Monday, January 23, 2006

الحل الأمثل

كل يبحث عن فرصة التعبير عن الذات وإثباتها ، وهذه الذات يمكن أن يرقى بها صاحبها إلى مستوى الإهتمام بالبشرية بمجملها، وإلى الإنسانية بكل معانيها.
وهناك الذات التي تبقى محدودة بالأفق الشخصي والفردي وإن ارتقت فهي ترتقي إلى المجموعة، وتعصب عينيها عما هو حولها فترى ما يناسبها فقط.
هي مستعدة لأن تقتنص أي فرصة يمكن أن ترسم لها كياناً!
تلك الأصوات التي ارتفعت في لبنان مطالبةً بسحب سلاح المقاومة(!!) لم تكن مفاجئة، ولا كانت مفاجئة أيضاً الحدة التي يتّسم بها خطاب هذه القوى مؤخراً، وهي تنظر بعين الأمل إلى المجتمع الدولي المنكفئ تحت جناح الرئيس الأمريكي _ ومن ورائه "إسرائيل" _ وترى أن هذا وتلك أصبحا سنداً مهماً لها لا يمكن تجاهله، حتى الأقطار العربية الشقيقة التي تسير وراء السياسة الأمريكية، تسير وهي مطأطئة الرأس لا تكاد تسأل عما يجري ولسان حال الجميع: لا نستطيع أن نقف بوجه أحد؟!
سابقاً قيل كلام مماثل للمقاومة الإسلامية عند بداية الحرب مع "إسرائيل"، وجوبهت محلياً ودولياً ، لم يؤيدها سوى النذر القليل. وبهذا النذر القليل استطاعت صنع المعجزة التي لم تقوَ على صنعها الجيوش العربية مجتمعة! ومضت بثبات منتصرة بإذن الله تعالى، وقد شهد بذلك القاصي والداني.
لم يتغير شيء في الهجمة على وجود المقاومة ـ التي لم يرد لها أن توجد من الأصل ـ ولو كان باستطاعتهم القضاء عليها قبلاً لفعلوا، هم لم يوجدوها وإرادتهم في إيجاد الشيء وعدمه لا زالت هي هي، والضغوط مورست سابقاً ولا زالت وستستمر على مدى التاريخ. ولكن هل تراهم سمعوا سيد الشهداء السيد عباس الموسوي رضوان الله عليه وهو يقول "اقتلونا فإن شعبنا يعي أكثر فأكثر".
لم يتغير شيء، وأمة المقاومة الإسلامية هي أمة تكبر وتعظم ويشتد ساعدها بالتضحيات وبالشهداء، وتصرخ بأعلى الصوت لا للإملاءات الأمريكية الإسرائيلية وإن جمعت حولها العالم كلّه، نحن قوم على حق ويكفينا أن الله هو الحق المطلق وكفى، ولو لم يبقى معنا سواه، يكفينا الله وكيلا.
مشروع الهيمنة على المنطقة بات واضحاً ومعروفاً للجميع، وأن العملية ليست كما تصوّر للبعض، بأنها مجرّد عملية تسليم سلاح وستنعمون بالأمن والاستقرار إلى جانب الدولة المغتصبة لحق الشعوب والتي لا زالت وأمام أعين المجتمع الدولي "الموقّر" تمعن في القتل والتدمير في صفوف الشعب الفلسطيني دون وازع أو رادع، ولم يردعها عن فعل ذلك في لبنان سوى توازن الرعب التي تفرضه عليها المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان.
والكيان الصهيوني سعى ولا زال يسعى في كل محفل دولي أو غيره وفي أمريكا بالخصوص ليصل إلى كسر القوة الرادعة في لبنان كي يحلو له فعل ما يشاء.
ومن السخرية بمكان أن بعض ضيّقي العقول، أو أصحاب المصالح الآنية يتوهّمون أن "إسرائيل" مرتكبة الفظائع الإنسانية، مبيدة الشعوب لتبني مجدها على دمائهم، ستأتي لهم بالمنّ والسلوى، وستبني لهم لبنان المستقبل.. لبنان الصداقة والمودة، أو أنهم يريدون أمن العبيد مع الأسياد الأمريكان.. أو أن أمريكا مهتمة بصداقاتهم كي تطيح بغيرهم وتنصًّبهم رؤوساً ونقطة على السطر ؟
من الغباء أن يبقى بشري على وجه الأرض وخاصة في منطقتنا لا يعرف أن القاموس الأمريكي يقول : "إسرائيل" ثم "إسرائيل" ثم "إسرائيل" ومن بعدها الطوفان. فإلى أين هؤلاء هم ذاهبون؟ إلى أحضان "إسرائيل" يستنجدون بها ممّن يريد أن يحميهم منها دون مقابل؟
أي عنجهية مدمرة هذه، إنها حتماً ستقتل صاحبها قبل غيره. ولكن ألم يتّعظ هؤلاء من ما جرى على العملاء؟ كيف عاملتهم "إسرائيل"، ورفضت دمجهم بشعبها واعتبرتهم شعباً درجة ثانية أو أقل؟! وهم الذين استماتوا في الدفاع عنها ؟
فما بالكم بمن يريد أن يضع البلد بين يديها، منزوع السلاح، مطأطئ الرأس، أي ثأر ستثأره عندها؟؟!
أما أمريكا فلديها مشاريعها الخاصة في المنطقة وليست خافية على أحد، الهدف الثاني إيران وسوريا وهذا بات واضحاً ومعلوماً، وما على السيد الأمريكي سوى أن يطلق صفّارة الحرب لتندلع، وما هذا التردد ؟ يريد أولا أن يضمن أمن "إسرائيل" لأنه يعرف بأن المقاومة الإسلامية في لبنان لن تقف مكتوفة اليدين. وبذلك يصبح الهدف الأمريكي واضحاً، فهو يريد أن يضمن الأمن لشمال الكيان الصهيوني الغاصب قبل أي خطوة أخرى.
هذا الإهتمام بلبنان ليس اهتماماً بالأشخاص الأصدقاء لواشنطن كما يتصورون، بل بمصالحها الخاصة، وفي اللحظة التي تجد بأن أصدقاءها يجب سحقهم فلن تتأخر في ذلك أبداً.
أليست هي من غذّى الطالبان في أفغانستان؟ وصدام في العراق؟ وعندما أينعت ثمارهم قطفتهم دون أدنى مشقّة!
وأنتم يا أعزائي وأخواني في الوطن، لستم سوى مطيّة تريد أن تمتطيها أمريكا و"إسرائيل" لتحقيق غاياتهما وتأمين أمنهما، ويذبحونكم عند أول مفترق طرق !
والمخطط جاهز لدى أمريكا، وتصميمها على هذه المنطقة واضح، وتريد أن تنفّذ ما بدا لها.
ولكن ليكن معلوماً أن شعار المقاومة الإسلامية هو "لئن خيّرنا بين السلّة والذّلة فهيهات من الذّلة " طالما فينا مقاوم فيه عرق ينبض .
ماجدة ريا

No comments: