Saturday, September 13, 2008

أنت تدعم ... أنت تقاوم

في ربوع هذا الشهر الكريم ترعرعت المقاومة، ومن فيض بركاته استمرّت نشأتها وفي كل الشهور، ليكون شهر رمضان المبارك شهر البذار، فيُنبت زرعاً طيباً، وثمراً ليس ككل الثمار، وتتحول المقاومة إلى شجرة طيبة جذعها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أُكلها في كل حين، انتصارات وعز وإباء.
من ذلك المجسّم الصغير "مجسّم القدس الشريف" وما له من رمزية في قلوب المؤمنين التي تهفو إليه، ذلك المجسم الذي يُشرق منه نور المجاهدين وعلى رأسهم سيد المقاومين سماحة السيد حسن نصرالله، منه ينبثق الارتباط بحبل الله المتين، لنعتصم به فلا نتفرّق أبداً بإذن الله.
منه تتولّد حكاية شعب سُمي بشعب المقاومة، فكان أهلاً لتلك التسمية العزيزة، حتى أدهش العالم بصورته التي ازدادت إشراقاً عندما بزغ نورها الوضّاء خلال عدوان تموز 2006 الذي شنّه العدو الصهيوني الغاشم على لبنان عامة، وعلى المقاومة وأهلها خاصة، فكانت وقفتهم المشرّفة تلك مستمدّة من وقفة المقاوم المجاهد الصامد على الجبهة داخل طوق من النار الذي لم يرهبه، بل أطفأه بنور إيمانه، وصلابة عزيمته، وقوة شكيمته، ومن كل ذلك استمدّ أهل المقاومة نور الصمود وصلابة الموقف.
لم يفهم العالم حينها كيف لهؤلاء الناس أن يقفوا كل تلك المواقف المشرّفة، كيف للمرء أن يفقد كل ما يملك ليس من ممتلكات فقط، بل حتى أحياناً يفقد المرء عائلته أو جزءاً منها، فيرفع رأسه نحو السماء ليسأل: "ربّي هل وفّيت؟ خذ حتى ترضى"، فيعوّضه الله سبحانه وتعالى صبراً وعزاً وكرامة، ويعوّضه بحياة مطمئنة، فبذكر الله تطمئن القلوب.
لم يكن من السهل أن يُهزم هؤلاء الناس، برغم آلة الدمار الحادة التي استخدمت كما لم تُستخدم مثلها آلة من قبل، لا هنا ولا في أي مكان آخر، ومع ذلك، لم ينجح من راهن على فك اللحمة بين المقاومة وأهلها، لم يستطيعوا أن يدركوا ماهية ذلك الرابط بينهما، فمن أم تحثّ ولدها ليكون مقاوماً، إلى زوجة تؤيّد زوجها المقاوم، أو بنت تفخر بأبيها، أناس المقاومة منهم ولهم، وهم جزء لا يتجزّأ، وكلّ لا يتفكّك، والجميع متّصلون بالمقاومة من خلال ذلك المجسّم الصغير الذي يتربّع في صدر كل بيت من بيوتهم، لتكون المقاومة في قلب كل مؤمن ومؤمنة من الأطفال الذين يشاركون أهاليهم في أحايين كثيرة بوضع الصدقات ومن مصروفهم الخاص حباً بالمقاومة والمقاومين في ذلك المجسم الصغير الذي كتب عليه "هيئة دعم المقاومة"، إلى الكبار الذين آمنوا بهذا النهج، نهج المقاومة الشريف الذي هو من أقصر السبل المؤدّية لله سبحانه وتعالى، فيشاركون المقاومة في كل يوم بما تجود به أياديهم الخيّرة مهما كان المبلغ الذي يوضع في ذلك المجسّم بسيطاً، فقد يخرج منه ثمن رصاصة تقتل عدواً في الجبهة، أو ربما أكثر من ذلك، الكل شريك في المقاومة، ولذا كان القول "أنت تدعم، يعني أنت تقاوم"، ولعلّ هذا المجسم هو سبيل من عدّة سبل يمكن لأهل المقاومة أن يتواصلوا من خلالها مع هيئة دعم المقاومة الإسلامية فيساهموا في ري هذه الشجرة الطيبة التي هي المقاومة، ويتمتّعوا بشعورهم بها على أنه ليس مجرد شعور بالتأييد فقط، وإنما هو شعور بالمشاركة وفي دعم هذا الوجود المبارك.
إن لهذا الشهر الفضيل تأثيرا كبيرا على مجريات حياتنا، والشقي فيه هو من حرم مغفرة الله ورضوانه، والسعيد فيه من تقبّله الله وقبل منه أعماله، ففي هذا الشهر الكريم تقسّم الأرزاق، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وفيه يفرق كل أمر حكيم..
لذا فإن ما يفعله المرء في هذا الشهر ينعكس عليه في مسيرة حياته إما ايجاباً وإما سلباً، تبعاً لما يصدر عنه من أعمال، ولذا وجب علينا التقرّب أكثر فأكثر من الله سبحانه وتعالى بكل ما نقوم من أعمال، سواء بالدعاء، فلا ننسى أبداً مجاهدي المقاومة الإسلامية، ولا سيما المرابطين على الثغور من أجل حماية الوطن، أو بالأعمال الخيرية والصدقات التي من خلالها يمكن دعم المقاومة أيضاً، ونسعى جاهدين للابتعاد عن كل ما يوجب سخط الله وغضبه، كي نضمن لأنفسنا الجانب الإيجابي الذي يعطينا زخماً لمتابعة ذلك الخير طيلة العام، إلى أن يعود إلينا شهر الخير والبركات من جديد، حيث يُشكّل عاملاً لُشحذ الهمم، واندفاع الناس بشكل تلقائي لفعل الخير، فتكون الأرواح متّصلة بالله، والأعين معلّقة بالجنان، الكل يسعى نحو رحمة الله ورضوانه، وهو مدرك أن أكثر تجارة رابحة هي التجارة مع الله، ومن أحسن ممن يقرض الله قرضاً حسناً فيوفّيه أجره يوم القيامة، فكيف إذا كان ذلك في أفضل الشهور، حيث تضاعف الحسنات؟
في هذا الشهر الكريم، الذي وصّانا فيه الله سبحانه وتعالى أن "تحنّنوا على أيتام الناس، يُتحنّن على أيتامكم"، أفلا نذكر فيه أيتام المقاومين الذين قدّموا حياتهم فداءً لنحيا جميعاً أعزّاء؟
وفي هذا الشهر الكريم نذكر الجرحى والمعوّقين من الذين قدّموا راحتهم، وضحّوا بأجسادهم لنحيا أعزاء؟
في هذا الشهر الكريم، نذكر كل تلك العوائل الكريمة، العزيزة التي ساهمت في عزة الوطن، وفي ذلك المجسم الصغير داخل بيوتاتنا، ندعم ونساهم في هذه المقاومة الشريفة التي هي منا ولنا.
ماجدة ريا

No comments: