Thursday, October 12, 2006

الألم المؤذي

لكم أحببت هذا الوطن... إنه لبنان
وأحببته أكثر وأكثر لأنه مساحة صغيرة، جمعت الكثير من الأديان والإتجاهات، ومكّنت لنا أن نتعرّف على كل ذلك، ونتعايش معهم في حب وأخلاق.
القلوب المفتوحة تبقى مفتوحة للجميع وإلى الأبد.
إذا كنا نحب أخوتنا في الإنسانية، في أي مكان كانوا، وإلى أي بلد انتموا، فلنتلاقَ معهم على أننا بشر، نحترم انتماءاتهم ووجودهم، وليكن الحوار معهم على أساس القاعدة القرآنية: "وجادلهم بالتي هي أحسن".
ويصبح لدينا قاعدة مشتركة، فنتحابب كأخوة في الدين، كمسلمين في كل مكان، تجمعنا رسالة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام، فإذا كان علينا أن نراعي الناس لإنسانيتهم، فكيف عندما يصبحون إخواناً لنا في الدين الحنيف؟
وتزداد قاعدة الإشتراك اتساعاً، عندما نشترك في الدين، وفي التارخ واللغة فنسمّى عرباً، ليكون هذا حافزاً أكبر لنجتمع عنده، ونتّحد، ونتحابب في الإنسانية أولاً، وفي الدين، وفي الأمة..
ونحصر أنفسنا أخيراً في وطن صغير، له علينا حقوق الوطن، ولنا منه رعاية المواطن، ولا بدّ هنا أن تكون مساحة الحب والأخوة قد ازدادت اتساعاً، والمصالح المشتركة التي تجمع أبناء الوطن الواحد...
ولكن... الويل، ثم الويل لنا عندما نحصر أنفسنا في دواخلنا وذاتيتنا الضيقة، والمصالح الشخصية الأضيق، فلا نرى كل تلك الأشياء الجميلة التي تجمعنا بالآخر.
الويل ، ثم الويل لنا عندما تنقسم المصالح المشتركة لتتحوّل إلى انقسام فظيع، أقل ما يمكن أن نقول فيه هو انقسام بين شرق وغرب!
نعم... شرق وغرب في وطن صغير، فكم سيحتمل؟!

أحببت وطني بكل أطيافه... ولكن...
أوجعني الألم الأخير إلى حد الأذى، نعم إنه الألم المؤذي.
أيام الحرب، كنت أرى صور الأطفال وهي تنتشل من بين الركام، ولكم أن تتخيلوا منظر طفل مزقه حقد طائرة حربية، الأمر مؤلم، لكنه الألم المتوقّع، الألم الذي جهّزت نفسك له وأعددت له كل العدة من صبر وإيمان...
أما الألم المؤذي، إنه ظلم ذوي القربى، وظلم ذوي القربى أشد مضاضة، لأنه يحوي في داخله آلاماً وآلاما...
ان أرى الأطفال يقتلون برصاص رجال هم من عليهم أن يوفّروا لهم الأمن؟!!
فأتألّم لحال الطفل، وأتألّم لحال البلد، وأتألم للمستقبل... وأقف حائرة بدمع ساجم، أمام واقع مرّ لا أدري كيف سنتجاوزه!
وتزداد حيرتي من هؤلاء الذين يصرّون على فهم الواقع كما يشاؤون، ويصورون الأمور بدم بارد، بينما الناس لا تزال تعيش غليان آثار الحرب المدمرة التي شنها العدو الإسرائيلي على لبنان، ولا تزال الناس في حالة من الذهول والوقوف على ما جرى، والبحث عن مستقبل جديد بعد نصر كلّف الكثير من التضحيات ...
والآخرون لا يريدون أن يروا إلا ذواتهم، ومصالهم الضيقة ومكاسبهم الآتية على صهوة تهديد وطن بأكمله.
فإلى أين المصير؟
ماجدة ريا

No comments: