Monday, November 12, 2007

الكلمة الفصل في يوم الشهيد

الأجواء مضمّخة بالأحمر القاني، والنسيم يهبّ متعطّراً بأريج عطر الشهداء، والحشود مشدودة إلى قائد الركب، الذي تتوق لمرآه القلوب، فتنفتح العقول لتنهل من معين كلامه.
في يوم الشهيد، الذي روى الأرض بدمائه الزاكية كي تنبت عزاً وتورق نصراً، أطل علينا الرجل الفصل، ليقول الكلمة الفصل التي انتظرناها منذ زمن بعيد.
ذلك الزمن الذي انقضى وأيادي قادة المعارضة ممدودة وبكل صدق إل الذين أرادوا أن يأخذوا البلد إلى غير مكانه، محاولين إفهامهم بالرفق واللين والحكمة وطول الأناة أن هذا لا يمكن أن يحدث أبداً! وأن لبنان هو لبنان.
فالمقاومة الأبية التي قهرت أعتى جيوش العالم، قال فيها العدو الصهيوني أنه لا يمكن لأي جيش في العالم أن ينزع سلاحها، ومع ذلك يصر هؤلاء وبدعم أمريكي مكشوف ولا يحتمل اللبس ولا التأويل على مواقفهم، وعلى دفع البلد نحو الهاوية، ونحو مزيد من الإنقسام المحمّل بالمفاجآت.
لا بد للأمور أن تصل إلى خواتيمها، فموعد الإستحقاق الرئاسي بات على الأبواب ولا بد من القرار الحاسم، الذي يجب أن يواجه به فريق السلطة، وأن توضع النقاط على الحروف، فجاءت كلمة قائد المقاومة لتضع هذه النقاط وبدقته المعهودة، ولتشرح ما ظهر وما خفي من بواطن الأمور، وكيف تسير، وإلى أين المصير، فيحدّده بكل دقة ووضوح، لأن المسألة أخطر من أن يسكت عليها، فلا يمكن انتخاب رئيس ينفّذ مآرب هؤلاء الفاسدين والمفسدين، ولا يمكن ترك البلد في أيديهم، وحدّد المخارج التي تتبّع عادة في الديمقراطيات التي تحترم نفسها وتحترم شعبها في العالم، وإذا رفضوا العودة إلى انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة، فلتكن انتخابات نيابية مبكّرة ينتخب الرئيس على أساسها، وعندها فلتنتخب أغلبية النواب الرئيس، إذ لا يمكن لهؤلاء النواب الذين يعدّون انفسهم أكثرية، وقد نالوا هذه الأكثرية بعد أن تعهدوا بحفظ سلاح المقاومة ونالوا أصوات الشعب بناء على ذلك أن ينقلبوا ويصبحوا أول المطالبين بنزع سلاح المقاومة، فهؤلاء النواب لا مشروعية لهم لأنهم خدعوا الناس، ولا يمكن لهم ان يختاروا رئيس!
كما ناشد رئيس الجمهورية فخامة الرئيس أميل لحود الذي طالما عُرف بمواقفه المشرفة والداعمة للمقاومة رغم اشتداد الضغوط عليه، ورغم ما يمارس عليه من ترغيب وترهيب أن يتّخذ الخطوة الدستورية الشجاعة التي وعد بها كي لا يترك لبنان في مهب الريح، فقد وعد رئيس الجمهورية بأن يحمي لبنان وأن لا يسلّمه إلاً إلى أيدٍ تحفظه.
وكان قائد المقاومة قد ترك باب التوافق مفتوحاً ولم يقفله، وإنما أعلن هذا الموقف الحاسم ليًعلم الفريق الآخر أن الأمر محسوم، وأن المعارضة الوطنية لن تتساهل في هذا الأمر أبداً، وأنها ستعتبر أي رئيس خارج عن التوافق هو غاصب للسلطة وسيعامل على هذا الأساس.
فهل سيستوعب هؤلاء هذا الكلام؟ وأن الأمور لن تُأخذ كما أخذت في الماضي؟ وأنه لا بدّ من وضع حد لغيّهم وتعنّتهم واستقوائهم بالأمريكي الذي لن يستطيع أن ينفعهم بشيء؟ وأن كل ما سيحصدونه هو ما زرعته ايديهم من فتنة طوال أكثر من سنتين؟ لا بد أن هذا الكلام يجب أن يكون كفيلاً بردعهم إذا فكّروا بعواقب الأمور، ولكن كل ما نخشاه هو أن يكون مس جنون العظمة الذي يتمتع به الرئيس الأمريكي جورج بوش قد انتقل إليهم، فمن عاشر القوم أصبح منهم، وجل ما نخشاه أن جنون العظمة هذا لن يسمح لهم سوى برؤية أنفسهم التي اعتادت الجشع والطمع والإستقواء... ولن يكون هنالك محل في قاموسهم لما يخدم الوطن، أو لما يخدم الشعب، أو لأي توافق؟ليتهم يستطيعون أن يفهموا هذه المرة أن من يلعب بالنار يحرق أصابعه أولاً قبل أن يحرق اي شيء آخر!

وفي سياق عمل المقاومة واستعداداتها للأخطار المحدقة بها أكّد قائد المقاومة من خلال كلامه على أن المناورة التي أجرتها المقاومة الإسلامية هي جدية وحقيقية، وأوصلت الرسالة إلى حيث يجب أن تصل، أي العدو الصهيوني، بل وأضاف على ذلك بأن المقاومة ليست فقط جاهزة للدفاع عن لبنان ، كل لبنان بل هي جاهزة أيضاً للتوثّب من أجل تغيير المعادلة في المنطقة برمتها.
بالتأكيد في كل مرة يطلق فيها السيد كلمة، فتتوقّف عندها جيوش المحلّلين، من المحبين ومن المتربّصين، سيما العدو الصهيوني الذي يتوقّف عند تحليل كل حرف، فعليه اليوم أن يقف مطوّلاً أمام هكذا نوع من جهوزية المقاومة للحرب، وهم يدركون أن السيد صادق في كلامه، وفي أحكامه، فماذا عساهم فاعلون؟

لقد تكلّم سماحة السيد حسن نصرالله حفظه الله مطوّلاً، متناولاً العديد من النقاط التي كان لا بد من تبيانها في هذا الظرف الحرج والدقيق.
ماجدة ريا

No comments: