Saturday, January 10, 2009

أطفال غزة: أين حقوق الطفل منا؟!


الطفل والطفولة، قد يبدو أن هاتين الكلمتين هما صنوان، لأن الطفولة هي المرحلة التي تقترن بها حياة الطفل بما تحمل من براءة وجمال وحب للحياة، لتشكّل مفصلاً من مفاصل صياغة شخصية هذا الطفل من خلال ما يعيشه في تلك المرحلة بالذات.
يجمع علماء النفس والتربية على أن لمرحلة الطفولة التأثير الفاعل والأهم في صياغة شخصية الطفل المستقبلية. ومن هنا جاءت الدعوات الكثيرة والحملات لبث توعية كيفية معاملة هذا الطفل والتعاطي معه على أسس تربوية صحيحة، وجاءت الدعوات لتطالب بالمحافظة على حقوق الطفل، وأقرّت اتفاقية حقوق الطفل على مستوى دول العالم، وشاركت في صياغتها وتبنّيها الكثير من الدول.
وإذا ما نظرنا إلى معظم التحركات الفاعلة التي سعت لوضع هذه الاتفاقية سنجد أنها غربية، وأن الذي يرسل إلى دول العالم الثالث التي تحسب منها بلداننا العربية، من يراقبون ويحثّون على تنفيذ هذه الاتفاقية والعمل على تحقيق بنودها التي جاءت لمصلحة الطفل، سنجد انها ايضاً الدول الغربية التي تأتي في مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية التي نصّبت نفسها عبر السنوات الماضية شرطياً لهذا العالم بحكم تفرّدها في السيطرة على القرار الدولي.
حتى الآن قد يبدو أنه لا يوجد مشكلة، ولكن في الحقيقة أن هذا الأمر في حد ذاته هو المشكلة الكبرى، والمعضلة التي لا بدّ من مواجهتها كما هي.
فعندما تطالب الاتفاقية بتوفير حياة هادئة ومستقرّة للطفل، برعايته وتعليمه، كل ذلك جيد، ولكن أنّى يكون للدول النامية أن تفعل ذلك في ظل هيمنة أميركية على هذه الدول؟! ليس ذلك وحسب، بل ان الولايات المتحدة الاميركية هي الراعي الأول للإرهاب ضد الطفولة البريئة، فهي التي تدعم العدو الصهيوني الغاشم الذي اغتصب الأرض وعاث فساداً في فلسطين ولبنان.
أنّى للأطفال في فلسطين ولبنان أن ينعموا بحقوقهم كأطفال أبرياء، لا ذنب لهم بأي صراع، والآلة الصهيونية تعمل على إبادتهم، على قتلهم وجرحهم، وفي أضعف الأحوال على تشريدهم؟!
كيف لهؤلاء الأطفال أن يعيشوا الطفولة؟ وماذا يعرفون منها؟ ولعبتهم قنبلة ذكية تفتك بهم هدية مِمَّن تدّعي رعاية حقوق الطفل على مستوى العالم؟
يوماً بعد يوم نتأكّد أن هذه الاتفاقيات الدولية، وحتى القوانين الدولية، ما هي سوى أدوات تُستغل من قبل واضعيها لتحقيق غاياتهم ومصالحهم التي شاءت لنا الأقدار هنا في فلسطين ولبنان أن نكون ضحيّتها.
وبعد كل ذلك يحقّ لنا أن نضع قوانيننا التي ترعى أبناءنا، والتي تحميهم من هذه الشرور.
فلا تظن "اسرائيل" أن ما تفعله بأطفالنا سيجعل منا عالماً عاجزاً! أبداً.
ربما يُقال تربوياً انه يجب أن لا يرى الأطفال مشاهد القتل والدمار التي تحدثها آلة الحرب الصهيونية، فإن مشهد طفل مشظّى بدمائه يوجع قلوب الكبار ويصعب عليهم تحمّله، فكيف بالصغار؟!
ولكن نقول، يجب أن يرى أطفالنا كل شيء، يجب أن يروا ماذا تحضّر لهم مدنية العالم وتحضّره ليستعدّوا وليفكروا كيف يمكن أن يحموا أنفسهم.. يجب أن يروا ذلك، وأن يعرفوا في جوار من هم يقطنون، في جوار مصّاصي الدماء الذين لا يرحمون طفلا ولا امرأة ولا شيخاً..
أطفالنا تُسلب منهم طفولتهم عنوة، وتتحوّل إلى رجولة مبكّرة، لأن الصغير فيهم يتمنى أن يذهب لقتال هذا العدو الشرس، وأن يتحول إلى قنبلة تتفجّر في وجهه. حتى النساء يتمنين ذلك، فما نراه ويراه الأطفال لا يُحتمل، ولا يحتمل أن ننتظر منظمات حقوق الإنسان والمدافعين عن حقوق الطفل وهم عاجزون عن فعل أي شيء.
ها قد مضت أيام طويلة على بدء العدوان على غزة، ويومياً يُقتل الأطفال والنساء، ولا أحد استطاع أن يحميهم، أو أن يمنع عنهم القتل والجرح والتشرّد.. وقبلها بقي أطفال لبنان في تموز 2006 ثلاثة وثلاثين يوماً يُقتلون ويذبحون ويجرحون ويشرّدون، يعيشون في الحدائق العامة والطرق والمدارس، ولم تنفعهم تلك المنظمات بشيء، ولا حماهم أي قانون.. ما حماهم فقط هو صمودهم ومقاومتهم الشريفة. وهذا فقط ما سيحمي أطفال غزة، وأطفال كل فلسطين. نحن نكتب قواميسنا بيدنا، وبيدنا نبلسم جراحنا، بقوة الصمود والتحدي، بطفل شهيد يتحول إلى طير من طيور الجنة، وتبقى دماؤه في قلب الأرض لتتحوّل إلى بركان يقذف حمماً تكوي الأعداء وتعدهم بالويل والثبور، لأن الدم المظلوم لا يمكن أن يذهب هدراً، وهو إن سقط فإنه يسقط بيد الله، والله هو الذي يجزيه ويجعل لأوليائه سلطاناً ينتصرون به، فكيف إذا كان هذا الدم المظلوم لطفل لا حول له ولا قوة؟ لا بدّ أنه سينتصر في نهاية المطاف، حتى في الشهادة هو منتصر، لتبقى العزة والشرف والكبرياء لأهلنا الصامدين بأطفالهم، بأبنائهم، بشيوخهم، برجالهم وأبطالهم.
فيا أطفال فلسطين، يا من تسطّرون بدمائكم الزكيّة نواميس جديدة للعالم، يا من تخطّون بدمائكم كتاب الحرية والعزة والكرامة، نقول لكم ما قاله إمامنا الخميني العظيم قدس الله سرّه: "الحياة في موتكم قاهرين"، والعزة والنصر لكم بإذن الله تعالى.
ماجدة ريا

No comments: