Wednesday, February 15, 2006

وعادت الذكرى

مرّ عام على استشهاد الرئيس رفيق الحريري، عام شهد لبنان خلاله ما لم يشهده من قبل من بروز للإنقسامات السياسية الحادة، سيما وقد تخلّله الكثير من الإغتيالات التي تبعت الإغتيال الأساس الذي قيل فيه إنه زلزال.
اليوم في ذكراه الأولى كلٌّ يغني على ليلاه، فجماعة 14 آذار والتي لم تكن مجتمعة يوماً ما، جمعتها المصلحة الواحدة، جميع فرقائها تقاطعت مصالحهم في نقطة واحدة، ومنها يتفرعون كل في شعاع مختلف لا يلتقي أحدهم مع الآخر إلا ليستمدّ منه قوّة يحتاج إليها، لأنه إذا ما قيس حجم كل واحد منهم على حدة لفزع هو من ضآلة حجمه قبالة الآخرين، فقد جمعوا ما جمعوا وحشدوا ما حشدوا من كل زاوية ومن كل مكان يمكن أن يأتوا به بشخص، أياً كان هذا الشخص ليقول "لسنا أكثرية وهمية!".
لكن كل واحد منهم يدرك حجمه، ويخاف في قرارة نفسه، فيندفع ليعانق الآخر ليعبّر عن تضامن الزعيم مع الزعيم مع الزعيم وقلوبهم واجفة فكل واحد منهم يدرك بأنه غير ممسك سوى بيد هذا الزعيم الذي رفعها ليعلن شيئاً للآخرين، وهو " أننا لا زلنا متماسكين!!!" كل هذه الحركات إنما استجمعت لتأتي رداً على اجتماع "قائدين" عظيمين، لم يجتمعا لمصلحة أحد منهما إنما لمصلحة الوطن أولاً وآخراً، ولم يسلما على بعضهما إلا بعد أن وضعا ورقة التفاهم بينهما، ولم يأتِ تصرفهما بناء على أي انفعال، أو ردّة فعل لأي شيء، إنما دأبا معا على لم شمل ما يمكن لمّه من تداعيات الوضع اللبناني، لقاءهما أرعب الجميع حتى جاء رفع الأيادي ممن رفعوها في هذه الذكرى ليقول نحن هنا... انظروا نحن متّحدين، لكن كل تكلّم بمنطقه وخطابه، ولو كشفت على قلوبهم لوجدت أن كلمتهم واحدة وقلوبهم شتى، وكل ذلك ظهر من خلال الكلمة التي ألقاها فما في القلب يظهر في فلتات اللسان...
بالنسبة لمن يعرضون أنفسهم لمنصب الرئاسة وما أكثرهم من بينهم تباروا أيهم الأنجح في أن يلفت الآخرين بنبرة خطابه، ومن له حقد قديم يريد أن ينفّس عنه فجاء خطابه مباشر بالتهديد والوعيد، وآخر له ثأر قديم فتكلّم كالعادة بلغته التي تعبر عن شخصيته المهزوزة، لغة الشتم والإنفعال، وآخر يريد أن يظهر أكبر قدر ممكن الأمور التي ترضي الأسياد في أميركا وفرنسا حيث مصالحه الأساسية، فنجح بأن يظهر نفسه أنه يطوي الجميع تحت جناحه ...
لكن ما لفتني قول أحدهم " إجاكم طقس حلو ومشمس ، شفتو حتى الله معنا، الله لبناني!"
يحلل الواحد فيهم من منطلق ذاته، وتفكيره ومحدوديته أحياناً، فيظن أنه ممسك بكل شيء، مدرك لكل شيء!
نقول الله للجميع، للحق وحيث يكون الحق يكون الله سبحانه وتعالى، فلو أن الطقس كان غير ذلك، لا أدري من كان سيحضر؟ وكم؟... وبأثمان أعلى بكثير... لكن أقول لمن يفكّر بهذه الطريقة، أنه أخطأ التقدير، فقد مشى الكثيرون تحت المطر، وتحت الثلج ، وبطقس عاصف ليقولوا كلمتهم، ليريكم الله سبحانه وتعالى أن مناصري الحق هم أناس أشداء، قلوبهم كزبر الحديد، لا يخشون في الله لومة لائم، الله سبحانه وتعالى أراد من ذلك حكمة وموعظة لمن يتّعظ!
مناصرو الحق الذين قدّموا التضحيات الجسام، من شهداء وجرحى وآلام... صبروا على كثير من الأذى ولا زالوا يصبرون، وكان ذلك أصعب بكثير من المشي تحت الثلج والمطر، وصبروا، وحققوا النصر العزيز، وإذا بنا نرى أشخاصاً عاشوا مترفين من جرّاء نهب أموال الدولة والمغانم، يأتون الآن ليقولوا، " حرية سيادة استقلال" هذا ما يجيدون.. العيش برخاء، وإطلاق الشعارات..
!فليراجعوا أنفسهم، والأيام ستخبرهم، أين هو الله؟ وفي صف من
ماجدة ريا.

No comments: