Monday, January 05, 2009

هل من سبيل لتحرر الشعوب؟

منذ أيام، منذ أن بدأ العدوان على غزة بالتحديد، والناس يتدافعون بكل تلقائية إلى الشوارع، والحناجر لم تخبُ، والشعوب غاضبة، والقهر قائم، قهر لقلوب الملايين من البشر الذين انتشروا على مدى العالم برحابته، لم يملوا، لكنّهم يزدادون احتراقاً وتلهّفاً مع ارتفاع وتيرة العدوان، الذي استنفد ما لديه من اليوم الأول من خلال غدره بضربة موجعة، ولم يستطع دفع المقاومة إلى الإستسلام، بل استوعبت الضربة، وخرجت بتماسك أقوى، وما زالت صامدة رغم مرور أيام على وحشية بربرية، وهمجية لا تمت إلى عالم البشر بصلة، وهذا ما دفع ويدفع العدو إلى عمليات انتقامية، من اي شيء، يضرب كوحش ثائر بغير هدى، ولذلك فهو لن يحقّق اي شيء سوى المزيد من تسويد صورته السوداء القاتمة، وهو لن يزيد المقاومة وأهلها إلا قوة وثبات، وكرهاً لهذا العدو الغاشم، ورغبة في مزيد من المواجهة.
هذا شعب يتحمّل القتل والتدمير والحصار، ويرفع رأسه عالياً بشموخ العزة لأنه يستحقّها، هذا شعب قال كلمته، ولن يتراجع عنها..
هذا شعب المقاومة.
ولكن، هذا شعب يقاوم المحتل الذي اغتصب أرضه، وماذا عن الشعوب الأخرى؟
كثيراً ما نسمع عن الشعب العربي الذي لا يرضيه كل ما يجري، ومع ذلك فهو مقيد، مظلوم، أما آن للمظلوم أن يثور على ظالمه؟
أما آن لهذه الشعوب أن تنهض من كبوتها؟
يُقال هي مغلوبة على أمرها؟؟؟؟؟؟؟
وأقول ما قال الشاعر: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر!
كل شعب يمكنه أن يتحرّر إذا أراد، ولكن هل هنالك حرّية من غير ثمن؟؟؟
هل هذا ما تنتظره الشعوب العربية؟؟
عندما يعظم المطلوب، على الطالب أن يدفع الثّمن على قدر تلك العظمة، فما بالك والمطلوب هو الحرّية؟
ما الفرق في أن نتحرّر من محتل ظالم يحتل الأرض والمقدرات؟
وبين أن نتحرّر من حاكم جائر يحتلّ منصب الدولة والوزارات؟ ويضع بيده كل المقدّرات؟ ويصادر حقوق الناس لا بل يصادر حقوق الوطن؟
مثل هؤلاء الحكام لا بد من مواجهتهم مهما كان الثمن، حتى وإن كان الثمن بذل الدماء وليس فقط السجن والترهيب والتعذيب.
هل حدوث مثل هذه الأمور تجعل الناس تعزف عن المطالبة بحقوقها؟
يخافون السجن والتنكيل من قبل الحاكم، هل هذا يسقط المسؤولية عنهم؟
لا، ابداً.. إنهم مسؤولون..
عندما تهتك حرمة بلد عربي مسلم، فتحتل أرضه، ويُعتدى عليه بمثل ما يحدث في غزة، ولا يكون هنالك أي تحرّك فاعل، هل تسقط المسؤوليات؟
لا.. الجميع مسؤول، وكل بحسب طاقته، ولكن عندما يبقى الحكام الجائرون في مناصبهم، ليبيعوا حرمة الأوطان ويسوّدوا سمعتها، فعلى الشعوب أن لا تصمت، وأن تواجه حكامها بصدورها العارية كما يواجه الفلسطنيون واللبنانيون الاحتلال بلحمهم ودمهم وكل ما يملكون.
إن الحاكم الفاسد الذي يرضى على مثل ما يجري وهو مسلم، ولا يحرك ساكناً، هو أسوأ بكثير من المحتل الذي يعيث قتلاً وتدميراً.. ويستحقّ أن يواجه، وليفعل ما يشاء.
هنالك أمثلة حيّة من التاريخ القديم والحديث، وأن ثورة الشعب يمكن أن تسقط الحاكم الجائر، فمتى يمكن أن تثور هذه الشعوب؟
وإلى متى سترتضي العيش بذل وهوان، وإلى متى الخوف من الموت الذي هو بيد الله وليس بيد الحاكم؟
يمكن أن يقتل وأن يسجن، ولكنه لن يقتل شعباُ بأكمله، أو أن يسجن شعباً بأكمله، ولكن على الشعب أن يرتضي أولا أن يقدّم مثل هذه التضحيات كي يحيا حراً عزيزاً، شريفاً، كريماً.
يمكن للشعوب أن تغيّر المعادلة، ولا يمكن التذرّع أبداً بأنها مغلوبة على أمرها، تستطيع أن تفعل الكثير لو أرادت ولكن عليها أولاً ان تمتلك روح المقاومة الحقيقة، وهي لن تختلف كثيراً، أنقاوم محتلاً أو سلطاناً جائراً، فأفضل الجهاد كلمة حق في وجه سلطان جائر، ولا بدّ من المقاومة من أجل إحقاق الحق، والعمل على إيجاد أنظمة تعيد للعرب أمجادهم وعزتهم المفقودة ، لأنه إذا بقي الحال على ما هو عليه من تداع، وخفة واستهزاء بالدم العربي المظلوم، والدم المسلم المهدور ظلماً وعدواناً، فإن هذه الدماء ستحاسب من هي محسوبة عليهم، وسيعيشون في ظل هوانها مدى السنين.
قومي أيتها الشعوب، ثوري في وجه الطغاة، واعملي فالله سيرى أعمالنا يوم الحساب.
ماجدة ريا

No comments: