Tuesday, April 07, 2009

الأم في يومها


آذار/ مارس 2009
يحتضن آذار مناسبات تخص المرأة بذاتها، كمناسبة 8 آذار/ مارس يوم المرأة العالمي، و21 آذار/ مارس عيد الأم ، أو تمت إليها بصلة وثيقة
كمناسبة عيد المعلم، حيث للمعلمات دور رائد في مجتمعنا، و22 آذار مناسبة عيد الطفل الذي يرتبط بأمه بشكل كبير، وهكذا يمكن أن نسمي شهر آذار/ مارس شهر المرأة بامتياز.

أما آذار/ مارس هذا العام فيمكن أن نسميه شهر العطاء المتميّز الذي لا يضاهيه عطاء، شهر أمهات الشهداء، سيما شهداء عدوان تموز/ يوليو 2006 في لبنان، وشهداء كانون 2009 في غزة الجريحة، لم تبتعد المسافة كثيراً بين تموز 2006 وكانون 2009 لا في الزمان وهو أقل من ثلاث سنوات، ولا في المكان وكلاهما كتب عليهما مجاورة شرار خلق الله من الصهاينة المغتصبين للأرض والحقوق، الذين يبدعون ويتفنون في اختراع صنوف الإجرام، كلما تقدّمت بهم الأيام، حتى أن الحرب الأخيرة على غزة فاقت بأذاها ما جرى في تموز على قساوته وبشاعته، وكان لمحاصرة المدنيين وعدم ترك أي مكان آمن لهم في داخل غزة ولا حتى تمكينهم من مغادرتها بسبب إقفال المعابر، كان لذلك الأثر في سقوط العدد الأكبر من الشهداء والجرحى، إلى أمهات هؤلاء نتوّجه اليوم، ومنهن من فقدت كامل العائلة، ولم يبق لها سوى الصبر والإحتساب عند رب العالمين، أما أمهات الجرحى فلهن مساحات الصبر الأوسع، وهن يرين فلذات أكبادهن يتعذبون أمام أعينهن، سيما مع وجود الكثير من حالات الإعاقة الدائمة بسبب الأسلحة المحرّمة التي استخدمت وأدت في معظم الحالات لمن أصيب بها وبقي على قيد الحياة إلى بتر أطرافه، أو فقد بصره.
إلى الأمهات اللواتي ما زلن في قلب المعاناة مع أحبّتهن، يراعونهم ويسهرن من أجل راحتهم،
وإلى الأمهات اللواتي افتقدن اليوم لمسة ابنائهن، ومعايدتهن لهنّ في هذا الصباح، إلى هؤلاء اللواتي ذهبن بباقات الورود إلى أضرحة إحبّائهن لقضاء يوم عيدهن هناك، إلى جانب فلذات أكبادهن الذين حرمتهم الحرب من متابعة الحياة، إلى هؤلاء الأمهات الصابرات نتوجّه بالتحايا العظيمة، بالإجلال والإحترام، وننحني أمام تضحياتهن، ونطلب من الله أن يمدهّن بالقوة، والصبر والسلوان.

رغم رهبة هذا الموقف، وما يتضمّن من معاناة، لكنهن أمّهات تعلّمن الصبر بقوة إيمانهن وعزيمتهن، وقوة إرادتهن، وهن بعون الله تعالى اللواتي كن في صلب صنع الإنتصار، وهن اللواتي ربّين المقاومين الأشداء الذين غيّروا مسار التاريخ، من تاريخ مذل إلى تاريخ مليء بنور الإنتصار.
وفي مثلهن ينطبق ما قاله الإمام الخميني الراحل (قد) " المرأة كالقرآن، كلاهما أوكل إليه مهمة صنع الرجال"، نعم، هن اللواتي صنعن الرجال الذين كتبوا التاريخ بدمائهم الذكية، فأشرق نوراً وانتصارا.
ويبقى هنالك الموقف الأشد رهبة ، والأكثر معاناة، وهو يتجسّد في حال الكثير من الأطفال الذين فقدوا أمهاتهم، وما يمكن أن يفعلوه في مثل هذا النهار، وهم يبحثون عن طيف أمّهاتهم الغائب، وأنّى لقلب طفل أن يحمل هذا العبء الكبير.
هؤلاء الأطفال الذين استقبلوا العيد بدموعهم، وخبّأوا هداياهم في قلوبهم، وعيونهم تنطق من بين زفرات الدموع، أنت باقية في القلب يا أمي، وسنترجم حبك ثأراً من هذا العدو.
فحتى الأمهات اللواتي ارتحلن عن هذه الدنيا شهداء بسبب العدوان الغاشم، قد صنعن الرجال باستشهادهن، من أطفال وشباب، ووضعن الجميع في طريق الثورة على الظلم والإحتلال.
في مثل هذا اليوم الذي تتفتّح فيه أكمام الزهور مع انطلاقة فصل الربيع، تنطلق أسراب الطيور مغرّدة لحن الأمّهات الجميل، تشدو به لكل الخمائل، تحدّثه عن معنى هذه الكلمة العظيمة سيما عندما تقترن بمعاني الشهادة التي هي أسمى العطاء.
بوركت يا أماً كنت أجمل من زهر الربيع، وأرقى من شدو الطيور، وأنبل من كل عطاء.
بوركت يا أماً كنت نبع الصبر والحنان واستحقيت عن جدارة قول الحديث الشريف "الجنة تحت أقدام الأمهات".
ماجدة ريا
21/3/2009

No comments: