعمهم بشكل تام".
فهل سيصلون إلى تحقيق أي مكسب مع هذه الحكومة الأمريكية المتصهينة وهم لم يستطيعوا تحقيق شيء مع الحكومات التي سبقتها؟
لعل بعضهم يقول إنه ليس أمامنا سوى أن نفعل ذلك؟
فهل صحيح أنه ليس أمام العرب سوى هذا المسلك وهذا الطريق؟
وهل صحيح بأن التفاوض بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يقوم على أسس التفاوض الصحيحة؟
وهل هذا يسمّى تفاوضاً؟ وإلى ماذا سيؤدي التفاوض بهذه الطريقة؟
أعتقد أنه لا جدوى تذكر من هذا المؤتمر، لكن مجرّد انعقاده فيما لو حدث سيكون له تداعيات خطيرة جداً على القضية الفلسطينية، مع الأخذ بعين الإعتبار أن مثل هذا التفريط في القضايا الأساسية فيما لو تم، لن يجعله ملزماً إلا اللهم لمن أراد الإلتزام به من أمثال اللاهثين وراء استرضاء الأمريكيين، والصهاينة، أما الحقوق فستبقى ملكاً لأصاحبها، وهي ملك الشعب الفلسطيني برمته، وهو لم يعط تفويضاً لهؤلاء بأن يتحدثوا باسمهم، أو أن يتفاوضوا عنهم، فلا زال الشعب الفلسطيني بمعظمه يرفض التفريط بالثوابت الوطنية.اليوم سمعت على قناة الجزيرة تعليقاً من كبير المفاوضين صائب عريقات حول مسألة التفاوض وخاصة بشأن ما أعلنه أولمرت وحكومته بشكل جلي وصريح:أن أولمرت أعلن أنه لن يذهب للتفاوض مع الفلسطينيين إلا بعد الموافقة على اعتبار إسرائيل دولة لليهود وما يستتبع ذلك من قطع للطريق على الوفد الفلسطيني بما يتعلّق بمسألة اللاجئين، إذ أنه مجرد اعتبار إسرائيل دولة لليهود بحد ذاته هو منع لمجرّد البحث في هذه المسألة، فقد قال صائب عريقات انهم حتى الآن لم يتبلّغوا شيئاً لا عن موعد المؤتمر ولا عن ورقته ولا عن أي شيء يخصّه واعتبر أن الأمريكيين يضغطون عليهم بهذا المؤتمر ليستعجلوا في بت مثل هذه الأمور المصيرية وهذا لن يحدث، ولن يكون هنالك موافقة من قبل الوفد الفلسطيني على طلب الحكومة الإسرائيلية بجعل إسرائيل دولة لليهود.فهل سيصمد الوفد الفلسطيني المفاوض أمام الضغوط التي يتعرّض لها ؟ أم سينجح الأمريكيون والإسرائيليون في انتزاع مثل هذا الإعتراف الخطير بجعل اسرائيل دولة لليهود؟كلما مرّت الأيام، نرى أن الصهاينة يبتكرون اساليب جديدة في المكر والخداع والتمويه من أجل تحقيق مآربهم سواء بإغراق الفلسطينيين بمزيد من الإنقسام والتناحر، او ابتكار أفكار يلتفّون بها من أجل سحب البساط من تحت قدمي المفاوضين الفلسطينيين الذين يذهبون أصلاً إلى التفاوض بموقع ضعيف وهزيل.فهل سينجح الإسرائيليون في فرض ما يريدون هذه المرة؟ وهل ستجري الأمور كما يخططون؟أم ستتوقف الأمورهنا؟ أم ستحدث معطيات جديدة تغيّر كل شيء في ظل حديث الصحفي سيمون هرش عن أن بوش سيقدم على خطوة الحرب على ايران قبل نهاية ولايته؟
ماجدة ريا

Monday, November 12, 2007

الكلمة الفصل في يوم الشهيد

الأجواء مضمّخة بالأحمر القاني، والنسيم يهبّ متعطّراً بأريج عطر الشهداء، والحشود مشدودة إلى قائد الركب، الذي تتوق لمرآه القلوب، فتنفتح العقول لتنهل من معين كلامه.
في يوم الشهيد، الذي روى الأرض بدمائه الزاكية كي تنبت عزاً وتورق نصراً، أطل علينا الرجل الفصل، ليقول الكلمة الفصل التي انتظرناها منذ زمن بعيد.
ذلك الزمن الذي انقضى وأيادي قادة المعارضة ممدودة وبكل صدق إل الذين أرادوا أن يأخذوا البلد إلى غير مكانه، محاولين إفهامهم بالرفق واللين والحكمة وطول الأناة أن هذا لا يمكن أن يحدث أبداً! وأن لبنان هو لبنان.
فالمقاومة الأبية التي قهرت أعتى جيوش العالم، قال فيها العدو الصهيوني أنه لا يمكن لأي جيش في العالم أن ينزع سلاحها، ومع ذلك يصر هؤلاء وبدعم أمريكي مكشوف ولا يحتمل اللبس ولا التأويل على مواقفهم، وعلى دفع البلد نحو الهاوية، ونحو مزيد من الإنقسام المحمّل بالمفاجآت.
لا بد للأمور أن تصل إلى خواتيمها، فموعد الإستحقاق الرئاسي بات على الأبواب ولا بد من القرار الحاسم، الذي يجب أن يواجه به فريق السلطة، وأن توضع النقاط على الحروف، فجاءت كلمة قائد المقاومة لتضع هذه النقاط وبدقته المعهودة، ولتشرح ما ظهر وما خفي من بواطن الأمور، وكيف تسير، وإلى أين المصير، فيحدّده بكل دقة ووضوح، لأن المسألة أخطر من أن يسكت عليها، فلا يمكن انتخاب رئيس ينفّذ مآرب هؤلاء الفاسدين والمفسدين، ولا يمكن ترك البلد في أيديهم، وحدّد المخارج التي تتبّع عادة في الديمقراطيات التي تحترم نفسها وتحترم شعبها في العالم، وإذا رفضوا العودة إلى انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة، فلتكن انتخابات نيابية مبكّرة ينتخب الرئيس على أساسها، وعندها فلتنتخب أغلبية النواب الرئيس، إذ لا يمكن لهؤلاء النواب الذين يعدّون انفسهم أكثرية، وقد نالوا هذه الأكثرية بعد أن تعهدوا بحفظ سلاح المقاومة ونالوا أصوات الشعب بناء على ذلك أن ينقلبوا ويصبحوا أول المطالبين بنزع سلاح المقاومة، فهؤلاء النواب لا مشروعية لهم لأنهم خدعوا الناس، ولا يمكن لهم ان يختاروا رئيس!
كما ناشد رئيس الجمهورية فخامة الرئيس أميل لحود الذي طالما عُرف بمواقفه المشرفة والداعمة للمقاومة رغم اشتداد الضغوط عليه، ورغم ما يمارس عليه من ترغيب وترهيب أن يتّخذ الخطوة الدستورية الشجاعة التي وعد بها كي لا يترك لبنان في مهب الريح، فقد وعد رئيس الجمهورية بأن يحمي لبنان وأن لا يسلّمه إلاً إلى أيدٍ تحفظه.
وكان قائد المقاومة قد ترك باب التوافق مفتوحاً ولم يقفله، وإنما أعلن هذا الموقف الحاسم ليًعلم الفريق الآخر أن الأمر محسوم، وأن المعارضة الوطنية لن تتساهل في هذا الأمر أبداً، وأنها ستعتبر أي رئيس خارج عن التوافق هو غاصب للسلطة وسيعامل على هذا الأساس.
فهل سيستوعب هؤلاء هذا الكلام؟ وأن الأمور لن تُأخذ كما أخذت في الماضي؟ وأنه لا بدّ من وضع حد لغيّهم وتعنّتهم واستقوائهم بالأمريكي الذي لن يستطيع أن ينفعهم بشيء؟ وأن كل ما سيحصدونه هو ما زرعته ايديهم من فتنة طوال أكثر من سنتين؟ لا بد أن هذا الكلام يجب أن يكون كفيلاً بردعهم إذا فكّروا بعواقب الأمور، ولكن كل ما نخشاه هو أن يكون مس جنون العظمة الذي يتمتع به الرئيس الأمريكي جورج بوش قد انتقل إليهم، فمن عاشر القوم أصبح منهم، وجل ما نخشاه أن جنون العظمة هذا لن يسمح لهم سوى برؤية أنفسهم التي اعتادت الجشع والطمع والإستقواء... ولن يكون هنالك محل في قاموسهم لما يخدم الوطن، أو لما يخدم الشعب، أو لأي توافق؟ليتهم يستطيعون أن يفهموا هذه المرة أن من يلعب بالنار يحرق أصابعه أولاً قبل أن يحرق اي شيء آخر!

وفي سياق عمل المقاومة واستعداداتها للأخطار المحدقة بها أكّد قائد المقاومة من خلال كلامه على أن المناورة التي أجرتها المقاومة الإسلامية هي جدية وحقيقية، وأوصلت الرسالة إلى حيث يجب أن تصل، أي العدو الصهيوني، بل وأضاف على ذلك بأن المقاومة ليست فقط جاهزة للدفاع عن لبنان ، كل لبنان بل هي جاهزة أيضاً للتوثّب من أجل تغيير المعادلة في المنطقة برمتها.
بالتأكيد في كل مرة يطلق فيها السيد كلمة، فتتوقّف عندها جيوش المحلّلين، من المحبين ومن المتربّصين، سيما العدو الصهيوني الذي يتوقّف عند تحليل كل حرف، فعليه اليوم أن يقف مطوّلاً أمام هكذا نوع من جهوزية المقاومة للحرب، وهم يدركون أن السيد صادق في كلامه، وفي أحكامه، فماذا عساهم فاعلون؟

لقد تكلّم سماحة السيد حسن نصرالله حفظه الله مطوّلاً، متناولاً العديد من النقاط التي كان لا بد من تبيانها في هذا الظرف الحرج والدقيق.
ماجدة ريا